هجوم تركيا على عين العرب يفجر غضباً ويلقي بظلال على «مبادرة أوجلان»

أوقع 9 مدنيين وجاء بعد اتصال بين إردوغان وترمب لبحث تطورات سوريا

تركيا تواصل قصفها على محور سد تشرين شرق حلب رغم الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أ.ف.ب)
تركيا تواصل قصفها على محور سد تشرين شرق حلب رغم الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أ.ف.ب)
TT

هجوم تركيا على عين العرب يفجر غضباً ويلقي بظلال على «مبادرة أوجلان»

تركيا تواصل قصفها على محور سد تشرين شرق حلب رغم الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أ.ف.ب)
تركيا تواصل قصفها على محور سد تشرين شرق حلب رغم الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أ.ف.ب)

بعدما كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد بحث مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، الوضع في سوريا في ظل احتمالات سحب أميركا قواتها، أثار الهجوم التركي على إحدى قرى عين العرب (كوباني) في شرق حلب، رد فعل غاضباً من جانب حزب موالٍ للأكراد ينخرط في جهود لإنجاح مبادرة لحل حزب «العمال الكردستاني» وإلقاء أسلحته وجميع امتداداته.

وقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة (الأب والأم و7 أطفال)، وأصيب آخران، في هجوم لمسيرة تركية، ليل الأحد - الاثنين، في قرية «برخ بوتان»، جنوب غربي عين العرب، بحسب ما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب (الكردية)، التي تعدّها تركيا تنظيماً إرهابياً، يشكل امتداداً لحزب «العمال الكردستاني»، الذي تصنفه والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.

وبدأت القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لأنقرة، تصعيداً ضد مواقع «قسد» في شرق حلب، منذ 12 ديسمبر (كانون الأول) الثاني، أسفر في مرحلته الأولى عن السيطرة على مدينة منبج، ولا تزال الاشتباكات والاستهدافات المتبادلة مستمرة على محوري سد تشرين وجسر قرة قوزاق، فضلاً عن قصف متواصل على قرى في أرياف عين العرب.

قصف تركي في مناطق بالقرب من عين العرب (إكس)

وبلغت حصيلة الاشتباكات على مدى أكثر من 3 أشهر 650 قتيلاً، من القوات التركية والفصائل الموالية و«قسد»، إلى جانب 18 مدنياً بينهم 8 نساء و9 أطفال.

وأعلن مدنيون من أهالي عين العرب يتابعون الاعتصامات مع مدنيين ترسلهم «قسد» إلى محيط سد تشرين، كنوع من الاحتجاج على الهجمات التركية، أنهم سيواصلون اعتصامهم لحماية السد ومنع تركيا من الاستيلاء عليه. في المقابل، تتهم أنقرة «قسد» باستخدام هؤلاء المدنيين دروعاً بشرية.

رفض للعمليات التركية

أثار هجوم عين العرب رد فعل غاضباً من جانب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي وصفه بالمجزرة، وعدّ في بيان، أن الهجوم كان «رسالة متعمدة تهدف إلى تدمير آمال السلام».

وقال الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، في مؤتمر صحافي، عقب لقائه ووفد من الحزب، الاثنين، مسؤولي حزبي العدالة والتنمية الحاكم وشريكه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، لبحث الخطوات التي يتعين اتخاذها لإنجاح دعوة الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان لحل الحزب ونزع أسلحته وجميع المجموعات المرتبطة به، إنه «بينما كنا نقوم بهذه الجولات لتعزيز الأمل بالسلام، استيقظنا على خبرٍ محزن للغاية، وشهدنا هجوم كوباني (عين العرب)، الذي أودى بحياة 9 أشخاص، 7 منهم أطفال».

وأضاف: «غضبنا كبير، ونود أن نؤكد أن هذه الهجمات وما شابهها ستُلحق ضرراً بالغاً بالعمليات الجارية، سواء هنا (حل حزب العمال الكردستاني) أم في سوريا (الاتفاق بين «قسد» والإدارة السورية على الاندماج في مؤسسات الدولة)».

وتابع: «نسأل من يقولون إن (قسد) تهديد أمني، هل يُشكل الأطفال السبعة في كوباني تهديداً أمنياً؟... يجب الكشف عن الأشخاص والمؤسسات التي شاركت في هذه المجزرة وأصدرت الأوامر بها ومحاكمتهم، وأود أن أنقل توقعاتنا هذه إلى الرئيس رجب طيب إردوغان، هذا ليس هجوماً عادياً، إنها مجزرة».

الرئيسان المشاركان لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب تونجر باكيرهان وتولاي حاتم أوغللاري خلال لقاء مسؤولي حزب العدالة والتنمية في أنقرة الاثنين (موقع الحزب)

بدورها، قالت الرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغللاري، إن الحكومة تقول إن استمرار العمليات في شمال سوريا هدفه حماية أمن البلاد، لكن ما هو التهديد الذي تمثله عائلة بها 7 أطفال على أمن تركيا.

وأضافت: «على الحكومة أن تتصرف بمسؤولية، ولا ينبغي أن يبقى هذا الأمر صورة قاتمة أمام العملية التي نحاول أن نتطور بها نحو السلام الذي نتمناه جميعاً».

اتصال إردوغان وترمب

ووقع هجوم عين العرب (كوباني) بعد ساعات قليلة من اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان ودونالد ترمب، تطرق إلى التطورات في سوريا، بحسب بيان للرئاسة التركية.

وقالت مصادر تركية إن الاتصال تناول الاتفاق الموقع في 10 مارس (آذار) الحالي، بين الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، وقائد «قسد»، مظلوم عبدي، بشأن اندماجها في مؤسسات الدولة السورية.

وأضافت أنه تم التطرق إلى مسألة الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود «قسد»، التي تنظر إليها واشنطن حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، والانسحاب الأميركي المحتمل من سوريا.

لقاء بين ترمب وإردوغان في البيت الأبيض خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

وأكدت تركيا، مراراً، استعدادها لدعم إدارة الشرع، في السيطرة على المخيمات والسجون التي تضم عناصر «داعش» وعائلاتهم، والخاضعة لسيطرة «قسد» في شمال شرقي سوريا، كما شكلت أخيراً آلية تنسيق خماسية مع كل من العراق والأردن وسوريا ولبنان، لمنع تجدد ظهور أي نشاط لـ«داعش»، وكذلك التصدي لنشاط حزب «العمال الكردستاني» وامتداداته.

وبحسب الرئاسة التركية، أكد إردوغان أهمية المساهمة المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، من أجل إعادة إحلال الاستقرار هناك، وتمكين اللاجئين السوريين من العودة إلى بلادهم.

تركيا باقية عسكرياً

وكان وفد تركي رفيع المستوى ضم كلاً من وزيري الخارجية التركيين، هاكان فيدان ويشار غولر، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، زار دمشق الخميس الماضي، بعد ساعات من توقيع الشرع الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية.

وذكر الكاتب البارز في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، عبد القادر سيلفي، أن الوفد الذي التقى الشرع، ركز خلال المباحثات على عدد من القضايا المهمة، شملت: الاتفاق بين الشرع وعبدي، والخطوات التي ستتبع الإعلان الدستوري، ومحاولة التمرد الفاشلة من جانب بقايا نظام بشار الأسد، المدعومة من إيران، في اللاذقية وطرطوس، وتصرفات المنظمات الدرزية (الإرهابية) المدعومة من إسرائيل.

قوات تركية في منطقة نبع السلام بشمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وأضاف سيلفي، استناداً إلى معلومات من مصادر في الحكومة، أنه تم الاتفاق على بقاء القوات التركية في مناطق عمليات «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و«نبع السلام»، في شمال وشمال شرقي سوريا، وأن مفهوم تركيا لمكافحة الإرهاب، المتمثل في استهدافه بمنبعه، لم يتغير.

وأضافت المصادر أن المدير العام للدفاع والأمن بوزارة الدفاع التركية، اللواء إلكاي ألتنداغ، كان ضمن الوفد التركي، ومن المقرر أن يزور وفد عسكري سوريا للمرة الثانية خلال الأيام المقبلة، وأنه في إطار التعاون العسكري مع سوريا، ستسهم تركيا في إعادة هيكلة الجيش السوري وتزويده بمنتجات صناعتها الدفاعية المتطورة لتعزيز قدراته، كما سيتم تعيين أحد الضباط الأتراك مستشاراً عسكرياً للجيش السوري، بعد أن بدأ الملحق العسكري أداء مهامه بالفعل في السفارة التركية في دمشق.

وتابعت أن الاتفاق بين الشرع وعبدي كان له أثر إيجابي على العملية الجارية في تركيا والتي تتضمن قيام حزب «العمال الكردستاني» بإلقاء أسلحته وحل نفسه، كما أن انعقاد المؤتمر العام لحزب «العمال الكردستاني»، المتوقع في منتصف أبريل (نيسان) المقبل، استجابة لدعوة زعيمه السجين عبد الله أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي، لإعلان حل الحزب، من شأنه أن يعطي زخماً إيجابياً لعملية اندماج «قسد» في مؤسسات الدولة في سوريا.


مقالات ذات صلة

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية حزب «العمال الكردستاني» أعلن في مؤتمر صحافي بجبل قنديل في 26 أكتوبر الماضي سحب جميع مسلحيه من تركيا (رويترز)



القيادي في «العمال الكردستاني» آمد ملاذغيرت (أ.ف.ب)

نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» غولستان كوتشيغيت (حساب الحزب في إكس)

عناصر من القوات التركية المشاركة في عملية «المخلب القفل» ضد «العمال الكردستاني» شمال العراق (الدفاع التركية - إكس)
أوجلان وجَّه نداءً في 27 فبراير الماضي لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته (إ.ب.أ)

تركيا: كشف خريطة طريق نزع أسلحة «الكردستاني»

كشفت مصادر أمنية تركية خريطة طريق لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» في الوقت الذي أيَّد فيه زعيمه عبد الله أوجلان استمرار «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة لدعم نداء أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني والمطالبة بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

تركيا: زيارة برلمانية لأوجلان تدفع باتجاه السلام مع الأكراد

قام وفد من البرلمان التركي بزيارة زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان في إطار العملية الجارية لحل الحزب وتحقيق السلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان: وحدة سوريا أساسية لبلادنا... والسوريون يقررون مصيرها

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن وحدة سوريا هي أمر أساسي لبلاده، وأن أنقرة تتخذ خطواتها تجاهها وفقاً لأولوياتها الاستراتيجية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي حراس يؤمّنون سجن الصناعة في الحسكة... سوريا 18 يناير 2025 (رويترز)

سجون «داعش»... قنابل موقوتة في قلب الصحراء بشمال شرقي سوريا

تشكّل سجون تنظيم «داعش» في سوريا قنابل موقوتة في قلب صحراء الشمال الشرقي للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
TT

عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أن بدء المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في قطاع غزة، يتطلب انسحاب إسرائيل من القطاع، وتسليم «حماس» والفصائل سلاحها للسلطة الفلسطينية.

وقال عباس -خلال اتصال هاتفي مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس- إن أولويته الآن هي تطبيق خطة ترمب من أجل وقف الحرب، ووقف نزيف الدم، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع التهجير القسري.

واعتبر عباس أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة «والتي تقوم على تسليم سلاح (حماس) والفصائل للدولة الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، بما يفتح الطريق أمام دخول اللجنة الإدارية الفلسطينية والشرطة الفلسطينية، ونشر قوة الاستقرار الأولية، والانطلاق في عملية إعادة الإعمار بشكل منظَّم وفعَّال».

وأكد عباس ضرورة اتخاذ خطوات موازية في الضفة الغربية «لوقف تقويض حل الدولتين»، تشمل «وقف عنف المستوطنين، ووقف التوسع الاستيطاني وسياسة الضم، والإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، لما لذلك من تأثير بالغ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وقدرة الحكومة الفلسطينية على القيام بالتزاماتها تجاه المواطنين».

وأعاد عباس إدانة هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقال إن على «حماس» إنهاء حكمها وتسليم سلاحها.

المستشار الألماني فريدريك ميرتس يصعد إلى الطائرة متوجهاً إلى الأردن ثم إسرائيل السبت (د.ب.أ)

وأكد التزام فلسطين بالاعتراف بدولة إسرائيل، والالتزام بحل الدولتين: «لتعيش دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وسلام».

وتطرق عباس إلى الخطوات التي أخذتها السلطة الفلسطينية لتنفيذ إصلاحات، وشمل ذلك تحديث المناهج المدرسية وفق معايير اليونيسكو، وإنشاء نظام رعاية اجتماعية موحد، وإلغاء قانون دفعات الأسرى، والاستعداد للذهاب إلى الانتخابات العامة فور انتهاء الحرب وتوفر الظروف الملائمة لذلك.

وبرنامج الإصلاح الذي تحدث عنه عباس هو جزء من التزامات «السلطة» لتهيئة نفسها من أجل حكم غزة في نهاية خطة ترمب.

ويفترض أن تشكل «السلطة» لجنة إدارية وقوات شرطة فلسطينية، خلال المرحلة الثانية التي ترفض إسرائيل الانتقال إليها قبل الحصول على آخر جثة.

دعوة ألمانية للإصلاح

وكان المستشار الألماني قد دعا في الاتصال الهاتفي الرئيس الفلسطيني إلى إجراء «إصلاحات ضرورية وعاجلة» في «السلطة»، حتى تتمكن من «أداء دور بنَّاء في نظام ما بعد الحرب»، وفق ما أفاد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان كورنيليوس. كما أكد دعم ألمانيا لخطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للسلام في غزة، و«رحَّب بموقف السلطة الفلسطينية المتعاون» تجاه الاتفاق، حسب المتحدث.

وجاءت مكالمة ميرتس مع عباس قبل ساعات من مغادرة المستشار برلين، اليوم (السبت)، في زيارة إلى إسرائيل. وفي اتصاله مع محمود عباس، جدد المستشار موقف برلين من ناحية أن حل الدولتين لا يزال السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين؛ حسب المتحدث باسم الحكومة الألمانية.

رفات الرهينة الأخيرة

أبلغت إسرائيل الوسطاء بأن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تعرفان كيفية الوصول إلى رفات الرقيب ران غفيلي، وهو رفات آخر إسرائيلي كان محتجزاً في قطاع غزة.

ووفقاً لأخبار القناة «12» سافر وفد برئاسة غال هيرش، المسؤول الحكومي عن ملف المحتجزين، إلى القاهرة يوم الخميس، وطالب الوسطاء باتخاذ إجراءات لضمان استعادة جثة غفيلي.

وصرح مصدر إسرائيلي بأن المحادثات في العاصمة المصرية تناولت أيضاً المرحلة الثانية من خطة ترمب للسلام في غزة.

وأفادت التقارير بأن الوسطاء أشاروا للوفد الإسرائيلي إلى أن «حماس» تبدي اهتماماً بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، وتريد الانتقال إلى المرحلة التالية، بما في ذلك نزع سلاح غزة ونزع سلاحها.

وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إن كثيراً من القضايا ما زالت عالقة، ولا يوجد حولها اتفاق أو خطة واضحة، بما في ذلك الانتقال إلى المرحلة الثانية.

واتهم المصدر إسرائيل بمحاولة إبقاء الوضع في قطاع غزة على ما هو عليه. وأضاف: «إنهم يريدون غزة مقسَّمة، ويحاولون إطالة أمد هذا الوضع، على الرغم من الإعلانات الكثيرة حول الانتقال إلى المرحلة الثانية».

أطفال فلسطينيون من عائلات نازحة يتجمعون في ساحة مدرسة دير البلح المشتركة التابعة لوكالة «الأونروا» غرب دير البلح وسط قطاع غزة لتلقي بعض الدروس (أ.ف.ب)

وحسب تقارير سابقة، يفترض أن يعلن ترمب الانتقال إلى المرحلة الثانية، قبل أعياد الميلاد، بعد اجتماع مرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال له ترمب في آخر مكالمة إنه يتوقع منه أن يكون «شريكاً أفضل» في ملف غزة.

وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من أجزاء من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

مشعل: نرفض الوصاية

رئيس حركة «حماس» في الخارج، خالد مشغل، أعلن السبت رفض حركته كل أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزة، مشدداً على أن الفلسطينيين هم من يحكمون أنفسهم.

وقال مشعل في كلمة له خلال مؤتمر «العهد للقدس: نحو تجديد إرادة الأمة في مواجهة التصفية والإبادة» الذي انعقد في مدينة إسطنبول، إن على الأمة أن تقرر تحرير القدس، وأن تسخِّر كل الجهود والإمكانات من أجل غزة وضمان وقف الحرب عليها، رافضاً «كل أشكال الوصاية والانتداب للاحتلال على غزة والضفة وعامة فلسطين» ومشدداً على أن «الفلسطيني هو من يحكم نفسه، ومن يقرر لنفسه، فلا وصاية ولا انتداب ولا إعادة احتلال، فشعبنا لا يحتاج لا إلى حماية ولا إلى وصاية، ويتطلع إلى الاستقلال لا إلى الانتداب، فهذه أرضنا ووطننا وهذا مصيرنا، ونحن من نقرر».

وطالب مشعل «بحماية مشروع المقاومة وسلاح المقاومة»، ورفض احتكار القرار فيما يخص القضية، وقال إنه يجب بناء وحدة وطنية وشراكة «في ميدان النضال والسياسة والقرار».


مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قالت قناة «الأقصى» الفلسطينية إن 7 أشخاص لقوا حتفهم بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم السبت.

ولم تذكر القناة أي تفاصيل أخرى على الفور.

وفي وقت سابق اليوم، أفادت إذاعة «صوت فلسطين» بمقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال غربي قطاع غزة.

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق دبابة متمركزة بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

على الصعيد الآخر، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن قواته أطلقت النار على عدد من الأشخاص قال إنهم «اجتازوا الخط الأصفر وشكلوا تهديداً فورياً عليها»، مشيراً إلى أن القوات قتلت ثلاثة «لإزالة التهديد».

ومنذ بدء وقف إطلاق النار الهش، أفرجت «حماس» عن جميع الرهائن الأحياء وعددهم 20، وسلمت 27 جثة مقابل الإفراج عن نحو ألفي معتقل وسجين فلسطيني لدى إسرائيل.

ورغم تراجع وتيرة العنف، تواصل إسرائيل قصف غزة وتدمير ما تقول إنه بنية تحتية تابعة لـ«حماس». وتتبادل الحركة وإسرائيل الاتهامات بانتهاك الاتفاق.


التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

يشكّل إعلان إسرائيل عن استعدادها لفتح قنوات تعاون اقتصادي مع لبنان، بالتزامن مع تكليف الرئيس اللبناني جوزيف عون للسفير السابق في واشنطن سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، محطة جديدة في مسار المواجهة المعقّدة بين بيروت وتلّ أبيب.

وبينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»، حسبما تقول مصادر لبنانية، و«تندرج ضمن مسعى إسرائيلي لإعادة رسم مشهد إقليمي يتيح لها الظهور بمظهر الساعي إلى الاستقرار، مقابل تحميل لبنان ولا سيما (حزب الله) مسؤولية استمرار التوتر».

ولا يعكس الموقف الإسرائيلي بالنسبة للبنان تغيّراً فعلياً في السلوك، أو المقاربة، بقدر ما يشكّل محاولة لتسويق صورة سياسية يريدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مرحلة دقيقة داخلياً، وإقليمياً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل، التي تواصل عملياتها العسكرية في لبنان براً وبحراً وجواً، لا تبدو مستعدة لاتخاذ خطوات عملية، بل تكتفي بإشارات مرونة محسوبة، تؤسّس بمفهومها لمرحلة تفاوض محتملة حين تنضج الظروف، وتتقاطع الحسابات الإقليمية».

الغاز والنفط

ويشكّل موقع لبنان الجيوسياسي نقطة جذب إقليمية لإسرائيل، وكل دول المنطقة، رغم قدراته الاقتصادية المحدودة. ويقول مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تل أبيب «لا تسقط من حساباتها إمكانية التعاون في مجال الطاقة والغاز، لا سيما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع لبنان في العام 2022، حيث تسعى لإعطاء انطباع بأن شرق المتوسط يمكن أن يتحوّل إلى منطقة تبادل اقتصادي».

رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد مجلس الأمن الدولي في بيروت يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

ويلفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تولي أهمية قصوى للتعاون في البنى التحتية الحدودية، مثل إدارة الموارد المائية، خصوصاً أن طمعها بمياه لبنان تاريخي، كما تتطلع إلى ربط أسواق المنطقة ببعضها، خصوصاً إذا فُعّل مشروع ممرات النقل الإقليمي».

ويشدد المصدر الرسمي على أن «أي تعاون اقتصادي بين دولتين في حالة نزاع مستمر يتطلب أولاً وقفاً دائماً لإطلاق النار، يتبع بترتيبات أمنية واضحة، ثم فتح قنوات اتصال رسمية، مقرونة بضمانات دولية، لذلك تبقى المبادرة الإسرائيلية مجرّد خطوة يحاول نتنياهو استثمارها في الداخل، ليظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه انتزع مكاسب مهمّة في بداية مرحلة التفاوض مع لبنان».

رسالة سياسية

وينظر الخبراء إلى المبادرة الإسرائيلية على أنها رسالة سياسية موجّهة إلى الخارج أكثر مما هي طرح اقتصادي قابل للتطبيق. ويرى الباحث في الشؤون الجيوسياسيّة الدكتور زياد الصائغ أن إسرائيل «تسعى إلى الاستثمار في الموقف الأميركي السّاعي إلى تطبيق عملاني لمقرّرات مؤتمر شرم الشيخ، ولقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، بما يعني الذهاب أبعد من وقف القتال».

ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تعتبر أن السلام من البوّابة الاقتصادية هو الأنجع لتجاوز الصراعات، لكنّ هذا أقرب إلى الفولكلور، لا سيّما مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة»، ويشدد الصائغ على أن «الاستعجال، ورفع منسوب ما جرى في لجنة الميكانيزم قد يأخذ طابع جسّ النبض أيضاً لمدى استعداد لبنان للذهاب بعيداً في المفاوضات، وهذا أيضاً يشكّل محاولة غير ناضجة الظروف».

سفينة عسكرية إسرائيلية تبحر بجوار منصة إنتاج حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - رويترز)

لكن الاستعجال الإسرائيلي للتعاون الاقتصادي مغاير تماماً للمشهد اللبناني، باعتبار أن الذهاب نحو هذا الخيار أشبه بالمغامرة، ويؤكد الصائغ أنّ «ملف لبنان التفاوضيّ يبدو ضبابيّاً حتى السّاعة، ولو أنّ سقفه اتفاقيّة الهدنة الموقعة ما بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 برعاية الأمم المتحدة، لكن من الواضح أنّ السفير سيمون كرم، وبخبرته الواسعة ووضوحه السّيادي، سيفتح الطريق أمام بناء عناصر هذا الملف من المسار السياسي، إلى الدبلوماسيّ، إلى القانونيّ، إلى ذاك المرتبط بالقرار 1701».

ويذكّر بأن لبنان «جزء من الإجماع العربي، وملتزم بسقف المبادرة العربية للسلام، وكل ما يُساق خارج ذلك يبقى من قبيل التمنّيات، أو التوقّعات، لكن من الواضح أنه لا عودة عن قرار تجفيف الصراعات والحروب في الشرق الأوسط».

طاقة وسياحة

إضافة إلى ذلك، يطرح تركيز الحكومة الإسرائيلية على المجال الاقتصادي علامات استفهام في ظلّ محدودية الدور الاقتصادي للبنان في المنطقة، ولا يستبعد الصائغ أن «تسعى إسرائيل إلى تعاون اقتصادي مع لبنان على المستوى النفطي، أو السياحي، أو الصناعي، خصوصاً في ظلّ الحديث عن فكرة إنشاء منطقة اقتصاديّة على حدود لبنان الجنوبيّة، انطلاقاً من المبادرة الأميركية». لكنّه شدد على أن ذلك «لا يستقيم قبل حوار دبلوماسيّ بطابع سياسي، ويبدو مستحيل المنال في هذه المرحلة، خصوصاً مع استمرار احتلال إسرائيل للنقاط الخمس، وعدم إنجاز تسوية تحريرية لمزارع شبعا، وبدء إعمار الجنوب، توازياً مع تحقيق بسط الدولة اللبنانية سيادتها حصراً على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة». وختم الصائغ بالقول إن «ذلك كلّه يبقى مضبوطاً تحت سقف اتفاقية الهدنة 1949».