«يكررون ما فعلوه في غزة»... نزوح نصف سكان مخيم نور شمس جراء الاستهداف الإسرائيلي

امرأة فلسطينية مسنة تُمسك بعكازها وتستريح على جانب طريق متضرر في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
امرأة فلسطينية مسنة تُمسك بعكازها وتستريح على جانب طريق متضرر في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

«يكررون ما فعلوه في غزة»... نزوح نصف سكان مخيم نور شمس جراء الاستهداف الإسرائيلي

امرأة فلسطينية مسنة تُمسك بعكازها وتستريح على جانب طريق متضرر في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
امرأة فلسطينية مسنة تُمسك بعكازها وتستريح على جانب طريق متضرر في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

نزحت عشرات العائلات لليوم الثاني على التوالي من مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية، في ظل مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية بالمخيم منذ فجر أول من أمس (الأحد).

وقُتل 3 فلسطينيين أول من أمس (الأحد)، هم امرأتان إحداهما حامل في شهرها الثامن وشاب، خلال العملية العسكرية للاحتلال في مخيم نور شمس، على ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية. وقال جيش الاحتلال إنه فتح تحقيقاً في المسألة.

جنود الاحتال يراقبون الفلسطينيين وهم يغادرون منازلهم بحثاً عن الأمان أثناء مداهمة للجيش في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن أنه بدأ منذ الأحد «عمليات في نور شمس»، مضيفاً أن جنوده «استهدفوا إرهابيين» في المنطقة.

وقال أحمد عزة، من سكان مخيم نور شمس، بينما كان يسير خارجاً من المخيم: «نسمع التفجيرات والضرب والهدم وأصوات الجرافات... إنها مأساة، ما فعلوه في غزة يفعلونه هنا». وروى أحمد أبو زهرة الذي كان يسير مع امرأة في الشارع المبتل بالمطر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «دخل الجيش وأجبرونا على الخروج رغماً عنا بعدما بدأوا بتحطيم المنزل».

وأفاد مصوّر في «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنه شاهد عشرات العائلات تغادر المخيم، وجرافات تقوم بعمليات تجريف واسعة في المخيم، وسط أصوات إطلاق نار وتفجيرات.

جنود الاحتلال الإسرائيلي يراقبون الفلسطينيين وهم يغادرون منازلهم بحثاً عن الأمان أثناء مداهمة للجيش في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

وقال العضو في اللجنة الشعبية للمخيم مراد عليان للوكالة، إن أكثر من نصف سكان المخيم البالغ عددهم 13 ألفاً «غادروه خوفاً على حياتهم». ومخيم نور شمس محاذٍ لطولكرم. ويعيش نحو نصف مليون فلسطيني في هذا المثلث.

ومنذ 21 يناير (كانون الثاني)، تنفّذ قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة في مثلث جنين وطوباس وطولكرم، مستخدمة آليات ثقيلة ومتفجرات لتفجير أبنية. وقالت إنها اعتقلت وقتلت العشرات ودمّرت «بنى تحتية إرهابية».

«أطلقوا النار على مدنيين»

وقال محافظ مدينة طوباس أحمد الأسعد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ما نشهده اليوم لم يسبق له مثيل. إنه شبيه بما قامت به قوات الاحتلال في غزة خلال الأشهر الماضية». وأكّد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية «اليوم لم تستهدف مسلّحين، بل أطلقوا النار في اتجاه مدنيين ونساء وأطفال، وفجروا منازل بهدف الضغط على السكان لتهجيرهم».

وقالت منظمة «بتسيلم» الحقوقية الإسرائيلية في منشور على منصة «إكس»: «تواصل إسرائيل حربها الشاملة على الشعب الفلسطيني. فمنذ بدء وقف إطلاق النار في غزة، والضفة الغربية مشتعلة»، في إشارة إلى بدء العمليات في الضفة الغربية بعد يومين من بدء العمل باتفاق الهدنة في قطاع غزة بين حركة «حماس» وكيان الاحتلال الإسرائيلي في 19 يناير، بعد نحو 15 شهراً من حرب مدمّرة.

ولاحظ محافظ مدينة طولكرم عبد الله كميل، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية «أكثر شدّة من أي فترة سابقة، لأن الهدف سياسي وليس أمنياً». وأضاف: «يتمّ تدمير كلّ شيء. كأن الهدف أيضاً القيام بتغيير ديموغرافي».

واتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أمس (الاثنين)، كيان الاحتلال الإسرائيلي، بـ«تطبيق نسخة الدمار (في غزة) على الضفة الغربية المحتلة».

تخريب للبُنى التحتية

وقال عبد الكريم دلبح (66 عاماً) الذي يعمل في جمعية خيرية بمدينة طولكرم، إنه «لم يمرّ عليه في حياته ما تمرّ به حالياً» منطقة طولكرم والقرى المحيطة. وروى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم مقرّ الجمعية حيث يعمل، والتي تهتم بتقديم لوازم المعوقين وألعاب للأطفال «ومكث فيها 7 أيام، وخرّب كلّ ما في المقرّ». وتابع: «هناك تخريب للبنى التحتية بشكل ممنهج، وهو ما أشاهده لأول مرة في حياتي. لم أرَه حتى حين اجتاح الاحتلال مدينة طولكرم في عام 2000. ما يجري تدمير من أجل التدمير».

أحد أفراد الهلال الأحمر يساعد الفلسطينيين في مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان أثناء مداهمة جيش الاحتلال مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب بقطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قتل ما لا يقل عن 887 فلسطينياً، من بينهم كثير من المقاتلين المسلحين، بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي أو المستوطنين في الضفة الغربية منذ ذلك التاريخ.

كذلك، قُتل ما لا يقل عن 32 إسرائيلياً، بعضهم عسكريون، في هجمات فلسطينية أو مواجهات خلال العمليات الإسرائيلية في المنطقة خلال الفترة نفسها، وفق أرقام إسرائيلية رسمية.


مقالات ذات صلة

فرنسا «تعارض أي شكل من أشكال الضمّ» في غزة

المشرق العربي صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025 بألمانيا تظهر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يتحدث خلال جلسة مؤتمر ميونيخ الأمني ​​الحادي والستين (د.ب.أ)

فرنسا «تعارض أي شكل من أشكال الضمّ» في غزة

قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الجمعة، إن فرنسا «تعارض أي شكل من أشكال الضم» في الضفة الغربية المحتلة أو قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (د.ب.أ)

مسؤول أممي: سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة «جريمة حرب»

دعا مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إسرائيل، الثلاثاء، إلى إجلاء جميع المستوطنين من الضفة الغربية، وتقديم تعويضات عن الاستيطان غير الشرعي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي ارتفاع عدد النازحين بمدينة جنين ومخيمها إلى 21 ألف شخص جراء استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي لليوم الـ56 على التوالي (د.ب.أ)

مسؤول فلسطيني: 25 % من سكان جنين في حالة نزوح

أفاد مسؤول فلسطيني، اليوم الاثنين، بارتفاع عدد النازحين إلى 21 ألف شخص، جراء استمرار عملية الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها، لليوم الـ56 على التوالي.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي أطفال يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني لهم ولذويهم في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 10 مارس (إ.ب.أ)

«اليونيسف» تدعو لمساعدة أطفال غزة والضفة «قبل فوات الأوان»

أكد المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأحد، أن جميع الأطفال بقطاع غزة والضفة الغربية متأثرون بعواقب الصراع بالمنطقة.

المشرق العربي طريق مغلق خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة جنين بالضفة الغربية (إ.ب.أ) play-circle

تشريد 40 ألف فلسطيني جراء هدم منازل بمخيمات شمال الضفة

أفادت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم السبت، بتشريد ما يزيد على 40 ألف مواطن فلسطيني جراء جرائم هدم المنازل واسعة النطاق.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)

شنكر: إدارة ترمب راضية ولا يهمها الآن التطبيع بين لبنان وإسرائيل

مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر (أرشيفية - أ.ب)
مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر (أرشيفية - أ.ب)
TT

شنكر: إدارة ترمب راضية ولا يهمها الآن التطبيع بين لبنان وإسرائيل

مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر (أرشيفية - أ.ب)
مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر (أرشيفية - أ.ب)

بعد أيام قليلة على تأكيد المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن الولايات المتحدة تدعم الرئيس اللبناني جوزيف عون وحكومة الرئيس نواف سلام في سعيهما لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، جاء إطلاق الرشقة الصاروخية، السبت، من لبنان على إسرائيل، كـ«رسالة اعتراض» من قبل مَن لا يهمهم الأمر.

ورغم أن القذائف «مجهولة المصدر» حاول مطلقها استغلال التصعيد الحاصل في غزة واليمن، فقد سبقتها أيضاً «تسريبات» تحدثت عن عدم رضا إدارة ترمب عن أداء المسؤولين اللبنانيين في التعامل مع «حزب الله»، وأنه سيتم الطلب من لبنان التوجه نحو مفاوضات سياسية مباشرة مع إسرائيل. وذلك بهدف خلط الأوراق الداخلية، والضغط على رئاسة عون وحكومة سلام.

إدارة ترمب راضية

ويقول ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق في ولاية ترمب الأولى، إنه على الرغم من التقارير مجهولة المصدر، يبدو أن إدارة ترمب تعتقد أن الجيش اللبناني يُبلي بلاءً حسناً في جهوده لتطبيق القرار 1701 في الجنوب. وأضاف شنكر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ومع ذلك، لا يزال عدد القوات المنتشرة غير كافٍ حالياً. ويمكن بذل المزيد من الجهود أيضاً في تنفيذ التزامات لبنانية أخرى بوقف إطلاق النار شمال الليطاني (أي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 الذي ينص على تجريد أسلحة الميليشيات)». ويضيف: «يبدو، في الواقع، أن الحكومة اللبنانية تُفضل أن تُواصل إسرائيل عملياتها العسكرية ضد (حزب الله) على أن تُجري الحكومة اللبنانية عملياتها بنفسها».

ويرى شنكر أن قوات «اليونيفيل» لا تزال «غير فعّالة كما كانت على الدوام، لكن بشكل عام، أعتقد أن الإدارة مُتفاجِئة بسرور بكيفية سير الأمور».

وعن التقرير الصحافي الذي تداولته وسائل إعلام محلية وعربية، زعم أن مسؤولاً لبنانياً التقى في الدوحة ويتكوف، الذي طلب منه أن يتوجه إلى لبنان لإجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، قال شنكر إنه لم يكن مفيداً بالنظر إلى مسار التطورات على الأرض. وليس من غير المألوف أن يُنكر المسؤولون الأميركيون التقارير الصحافية، خاصة عندما تُقوّض مبادرات سياسية مهمة.

جندي إسرائيلي يقف فوق تلة حدودية في المطلة تشرف على جنوب لبنان (رويترز)

ترسيم الحدود لا التطبيع

ورأى شنكر أن إدارة ترمب تركز على إحراز تقدم في مفاوضات ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وليس على «التطبيع» بين البلدين. هناك نحو 12 نقطة متنازعاً عليها على طول الحدود، لكن مساحة الأراضي المعنية صغيرة نسبياً. ولا ينبغي أن يكون ذلك صعباً نظراً لأن الحكومة في بيروت لم تعد خاضعة لسيطرة «حزب الله».

لكن شنكر يرى أن الجزء الأكثر إثارة للجدل بشأن الحدود هو مزارع شبعا، التي يُفترض أن يكون حلها قد صار سهلاً بعد سقوط نظام الأسد. وقال إن الجميع يعلم أن مزارع شبعا تابعة لسوريا. لكن الأسد لم يعلن ذلك جهاراً لأن إيران و«حزب الله» - سيداه - لم يرغبا في ذلك. الآن (الرئيس) الشرع حر في قول ذلك، وإذا فعل، فسيزول آخر مبرر زائف متبقٍّ لـ«مقاومة حزب الله». ثم إن «حزب الله»، الذي تسبب بالفعل في الكثير من الموت والدمار في لبنان، لن يبقى له أي مبرر للاحتفاظ بـ«جيشه»، وفَرضِ ثقافة الموت، وسيطرته على لبنان، وسياسته التي استمرت لعقود في قتل خصومه السياسيين اللبنانيين.