هل تلبي موسكو طلب إدارة دمشق تسليمها بشار الأسد؟

الإدارة السورية أرادت تمثيلاً بمستوى «الخارجية» و«الدفاع»

لقاء القائد العام للإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في دمشق (أ.ف.ب)
لقاء القائد العام للإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في دمشق (أ.ف.ب)
TT
20

هل تلبي موسكو طلب إدارة دمشق تسليمها بشار الأسد؟

لقاء القائد العام للإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في دمشق (أ.ف.ب)
لقاء القائد العام للإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في دمشق (أ.ف.ب)

بعد نحو 24 ساعة على وصول الوفد الروسي إلى دمشق، برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أعلنت الإدارة الجديدة عن لقاء الوفد مع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني. ورافق الزيارة الأولى من نوعها بعد سقوط نظام بشار الأسد، حالة من «الغموض» رغم الإشارات الإيجابية التي سبق وأرسلها كلا الجانبين والرغبة في تسوية العلاقات بين البلدين.

وعلمت «الشرق الأوسط» في وقت سابق من مصادر قريبة من الإدارة الجديدة، أن الإدارة وخلال التحضير للزيارة طلبت عبر قنوات دبلوماسية أن يكون الوفد على مستوى وزيري الخارجية والدفاع، لبحث «تسوية» العلاقات المشتركة بعد سقوط حليف موسكو بشار الأسد، إلا أن الوفد الذي وصل إلى دمشق كان على مستوى نائب وزير.

وبحسب المصادر «قد يكون مستوى التمثيل أحد أسباب تريث الإدارة في الإعلان عن زيارة الوفد الروسي، واحتمال آخر يتعلق بعدم التوصل إلى اتفاق، لا سيما فيما يتعلق بتسليم بشار الأسد ومساعديه».

وقالت المصادر إن الإدارة الجديدة تبدي «حذراً» في التعاطي مع الجانب الروسي في ظل «استياء شعبي من الدور الروسي الداعم للنظام المخلوع، واستقبال روسيا الرئيس الفار بشار الأسد وعائلته، مع ما سرقه من أموال السوريين» وفق تعبير المصادر، التي رأت أنه يمكن لروسيا لعب دور أساسي في تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا عبر تسليم رموز النظام السابق، إذ إنها الأكثر دراية ومعرفة بهيكلية أجهزة النظام العسكرية والأمنية، ومسؤوليات كبار الضباط فيه.

واستدركت المصادر أن تجاوب روسيا في هذا الملف لن يكون «سهلاً»، وقد يتطلب مفاوضات طويلة قبل التوصل إلى «تسوية» أو «صفقة» في هذا الخصوص، لا سيما أن روسيا تأمل في استئناف نشاطها الاقتصادي، والحفاظ على قاعدتيها العسكريتين في سوريا.

تسليم الأسد

ونقلت وكالة «رويترز» أنه خلال المباحثات بين بوغدانوف والشرع طلب الأخير تسليم الأسد، وانتهت المباحثات إلى الاتفاق على مواصلة المناقشات، وأكد تلك الأنباء الإعلامي القريب من الإدارة محمد الفيصل، الذي قال إن الشرع طلب من الوفد الروسي تسليم بشار الأسد ومساعديه المقربين.

وتجنبت التصريحات الرسمية للجانبين التطرق «صراحة» لطلب تسليم الأسد، حيث قالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن الجانبين السوري والروسي شاركا في مناقشات حول «آليات العدالة الانتقالية التي تهدف إلى ضمان المساءلة، وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الأسد» وأضافت أن «الإدارة السورية الجديدة أكدت على التزامها بالتعامل مع جميع أصحاب المصلحة بطريقة مبدئية لبناء مستقبل لسوريا متجذر في العدالة والكرامة والسيادة».

وبحسب «سانا» شددت الإدارة السورية على أن «استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي، وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه»، وفق المصدر نفسه.

أحد عناصر الفصائل المسلحة يقف بالقرب من صورة للرئيس السوري بشار الأسد في مقر الفرقة الرابعة في دمشق بسوريا في 23 يناير 2025 (رويترز)
أحد عناصر الفصائل المسلحة يقف بالقرب من صورة للرئيس السوري بشار الأسد في مقر الفرقة الرابعة في دمشق بسوريا في 23 يناير 2025 (رويترز)

وجاء ذلك في تغطية «سانا» لزيارة الوفد الروسي بعد 24 ساعة من بدئها، حيث قالت، الأربعاء، إن «وفداً روسياً برئاسة ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للشرق الأوسط، قد زار دمشق والتقى، الثلاثاء، الإدارة السورية الجديدة». وأفادت بأن المباحثات «تركزت على قضايا رئيسية، بما في ذلك احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها». ونقلت عن الجانب الروسي تأكيده دعم موسكو «للتغييرات الإيجابية الجارية حالياً في سوريا». لافتة إلى أن الاجتماع «تناول دور روسيا في إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري، من خلال تدابير ملموسة مثل التعويضات وإعادة الإعمار والتعافي».

في المقابل، لم يأتِ المسؤول الروسي بوغدانوف في مقابلته الخاصة مع قناة «RT العربية» على ذكر طلب الإدارة الجديدة تسليم الأسد، كما لم يتطرق إلى مناقشة ملف «آليات العدالة الانتقالية»، وقال إن اللقاء مع الشرع استغرق أكثر من ثلاث ساعات، تخلله غداء عمل، وشارك فيه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير الصحة ماهر الشرع، بينما ضم الوفد الروسي ممثلين عن مختلف المؤسسات الحكومية الروسية. ووصف المناقشات بأنها كانت «بناءة وعملية»، وركز بوغدانوف على أن الأحداث التي عاشتها سوريا في السنوات الأخيرة، والتغير الذي حصل في قيادة البلاد «لن يبدلا طبيعة العلاقات» بين البلدين، كما أن «روسيا جاهزة دوماً للمساعدة وتقديم العون في استقرار الأوضاع، والوصول إلى حلول مناسبة لمختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية».

ووصل صباح الثلاثاء، إلى العاصمة السورية وفد رفيع من وزارة الخارجية الروسية برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف.


مقالات ذات صلة

مساجد دمشق تغصُّ بالمصلين صبيحة عيد الفطر… والآلاف يملأون الساحات العامة

المشرق العربي صورة جوية تظهر الزوَّار يتجمعون في ساحة المسجد الأموي بدمشق صباح الاثنين أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)

مساجد دمشق تغصُّ بالمصلين صبيحة عيد الفطر… والآلاف يملأون الساحات العامة

غصَّت مساجد دمشق وساحاتها العامة، بآلاف المصلين لصلاة عيد الفطر، في حين أرخت التحذيرات الغربية من أعمال إرهابية، وقلة السيولة، بظلالهما على فرحة الأهالي.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي قوات الأمن السورية في مهمة حراسة الأمن أثناء أداء صلاة عيد الفطر في دمشق... سوريا 31 مارس 2025 (إ.ب.أ)

مقتل عنصرين من «فلول» النظام السابق باشتباك مع دورية حكومية في ريف دمشق

قُتل عنصران من «فلول» النظام السوري السابق في تبادل لإطلاق النار مع دورية حكومية في منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أعلام «الاتحاد الأوروبي» خارج مقر «المفوضية الأوروبية» في بروكسل (رويترز)

الاتحاد الأوروبي مستعد للتعاون مع الحكومة السورية الجديدة

رحّب «الاتحاد الأوروبي»، اليوم الاثنين، بتشكيل حكومة سورية جديدة، وقال إنّه مستعدّ لـ«التعاون» معها.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي سوريون يؤدون صلاة عيد الفطر للمرّة الأولى منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد (إ.ب.أ)

سوريون يحتفلون بـ«الفطر» بعد الإطاحة بالأسد: «العيد عيدان»

في باحة الجامع الأموي في دمشق، كما في ساحة نصب الجندي المجهول القريب من قصر الشعب في منطقة قاسيون، أدى آلاف السوريين صلاة عيد الفطر، للمرّة الأولى بعد الأسد.

«الشرق الأوسط» (دوشق)
المشرق العربي لقطة من الأعلى لحشود المصلين في الساحة العامة لمدينة القصير بريف حمص صبيحة عيد الفطر (فريق سامي التطوعي)

القصير تحتفل بعيد الفطر... من دون «حزب الله»

العيد كان «أعياداً»؛ فرح العيد وفرح النصر وفرح العودة إلى القصير وفرح التنظيم والانضباط، وكلها «نعيشها لأول مرة».

سعاد جرَوس (القصير (سوريا))

مساجد دمشق تغصُّ بالمصلين صبيحة عيد الفطر… والآلاف يملأون الساحات العامة

صورة جوية تظهر الزوَّار يتجمعون في ساحة المسجد الأموي بدمشق صباح الاثنين أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)
صورة جوية تظهر الزوَّار يتجمعون في ساحة المسجد الأموي بدمشق صباح الاثنين أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)
TT
20

مساجد دمشق تغصُّ بالمصلين صبيحة عيد الفطر… والآلاف يملأون الساحات العامة

صورة جوية تظهر الزوَّار يتجمعون في ساحة المسجد الأموي بدمشق صباح الاثنين أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)
صورة جوية تظهر الزوَّار يتجمعون في ساحة المسجد الأموي بدمشق صباح الاثنين أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)

غصَّت مساجد دمشق وساحاتها العامة، بآلاف المصلين خلال صلاة العيد الفطر، صباح الإثنين، في حين أرخت التحذيرات الغربية من أعمال إرهابية خلال أيام العيد، وقلة السيولة، بظلالهما على فرحة أغلبية الأهالي.

لقطة من الجو لمصلين عند «قبر الجندي المجهول» على سفح قاسيون بدمشق في أول عيد بعد سقوط نظام بشار الأسد (رويترز)
لقطة من الجو لمصلين عند «قبر الجندي المجهول» على سفح قاسيون بدمشق في أول عيد بعد سقوط نظام بشار الأسد (رويترز)

ومنذ ساعات ما بعد صلاة الفجر بدأت مكبرات الصوت في المساجد تصدح بتكبيرات العيد، ومع بداية بزوغ الشمس تدفق الآلاف من كبار السن من النساء والرجال والشباب والفتيات والأطفال إلى مساجد العاصمة السورية، وإلى ساحتين عامتين حددتهما وزارة الأوقاف لأداء صلاة العيد، (ساحة الجندي المجهول على سفح جبل قاسيون، وساحة على مدخل مخيم اليرموك جنوب دمشق)، وسط انتشار كثيف لعناصر الأمن العام في الطرق الرئيسية ومداخل الأحياء، في مشهد كان يندر حصوله في زمن نظامي الأسد الأب والابن، حيث كان أغلبية المصلين من كبار السن وتقتصر أداء الصلاة على المساجد.

زيارة قبور الأقارب في المقبرة المتضرّرة بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق (أ.ف.ب)
زيارة قبور الأقارب في المقبرة المتضرّرة بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق (أ.ف.ب)

وبدا لافتاً في ساعات الصبح الأولى ازدحام طريق الزاهرة القديمة المؤدية إلى مخيم اليرموك جنوب دمشق، بالسيارات، وتدفق الآلاف من مناطق جنوب دمشق إلى ساحة كراج انطلاق المحافظات الجنوبية الذي يجري تجهيزه عند مدخل مخيم اليرموك الشمالي، وسط انتشار كثيف لعناصر الأمن العام في محيط الساحة وعلى مدخلها وداخلها، بينما كانت طائرات درون تحلّق فوق حشود آلاف المصلين.

رجل في العقد الرابع من العمر قال لـ«الشرق الأوسط»، بعد أداء صلاة العيد: «عندما كنت أصلي وأمامي الأبنية المهدمة (في مخيم اليرموك)، امتزج شعور الفرح بالغصة، أنني صليت في مكان أريقت فيه دماء كثيرة، وحالياً في المكان ذاته أشعر بالفرح بأننا تحررنا».

زيارة قبور الأقارب في المقبرة المتضرّرة بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق (أ.ف.ب)
زيارة قبور الأقارب في المقبرة المتضرّرة بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق (أ.ف.ب)

أم وليد، التي أدت صلاة العيد في الساحة، أكدت أن أجواء العيد حالياً أفضل بكثير من الأعياد السابقة التي مرَّت خلال حكم آل الأسد. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر وكأنني أحج لله تعالى، حيث الأمن والأمان السائدان يريحان المواطن»، موضحة أنها وقبل سقوط نظام الأسد كانت نادراً ما تذهب للصلاة في المساجد بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت سائدة.

أبو محمود في مقبرة نجها لزيارة قبور ذويه (الشرق الأوسط)
أبو محمود في مقبرة نجها لزيارة قبور ذويه (الشرق الأوسط)

وبدا ارتياح الأهالي لأجواء العيد واضحاً خلال زيارتهم للمقابر؛ إذ لفت الانتباه توجه كبار السن من النساء والرجال والشباب والفتيات والأطفال، لزيارة قبور ذويهم، بعدما كانت الزيارة خلال سنوات الحرب الـ14 تقتصر على كبار السن.

وعبَّر المصلي أبو محمود خلال تواجده في مقبرة نجها بريف دمشق الجنوبي لزيارة قبر أخيه الذي قضى بقصف طائرات الأسد خلال سنوات الحرب، بقوله: «الطامة الكبرى أنني عندما كنت أقوم بزيارة قبر أخي أرى أمامي قاتليه، وهو أمر كان ينغصّ عليّ وعلى كثيرين غيري فرحة العيد، أما الآن فقد ولَّى القتلة دون رجعة بإذن الله، والأمور مريحة جداً».

بدوره، أوضح مصلٍ كبير في السن، أنه كان خلال سنوات الحرب يمنع أولاده الشباب من الذهاب إلى المقابر لزيارة قبور أقاربهم؛ خوفاً عليهم من الاعتقال من قِبل عناصر جيش الأسد وأجهزة استخباراته، سواء لسوقهم إلى التجنيد الإجباري أو كونهم مطلوبين للاحتياط. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أغلبية الشباب كانوا مطلوبين، لكنهم يرفضون القتال إلى جانب المجرم».

توافد الأطفال وذووهم ظهر أول يوم لعيد الفطر إلى ساحة الأمويين وسط دمشق (الشرق الأوسط)
توافد الأطفال وذووهم ظهر أول يوم لعيد الفطر إلى ساحة الأمويين وسط دمشق (الشرق الأوسط)

وحتى ساعات الظهر، بدت حركة السيارات والناس في شوارع أحياء وسط دمشق وساحات العيد ضعيفة، وقد تباينت الآراء حول السبب في ذلك، بين من ردها إلى أن الوقت ما زال مبكراً، وأن الناس تخرج بعد ساعات الظهر، وبين من عزاها إلى مخاوف من حصول تفجيرات إرهابية، خصوصاً أن الإدارة الأميركية وغيرها من حكومات غربية حذَّرت من حصول تفجيرات خلال أيام العيد.

وخلال توافد العشرات من الأطفال والشباب والفتيات إلى ساحة الأمويين وسط دمشق، قال الشاب خالد الحسين لـ«الشرق الأوسط»: «بصراحة كان الاحتفال من دون وجود حكم الأسد وظلمه، مجرد حلم، ولكن الأمر حصل وبارك الله بالثورة والثوار الذين خلصوا الشعب من الطاغية وظلمه، والفرحة بالعيد من دونه كبيرة لا توصف». بينما عبَّرت سيدة عن سرورها؛ لأن هذا العيد هو الأول منذ 8 سنوات الذي تحتفل فيه مع ابنها وابنتها إلى جانبها بعد أن لجئا إلى ألمانيا بسبب الحرب التي شنها الأسد على الشعب.

وبعدما كانت الساحات والأماكن المخصصة لألعاب الأطفال في أحياء وسط العاصمة تغص بالأطفال وذويهم خلال العيد بدا التوافد عليها حتى ساعة الظهر ضعيفاً.

وعبرت سيدة تسكن على أوتوستراد في حي المزة الراقي، وهي أم لثلاثة أطفال عن مخاوف من حصول تفجيرات إرهابية خلال العيد بعد التحذيرات الأميركية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف عن أجواء العيد: «هل هناك أمان؟ هل الوضع يسمح بإرسال الأولاد إلى ساحات العيد؟».