إسرائيل تتمسك بمواصلة الحرب... و«حماس» تطلب الانسحاب الشامل

مسؤول يحذر من لجوء الحركة لهجمات في الخارج

دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)
دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)
TT

إسرائيل تتمسك بمواصلة الحرب... و«حماس» تطلب الانسحاب الشامل

دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)
دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)

يتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمواصلة الحرب في قطاع غزة حتى بعد صفقة، فيما تطالب حركة «حماس» بالانسحاب الشامل من القطاع في أي صفقة، مما يجعل المفاوضات بشأن صفقة محتملة معقدة قبل وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ورأى القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان أن تجربة التفاوض مع إسرائيل «أثبتت أن الحل الوحيد لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني هو الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، وإجباره على التراجع».

وقال حمدان، في مؤتمر صحافي بالجزائر، الثلاثاء، إن الاحتلال كان يعمل على تعطيل المفاوضات في كل لحظة، مؤكداً أن موقف الحركة واضح في المفاوضات، وأنه يتمثل في وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال. وأضاف: «موقفنا الواضح في المفاوضات هو وقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، وتبادل الأسرى، وإعادة إعمار غزة، دون شروط إسرائيلية».

فلسطينيون ينتظرون دورهم لتعبئة الماء بمخيم للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (د.ب.أ)

وعدّ حمدان أن ترمب كان متسرعاً في القول إنه سيكون هناك «ثمن باهظ» ما لم يطلَق سراح الرهائن بحلول موعد تنصيبه. وقال: «يجب أن يكون (ترمب) أكثر انضباطاً ودبلوماسية ويعمل على وقف الحرب بدلاً من التهديد».

جاءت تصريحات حمدان في حين أكدت إسرائيل أنها لن تنهي الحرب حتى القضاء على «حماس» وإطلاق سراح جميع الرهائن. وقالت وزيرة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية، غيلا غمالئيل، من حزب «الليكود» اليميني الحاكم، إنه لن يكون هناك انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة قبل الحصول على كل المختطفين.

ويعقد مسؤولون من «حماس» وإسرائيل محادثات بوساطة مصر وقطر وسط جهود مكثفة منذ أشهر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. ودعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أوشكت ولايته على الانتهاء، إلى بذل جهد للتوصل إلى اتفاق قبل مغادرته منصبه، وينظر كثيرون في المنطقة حالياً إلى تنصيب ترمب على أنه موعد نهائي غير رسمي لذلك.

ولكن مع اقتراب الموعد، يتبادل الجانبان الاتهامات بالتمسك بشروط عرقلت جميع المحاولات السابقة التي جرت على مدى أكثر من عام للتوصل إلى اتفاق. وكانت إسرائيل أرجات، الاثنين، رحلة رئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي، ديفيد برنياع، إلى قطر في انتظار إجابات من حركة «حماس» بشأن مصير المختطفين في القائمة التي تضم 34 اسماً، والتي كانت قدمتها إسرائيل لـ«حماس» في وقت سابق ووافقت عليها الحركة أخيراً لإطلاق سراحهم.

صورة عبر الأقمار الاصطناعية من «بلانت لابس بي بي سي» بتاريخ 3 يناير 2025 تظهر المباني المدمرة في بيت حانون (أ.ف.ب)

وتثير الخلافات الحالية مخاوف من أن التوصل إلى اتفاق سيكون معقداً قبل وصول ترمب إلى البيت الأبيض، خصوصاً مع إصرار نتنياهو على أنه سيعود للحرب.

ويرفض نتنياهو وقف الحرب في قطاع غزة، ولا يضع خطة لليوم التالي هناك. ويوجد جدل في إسرائيل بشأن ذلك. وكان مسؤولون كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي طالبوا بإيجاد بديل لحكم «حماس» حتى قبل الوصول إلى صفقة؛ لأنه في غياب ذلك، فستفقد إسرائيل «مكاسب الحرب، ولن نحقق أحد أهداف الحرب الأساسية؛ وهو انهيار (حماس)».

وتتفق هذه الرؤية مع موقف كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي و«جهاز الأمن العام (الشاباك)»، الذين يعتقدون أنه على الرغم من تدمير قدرات «حماس» العسكرية بشكل شبه كامل، فإن قدراتها في إدارة القطاع لا تزال قائمة. لكن مصدراً سياسياً أكد أن نتنياهو سيعود للحرب بعد أي صفقة، وأنه لا يقبل التعامل مع أمر واقع يُبقي «حماس» في غزة، ولذلك فإنه يعتقد أنه «لا يمكن تنفيذ الخطط الخاصة بـ(اليوم التالي) في غزة حتى يتم تدمير الحركة بالكامل». وعاد المصدر وأكد أن «السياسة التي يقودها رئيس الحكومة في غزة هي أنه في جميع الحالات لا يمكن لـ(حماس) أو السلطة الفلسطينية أن تسيطر على غزة أو على توزيع المساعدات الإنسانية. لذلك، يجري فحص بدائل مختلفة في هذا السياق».

فلسطينية تخبز داخل خيمتها في دير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (د.ب.أ)

وإصرار نتنياهو على العودة إلى القتال بعد الصفقة من العقبات التي تعرقل الوصول إلى اتفاق، إلى جانب قضية الأسماء الـ34، والانسحاب، ومصير الأسرى الفلسطينيين.

وفي تطور لافت، دعا ناتان إيشيل، أحد مساعدي نتنياهو، إلى وقف فوري للقتال في غزة، قائلاً إن استمرار القتال «غير ضروري» و«لا يجلب رهائن أو إنجازات عسكرية»، وإنه «يحصد خسائر فادحة في أرواح الجنود، وجرحى».

وقدم إيشيل في مراسلات خاصة نشرت الصحف الإسرائيلية مقاطع منها، استراتيجية بديلة تعتمد على الحصار وإخضاع المساعدات الإنسانية للرقابة، إلى جانب توفير خيار الخروج للسكان الذين يرغبون في ذلك. وقال إيشيل: «من لا يريد أن يعيش ولا يخرج بطريقة منظمة ومنضبطة، إما يموت برصاصة جندي إسرائيلي وإما يموت جوعاً... هذه الطريقة أثبتت فاعليتها عبر التاريخ».

وفي إشارة إلى السياسة الأميركية، زعم إيشيل أن إدارة بايدن ليست مهتمة بالتوصل إلى اتفاق كامل في غزة، بل بالحفاظ على قدرتها في التلاعب بإسرائيل. واقترح الانتظار أسبوعين آخرين حتى دخول إدارة ترمب البيت الأبيض، ومن ثم تنفيذ الاستراتيجية المقترحة. ووفقاً له؛ فإن مثل هذه الخطوة «جيدة لإسرائيل وجيدة لمواطني غزة الذين لا يشاركون والذين لديهم أرواح». لكن نتنياهو ومكتبه لم يردا فوراً على دعوة إيشيل.

خلال ذلك يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته في قطاع غزة على كل المحاور تقريباً، مؤكداً أنه سيستمر في ذلك حتى «القضاء على حماس». لكن مسؤول إسرائيلي كبير حذر (الثلاثاء) في حديث مع موقع «واي نت» بأن «(حماس) تشعر بالإحباط من الوضع وتبحث عن إنجازات في أماكن أخرى». وقال المسؤول إن «(حماس) تضغط من أجل تنفيذ هجمات ضد أهداف خارج حدود البلاد». ووفقه؛ فإن هناك قلقاً متنامياً في إسرائيل بشأن محاولات «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في الخارج.

وقال الموقع إنه خلال الحرب التي طال أمدها في قطاع غزة، أُحبطَ كثير من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية في جميع أنحاء العالم. وأضاف: «تسعى المنظمات التي تستلهم إيران إلى الإضرار بالأفراد والسفارات والأهداف اليهودية الأخرى».


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: التوصل لاتفاق في غزة «ممكن» لكنه يحتاج للكثير من العمل الجاد

المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار الناجمة عن غارة جوية إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

البيت الأبيض: التوصل لاتفاق في غزة «ممكن» لكنه يحتاج للكثير من العمل الجاد

أعرب البيت الأبيض، الجمعة، عن اعتقاده أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة «أمر ممكن»، لكنه لن يحدث دون قدر كبير من العمل الجاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

رغم تسريبات عن «شروط جديدة» فإن عدة مؤشرات تشي بأن الاتجاه نحو «صفقة» في قطاع غزة يزداد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

تحليل إخباري مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

وسط حديث يتصاعد عن خطط «لليوم التالي» في غزة، جددت مصر رفضها وجود قوات أجنبية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (أ.ب)

«النواب» الأميركي يعاقب «الجنائية الدولية» بسبب إسرائيل

صوّت مجلس النواب الأميركي على فرض عقوبات على «المحكمة الجنائية الدولية»؛ احتجاجاً على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)

كاتس طلب من الجيش خطة «هزيمة كاملة» لـ«حماس»

طلب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجمعة، من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة في أسرع وقت ممكن لإلحاق هزيمة كاملة بحركة «حماس» في قطاع غزة.

كفاح زبون (رام الله)

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

TT

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

باشر رئيس الجمهورية اللبناني الجديد، جوزيف عون، مهامه بإعلان موعد سريع للاستشارات النيابية التي يختار من خلالها النواب اسم الرئيس المُكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار مجلس الوزراء في عملية تصريف الأعمال، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

وأعلن مكتب رئاسة الجمهورية عن مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك طوال يوم الاثنين المقبل، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة والنصف مساءً.

وكان ميقاتي قد التقى رئيس الجمهورية، صباح الجمعة، في القصر الرئاسي؛ حيث كان قد بحث في العمل الذي تحقق الفترة الماضية، وفي التحديات الموجودة، وعن خطاب القسم الذي حدد التوجهات لأي حكومة جديدة، وفق ما قال بعد اللقاء، متمنياً أن يكون عهد عون «عهد نجاح وبحبوحة وازدهار للبنان».

ولفت ميقاتي إلى أنه خلال سنتين وشهرين، منذ انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، عقدت 60 جلسة لمجلس الوزراء، وصدر خلالها أكثر من 1211 قراراً، كما صدر أكثر من 3700 مرسوم، مشيراً إلى أن «كل الأمور التي قمنا بها كانت بهدف الإبقاء على عجلة الدولة، وتسيير أمورها، وأعتقد أن الجميع شهدوا أننا استطعنا تمرير هذه المرحلة، وحافظنا على استمرارية الدولة، وبشكل خاص من خلال العمود الفقري للدولة وهو الجيش بقيادة العماد جوزيف عون، وبالتعاون الذي حصل بيننا وبينه».

وقال إنه تم أيضاً بحث «التحديات الموجودة، وخطاب القسم الذي حدد التوجهات لأي حكومة جديدة، من أجل تنفيذ ما ورد فيه عبر الخطوات الدستورية اللازمة. كما تحدّثنا عن الوضع في الجنوب، وضرورة إتمام الانسحاب الإسرائيلي السريع والكامل، وإعادة بسط الاستقرار في الجنوب، ووقف الخروقات الإسرائيلية على لبنان».

وعن العناوين التي تحدّث عنها الرئيس عون، والحكومة التي يمكنها ترجمة هذه العناوين، قال ميقاتي: «الخطوط العريضة التي حددها فخامة الرئيس مهمة جداً، والنية موجودة لدى قيادة هذا البلد، وكثير من العناوين التي حددها فخامة الرئيس يمكن أن تُنجز سريعاً من خلال حكومة نشطة تواكب توجه فخامته».

وعن قول الرئيس بحصرية السلاح في يد الدولة، والقرار «1701»، سأل: «هل ننتظر من رئيس البلاد أن يقول إن السلاح مشرّع للجميع؟ هل ننتظر من حكومة جديدة أن تقول إن السلاح مشرّع بيد جميع المواطنين؟ نحن اليوم أمام مرحلة جديدة تبدأ من جنوب لبنان وجنوب الليطاني بالذات، من أجل سحب السلاح، وأن تكون الدولة موجودة على كل الأراضي اللبنانية، وأن يكون الاستقرار بدءاً من الجنوب».

وردّاً على سؤال عن الحكومة التي يحتاج إليها لبنان، وهل سيكون رئيس الحكومة المقبل أجاب: «الرئيس الذي سيُكلف بتشكيل الحكومة هو الذي سيرد على هذه الأسئلة. ولكن من دون شك، فإن الحكومة يجب أن تكون قادرة على ترجمة التوجه الذي تحدّث عنه فخامة الرئيس. نحن أمام ورشة عمل جديدة تقتضي من الجميع التعاون للقيام بعمل جدّي من أجل إنقاذ الوطن».

وعن موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، الذي أعلن عن عدم الاتجاه لتسميته لرئاسة الحكومة المقبلة قال ميقاتي: «نحن نقدر كل الآراء والمواقف السياسية، ولكل إنسان حرية قول ما يريد، وفي النهاية فإن الإجراءات الدستورية ستأخذ مجراها».