أعلنت السلطات السورية، السبت، أن شخصاً جرى توقيفه على خلفية انتسابه إلى مجموعات رديفة للقوات النظامية في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، تُوفي في أثناء الاحتجاز، معلنةً فتح تحقيق في «تجاوزات» قامت بها عناصر الأمن.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مدير إدارة الأمن العام في حمص قوله: «قامت دورية... بتوقيف لؤي طلال طيارة الذي كان يعمل ضمن صفوف الدفاع الوطني في مدينة حمص، وذلك لعدم تسوية وضعه القانوني، وحيازته أسلحة غير مصرح بها»، مضيفاً: «وقعت تجاوزات من قِبَل بعض العناصر الأمنية المكلفة بنقله، ما أدَّى إلى وفاته على الفور». وأكد توقيف «جميع العناصر المسؤولة، وإحالتهم إلى القضاء العسكري». وشدد على أن «هذه الحادثة يتم التعامل معها بجدية مطلقة، ولن يكون هناك أي تهاون في محاسبة المسؤولين».
وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن طيّارة قضى جرّاء «ضربة بأداة حادة على رأسه بعد مضي 24 ساعة من توقيفه». وأطاحت فصائل تقودها «هيئة تحرير الشام» بالرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع دخولها دمشق عقب هجوم مباغت بدأته من شمال غربي سوريا قبل ذلك بنحو أسبوعين. وفرّ بشار الأسد إلى روسيا، لينتهي بذلك حكمه الذي استمرّ قرابة ربع قرن، وحكم آل الأسد الذي بدأ مطلع السبعينيات من القرن الماضي مع والده حافظ.
ومنذ تولي الإدارة الجديدة السلطة، نفّذت السلطات الأمنية سلسلة حملات أمنية هدفت إلى ملاحقة «فلول النظام» السابق. وتخللها توقيف المئات ممن لم يسوّوا أوضاعهم مع السلطات الجديدة. في المقابل، أفاد سكان ومنظمات بحصول انتهاكات تتضمّن مصادرة منازل أو إعدامات ميدانية.
«اعتداء على قيم الإنسانية»
وحفلت أعوام حكم الأسد بممارسات مثل الاعتقالات التعسفية والعنف والتعذيب في السجون، ضمن ممارسات هدفت إلى القضاء على أي شكل من أشكال المعارضة. ومنذ وصولها إلى السلطة، تحاول القيادة طمأنة الأقليات خصوصاً الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. والسبت، نقلت «سانا» عن مدير إدارة الأمن العام التزام السلطات «التام بحماية حقوق المواطنين وصون كرامتهم، وأن جميع الإجراءات القانونية ستُتخذ لضمان العدالة والشفافية، وستُعلن نتائج التحقيق فور انتهائه»، مشدداً على أن «أي انتهاك للقانون لن يُسمح به تحت أي ظرف». وشدد المسؤول الذي لم يُذكر اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» على أنه «لا يجوز لأي جهة أو فرد أن يتصرف خارج إطار القانون، ونحن نؤكد أن العدالة ستأخذ مجراها بالكامل، بغض النظر عن هوية الشخص المعني أو انتمائه السابق، وأن حماية المجتمع تتطلّب الالتزام الصارم بالإجراءات القانونية».
إلى ذلك، نقلت مجموعة السلم الأهلي، وهي إحدى مجموعات المجتمع المدني، في بيان، أن عائلة طيّارة أُبلغت بوفاته «جراء أعمال تعذيب من عناصر منفلتة». وأدانت المجموعة «هذه الجريمة»، لافتة إلى أنها «ليست مجرد اعتداء على فرد، وإنما اعتداء على قيم الإنسانية والكرامة والحق في الحياة». وطالبت السلطات بتحمّل «المسؤولية القانونية والأخلاقية» من خلال «تفعيل دور القضاء» و«ضبط العناصر المنفتلة»، و«منع الإفلات من العقاب» و«ضمان الشفافية». وأشار «المرصد» إلى أنه وثّق «مقتل 10 أشخاص في سجون إدارة العمليات العسكرية خلال الفترة من 28 يناير (كانون الثاني) إلى الأول من فبراير (شباط) 2025 من مختلف مناطق ريف حمص، الذين تعرّضوا للاعتقال في حملات أمنية ومداهمات متفرقة».