لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

هل اضطر رعد للحديث عن إقصائه وإلغائه؟

كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)
كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)
TT

لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)
كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

توقفت الأوساط السياسية أمام رد فعل «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» على التبدُّل المفاجئ للمزاج النيابي الذي جاء لمصلحة تسمية رئيس «محكمة العدل الدولية»، القاضي نوّاف سلام، لتشكيل الحكومة، بخلاف توقعاته من أن المنافسة ستعيد الرئيس نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «سلام ليس مسؤولاً عن الانقلاب النيابي الأبيض» الذي أبعد سلفه عن الرئاسة الثالثة، وإن «التنافس الديمقراطي هو الذي رجح كفته واختاره لترؤس أولى حكومات العهد العتيد»، وهذا ما ينسحب أيضاً على رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي «احتكم إلى اللعبة الديمقراطية ولم يتدخل في الاستشارات النيابية»، كما نقل عنه النواب الذين شاركوا فيها، وذلك «التزاماً منه بما تعهد به في خطاب القسم بعدم تغليب فريق على آخر، أو إقصاء أي مكون عن المشاركة في الحكومة، في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان وتتطلب من الجميع تضافر الجهود لإنقاذه».

وقالت إن رد فعل «الثنائي الشيعي» جاء على «خلفية شعوره بأن هناك من يخطط للانقضاض سياسياً على دور الطائفة الشيعية، ولتطويقها؛ استكمالاً لما ترتب على الحرب التي شنّتها إسرائيل وكان من نتائجها تدمير البلدات الشيعية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وضرب بنيتها الاقتصادية والتجارية»، ورأت أن «ما أدلى به الرئيس سلام فور تكليفه تشكيل الحكومة من شأنه أن يبدّد مخاوفه بوجود مخطط لإلغاء الشيعة وشطبهم من المعادلة السياسية، على خلفية أن هناك نيّة لضرب الشراكة والعيش المشترك بين اللبنانيين».

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

مخاوف غير مبررة

ولفتت الأوساط السياسية إلى أن ارتفاع منسوب المخاوف؛ الذي عبّر عنه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، لدى مشاركة نواب الكتلة في الاستشارات النيابية، «لم يكن في محله، وهو بالغ في التحذير من وجود مخطط لإقصاء الشيعة، وإن كان يأتي في سياق التنبيه الاستباقي من استهداف الشيعة». وقالت إن من حقه الاعتراض على ما آلت إليه الاستشارات المُلزمة بإيصال سلام إلى رئاسة الحكومة، «لكن لم يكن من داعٍ للحديث بهذه الحدة وبنبرة عالية، وكأنه يطلق تهديداً، لا نرى مبرراً له، يستبق ولادة الحكومة. وكان يتوجب عليه إعطاء فرصة للرئيس المكلف ليكون على بيّنة، ولاختبار مدى استعداده لاستيعاب رد الفعل على نحوٍ يبدد الهواجس ويسقط المخاوف التي عبر عنها (الثنائي الشيعي) في أول رد فعل على ما عدّه، من وجهة نظره، انقلاباً أريدَ منه استبعاد ميقاتي من رئاسة الحكومة».

ورأت أن رئيس الجمهورية، ومعه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، «ليسا في وارد إلغاء الشيعة وإقصائهم عن المشاركة في ورشة النهوض بالبلد»، وأن «الحكم النهائي يبقى متروكاً أولاً وأخيراً للتشكيلة الوزارية التي سيتوصل إليها سلام بالتشاور مع عون، بصرف النظر عمّا آلت إليه الاستشارات النيابية الملزمة، خصوصاً أنها لن تكون محصورة في القوى السياسية التي سمّت سلام لرئاسة الحكومة؛ وبالتالي استبعاد من لم يسمّه».

وأعربت الأوساط عن أملها في أن يؤدي الموقف الذي أعلنه سلام فور تكليفه إلى تنفيس أجواء الاحتقان باستيعاب ردود فعل «الثنائي الشيعي»، وقطع الطريق على تفاعلها شعبياً من جهة؛ وطمأنته بأن الطائفة الشيعية ليست مستهدفة، من جهة ثانية. وقالت إن «مَن يعتقد بوجود نية لتدفيعها سياسياً فاتورة الحرب التي شنّتها إسرائيل على لبنان فهو خاطئ»، وإنه «لا مجال لاستبعاد مكوّن أساسي في البلد من إعادة تكوين السلطة».

ويبقى السؤال: هل يكتفي «الثنائي الشيعي» برد فعله الأولي على الصدمة السياسية التي أصابته باستبعاد ميقاتي من السباق إلى الرئاسة الثالثة، من دون أن يذهب بعيداً في التعامل معها على أنها مؤامرة خُطط لها لضرب النفوذ الشيعي في المعادلة السياسية، وشاركت فيها قوى من الإقليم وأطراف دولية معنية بتوفير الدعم ليستعيد لبنان استقراره وينطلق قدماً للخروج من أزماته المالية والسياسية، وبذلك يكون قد أفسح المجال أمام الحكم والحكومة لطمأنته على أن مكانته في المعادلة السياسية محفوظة، ولن يكون لرد فعله من تداعيات سياسية على مجمل الأوضاع في البلد؟

رئيس البرلمان نبيه بري في بهو القصر الرئاسي بعد اللقاء الثلاثي مع عون وسلام (رويترز)

بري يضبط ردود الفعل

وتعلق الأوساط السياسية على دور مميز لرئيس مجلس النواب، نبيه بري، للسيطرة على الوضع والإمساك بزمام المبادرة وضبط ردود الفعل ومنعها من الذهاب بعيداً إلى نحو يدفع باتجاه إقحام البلد في أزمة سياسية، وتقول إنه منزعج من «الانقلاب الأبيض» الذي دفع بعدد من الكتل النيابية إلى التفلُّت من التزامها في اللحظة الأخيرة بخلاف ما كانت تعهدت به للرئيس ميقاتي.

وتسأل: «هل النواب بإجماعهم على تسمية سلام لتشكيل الحكومة أرادوا تمرير رسالة إلى (الثنائي الشيعي) بأنهم هم من يرجح كفة من يرأس الحكومة»، وذلك رداً على ما يقال من أن «الثنائي الشيعي» هو من رجح كفة إيصال العماد عون إلى رئاسة الجمهورية في دورة الانتخاب الثانية، ومن أن نوابه هم مَن استبعدوا الطعن في دستورية انتخابه بحصوله على تأييد 99 نائباً، أي ما يزيد على ثلثي أعضاء البرلمان وهو المطلوب لتعديل الدستور؟

وعليه؛ لا يمكن تحميل الرئيس المكلف وزر رد فعل «الثنائي الشيعي»، ويُفترض أن يتريث محتفظاً لنفسه بحق الاعتراض في حال حملت التركيبة الوزارية في طياتها نية لإقصائه أو تحجيم دوره، خصوصاً أن العناوين التي ركز عليها الرئيس المكلف في إطلالته الأولى على اللبنانيين تتطابق وخطاب القسم، وتبدّد ما لدى «الثنائي» من هواجس ومخاوف تدعوه إلى القلق، وتتطلب منه التروي وعدم إصدار الأحكام المسبقة قبل التدقيق في التشكيلة الوزارية ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه، وبالتالي ليس مضطراً إلى تلويحه بالتصعيد السياسي ما لم يتأكد من أن هواجسه في محلها، رغم أن مشكلته تكمن في حلفائه الذين انقلبوا على ميقاتي مع بدء الاستشارات الملزمة وغاب معظمهم عن السمع.


مقالات ذات صلة

عون: الجميع متساوون تحت راية العلم اللبناني

المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون (د.ب.أ)

عون: الجميع متساوون تحت راية العلم اللبناني

أكد الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون اليوم (الأربعاء) أن الهدف حاليا يتمثل في العمل على بناء الدولة واستعادة اللبنانيين في الخارج ثقتهم في بلدهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام (رويترز)

لبنان: سلام يحتوي تداعيات مقاطعة «الثنائي الشيعي» الاستشارات بلقاء بري

قاطع الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل»، الأربعاء، الاستشارات النيابية غير الملزمة التي عقدها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نواف سلام، في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني الجديد نواف سلام (رويترز)

«العدل الدولية»: نواف سلام يستقيل من عضوية المحكمة

أعلنت محكمة العدل الدولية اليوم أن القاضي نواف سلام، الذي عُين رئيساً لوزراء لبنان، استقال من عضوية المحكمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت - لاهاي)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)

بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
TT

بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)

دعت بريطانيا إلى إتمام اتفاق بين إسرائيل و«حماس» يقضي بوقف إطلاق النار بقطاع غزة، وإطلاق الأسرى «في أقرب وقت»، مشددة على دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) في توفير المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل وندعو أن نحصل على أخبار سعيدة في أقرب وقت ممكن. وسواء كان الأمر يتعلق بعائلات الرهائن أو بكثير من الناس الذين يعيشون معاناة عميقة في غزة، يأمل الجميع أن نحقق التقدم الذي كنا ننادي به منذ فترة. ونأمل في المرونة».

ويسعى المفاوضون المجتمِعون، الأربعاء، إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية»، وفقاً لقطر، بعد حرب متواصلة منذ أكثر من 15 شهراً سقط فيها آلاف القتلى.

وقبل أيام قليلة من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة؛ من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجَزين في قطاع غزة.

وتحدّث فولكنر، في تصريحه إلى «الشرق الأوسط»، عن انعكاس الاتفاق على الأزمة الإنسانية في القطاع، قائلاً: «من الملح حقاً إتاحة المساعدات التي يحتاجها سكان غزة، وأن تكون المرافق الطبية التي يحتاجونها قادرة على العمل».

وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر (الشرق الأوسط)

وتابع: «لقد كنا واضحين بشأن مدى أهمية دور (أونروا) الحيوي في توفير تلك المساعدات، ومدى صعوبة الاستغناء عنها». وأضاف: «من الواضح أننا ندرك تماماً المواعيد النهائية التي حددتها الجهات المانحة لشهر يناير، والتزامات إسرائيل بصفتها السلطة القوية في قطاع غزة. ويقع على عاتقها ضمان تقديم المساعدات الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني».

وعبّر فولكنر عن أمله في التوصل إلى وقف إطلاق النار، و«أن نكون في وضع أفضل بحلول نهاية الشهر، وأن يكون هناك دعم إنساني كافٍ للشعب الفلسطيني في غزة، وهو أمر سنناقشه عن كثب مع حلفائنا العرب، وكذلك مع جميع الأطراف الأخرى في المنطقة».

وكان المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، قد أكّد في أوسلو أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدة لسكان الأراضي الفلسطينية، رغم الحظر الإسرائيلي لها الذي يدخل حيز التنفيذ في نهاية هذا الشهر.