غروندبرغ: خريطة الطريق لحل الأزمة اليمنية سارية رغم التحديات الهائلة

ترحيب أممي بوقف العمليات العسكرية بين الحوثيين والولايات المتحدة

من إفادة سابقة لغروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي (الأمم المتحدة)
من إفادة سابقة لغروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ: خريطة الطريق لحل الأزمة اليمنية سارية رغم التحديات الهائلة

من إفادة سابقة لغروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي (الأمم المتحدة)
من إفادة سابقة لغروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي (الأمم المتحدة)

أكّد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الأربعاء، استمرار سريان خريطة الطريق الخاصة بحل الأزمة اليمنية، رغم وصفه التحديات التي تواجه البلاد بالهائلة، وتعهد باستمرار جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن.

وقال غروندبرغ في إفادته أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي حول اليمن: «لا يمكن تحقيق السلام والأمن الحقيقيين في اليمن إلا من خلال الالتزام الدولي والتنسيق، ونهج مشترك وطويل الأمد»، مشيراً إلى استمرار حالة عدم الثقة العميقة بين الأطراف، «حيث لا يزال البعض يُعد للحرب، وفقاً للتقارير»، إلى جانب الانهيار الاقتصادي الوشيك.

وأكّد، «أن المواقف في اليمن تزداد تصلباً بمرور الوقت، بينما التحديات تصبح أكثر صعوبة مع بقاء الحاجة لاتفاق خريطة الطريق، من وقف إطلاق النار، والتعافي الاقتصادي، وعملية سياسية جامعة للمضي قدماً».

ورحّب بالإعلان الصادر في السادس من الشهر الحالي عن وقف العمليات العسكرية بين الولايات المتحدة والجماعة الحوثية، بوصفها خطوة تخفف من التصعيد في البحر الأحمر واليمن عقب استئناف الضربات الجوية الأميركية في 15 مارس (آذار) الماضي ضد مواقع الجماعة.

وعدّ ذلك، «فرصة مرحب بها ينبغي البناء عليها بشكل جماعي لإعادة تركيز الجهود نحو حل للنزاع في اليمن وتعزيز عملية سلام يقودها اليمنيون»، على حد تعبيره.

كما عدّ التهدئة في البحر الأحمر، والمنطقة بشكل عام، «عملية لا غنى عنها لإعادة اليمن إلى مسار السلام، بعد أن كشفت أحداث الأسابيع الأخيرة بوضوح أن اليمن لا يزال عالقاً في دوامة التوترات الإقليمية الأوسع».

ودعا جميع الأطراف، «للوفاء بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية».

وتابع المبعوث الأممي خلال إفادته الشهرية أمام مجلس الأمن: «بيئة الوساطة تحتاج ضمانات إضافية تمكن الأطراف من المشاركة، وتضمن دعم المنطقة، والمجتمع الدولي»، نافياً أن تكون العملية السياسية «هدفاً غير واقعي وساذجاً كما قد يبدو وسط هذا الكم من الاضطرابات وفقدان الثقة».

وطبقاً لإفادته، «فإن الواقع، هو أن الأطراف التزمت بالفعل بالأسس التي ينبغي أن تشكل نقطة بداية لعملية سياسية في اليمن من خلال وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، واتخاذ تدابير لمعالجة القضايا الاقتصادية والإنسانية العاجلة، وعملية سياسية جامعة».

لقطة من فيديو لجلسة مجلس الأمن حول اليمن الأربعاء (الأمم المتحدة)

كما دعا اليمنيين إلى «الاطمئنان بأن الأمم المتحدة ستحافظ على التزامها واستعدادها لدعم الحل التفاوضي الذي ينهي النزاع ويحقق سلاماً عادلاً وشاملاً ومستداماً».

ونبّه إلى أن «بيئة الوساطة شهدت تغيرات كبيرة منذ أواخر عام 2023، ما يقتضي إيجاد ضمانات إضافية تمكن الأطراف من المشاركة، وتضمن دعم المنطقة، والمجتمع الدولي».

واستعرض ما شهدته الأوضاع الاقتصادية من تدهور، بعد أن تجاوز سعر صرف العملة اليمنية 2,500 ريال مقابل الدولار، ومواجهة السكان التدهور المستمر في خدمات الكهرباء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وانقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 15 ساعة يومياً في عدن، والانقطاع الكامل الذي دام لأكثر من أسبوعين في محافظتي لحج وأبين المجاورتين.

وتحدث عن الاحتجاجات النسائية في عدن على تردي الأوضاع المعيشية والخدمية، والمطالبة بتحسين الخدمات العامة وحماية الحقوق الأساسية.

وأفاد بأن السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية يعيشون تدهوراً مستمراً في القدرة الشرائية، حيث لم تُصرف رواتب الموظفين العموميين بشكل كامل منذ سنوات، وتدهورت جودة أوراق العملة، وازداد شح السيولة النقدية، إلى درجة عدم القدرة على شراء أبسط السلع الأساسية، بينما تتعرض أصوات المجتمع المدني هناك للقمع.

المبعوث الأممي رحب بوقف العمليات العسكرية بين الولايات المتحدة والحوثيين (إ.ب.أ)

واستطرد المسؤول الأممي: «التدهور الاقتصادي العام في أنحاء اليمن كافة يبرز مدى الحاجة الملحة لمسار سياسي يسمح بالتعاون اللازم للنمو الاقتصادي، والعمل بشكل مكثف مع الأطراف اليمنية والشركاء الإقليميين لإيجاد حلول للتحديات الاقتصادية، واستئناف الحوار لتحقيق هذا الهدف».

وتعهد بـ«الوضوح والثبات في مهمته، والتزام الأمم المتحدة بتقديم بديل عملي يمنع التصعيد العسكري والاقتصادي، ويمنع احتمالية العودة إلى الحرب، ومواصلة العمل على جمع الأطراف على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حلول مقبولة للجميع ومتفق عليها».

وجدّد مطالبته الجماعة الحوثية بالإفراج عن موظفي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات الدولية والوطنية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية المحتجزين لديها منذ قرابة عام.


مقالات ذات صلة

مركز أميركي: حرمان اليمنيين من رواتبهم جريمة ضد الإنسانية

العالم العربي ركود كبير تشهده الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)

مركز أميركي: حرمان اليمنيين من رواتبهم جريمة ضد الإنسانية

وصف مركز حقوقي أميركي حرمان الموظفين العموميين في اليمن من رواتبهم بـ«جريمة ضد الإنسانية»، في حين وزعت الجماعة الحوثية أوراقاً نقدية تالفة تحت مسمى «نصف راتب».

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طارق صالح خلال حفل تخريج دفعة من منتسبي الإعلام العسكري يتعهد بتحرير صنعاء (سبأ)

صالح يتعهد بتحرير صنعاء والإرياني يدين استهداف الحوثيين للأطفال

تعهد طارق صالح بتحرير صنعاء من سيطرة الحوثيين، في حين أدان معمر الإرياني وزير الإعلام جرائمهم ضد الطفولة، بينما يواصلون مهاجمة إسرائيل بزعم نصرة الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (عدن)
خاص وزير الأوقاف اليمني مع حجاج بلاده قبيل التصعيد إلى مَشْعَر مِنَى الأربعاء (سبأ)

خاص وزير الأوقاف اليمني لـ«الشرق الأوسط»: القصف الإسرائيلي قضى على خيار عودة الحجيج الجوية إلى صنعاء

أعدّت الحكومة اليمنية «خطة شاملة لتأمين عودة جميع الحجاج اليمنيين، بمن فيهم القادمون من المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية».

عبد الهادي حبتور (مكة المكرمة)
العالم العربي مخاوف متزايدة لدى الجماعة الحوثية من اختراق شبكة اتصالاتها كما حدث لـ«حزب الله» (أ.ب)

الحوثيون يوسعون الرقابة على السكان ويطورون اتصالاتهم الخاصة

لجأت الجماعة الحوثية إلى تطوير بنية اتصالاتها بتقنية صينية وروسية لتجنب التجسس الغربي عليها، بالتزامن مع نشر وسائل رقابة جديدة على السكان

وضاح الجليل (عدن)
خاص طائرة تابعة للخطوط اليمنية محطمة في مطار صنعاء بعد قصف إسرائيلي 7 مايو الحالي (رويترز)

خاص ​وزير الأوقاف اليمني: الحوثيون يتحملون مسؤولية الفوضى المتكررة في ملف الحج

حمّل الدكتور محمد بن عيضة شبيبة وزير الأوقاف والإرشاد اليمني، في حديث مع «الشرق الأوسط»، الجماعة الحوثية المسؤولية الكاملة عن الفوضى التي قال إنه تكرر وقوعها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

لبنان يتمسك بالتجديد لـ«يونيفيل» لحماية المظلة الدولية في الجنوب

قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

لبنان يتمسك بالتجديد لـ«يونيفيل» لحماية المظلة الدولية في الجنوب

قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

رفعت التصريحات والتسريبات الإسرائيلية عن توجّه أميركي – إسرائيلي إلى إنهاء عمل قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، منسوب القلق لدى لبنان من التداعيات الخطيرة التي قد تترتب عليه في حال تم اعتماد قرار كهذا في مجلس الأمن.

ومع أن لبنان الرسمي لم يتبلغ أي معلومات جدية بهذا الخصوص، فإنه كثّف وتيرة اتصالاته ومشاوراته مع الدول المعنية قبل موعد انتهاء التفويض الحالي المُعطى لهذه القوات من مجلس الأمن.

وقالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقف الرسمي اللبناني المتمسك ببقاء (يونيفيل) ينطلق من رغبته التامة في ترسيخ الأمن والاستقرار في الجنوب، خصوصاً أن (يونيفيل) تُشكّل أحد أسس القرار الدولي 1701 وشريك للجيش اللبناني في فرض الأمن والاستقرار في المنطقة».

دورية لقوة «يونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)

وأضافت المصادر: «ليس من مصلحة لبنان التخلي عن قوات (يونيفيل) بأي شكل من الأشكال، لأن عدم وجودها قد يخلق واقعاً مجهولاً في الجنوب؛ ما يفتح الأفق على مرحلة غير مستقرة من التفلت الأمني من دون أي سقف أو ضابط لردعها».

مظلة دولية للبنان

وفي السياق نفسه، لفت عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب ملحم الرياشي، إلى أن «(يونيفيل) ضرورة حتمية لحماية الحدود اللبنانية، وتأمين الاعتراف الدولي بهذه الحدود»، مشيراً إلى أنه «إضافة إلى ذلك، تلعب قوة (يونيفيل) دوراً استراتيجياً في تطبيق القرار الدولي 1701 وفي تنسيق الجهود الدولية لإخراج لبنان من حالة المراوحة للعودة إلى اتفاق الهدنة الموقَّع عام 1949».

وأوضح الرياشي أن «لبنان من دون (يونيفيل) يعني لبنان من دون مظلة دولية ومن دون مهمة أممية قابلة للتوسع لترعى حدوده كافة بناءً على طلب حكومة لبنان، كما ينص القرار 1701».

«عدَّاد للخروق»

لكن الخبير العسكري العميد سعيد القزح يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «وجود قوات الطوارئ في الجنوب، ليس له أي إفادة عملية إلا إذا تم إدراجها تحت الفصل السابع، فدورها في حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب كان محدوداً، وجُل ما كانت تقوم به هو المراقبة والإفادة عن أي خرق أو عمل عسكري ما حولها عدَّاداً للخروق لا أكثر ولا أقل».

ويوضح القزح: «لم تتمكن (يونيفيل) ولو لمرة واحدة من استعمال السلاح للدفاع عن نفسها حتى، سواء عندما تعرضت لقصف إسرائيلي مثلما حصل عام 1996 في قانا أو عندما تتعرض لاعتداءات من قِبل الأهالي في الجنوب كما نشهد أخيراً»، مشيراً إلى أن تفويضها «أتى تحت الفصل السادس الذي ينصّ على إحلال السلام بالطرق الدبلوماسية وليس تحت الفصل السابع الذي يقضي بفرض السلام ولو بالقوة».

وعن إمكانية إنهاء دورها في الجنوب، يقول القزح: «شكَّلت (يونيفيل) منذ إنشائها عام 1978 صلة الوصل الأساسية بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وكانت الراعية للاجتماعات الثلاثية التي تعقد في مقر الأمم المتحدة في الناقورة لتجنب التصعيد والعنف وحل الإشكاليات على الأرض، كما ساهمت بترسيم الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل بعد حرب يوليو (تموز) عام 2006، وفي حال انسحابها من الجنوب سيفقد لبنان صلة الوصل هذه، وسيترتب عليه البحث عن وسيلة تواصل أخرى تحت راية الأمم المتحدة».

شريان اقتصادي للجنوب

وعن التداعيات الاقتصادية لخروج «يونيفيل» من الجنوب، يقول القزح: «شكَّل وجود (يونيفيل) مصلحة اقتصادية كبيرة لمناطق الجنوب اللبناني من خلال وجود نحو 15 ألف جندي ضمن قواتها؛ ما حرَّك الدورة الاقتصادية والتنمية المحلية. فقد أطلقت (يونيفيل) ما كان يعرف بالتعاون العسكري المدني في مناطق تمركزها، مثل إنشاء الآبار الارتوازية وخزانات المياه لمساعدة المزارعين في عملية ري المزروعات، إضافة إلى النشاطات الاجتماعية على مختلف أشكالها والتعليم وتنمية المجتمعات المحلية».

جنود من الكتيبة الفرنسية في «يونيفيل» ببلدة عيتا الشعب جنوب لبنان (أرشيفية - إ.ب.أ)

ويشير البعض إلى أن خروج قوات «يونيفيل» من الجنوب، ستترتب عليه آثار اقتصادية سلبية على لبنان عموماً وعلى أهالي المنطقة خصوصاً، فإلى جانب دورها السياسي والأمني، كان لها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط الحركة الاقتصادية في كثير من البلدات الجنوبية وخلق فرص عمل للسكان، والشراء من الأسواق.

ووفرت «يونيفيل»، على مدى أكثر من أربعين عاماً، فرص عمل للآلاف من سكان الجنوب (مترجمون، عمال فنيون، سائقون، تجار...)، وشكلت شرياناً اقتصادياً حيوياً أدى إلى إنعاش الاقتصادات المحلية، فضلاً عن أن وجودها يعطي شعوراً بالاستقرار، وهذا الأمر كان عاملا مهما في جذب الاستثمارات والمساعدات إلى المنطقة.