التوترات بعد سقوط الأسد تعيد تقسيم بلدة حدودية بين لبنان وسوريا

الجيش اللبناني يستكمل انتشاره في الجانب التابع له منها

تعزيزات عسكرية سورية باتجاه المنطقة الحدودية مع لبنان في حوش السيد علي (رويترز)
تعزيزات عسكرية سورية باتجاه المنطقة الحدودية مع لبنان في حوش السيد علي (رويترز)
TT
20

التوترات بعد سقوط الأسد تعيد تقسيم بلدة حدودية بين لبنان وسوريا

تعزيزات عسكرية سورية باتجاه المنطقة الحدودية مع لبنان في حوش السيد علي (رويترز)
تعزيزات عسكرية سورية باتجاه المنطقة الحدودية مع لبنان في حوش السيد علي (رويترز)

استكمل الجيش اللبناني، الأربعاء، انتشاره في القسم اللبناني من بلدة حوش السيد علي الحدودية بين لبنان وسوريا في شمال شرقي لبنان، وبات بعض السكان الذين يتحدرون من عائلات وعشائر واحدة ينقسمون بين دولتين، إثر إحكام القوات السورية سيطرتها على الجانب السوري من الحدود، بعد اشتباكات وخلافات دفعت باللبنانيين إلى النزوح للضفة اللبنانية.

وتوغلت قوات الإدارة السورية الجديدة داخل أراضي لبنان يوم الاثنين، خلال اشتباكات مع مسلحي العشائر اللبنانية انطلق يوم الأحد، وذكرت وزارة الإعلام السورية أن قوات وزارة الدفاع كانت تعمل على استعادة أراضٍ سيطر عليها «حزب الله» خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، مضيفة أن القوات لم تتجاوز الحدود إلى الأراضي اللبنانية. ونفى «حزب الله» في بيان مسؤوليته عن الأحداث التي جرت على الحدود اللبنانية - السورية.

دخول الجيش اللبناني

وإثر اتفاق بين وزارتي الدفاع اللبنانية والسورية، دخل الجيش اللبناني الأربعاء بلدة حوش السيد علي الحدودية في قضاء الهرمل بشرق البلاد بعد انسحاب القوات السورية منها. وشهدت الحدود الشمالية الشرقية انتشاراً كبيراً لوحدات الجيش اللبناني، في حين تستعد العائلات التي نزحت عن البلدة قبل يومين للعودة إليها، في انتظار استكمال إعادة انتشار الجيش اللبناني وفتح الطريق أمامهم للدخول مجدداً. وقبيل الدخول، وصل رتل من الجيش اللبناني يضم 60 آلية إلى أطراف حوش السيد علي.

وأظهرت مقاطع فيديو غضباً من أهالي البلدة على الجيش اللبناني الذي داهم البيوت وصادر الأسلحة منها. ولاحقاً، قالت مصادر أمنية إن الجيش انتشر في كامل المنطقة، وإنه جرى حلّ الملابسات، مؤكدة أن الجيش أحكم سيطرته بالكامل وعمل على تأمين المنطقة بما يتيح للسكان العودة.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، في بيان صادر عن مديرية التوجيه، أنه «في ظل الأحداث التي شهدتها منطقة الحدود اللبنانية - السورية، وبعد التنسيق بين السلطات اللبنانية والسورية بغية الحؤول دون تدهور الأوضاع على الحدود، بدأت الوحدات العسكرية المنتشرة تنفيذ تدابير أمنية في منطقة حوش السيد علي - الهرمل؛ بما في ذلك تسيير دوريات؛ لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية».

وكانت قيادة الجيش أشارت في بيان إلى أنه «ضمن إطار مراقبة الحدود وضبطها في ظل الأوضاع الراهنة، والعمل على منع أعمال التسلل والتهريب، أغلقت وحدة من الجيش المعابر غير الشرعية: المطلبة في منطقة القصر - الهرمل، والفتحة والمعراوية وشحيط الحجيري في منطقة مشاريع القاع - بعلبك»، وهي معابر غير شرعية.

بلدة مقسمة على ضفتي الحدود

والانتشار الأساسي حدث في بلدة حوش السيد علي التي قُسّمت بين لبنان وسوريا في الثمانينات، في عهد نظام الأسد. وتقع بلدة حوش السيد علي شمال بلدة الشواغير، وهي آخر البلدات اللبنانية الحدودية مع سوريا، وتبلغ مساحة القسم اللبناني من البلدة نحو 20 كيلومتراً مربعاً.

وتشطر البلدة شطرين ساقيةٌ متفرعة من النهر الكبير الجنوبي، وبات هناك قسم لبناني فوق الساقية، وقسم سوري تحت الساقية من الجهة السورية.

وكانت ملكية بلدة حوش السيد علي تعود إلى «أغاوات» من آل سويد، ولـ«سعيد أغا»، وكانت تتبع سوريا جغرافياً، وفق ما يقول تامر الحاج حسن، أحد الفعاليات في حوش السيد علي، مضيفاً: «أُلحق قسم بلبنان في الثمانينات، تماماً مثلما باتت بلدة المشرفة (كانت سورية قبل السبعينات)، لبنانية في عام 1987، وهو تاريخ جر قسمٍ من المياه إلى سوريا وإقامة سدّ (زيتا) على بحيرة قطينة، الذي بات أحد أكبر السدود المائية في سوريا، وأقيم على نهر العاصي الذي ينبع من لبنان».

ويقول تامر الحاج حسن، لـ«الشرق الأوسط»: «عدد سكانها على الضفة اللبنانية يبلغ نحو 600 نسمة يتوزعون على 68 (عائلة) ينتمون لعائلات ناصر الدين، وسلهب، والنمر، والحاج حسن».

أما عدد سكان حوش السيد على الضفة السورية فيبلغ نحو 650 نسمة، ويتوزعون على 75 عائلة، وهم لبنانيون أيضاً ويحملون إقامات سورية صادرة عن محافظة حمص. ونتيجة الوضع المستجد، لجأت إليها 75 عائلة جديدة من العائلات السورية، وأقامت في الجانب السوري من البلدة.

وبعد الاشتباكات والاتفاق، عاد اللبنانيون إلى الجانب اللبناني من البلدة، لكن لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم التي يمتلكونها في الشق السوري من البلدة، وهم أقرباء وأنسباء للعائلات والعشائر نفسها ويتحدرون من الأصول نفسها.

وتتبع بلدة حوش السيد علي في الشق اللبناني، إدارياً، قائمقامية الهرمل، بينما يتبع الجانب السوري منها إدارياً قضاء القصير في محافظة حمص. ويدير شؤونها الإدارية لدى الدولة اللبنانية مختار واحد؛ هو محمد نمر ناصر الدين.

قوات سورية تتجمع في بلدة حوش السيد علي قبل الانسحاب منها (أ.ب)
قوات سورية تتجمع في بلدة حوش السيد علي قبل الانسحاب منها (أ.ب)

حدود مفقودة

إبان حكم النظام السوري السابق، كان اللبنانيون يعامَلون من قبل السلطات السورية، كالسوريين، ويعيشون في منازل متقاربة ومتداخلة تربط بينهم المصاهرة وحقوق الجيرة، ولا يوجد أثر للحدود في البلدة، حيث كان يتقدم السكان بين ضفتي الحدود دون عوائق.

وكان الجيش اللبناني قبل الاشتباكات يفرض رقابة مشددة ويقيم حاجزاً ثابتاً فوق الساقية الحدودية التي تفصل البلدة بين الشقين اللبناني والسوري، ويمنع حتى نقل قارورة غاز أو غالون مازوت بالاتجاه السوري وبالعكس من الداخل السوري إلى الأراضي اللبنانية، وهذا ما كان يدفع بالمهربين إلى سلوك المعابر غير القانونية التي كانت مرتعاً للتهريب بين البلدين.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: قصف ضاحية بيروت الجنوبية جاء رغم اتخاذ حكومة لبنان خطوات إيجابية

المشرق العربي مبنى متضرر بشدة جراء الغارة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب) play-circle

الأمم المتحدة: قصف ضاحية بيروت الجنوبية جاء رغم اتخاذ حكومة لبنان خطوات إيجابية

قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان إن الغارة الأخيرة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية جاءت رغم اتخاذ الحكومة اللبنانية خطوات إيجابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب) play-circle 00:35

مقتل قيادي في «حزب الله» بضربة إسرائيلية على ضاحية بيروت

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنّه شنّ غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت عنصراً في «حزب الله»، في ثاني ضربة من نوعها منذ بدء سريان وقف النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نساء يبكين عند قبور مقاتلين لجماعة «حزب الله» اللبناني قُتلوا في الصراع مع إسرائيل في مقبرة بقرية عيتا الشعب بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان... 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

جنوب لبنان في «عيد حزين» وسط زيارات قبور أحباء قضوا في الحرب

أحيا سكان في جنوب لبنان، اليوم الاثنين، عيد الفطر بغصّة في قراهم المدمّرة بفعل المواجهة الدامية بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عيّن مجلس الوزراء الأسبوع الماضي حاكماً لمصرف للبنان هو كريم سعيد والنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار وأيمن عويدات رئيساً لهيئة التفتيش القضائي والقاضي يوسف الجميّل رئيساً لمجلس شورى الدولة (الرئاسة اللبنانية)

ورشة إصلاح القضاء اللبناني تبدأ بالتعيينات وإنجاز قانون استقلاليته

تسلك التعيينات القضائية في لبنان طريقها على أن يستكمل تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى نهاية الأسبوع الحالي ويكون ذلك منطلقاً لبدء ورشة الإصلاح بالسلك القضائي

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي أطفال يلتقطون صوراً تذكارية الى جانب "المسحراتي" في مدينة صيدا بجنوب لبنان (أ ب)

التصعيد الإسرائيلي يربك خطط مغتربين لبنانيين لزيارة عائلاتهم بعيد الفطر

أربك التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان، يوم الجمعة الماضي، خطط المغتربين اللبنانيين الذين كانوا يستعدون لزيارة لبنان خلال عطلة عيدَي الفطر والفصح.

حنان حمدان (بيروت)

«يونيسف»: مقتل 322 طفلاً في قطاع غزة خلال 10 أيام

مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ)
مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ)
TT
20

«يونيسف»: مقتل 322 طفلاً في قطاع غزة خلال 10 أيام

مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ)
مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ)

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أمس (الاثنين)، مقتل ما لا يقل عن 322 طفلاً خلال 10 أيام في قطاع غزة، منذ استئناف إسرائيل القصف بعد هدنة مع حركة «حماس» استمرت شهرين.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد أفادت «يونيسف» في بيان بأن «انهيار وقف إطلاق النار واستئناف القصف العنيف والعمليات البرية في قطاع غزة، تسببا بمقتل ما لا يقل عن 322 طفلاً، وإصابة 609 آخرين بجروح، أي بمعدل أكثر من 100 طفل يقتلون أو يشوهون يومياً خلال الأيام العشرة الأخيرة».

فلسطيني يحمل جثمان أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جثمان أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

وتابعت «يونيسف» أن «معظم هؤلاء الأطفال كانوا نازحين لجأوا إلى خيام مؤقتة، أو مساكن متضررة».

وأشارت المنظمة إلى أن هذه الأعداد تشمل الأطفال الذين قتلوا، أو جرحوا، في الغارة على قسم الطوارئ في مستشفى ناصر بخان يونس بجنوب القطاع.

وذكرت رئيسة «يونيسف» كاثرين راسل في البيان، أن «وقف إطلاق النار كان يوفر شبكة أمان كان أطفال غزة بحاجة يائسة إليها».

وتابعت أن «الأطفال غرقوا من جديد الآن في دوامة من أعمال العنف القاتلة والحرمان».

شابان يحملان جثتي طفلين قتلا في قصف إسرائيلي بمدينة غزة (د.ب.أ)
شابان يحملان جثتي طفلين قتلا في قصف إسرائيلي بمدينة غزة (د.ب.أ)

واستأنفت إسرائيل القصف المكثف على غزة في 18مارس (آذار)، ثم شنت هجوماً برياً جديداً، منهية بذلك وقف إطلاق النار الذي استمر نحو شهرين في الحرب مع «حماس»، بعدما وصلت المفاوضات بشأنه مراحله التالية إلى طريق مسدود.

ومنذ استئناف القتال، أعلنت وزارة الصحة التي تديرها «حماس» في قطاع غزة سقوط 1001 قتيل على الأقل في الهجمات الإسرائيلية.

وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص في غزة، أغلبهم من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.

وذكرت «يونيسف» أن 15 ألف قتيل من أصل هذه الحصيلة أطفال.