استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد الشعبي

دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)
دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)
TT

استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد الشعبي

دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)
دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)

حذّرت إسرائيل من أن أحدث هجماتها على غزة «ليس إلا البداية»، وقصفت قواتها القطاع بضربات جوية قاتلة، وبدأت عمليات برية جديدة.

وقال بعض المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين وبعض المحللين إن العودة إلى حرب برية شاملة على حركة «حماس» الفلسطينية قد تكون أكثر تعقيداً مع تراجع الدعم الشعبي واستنزاف جنود الاحتياط والتحديات السياسية.

والخدمة العسكرية إلزامية في إسرائيل التي يقلّ عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، لكنها تعتمد بشدة على جنود الاحتياط في أوقات الأزمات.

وتدفق جنود الاحتياط على وحداتهم بعد أن هاجم مسلحون بقيادة «حماس» إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبعضهم جاء دون انتظار استدعائهم.

لكن 6 جنود احتياط وجماعة مدافعة عن قوات الاحتياط، قالوا لوكالة «رويترز»، إنه بعد عمليات انتشار استمرت عدة أشهر، يتردد بعض الجنود في العودة إلى غزة.

وقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استئناف القصف، يوم الثلاثاء، أزكى غضب المحتجين الذين يتهمون الحكومة بمواصلة الحرب لأسباب سياسية والمغامرة بحياة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بعد أن صمد وقف إطلاق النار إلى حد كبير لمدة شهرين.

وقال نتنياهو، يوم الثلاثاء، إن مثل هذه الاتهامات «مخزية»، وإن استئناف الحملة يستهدف استعادة الرهائن المتبقين، وعددهم 59.

وشارك عشرات الآلاف في احتجاج ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب والقدس، منذ يوم الثلاثاء.

وقال الجنرال المتقاعد يعقوب عميدرور، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لنتنياهو بين عامي 2011 و2013: «في دولة ديمقراطية، الشرعية الداخلية (للحرب) فيها مهمة جداً جداً».

وأضاف أن السؤال يتعلق «بمدى استعداد صناع القرار التخلي عن الشرعية لأنهم يعتقدون أن التحرك مهم... وبمدى إضعاف قدرتهم على العمل في غياب الشرعية».

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بخرق الهدنة.

وتشير استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة إلى أن معظم الإسرائيليين يرغبون في مواصلة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.

وصرّح 3 مسؤولين دفاعيين مطلعين على عملية صنع القرار الإسرائيلي، لوكالة «رويترز»، في الأيام التي سبقت حملة هذا الأسبوع، أن استئناف القتال سيكون تدريجياً، ما يفتح الباب أمام مفاوضات لتمديد الهدنة. ولم يسهبوا في تفاصيل.

وقال مسؤولان إسرائيليان آخران إن نتنياهو وافق على خطة لعملية واسعة النطاق تتضمن خيار إرسال مزيد من القوات البرية.

وقال اللفتنانت كولونيل نداف شوشاني، وهو متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لوكالة «رويترز»، إن الجيش الإسرائيلي لديه خطط جاهزة لاحتمالات مختلفة تتضمن العمليات البرية إذا لزم الأمر.

وأضاف شوشاني، أمس (الأربعاء): «هدف هذه الحملة على (حماس) هو تفكيك قدراتها لمنعها من تنفيذ هجمات إرهابية والضغط من أجل إعادة الرهائن، سواء عبر عمليات عسكرية أو عبر اتفاق سياسي ما». ومضى يقول: «كل الخيارات مطروحة للنقاش».

ويعترف قادة عسكريون أن الإرهاق يمثل مشكلة وسط جنود الاحتياط. لكن شوشاني قال إنه في وقت الشدة، يبدي جنود الاحتياط استعداداً للتخلي عما يفعلونه، ويخاطرون بحياتهم دفاعاً عن وطنهم. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي لديه خطة لتخفيف العبء عنهم.

الإرهاق

حرب غزة، الفصل الأكثر تدميراً في عقود من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي الأطول لإسرائيل منذ حرب عام 1948. وقُتل أكثر من 400 جندي وجرح آلاف في معارك غزة.

وأدّت الحملة الإسرائيلية إلى تحويل مساحات شاسعة من غزة إلى أنقاض، ما أدى مراراً لنزوح مئات الآلاف من الذين يعيشون على المعونات.

وقُتل أكثر من 49 ألف شخص في القطاع، طبقاً لسلطات «الصحة» الفلسطينية، التي لا تفرق بين المدنيين أو المقاتلين.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الجناح العسكري لـ«حماس» ضُرب بقوة، وقُتل قادته وآلاف من المقاتلين.

لكن الحركة لا تزال راسخة بقوة في غزة، وتحتجز 59 رهينة من أصل 251 رهينة، جرى احتجازهم يوم 7 أكتوبر 2023. وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 1200 شخص في جنوب إسرائيل، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية.

وقتل ما لا يقل عن 40 من الرهائن في غزة، إما على أيدي محتجزيهم، أو قتلتهم القوات الإسرائيلية بالخطأ. وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن نحو 24 شخصاً لا يزالون على قيد الحياة.

وفي الأشهر الثلاثة التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار في يناير (كانون الثاني)، أسفرت هجمات مسلحين عن أحد أعلى عدد من القتلى والمصابين الإسرائيليين في الحرب. وأثار هذا، بالإضافة إلى مقتل بعض الرهائن، بعض التساؤلات عن تكاليف ومكاسب الحرب في إسرائيل.

وعارض شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم من اليمين المتطرف وقف إطلاق النار، وضغطوا من أجل العودة الشاملة إلى الحرب. ومنحه استئناف الهجمات الإسرائيلية هذا الأسبوع دفعة سياسية، عندما عاد وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير إلى الائتلاف. ولم يبقَ لنتنياهو سوى أغلبية برلمانية ضئيلة بعد استقالته في يناير بسبب خلافات حول وقف إطلاق النار.

وقال عاموس إسائيل، المحلل السياسي في معهد شالوم هارتمان، إن رئيس الوزراء بدا منعزلاً عن الرأي العام بشكل متزايد، ما أدى إلى تصدع الإجماع الكبير الذي دعم حرب إسرائيل. ويتجمع الآن ائتلاف من عائلات الرهائن والمحتجين المعارضين لتحركات نتنياهو ضد السلطة القضائية وبعض مؤسسات إسرائيل الأمنية.

واتهمت «حماس» إسرائيل هذا الأسبوع بتقويض الجهود للتوصل إلى نهاية القتال بشكل دائم، ودعت الوسطاء إلى «تحمل مسؤولياتهم».

وأدانت بعض الدول الغربية، منها فرنسا وألمانيا، العنف، إلى جانب مصر وقطر اللتين تلعبان دور الوساطة.

كلام صارم

قال نتنياهو إنه أمر بشنّ ضربات لأن «حماس» رفضت مقترحات تدعمها الولايات المتحدة لتمديد وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن المتبقين.

وقال مكتبه، في بيان، يوم الثلاثاء، إن إسرائيل ستعمل الآن ضد الحركة «بقوة عسكرية متزايدة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن «أبواب الجحيم ستُفتح» إذا لم تفرج «حماس» عن جميع الرهائن.

وعلى الرغم من الكلام الصارم، لم تكن هناك علامة فورية، مثل التعبئة واسعة النطاق التي حدثت في 2023، عندما استدعى الجيش ما يصل إلى 300 ألف من جنود الاحتياط لتعزيز قوة تقدر بنحو 170 ألف جندي. ولا يكشف الجيش الإسرائيلي عن الأرقام المتعلقة بعدد أفراده.

وأرسل الجيش الإسرائيلي لواء مشاة من النخبة إلى حدود غزة، الأربعاء، وأعلن الخميس أنه «يقوم بنشاط بري» على طول طريق ساحلي في شمال غزة.

ومن المتوقع أيضاً أن يشمل أي هجوم بري كبير قوات احتياط، على الرغم من أنه قد لا يتطلب عدداً كبيراً، كما كان في بداية الحرب.

وقال عميدرور: «إن استئصال مقاتلي (حماس) الذين ما زالوا هناك سيتطلب مزيداً من القوة البشرية، ومزيداً من الجنود على الأرض. السر يتمثل في كم سيظهر منهم».

وقال جنود الاحتياط، الذين التقت بهم وكالة «رويترز»، إنه مع استمرار الحرب، كافح كثيرون لتحقيق التوازن بين العمل والأُسرة والدراسة والانتشار العسكري. ورأى الجميع أن عدد الرفاق الذين يطلبون الإعفاء من جولات الخدمة يزداد بمرور الوقت.

وقال أحد جنود الاحتياط في القوات الخاصة، الذي أمضى نحو 8 أشهر من 15 شهراً من الحرب في غزة ولبنان وشمال إسرائيل: «حتى الآن كان إحساسي هو أنه ما دام بقي هناك رهائن فأنا موجود، لكنني الآن لا أعرف. هناك كثير من عدم الثقة في قيادة البلاد، وليس من الواضح ما إذا كان الضغط العسكري سيساعد الرهائن».

كما أنه قلق من الآثار النفسية التي لحقت بزوجته وأطفاله الستة، الذين قال إن أحدهم بدأ في إعداد كلمات التأبين له. ومثل آخرين التقينا بهم، طلب عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة أمور حساسة بحُرية.

وذكر موقع «واي نت» الإسرائيلي وصحيفة «هآرتس» ذات الميول اليسارية، هذا الشهر، أن عدد جنود الاحتياط الذين يظهرون عند الاتصال قد انخفض إلى 60 بالمائة في بعض الوحدات. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي.

وقال هانوك دوبي، وهو كولونيل تقاعد في الآونة الأخيرة، وقاد قوات احتياطية ونظامية في غزة، إن الانخفاض لن يمنع الجيش من شنّ هجوم بري كبير، إذا لزم الأمر.

ويوجد في وحدات الاحتياط الإسرائيلية عدد أكبر من الأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم أكثر مما هو مطلوب في أي وقت، ويتم تعويض أي نقص من متطوعين من وحدات أخرى.

لكن دوبي، الذي يرأس الآن جمعية لجنود الاحتياط، تُعرف باسم منتدى «محاربي السيوف الحديدية»، قال إنه إذا تحولت الحملة إلى حرب عصابات مطولة من دون أهداف استراتيجية واضحة، فإن ذلك سيؤدي في النهاية إلى الإرهاق.

وقال عالم وأب لـ5 أطفال، قضى معظم السنة الأولى من الحرب بالزيّ العسكري، إنه لن يتردد في الانضمام إلى وحدة دباباته إذا تم استدعاؤه مرة أخرى إلى غزة.

وأضاف: «لديّ كثير من الانتقادات لهذه الحكومة حتى قبل الحرب، لكن هذه الحرب عادلة».

ولم يكن صديق من وحدته متأكداً، إذ قال إن لديه علاقات عميقة مع زملائه، وقد يعود لبعض الوقت بدافع الشعور بالواجب. لكنه لن يثق كثيراً في المهمة هذه المرة.

وأضاف: «بعد 7 أكتوبر، شعرنا أن البلاد تنهار، لكن البلاد لا تنهار الآن. إنهم لا يحتاجون لنا كما كانوا».


مقالات ذات صلة

«حماس» تعدم شخصاً أدانته بقتل أحد ضباطها

خاص المقدم أحمد زمزم اغتيل برصاصات عدة أطلقها مسلحون على سيارته (المركز الفلسطيني للإعلام)

«حماس» تعدم شخصاً أدانته بقتل أحد ضباطها

أعدمت حركة «حماس»، الأحد، فلسطينياً اعتقلته وأدنته بالمشاركة في قتل أحمد زمزم، الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الحركة، في هجوم وقع وسط غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي يمنيون يتابعون كلمة لأبو عبيدة المتحدث باسم «كتائب القسام» الذي أعلنت إسرائيل اغتياله في أغسطس الماضي (أرشيفية-إ.ب.أ)

«حماس» تؤكد مقتل أبو عبيدة ومحمد السنوار في حرب غزة

​أكدت حركة «حماس»، اليوم الاثنين، مقتل ‌أبو ‌عبيدة ‌المتحدث باسم ⁠جناحها ​العسكري ‌ومحمد السنوار الذي كان قائدها في غزة.

المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ) play-circle

تقرير: نتنياهو فكر في فتح معبر رفح قبل لقاء ترمب لكنه تراجع

نقلت صحيفة إسرائيلية، عن مصدر، قوله إن بنيامين نتنياهو عرض فتح معبر رفح بين مصر وغزة في كلا الاتجاهين كبادرة حسن نية قبل اجتماعه مع ترمب، لكنه تراجع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

تسريبات إسرائيلية جديدة تتضمن توسيع وجود قواتها بقطاع غزة من 53 إلى 75 في المائة، وسط جهود للوسطاء من أجل الدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

محمد محمود (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

وسط زخم من التقديرات والتسريبات الإسرائيلية عما جرى إعداده في تل أبيب للقاء دونالد ترمب، مع بنيامين نتنياهو، اعتبرت مصادر إسرائيلية أن اللقاء «معركة مصيرية».

نظير مجلي (تل أبيب)

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)
المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)
TT

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)
المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)

جدّدت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح المسلّح لحركة «المقاومة الإسلامية» (حماس)، الاثنين، تأكيدها عدم التخلي عن سلاحها، وهي قضية رئيسية يُتوقّع أن تكون على جدول محادثات الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقبة في وقت لاحق.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام»، الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة، في بيان مصوّر، إن «شعبنا يدافع عن نفسه، ولن يتخلى عن سلاحه طالما بقي الاحتلال، ولن يستسلم ولو قاتل بأظافره».


السفير المصري في بيروت: لا إنذارات أو تحذيرات خفية موجهة إلى لبنان

 الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)
TT

السفير المصري في بيروت: لا إنذارات أو تحذيرات خفية موجهة إلى لبنان

 الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)

في وقت يسود فيه الترقب في لبنان لما سينتهي عليه اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ولا سيما فيما يتعلق بالشأن اللبناني - الإسرائيلي، أكد السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن تنفيذ الاتفاقات والقرارات الدولية، وفي مقدّمها اتفاق 27 نوفمبر (تشرين الثاني) والقرار «1701»، يشكّل المدخل الأساسي لتجنيب لبنان مزيداً من التوترات الأمنية، مشدداً على أنه لا وجود لأي إنذارات أو تحذيرات خفية موجّهة إلى لبنان، بل الالتزام الواضح بمرجعيات وقّعت عليها الأطراف المعنية، ولا بد من تطبيقها الكامل من الجميع.

الحل الوحيد

كلام موسى جاء خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة المصرية في بيروت، تناول فيه المستجدات اللبنانية والإقليمية.

وأشار السفير المصري إلى أن «مصر تبذل جهوداً مكثفة، بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لخفض منسوب التوتر في جنوب لبنان وفي المنطقة عموماً، عبر اتصالات دبلوماسية نشطة يقودها وزير الخارجية بدر عبد العاطي مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية».

وأكد أن «غياب الوساطات والجهود السياسية قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة»، مشدداً على أن «الحل الوحيد المتاح هو الالتزام بالاتفاقات والعودة الدائمة إلى المرجعيات الدولية، بالتنسيق مع الشركاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة».

وتطرّق السفير المصري إلى زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى لبنان، موضحاً أنها جاءت في إطار دعم لبنان والعهد والحكومة الجديدين، وتركزت خصوصاً على ملف الطاقة. وكشف أن الزيارة أسفرت عن توافق على اتخاذ خطوات سريعة لدعم هذا القطاع، تُرجمت بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، للاستفادة من الخبرات المصرية المتراكمة في هذا المجال.

لغة واحدة

وعن الاتصالات مع مختلف القوى اللبنانية، شدّد موسى على أن لغة مصر واحدة مع الجميع، داخل لبنان وخارجه، وتقوم على ضرورة الالتزام باتفاق 27 نوفمبر والمرجعيات التي يستند إليها، لافتاً إلى أن الجهود المصرية لا تقتصر على الساحة اللبنانية فحسب، بل تشمل أيضاً الأطراف الخارجية المؤثرة، بما فيها الجانب الإسرائيلي، لحضّه على الالتزام بالاتفاقات القائمة.

وختم موسى بالتأكيد على أن القاهرة تعمل على استكشاف أرضيات مشتركة مع الأطراف الإقليمية والدولية لإعادة بناء الثقة، معرباً عن أمله بأن يشهد العام المقبل مؤشرات إيجابية، سواء على مستوى الاستقرار الأمني أو التعاون الاقتصادي، ولا سيما في قطاع الطاقة، بما يسهم في معالجة أزمة الكهرباء المزمنة في لبنان.

حمادة: الملف اللبناني في المجهول

وأتى ذلك في وقت لاقت فيه مواقف أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم الأخيرة ردود فعل رافضة، لا سيما بعد اتهامه السلطة وخطة حصرية السلاح بخدمة المشروع الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار، عدّ عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة «أن الملف اللبناني لا يزال في المجهول بين الوضع الميداني وقمة فلوريد، والاجتماع السعودي القطري الإيراني الذي قد يكون له تأثير على مجرى الأمور»، آملاً «أن تتضح الأمور أكثر مع بداية العام الجديد للانتقال إلى الملف المالي والاستحقاق الانتخابي».

ورأى في حديث إذاعي أن «كلام الأمين العام لـ(حزب الله) الشيخ نعيم قاسم عن أن حصر السلاح هو تبرع للعدو، في غير مكانه، لأنه في الحقيقة تبرع للبنان، وقد تأخر 25 عاماً لتسليم أو حصر السلاح بيد الدولة الذي لم يكن يوماً إلا مطلباً دستورياً، تنفيذاً لاتفاق الطائف، وعلى الشيخ قاسم الهدوء والنظر إلى الأمر في سبيل إنقاذ لبنان».

وختم: «لم نطالب يوماً بسحب السلاح بالقوة، لكن المطلوب العودة إلى الدولة التي عليها فض الملف جنوباً، واستعادة الأراضي المحتلة، وإعادة الأسرى، ووقف الاعتداءات، أما ماذا يسبق ما، ومن يسبق من، فهو ما يجب أن يُدرس بتمعن».

وكان عضو كتلة «حزب القوات اللبنانية» النائب رازي الحاج انتقد كلام قاسم، وكتب عبر حسابه على منصّة «إكس»: «شيخ نعيم، لم تلتزموا بشيء ولم تسلّموا سلاحكم. وهذه ليست المرّة الأولى التي تتنصلون فيها من التزاماتكم. فنحن نذكر جيداً الحوارات الوطنية التي شهدت على هذا النهج والتي انتهت كلّها بالانقلاب على التعهّدات والتنصّل من المسؤوليات، شيخ نعيم، لا خلاص لكم إلا بمشروع الدولة!».

قبيسي ينتقد «الميكانيزم»

في المقابل، رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب هاني قبيسي أن «ما قدّمه الثنائي الوطني دفاع عن لبنان ووحدته، فيما الاختلاف الداخلي يخدم العدو الإسرائيلي».

وأشار في احتفال تأبيني إلى أن «الواقع السياسي الذي وصل إليه لبنان وضع البلاد أمام محطة أساسية للتمسك بالمبادئ»، لافتاً إلى «الدور الذي قاده رئيس البرلمان نبيه بري خلال المفاوضات إبّان الحرب ما أفضى إلى وقف جزئي لإطلاق النار باتفاق رعته دول كبرى، غير أن إسرائيل لم تلتزم به، ولا تزال تواصل اعتداءاتها اليومية غير آبهة بالقرارات الدولية».

وانتقد قبيسي أداء اللجنة المعروفة بـ«لجنة الميكانيزم»، عادّاً أن «عملها يشهد اختلالاً واضحاً، إذ بات منحصراً بالساحة اللبنانية فقط وتحت ضغط التهديدات الإسرائيلية، ما أفقدها التوازن على مستوى الردع وتطبيق القرار «1701». وطالب المجتمع الدولي والقيمين على اللجنة بتطبيق القانون الدولي، وردع إسرائيل عن اعتداءاتها».


وفاة 25 فلسطينياً في غزة جراء سوء الأحوال الجوية منذ بداية ديسمبر

فلسطينيون نازحون يقفون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في ظل ظروف شتوية باردة تشهدها المنطقة في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون يقفون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في ظل ظروف شتوية باردة تشهدها المنطقة في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

وفاة 25 فلسطينياً في غزة جراء سوء الأحوال الجوية منذ بداية ديسمبر

فلسطينيون نازحون يقفون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في ظل ظروف شتوية باردة تشهدها المنطقة في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون يقفون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في ظل ظروف شتوية باردة تشهدها المنطقة في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال تلفزيون «فلسطين»، الاثنين، إن 25 مواطناً في قطاع غزة لقوا حتفهم جراء سوء الأحوال الجوية منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

وغمرت مياه الأمطار المخيمات بالتزامن مع تأثير منخفض جوي عميق يستمر مع أجواء باردة ودرجات حرارة منخفضة، خلال الأيام الماضية، مما فاقم من الأوضاع المأساوية التي يعيشها مئات آلاف النازحين.