كيف ستتعامل إدارة الرئيس الأميركي مع الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة؟

وفد عربي إلى واشنطن الأسبوع المقبل لإقناع مسؤولي إدارة ترمب بالخطة الجديدة

هل ستؤيد إدارة ترمب الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة وتضغط على إسرائيل لقبول وقف الحرب بشكل كامل؟ (رويترز)
هل ستؤيد إدارة ترمب الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة وتضغط على إسرائيل لقبول وقف الحرب بشكل كامل؟ (رويترز)
TT

كيف ستتعامل إدارة الرئيس الأميركي مع الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة؟

هل ستؤيد إدارة ترمب الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة وتضغط على إسرائيل لقبول وقف الحرب بشكل كامل؟ (رويترز)
هل ستؤيد إدارة ترمب الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة وتضغط على إسرائيل لقبول وقف الحرب بشكل كامل؟ (رويترز)

أجمع الكثير من المحللين والخبراء على أن فرص تنفيذ الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة ونتائج القمة الطارئة في القاهرة، تكمن في الموقف الذي ستتخذه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في دعم هذه الخطة، أو الاستمرار في دعم إسرائيل وخططها في وضع العراقيل لوقف تنفيذها، خاصة مع الوضع الهش لاتفاق وقف إطلاق النار المعرض لخطر الانهيار.

ومن المقرر أن يقوم وفد مصري - عربي بزيارة العاصمة الأميركية واشنطن، الأسبوع المقبل، للاجتماع بمسؤولي إدارة ترمب والمشرعين في الكونغرس ومراكز صنع القرار لشرح الخطة وإقناع الجانب الأميركي بها، تليها زيارات لعواصم أوروبية.

وقد تأرجحت مواقف الرئيس ترمب ما بين الإصرار على أن خطته لترحيل الفلسطينيين وإنشاء منتجعات سياحية فاخرة في القطاع هي الخطة الأفضل والأقدر على التنفيذ على أرض الواقع، والتخفيف من موقفه وتصريحاته أنه لن يفرض أفكاره بشأن غزة على أي شخص. ثم عزز الرئيس الأميركي موقفه في مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي ونشره على موقع «تروث سوشيال» يؤكد أفكاره وخططه العقارية في تطوير قطاع غزة كمنتجع سياحي فاخر.

تأكيد الدعم الأميركي

وبينما كانت القمة تعقد جلساتها في القاهرة، أشارت الخارجية الأميركية إلى اتصال بين وزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هدفه التأكيد على دعم الولايات المتحدة الثابت لإسرائيل بوصفه يشكل أولوية قصوى للرئيس ترمب. وتعهد روبيو خلال الاتصال بتسريع تسليم مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 4 مليارات دولار. فيما وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي الشكر على تعاون المبعوث الخاص ستيف ويتكوف في جهود تحرير الرهائن، وتمديد وقف إطلاق النار في غزة. مما أعطى إشارة واضحة على الموقف الأميركي المساند لإسرائيل.

وقال مصدر مسؤول في البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن إدارة ترمب على استعداد للنظر في الخطة المصرية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن لدى الإدارة العديد من الأسئلة حول شكل الحكم في غزة، وكيفية إدارة الأمن بعد انتهاء الحرب، وما هي البلدان التي قد تشكل قوة دولية لحفظ السلام في غزة والضفة الغربية وكيفية نزع سلاح حركة «حماس»، وتهميش دورها بينما تظل الحركة حالياً هي القوة الأكثر نفوذاً في القطاع.

رجل يحمل علم الولايات المتحدة ولافتة عليها صورة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خلال احتجاج يطالب بإعادة جميع الرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم المميت الذي شنته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، خارج مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس،( رويترز)

وتتزايد المخاوف العربية من المساندة الأميركية المستمرة لإسرائيل، وحالة عدم اليقين من قدرة اتفاق وقف إطلاق النار على الاستمرار، إضافة إلى التحركات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وطرد إسرائيل لعشرات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم مما أدى إلى تكثيف المخاوف من أن إسرائيل تستغل هذا الدعم الأميركي المستمر للمضي قدماً في خطط لضم الضفة الغربية.

وتتزايد أيضاً المخاوف من أي دعم أميركي للشروط الإسرائيلية التي تستبعد أي دور مستقبلي لـ«حماس» وأيضاً أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة. وتريد إسرائيل أيضاً تنفيذ مقترح ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس ترمب للمنطقة، لتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن دون أن تلتزم بسحب القوات الإسرائيلية من غزة.

العراقيل والنفوذ العربي

وقد أشار مبعوث الرئيس ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الشهر الماضي، لشبكة «سي بي إس» الأميركية إلى أن أحد المواقف الأميركية القوية في أي خطة لمستقبل غزة هو ضرورة رحيل «حماس» عن قطاع غزة. ويعترف الجانب المصري بأنه سيكون من الصعب نزع سلاح الجماعات الفلسطينية في غزة، كما يواجه معضلة في إقناع المانحين بتقديم الأموال في تمويل خطط إعادة الإعمار في ظل المخاوف من قيام إسرائيل بقصف القطاع بعد ضخ كل هذه الأموال في مشروعات إعادة الإعمار وبناء المنازل للفلسطينيين، ويعزز الوضع الهش لاتفاق وقف إطلاق النار إلى تعزيز هذه المخاوف.

صورة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (وسط الصورة) مع زعماء عرب يحضرون القمة العربية الطارئة في العاصمة الإدارية الجديدة، شرقي القاهرة(ا.ب.ا)

ويتوقع المحللون أن تواجه الخطة المصرية تحديات وعراقيل إسرائيلية وأميركية، لكن إذا تمكنت الدول العربية من تقديم خطة محكمة تساعد في إعادة الإعمار، وتغري الرئيس ترمب في مشاركة الشركات الأميركية في مشروعات إعادة الإعمار، وتقدم له مساراً يؤدي إلى تطبيع للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وتعزز من قدرة ترمب على الظهور بمظهر رجل السلام وتؤهله للحصول على جائزة «نوبل» للسلام، فهذا سيؤدي إلى احتمالية لقبول إدارة ترمب الخطة.

ومن الناحية النظرية، فإن اتخاذ موقف عربي حازم في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين والإصرار على الحصول على ضمانات بشأن مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية، فإن الدول العربية لديها الكثير من النفوذ الذي يمكن أن تستغله، ومن بينها العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، واتفاقات التطبيع التي تم توقيعها، ويتعين عليها إقناع الرأي العام الأميركي، وإقناع إدارة ترمب بممارسة الضغوط على إسرائيل، واستغلال غضب أهالي الرهائن للضغط على نتنياهو لقبول تنفيذ خطة السلام ووقف إطلاق النار.

ويقول محللون إنه إذا أصبح حلم ترمب لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية مع إسرائيل بعيد المنال، واستطاع نتنياهو استئناف القتال، فإن ذلك قد يثير غضب الرئيس الساعي إلى تحقيق وعوده الانتخابية بالقضاء على الفوضى وتحقيق الاستقرار الإقليمي والازدهار، خاصة إذا قرر أن يجري المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، وأعلن أنه لن يتحرك عسكرياً أو يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لتوجيه ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

ويقول المحللون إن الأمل الوحيد هو أن ينفد صبر ترمب من نتنياهو الذي يعرض جزءاً من استراتيجيته الإقليمية للخطر، ويهدد فرص إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى إسرائيل. ويشير المحللون إلى أن الخلافات التي تتفاقم مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وتجميد المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب الروسية - الأوكرانية، قد تركز انتباه الرئيس ترمب إلى الأزمة في غزة، حيث يتمتع بنفوذ أقوى على نتنياهو والوسطاء العرب، ويمكن لترمب أن يحقق اختراقاً دبلوماسياً مهماً في الشرق الأوسط إذا تمكن من إنهاء مأساة الرهائن، ومن إحلال السلام الذي وعد به، والتقدم في حلول للسيطرة على قطاع غزة «دون حماس»، وتوسيع اتفاقات إبراهيم إلى دول عربية وإسلامية أخرى.

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة ، وسط مخاوف من انهيار الهدنة وامال لتنفيذ الخطة العربية لوقف الحرب، واعادة اعمار غزة( ا.ف.ب)

تفاصيل الخطة

وقد شهدت القمة موقفاً عربياً موحداً في مواجهة مقترحات الرئيس ترمب بترحيل أكثر من مليوني فلسطيني إلى كل من مصر والأردن، والبدء في مشروع لإعادة الإعمار يجعل غزة مثل الريفييرا الفرنسية. وفي المقابل، قدمت القاهرة خطة إعادة إعمار تدريجية لغزة من شأنها أن تبقي الفلسطينيين هناك، مع إبعاد «حماس» عن أي دور حاكم، واستعادة السلطة الفلسطينية في نهاية المطاف للدور الحاكم للقطاع.

وقد تضمنت الخطة التي جاءت في 91 صفحة على ثلاث مراحل لإعادة الإعمار، بتكلفة تتجاوز 53 مليار دولار، تبدأ بفترة ستة أشهر يتم خلالها إزالة الأنقاض من القطاع، وتوفير سكن مؤقت للنازحين في سبعة مواقع لاستيعاب 1.5 مليون فلسطيني، ويتم تشكيل لجنة غير فصائلية تتكون من 15 شخصية فلسطينية من التكنوقراط تتولى إدارة الأمور اليومية للفلسطينيين لمدة الأشهر الستة الأولى من التعافي المبكر وتسمي «لجنة إدارة غزة»، على أن يتم خلال هذه الفترة بدء المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والممثلين الفلسطينيين حول قضابا الوضع النهائي، بما في ذلك الحدود الإقليمية، ووضع مدنية القدس. وتنص الخطة على أن يتولى كل من مصر والأردن مهام تدريب قوة شرطية فلسطينية تتولى مهام توفير الأمن.

ريفييرا على الطريقة العربية

وفي المرحلة الثانية، يتم إنشاء 200 ألف وحدة سكنية ومطار وميناء ومركز للتكنولوجيا ومراكز للتسوق ومركز مؤتمرات دولي في قطاع غزة، وبناء منتجعات جاذبة للسياحة مشابهة للفكرة الأميركية في ريفييرا عربية على غرارا الريفييرا الفرنسية... وتتكلف المرحلة الثانية ما بين 20 ملياراً إلى 30 مليار دولار.

وتطالب الخطة المصرية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإرسال قوة حفظ سلام دولية إلى غزة والضفة الغربية في خلال إطار زمني ينتهي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وتؤيد الخطة المصرية حل الدولتين بوصفه الحل الأمثل للصراع، وأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، وتحذر من أي محاولة لنزع الأمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة أو انتزاع الأراضي الفلسطينية، ستؤدي إلى مزيد من الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة، وتشدد على ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، والانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة

وأشار المحللون إلى غموض موقف القمة فيما يتعلق باشتراطات إسرائيل بنزع سلاح حركة «حماس»، وهي واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل حول مستقبل الحكم في غزة، حيث تصر إسرائيل على القضاء على «حماس»، بوصفها تهديداً عسكرياً، ويرفض قادة الحركة هذا الشرط الإسرائيلي ويعدّونه خطاً أحمر. وأبدت الحركة أيضاً رفضاً كبيراً لأي وجود أجنبي لقوات حفظ سلام أجنبية على الأراضي الفلسطينية.

وتشير صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن إسرائيل بعيدة كل البعد عن الدخول في مناقشات حول حل سياسي نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويعارض أعضاء حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بشدة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، مما يزيد من التكهنات حول رغبة إسرائيل استئناف الحرب.


مقالات ذات صلة

الكرملين: بوتين بعث رسالة تهنئة إلى ترمب بمناسبة عيد الميلاد

أوروبا الرئيس ⁠الروسي ​فلاديمير بوتين (رويترز)

الكرملين: بوتين بعث رسالة تهنئة إلى ترمب بمناسبة عيد الميلاد

الرئيس ⁠الروسي ​فلاديمير بوتين ‌بعث رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ⁠بمناسبة عيد الميلاد، ‌وعبَّر ‍له عن أطيب الأمنيات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
خاص السودان يتصدر قائمة مراقبة الأزمات الإنسانية العالمية للعام الثالث في ظل الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف (رويترز)

خاص عام في السودان... حرب شرعيات ومصالح وخطوط نفوذ

فتحت مبادرة للمملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة نافذة جديدة تراهن على كسر الجمود في السودان الرازح تحت وطأة مجازر وموجات نزوح واسعة.

أحمد يونس (كمبالا)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشارك في مكالمات هاتفية لتتبع بابا نويل عشية عيد الميلاد من منتجع مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)

ترمب يتحدث مع أطفال ليلة عيد الميلاد: نتأكد من عدم تسلل «بابا نويل سيئ» إلى أميركا

تابع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، ليلة عيد الميلاد، أخبار بابا نويل من غرفة معيشته في بالم بيتش بولاية فلوريدا، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)
السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)
TT

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)
السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)

أثارت كلمة لبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل ساكو، خلال قداس عيد الميلاد في بغداد، جدلاً سياسياً واسعاً، بعد استخدامه مفردة «التطبيع»، في بلد يحظر قانونه أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل.

ودفعت ردود الفعل المتباينة مؤسسات دينية وسياسية إلى إصدار توضيحات متتالية، في محاولة لاحتواء الجدل الذي تصاعد على وسائل التواصل الاجتماعي ووصل إلى مطالبات بمحاسبة البطريرك، رغم أنه لم يربط مصطلح «التطبيع» مع إسرائيل أو أي دولة أخرى.

وقالت البطريركية الكلدانية، في بيان صحافي، إن تصريحات ساكو «أُخرجت من سياقها»، موضحةً أن المقصود بـ«التطبيع» هو أن «يطبِّع العالم مع العراق»، بوصفه «بلد الأنبياء ومهد الحضارات»، وليس الدعوة إلى تطبيع العراق مع أي دولة.

كان ساكو قد قال خلال القداس الذي أُقيم في كنيسة مار يوسف للكلدان الكاثوليك في بغداد، بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وعدد من المسؤولين: «هناك كلام عن التطبيع، وأتمنى من الحكومة الجديدة أن يكون التطبيع في العراق ومع العراق بلد الأنبياء»، مضيفاً أن «العالم يجب أن يأتي إلى العراق وليس إلى مكان آخر»، في إشارة إلى أهمية العراق الدينية والحضارية.

مسيحيون عراقيون في قداس ليلة الميلاد بكنيسة «سيدة النجاة» وسط بغداد الأربعاء (أ.ب)

رد السوداني

وردَّ السوداني في كلمة ألقاها خلال القداس نفسه قائلاً إن «كلمة التطبيع غير موجودة في قاموس العراق»، لأنها «ارتبطت بكيان محتل استباح الأرض والإنسان»، مؤكداً أن العراق «لا يحتاج إلى تطبيع بل إلى الأخوة والمحبة والتعايش»، والالتزام «بالواجب الشرعي والقانوني والدستوري».

وفي وقت لاحق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى «محاسبة من يدعو إلى التطبيع كائناً من كان»، دون أن يذكر ساكو بالاسم، ما أسهم في تصاعد الجدل السياسي حول التصريحات.

من جهتها، أصدرت رئاسة التحالف المسيحي، الخميس، بياناً مطولاً أكدت فيه أن خطاب البطريرك «كان دينياً ثقافياً خالصاً» ولم يكن سياسياً، معتبرةً أن تفسيره على أنه دعوة إلى التطبيع مع إسرائيل «قراءة مسيَّسة» لا تعكس المقصود الحقيقي من الكلمة.

وأضاف البيان أن مصطلح «التطبيع» استُخدم بمعناه اللغوي والدستوري، أي «إعادة الشيء إلى طبيعته»، في إشارة إلى دعوة العالم للتعامل مع العراق بما يليق بتاريخه وعمقه الحضاري والديني، ورفض التحالف ما وصفه بـ«الاستثمار السياسي والإعلامي» للجدل أو الزج بالمكون المسيحي في صراعات سياسية.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال قداس عيد الميلاد بكنيسة «مار يوسف» للكلدان في بغداد الأربعاء (رويترز)

واصدرت البطريركية الكلدانية فجر الخميس، توضيحاً جديداً شددت فيه على أن ساكو «يرفض الصهيونية»، وأن حديثه كان عن «تطبيع علاقة العالم مع العراق»، مرفقةً مقطع فيديو سابقاً يؤكد فيه الموقف ذاته.

ويحظر القانون العراقي أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، في قضية تحظى بحساسية سياسية وشعبية عالية، مما يجعل استخدام المصطلح مثار جدل واسع في الخطاب العام، حتى عندما يُستخدم في سياقات دينية أو ثقافية.


الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

السجال الدائر في لبنان حول مصير الانتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار) المقبل، مع ارتفاع منسوب الترويج للتمديد للبرلمان لسنتين، يصطدم بحائط مسدود يتمثل في إصرار رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام على إنجازها في موعدها، احتراماً للاستحقاقات الدستورية، وتأجيل إنجازها، في حال حصوله، يعود لأسباب تقنية، وبحدود شهرين، أو ثلاثة أشهر على الأكثر، لتفادي انقضاء المهل.

رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

فالترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر نيابية محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

وتؤكد المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا جدال في موقف بري من إجراء الانتخابات في موعدها، وأن من يريد التمديد فليتحمل مسؤوليته أمام اللبنانيين، والمجتمع الدولي.

ونقلت عن رئيس البرلمان قوله، في لقاء مسائي جمعه بعدد من النواب، إن ما يُنسب إليه أو للمنتمين إلى كتلته النيابية «ليس صحيحاً»، وأنه يسمع بالتمديد عبر بعض وسائل الإعلام وهو «يتيم الوالدين»، بالمفهوم السياسي للكلمة، و«نحن من جانبنا أوعزنا للمسؤولين عن الملف الانتخابي في حركة (أمل) بتشغيل الماكينة الانتخابية تحضيراً لخوض الانتخابات، وهذا ما حصل».

عون ليس في وارد التمديد

وفي المقابل، فإن ما يُنقل عن بري ينسحب على عون باعتباره الخاسر الأكبر من التمديد للبرلمان مع انقضاء عام ونيف على انتخابه رئيساً للجمهورية، كونه يراهن على دور الشباب لإحداث تغيير لملاقاته في منتصف الطريق لإنقاذ لبنان. وبالتالي فإن عون، كما تقول مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، ليس في وارد تمرير التمديد، وأنن لا شيء يمنع إجراء الانتخابات في موعدها، وليتحمل النواب مسؤوليتهم بالتوصل لتسوية حول قانون الانتخاب تعبّد الطريق أمام إنجازها.

سلام أيضاً

كما ينسحب موقف عون-بري على سلام الذي يراهن على توصُّل النواب لتسوية لإخراج قانون الانتخاب من السجال، مستغرباً، كما ينقل عنه زواره، اتهامه بتأييده الضمني للتمديد الذي يسمح ببقائه على رأس الحكومة بدلاً من اعتبارها مستقيلة حكماً بولادة مجلس نيابي جديد.

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال اجتماع ثنائي يوم الثلاثاء الماضي (الرئاسة اللبنانية)

وفي هذا السياق، يُنقل عن المصادر الوزارية قولها إنه لا عائق أمام الحكومة لإجراء الانتخابات بعد أن أشرفت في أحلك الظروف وأشدها، في ظل الاحتلال الإسرائيلي لعدد من التلال الواقعة في البلدات الحدودية، على إنجاز استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية بعد التمديد لأكثر من ولاية لمجالسها.

الدور الأميركي

وتؤكد المصادر أن الفترة الفاصلة عن إجراء الانتخابات في موعدها قد تكون كافية لتبدّل المشهد العسكري الذي تفرضه إسرائيل بالنار على الجنوب امتداداً إلى البقاع على نحو يعيد الاستقرار بالكامل للبنان من بوابته الجنوبية، وهذا يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة الأميركية للضغط عليها لإلزامها بوقف الأعمال العدائية، مع استعداد لبنان للمضي بتطبيق حصرية السلاح بالانتقال للمرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة، وتشمل المنطقة الممتدة من شمال نهر الليطاني حتى الأوليّ، بعد التأكد من سيطرة الوحدات العسكرية على المنطقة المحررة في جنوب الليطاني بشهادة لجنة الـ«ميكانيزم» المشرفة على تطبيق الاتفاق، ومعها قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل».

المرحلة الثانية من حصرية السلاح

ولفتت إلى أن تأكيد سلام بالتحضير للمرحلة الثانية كان في محله، وقالت إنها تستغرب اتهامه من قبل كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) من دون أن تسمّيه، بأنه يتبرّع مسبقاً للإسراع بتنفيذ ما يرتاح له العدو من خطوات بدلاً من قيام حكومته بإجراء حازم يدفعه لتنفيذ ما عليه، رغم أن حديثه عن التحضير لهذه المرحلة يأتي انسجاماً مع تبنيها للخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتقوم بتطبيق حصرية السلاح على 4 مراحل، ولم يحدد موعداً لبدء تنفيذها لأن تحديده يعود لمجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سيطلعه عليه قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول ما أُنجز في المرحلة الأولى الخاصة بجنوب النهر، وموقف الـ«ميكانيزم» منه.

الحلقة الأضعف؟

وسألت المصادر «حزب الله»، هل من فارق بين ما صرّح به سلام في هذا الخصوص لـ«الشرق الأوسط»، وما قاله ويقوله عون بأن قرار حصرية السلاح اتُّخذ والتطبيق وفقاً للظروف؟ وهل يتعاطى الحزب مع سلام على أنه الحلقة الأضعف؟ وإلا لماذا يتجنّب الرد على رئيس الجمهورية بتكراره لموقفه، وآخره كان في أعقاب الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناسبة حلول عيد الميلاد؟

كما سألت الحزب ما إذا كان يحتفظ لنفسه بعدم الرد على عون، لئلا يرتد سلباً على حواره المتقطع معه، والذي لم يحقق التقدم المطلوب لانخراطه في تطبيق حصرية السلاح في ظل تمسكه به، مع أن ما أعلنه سلام لا ينطوي على خلاف مع رئيس الجمهورية، وأنه اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو يستعد للقاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الجاري؟

رهانات على ترمب

وأكدت المصادر أنه أحسن باختياره التوقيت ليؤكد لترمب أن الحكومة ماضية بتعهّدها بتطبيق حصرية السلاح تنفيذاً للقرار 1701، وأن إسرائيل ما زالت العائق دون انتشار الجيش حتى الحدود الدولية للبنان قبالة المستوطنات.

ورأت أن الحكومة تتطلع لقيام ترمب بالضغط على نتنياهو، ليس لمنعه من توسعة الحرب، وإنما لإحداث تغيير في المشهد العسكري المفروض إسرائيلياً على لبنان، ما يسمح بعودة الاستقرار للجنوب، وهذا ما يحتّم على «حزب الله» التجاوب مع حصريته التزاماً منه بخطاب القسم، وبالبيان الوزاري للحكومة، ومشاركته فيها بوزيرين.

لذلك تراهن الحكومة على تبدُّل الظروف الأمنية على نحو يتيح إجراء الانتخابات في أجواء آمنة لا تدعو للقلق، وإنما في موعدها، آخذة بعين الاعتبار التأجيل التقني لوقف النزاع حول القانون الذي ستجرى على أساسه، ولضمان اقتراع المغتربين استناداً للتفاهم على تسوية تستبعد إحداث الدائرة الـ16 لتمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد، في مقابل صرف النظر عن السماح لهم بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، على أن يؤدي التأجيل التقني لإنجاز الاستحقاق النيابي في الصيف للسماح لهم بالمجيء للبنان لاختيار ممثليهم إلى الندوة النيابية.

وعليه فبمجيئهم في الصيف سيسهمون بتحريك العجلة الاقتصادية. فهل ستسمح الظروف بإجراء الانتخابات مشروطة بتأجيلها تقنياً، أم أن إسرائيل ستقلب الطاولة بتوسعتها الحرب أبعد مما هي عليه الآن؟

وكيف سيرد ترمب، بإسقاط لبنان ذرائع إسرائيل لمواصلة اعتداءاتها، ومعه المجتمع الدولي الذي يتعامل حيال إنجازها على أنها محطة لإحداث تغيير في ميزان القوى للتأكيد على أن نتائجها ما هي إلا ثمرة للتحولات في المنطقة بتراجع محور الممانعة بقيادة إيران، وتقليص نفوذ «حزب الله» في المعادلة السياسية بافتقاده للعدد الأكبر من حلفائه، وبالتالي فإن عدم لجمها سيؤدي لإحراج المجتمع الدولي وعلى رأسه واشنطن بإصرار موفديها إلى لبنان على إجراء الانتخابات بلا أي تأخير؟


الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون ابتعاد «شبح الحرب» الإسرائيلية عن لبنان نتيجة «اتصالاتنا الدبلوماسية»، مؤكداً الاستمرار في قرار «حصرية السلاح»، لكن تطبيقه يتم «وفقاً للظروف».

كلام عون جاء خلال مشاركته وزوجته السيدة الأولى نعمت عون، في قداس عيد الميلاد بمقر البطريركية المارونية في بكركي الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي.

وبعد خلوة جمعته بالبطريرك الراعي، توجّه عون إلى الصحافيين قائلاً: «إن زيارتي اليوم إلى بكركي طبيعية وتقليدية لتقديم التهاني بمناسبة عيد الميلاد إلى غبطة البطريرك. ومن خلالكم، أودّ أن أعايد جميع اللبنانيين، متمنياً أن نشهد في السنة المقبلة ولادة لبنان الجديد: لبنان دولة المؤسسات لا دولة الأحزاب، ولا دولة الطوائف، ولا دولة المذاهب، بل دولة الشفافية والمحاسبة».

وأكد عون أنه «في هذا العيد، هناك جرح نازف في الجنوب، ولم يعد أهلنا إليه بعد، فيما لا يزال أسرانا في السجون الإسرائيلية، ولا تزال هناك اعتداءات آخرها، الخميس، في الجنوب والبقاع. إن شاء الله نشهد ولادة لبنان الجديد، وننتهي من الحروب ونعيش السلام».

تثبيت الاستقرار

وأوضح أن اتصالات لبنان مع الدول المؤثرة لم تتوقف، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وذلك ضمن الحراك الدبلوماسي لتثبيت الاستقرار، في ظل التوترات والانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

وعن عمل لجنة «الميكانيزم» والحديث الإسرائيلي عن تجدد الحرب بعد رأس السنة، أكّد عون أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب. وأستطيع أن أقول لكم إن شبح الحرب بَعُدَ. وبطبيعة الحال، في التفاوض، كل واحد يريد رفع سقفه لكنني متفائل، وإن شاء الله الأمور ذاهبة إلى خواتيم إيجابية».

2000 مرسوم

وتوقف عون عند ما حققه حتى اليوم في موضوعي الإصلاح وحصرية السلاح، وقال: «إذا أردنا قياس الأمور مقارنة مع السنوات السابقة، هناك إنجازات بالتأكيد. ليس هذا هدفنا فحسب، هدفنا أبعد من ذلك، لكننا وضعنا الأمور على السكة الصحيحة. وإذا نظرتم إلى ما حققته الحكومة خلال 10 أشهر من إنجازات، فلقد أحصينا بالأمس توقيع 2000 مرسوم، هناك مراسيم تقع على عاتقنا وأخرى تقع على عاتق مجلس النواب، أليس هذه إنجازات؟ انظروا إلى الأرقام الاقتصادية وإلى فترة العيد وإلى فصل الصيف الماضي، بالطبع ليس ذلك هدفنا الأساسي، لكن إن شاء الله تذهب الأمور إلى تحسن، وأنا متفائل بذلك، لكن لا تتوقعوا أن يتم الأمر خلال سنة».

وتعهّد عون بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل في الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

أطفال يحتفلون بالميلاد في بلدة علما الشعب الحدودية مع إسرائيل جنوب لبنان (أ.ب)

كما أكّد عون تصميمه، وتصميم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلّام، على إجراء الانتخابات في موعدها. وقال: «إن مجلس النواب، وانطلاقاً من مبدأ احترام فصل السلطات، لديه دور يجب أن يضطلع به؛ فليتوجّهوا إلى المجلس وليناقشوا أي قانون يريدون. أما واجبنا فهو تأمين سلامة الانتخابات وشفافيتها، في حين يقرر مجلس النواب القانون الذي تُجرى على أساسه. ونحن مصممون على إجرائها في موعدها، فالانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يُجرى في وقته».

الراعي

وكان الراعي قد قال في عظة الميلاد إن «عيد الميلاد هو يوم البداية الجديدة. يوم نقول فيه: كفى حروباً، كفى انقسامات، كفى خوفاً على المستقبل»، وتابع: «هو يوم نرفع فيه رؤوسنا ونقول: نعم، يمكن للبنان أن يقوم، يمكنه أن يشفى، ويمكنه أن يكون وطن السلام».

وأشار الراعي إلى أنه «في هذا العيد، وبحضور فخامة رئيس الجمهورية، نرفع صلاة صادقة من أجل لبنان، أن يكون هذا الميلاد بداية مرحلة جديدة، مرحلة تُرمَّم فيها الثقة، وتُستعاد فيها هيبة الدولة، وتُصان فيها المؤسسات، ويُعاد فيها الاعتبار للدستور، وللقانون، وللقيم التي قام عليها هذا الوطن».

وشدد الراعي على أن «لبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالأفعال الشجاعة، والقرارات الحكيمة، والإرادة الصادقة في خدمة الخير العام».

وتابع أن ميلاد المسيح «يذكّرنا بأن القوة الحقيقية ليست في الصراع، بل في المصالحة؛ ليست في الغلبة، بل في اللقاء؛ ليست في الانقسام، بل في الوحدة. هذا الوطن، بتنوّعه وغناه الإنساني، مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى ليكون وطن العيش معاً، لا العيش ضدّ بعضنا، وطن الشراكة لا الإقصاء، وطن الرجاء لا الإحباط».