زخم خارجي… وحراك داخلي لإنقاذ جلسة انتخاب الرئيس اللبناني الخميس

بري يتحدث عن «عراقيل دستورية وإجرائية» تمنع انتخاب عون… وجعجع مستعد للنظر بإمعان في التصويت له

الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)
الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)
TT

زخم خارجي… وحراك داخلي لإنقاذ جلسة انتخاب الرئيس اللبناني الخميس

الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)
الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)

يكتنف الغموض مصير الجلسة البرلمانية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يوم الخميس المقبل، بسبب عدم وصول القوى السياسية إلى توافق على اسم الرئيس المقبل، رغم تزخيم الحراك الدولي الذي عبر عنه الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في جولاته على المسؤولين اللبنانيين ولقاءاته مع النواب، كما مع وصول المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان للمشاركة في الجلسة، بالإضافة إلى دعوات من القيادات الدينية للنواب، لحضهم على انتخاب الرئيس «من دون إبطاء».

ولا تزال العقدة الأساس كامنة في رفض «الثنائي الشيعي»، أي حركة «أمل» و«حزب الله»، التصويت لقائد الجيش العماد جوزف عون، من خلال إعلان الحزب تمسكه بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، كما من خلال مواقف مباشرة لبري رددها أمام هوكستين تحدث فيها عن «سلسلة موانع» تحول دون انتخابه؛ من بينها عدم وجود أصوات كافية للتعديل الدستوري في البرلمان، كما عدم وجود قدرة على تعديل الدستور من قبل النواب (بسبب انتهاء العقد العادي للبرلمان)، وحاجتهم لمشروع قانون من الحكومة التي هي حكومة تصريف أعمال، ولا تستطيع أن تقدمه في غياب رئيس للجمهورية.

وقالت مصادر قريبة من بري لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة مساعي جادة لإنجاح جلسة الانتخاب، مؤكدة أن بري يريد إنجاز الانتخابات، سواء يوم الخميس أو الجمعة أو السبت، مشيرة إلى أن بري أبلغ الذين فاتحوه بإمكانية انتخاب عون، وبأن هناك موانع دستورية وإجرائية، وأن ثمة مرشحين آخرين يمكن أن يتم التفاهم عليهم ويتمتعون بالمواصفات اللازمة.

ورسمياً، جدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعوته، الثلاثاء، إلى عقد جلسة عامة للمجلس، في تمام الساعة 11:00 من قبل ظهر يوم الخميس 9 يناير (كانون الثاني)، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام. وتأتي هذه الدعوة مع استمرار أزمة شغور منصب الرئيس في لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وفشل البرلمان مرات عدة في انتخاب رئيس جديد، بينما تواجه البلاد عدة تحديات، منها تثبيت وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

وكرر عضو كتلة «حزب الله» النائب حسين الحاج حسن، أن «مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية هو سليمان فرنجية»، موضحاً أن «المناقشات حول هذا الموضوع مستمرة داخل الكتل النيابية المختلفة، لا سيما مع (كتلة الوفاء للمقاومة) و(كتلة التنمية والتحرير) برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري». وأضاف في حديث إلى إذاعة «سبوتنيك»: «في الأيام المقبلة، ستتبلور الأمور بشكل أكبر بناء على الاتصالات والنقاشات الجارية»، مشيراً إلى أن «موقف الحزب سيتم الإعلان عنه في الوقت المناسب». وفي سياق الانتخابات الرئاسية، شدد الحاج حسن على أن «هذا الاستحقاق هو (شأن وطني سيادي لبناني)»، مشدداً على أن «الذين ينتخبون هم نواب لبنانيون يمثلون الشعب اللبناني». وأعرب عن «احترامه لآراء الأصدقاء والشركاء ورغبتهم في مساعدة لبنان»، مؤكداً أن «القرار يبقى داخلياً وسيادياً». ورأى أن «الانتخابات عمل حر»، مؤكداً أن «كل كتلة تأخذ قرارها بناء على قناعاتها». وعدّ «الاتهامات بالتعطيل ليست في محلها»، موضحاً أنه «لا داعي للاتهامات»، لأنه «لماذا يسمى هذا انتخاباً إذا كان يتم فرض رأي واحد؟». وأشار إلى أنه «في حال عدم حصول أي مرشح على 65 أو 86 صوتاً، فإن الجميع معني بالحوار للتوصل إلى توافق حول مرشح معين، مع احترامنا لجميع المرشحين». ولفت إلى أن «كتلة (حزب الله) ليست الوحيدة المعنية بالحوار أو بتأمين النصاب»، وقال إن «النقاش حول أسماء أخرى ما زال جارياً مع حلفاء الحزب. نحن لسنا الوحيدين الذين نستطيع أن نقرر وحدنا، والقرار هو قرار الجميع». وفيما يتعلق بتفسير بعض المواد الدستورية، انتقد الحاج حسن ما وصفه بـ«المبالغة» في تفسير الدستور، «خصوصاً فيما يتعلق باعتماد 65 صوتاً في حال عدم الحصول على 86». وأكد أن «الدستور اللبناني» هو الأساس، مشدداً على أنه «يجب على أي رئيس منتخب أن يحظى بأوسع مدى من التفاهم الوطني ليتمكن من الحكم، خصوصاً في هذه الظروف».

رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)

جعجع: الممانعة كاذبة

وهاجم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فريق «الممانعة»، قائلاً في بيان أصدره: «إن لم تستحِ، فقل ما شئت»، وأضاف: «يعرف القاصي والداني ومنذ أشهر طويلة لا بل منذ سنوات، أن جماعة الممانعة لا يقبلون بأي شكل من الأشكال بالعماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، وقد كان ذلك واضحاً وجلياً إن في التسريبات الصحافية، أو من خلال ما كان يدور في الاجتماعات السياسية المغلقة مع القوى والكتل، أو عبر ما دار ويدور مع الموفدين الدوليين، كما كان جلياً منذ أشهر؛ لا بل منذ سنوات، أن القوات اللبنانية على علاقة طيبة بالعماد جوزف عون، وعندما طُرح اسمه مرشحاً رئاسياً كانت (القوات) أول من عدّته من بين المرشحين الجديين، ولم تضع أي (فيتو) على اسمه في أي لحظة من اللحظات بانتظار مزيد من المداولات».

وأكد أنه «في الأسابيع الأخيرة، أصبح واضحاً وجلياً أن جماعة الممانعة مع التيار الوطني الحر يرفضون العماد جوزف عون في رئاسة الجمهورية، وبالتالي أسقطوا ترشيحه تلقائياً، لأنهم بعضهم مع بعض يستطيعون جمع ثلث معطل يقطع الطريق على ترشيحه».

وإذ وصف جعجع «فريق الممانعة» بأنه «فريق كاذب»، قال: «في الأحوال كافة، إذا بدّل فريق الممانعة في رأيه وبشكل علني وواضح، بإعلانه رسمياً ترشيح العماد جوزف عون، فنحن مستعدون للنظر بإمعان في هذا الأمر».

خطة المعارضة «موحدة»

وأكد النائب عن حزب «القوات اللبنانية» جورج عقيص في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مع نواب المعارضة والتغييريين، أن «موقفنا موحد نحن والمعارضة، إن على الصعيد الاستراتيجي أو على الصعيد التكتيكي، والهدف من اللقاء مع المعارضة ترسيخ الخطة للذهاب إلى جلسة 9 يناير (كانون الثاني)»، معرباً عن أملهم في انتخاب رئيس يكون على مستوى المرحلة المقبلة.

وأضاف: «استعرضنا سيناريوهات عديدة وسنبلورها بعضنا مع بعض ومع الكتل الأخرى. والأسماء التي تطرح على الإعلام يتم التباحث فيها على الطاولة وكل السيناريوهات مطروحة».

ويجري اختيار الرئيس اللبناني من خلال تصويت في البرلمان الذي يتألف من 128 مقعداً. وليس لدى أي تحالف سياسي بمفرده ما يكفي من المقاعد لفرض اختياره، ما يعني ضرورة التوصل إلى تفاهم بين الكتل المتنافسة من أجل انتخاب مرشح.

وأكد عقيص أن «المعارضة لها مقاربة واحدة وستكون بالمرصاد لكل من يحاول إعادة انتخاب رئيس كما جرت العادة في السابق».

وفيما يتعلق بموقف المعارضة من قائد الجيش جوزف عون، أشار إلى أن «فريق الممانعة يمنع وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة منذ طرح اسمه». وقال: «بحال كان العماد عون يمثل وفاقاً وطنياً لن نعرقل هذا الأمر، بل على العكس واجتماعاتنا مفتوحة ونرى من عنده حظوظاً أكثر».

ويتوافق السياسيون اللبنانيون حالياً على تفسير يقول إن الدستور اللبناني يؤكد ضرورة حضور نصاب من 86 نائباً من أجل التصويت للرئيس، على أن ينال 65 صوتاً ليُعدّ رابحاً من الدورة الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الدورة الثانية.

وردّاً على سؤال عن إمكانية تطيير النصاب في الجلسة، نفى عقيص هذا الموضوع، وأجاب: «نحضر أنفسنا كأن الجلسة حاصلة وكل ما نريده الوصول إلى المسلمات التي نريدها».

ودعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في تصريح، النواب، إلى «القيام بواجبهم الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية في 9 الشهر الحالي»، وحثهم على «التوافق فيما بينهم لانتخاب رئيس ينقذ لبنان من التخبط الذي يعيشه كي لا يغرق الوطن في مزيد من الفوضى». وحذر من «أي عرقلة تحول دون التوصل إلى انتخاب الرئيس مما يتسبب في استمرار الشغور الرئاسي الذي يعطي العدو الصهيوني فرصة لاستغلال الخلافات السياسية لضرب وحدة اللبنانيين وتضامنهم ويعرض البلاد إلى الانهيار». وأكد أن «تحصين الوحدة اللبنانية هو بانتخاب رئيس للجمهورية لتجنيب لبنان الفتن التي يستفيد منها المتربصون بلبنان شراً». ووصف المفتي دريان الجهود والمساعي «التي تقوم بها الدول العربية والصديقة بـ(البناءة)، التي تعطي الأمل بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتفعيل عمل مؤسسات الدولة وإعادة بناء لبنان من جديد».

كما ناشد مجلس إدارة المجلس المذهبي الدرزي «مجلس النواب حسم الأمر بانتخاب رئيس للجمهورية، للحد من التراجع في المسار الوطني وتعثر قيام السلطة الإجرائية والخلل المؤسساتي الذي كان من أحد أهم أسبابه الشغور الحاصل في الموقع الأول وفي مواقع مؤسساتية وإدارية حساسة، ويدعو المجلس المسؤولين والنواب إلى وعي تبعات الانقسامات السياسية وخطر إهدار فرص بناء الدولة وإحياء مؤسساتها».


مقالات ذات صلة

جوزف عون يقترب من القصر بدعم داخلي ودولي

المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ب)

جوزف عون يقترب من القصر بدعم داخلي ودولي

اقترب قائد الجيش اللبناني جوزف عون من قصر بعبدا الرئاسي، عشية جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب الرئيس، ما يفتح الباب لإنهاء الشغور الرئاسي الذي استمر 26 شهراً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

بلينكن يأمل في «سلام مستدام» بلبنان

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الأربعاء)، عن أمله بـ«سلام مستدام» في لبنان مع بدء الجيش الإسرائيلي الانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزف عون (رويترز)

المسار الدستوري لانتخاب عون رئيساً للبنان

في الوقت الذي يتصدر فيه قائد الجيش العماد جوزف عون السباق الرئاسي راهناً، تخرج أصوات تنبه إلى أن انتخابه سيكون غير دستوري.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صندوق الاقتراع في مجلس النواب اللبناني قبل يوم من جلسة انتخاب الرئيس (إ.ب.أ)

قصر بعبدا أنجز استعداداته لاستقبال الرئيس اللبناني الجديد

أنجزت دوائر قصر بعبدا استعداداتها الإدارية واللوجيستية وحتى الأمنية لاستقبال رئيس الجمهورية الجديد

يوسف دياب (بيروت)

عون يقترب من القصر بدعم دولي وتوافق داخلي

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ب)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ب)
TT

عون يقترب من القصر بدعم دولي وتوافق داخلي

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ب)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ب)

اقترب قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون من القصر الرئاسي، حيث حظي ترشيحه لمنصب الرئاسة بـ«زخم دولي وتوافق داخلي»، استمرّت تداعياته طوال أمس، وانتهت إلى تأييد أكثر من 80 نائباً من كتل مختلفة، أضيف إليهم المرشح المدعوم من «حزب الله»، سليمان فرنجية، الذي أعلن انسحابه من السباق الانتخابي لمصلحة عون.

لكن هذه الأصوات لا تكفي لتعديل الدستور لتشريع انتخابه؛ لأن الدستور يمنع انتخاب الموظفين الكبار إلا بعد سنتين من استقالتهم، ما يبقي الانتخاب معلقاً على تصويت نواب «الثنائي الشيعي» («حركة أمل» و«حزب الله») وحلفائهما (نحو 31 صوتاً)، أو «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل (13 صوتاً)، بما يؤمن الـ86 صوتاً اللازمة لتعديل الدستور. وشهدت بيروت حركة لافتة شارك في قسم منها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان، الذي جال على كل القوى السياسية اللبنانية بما فيها «حزب الله»، مجاهراً بدعم اللجنة الخماسية بشأن لبنان لوصول عون باعتباره «الخيار الأمثل للبنان».

وتعقد جلسة الانتخاب في الساعة الـ11 من صباح اليوم الخميس، ويحضرها لو دريان، كما تشهد مشاركة سفراء دول أجنبية وعربية.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبدى تفاؤلاً كبيراً، قائلاً: «للمرة الأولى، منذ الفراغ في سدة الرئاسة، أشعر بالسرور؛ لأننا بإذن الله سيكون لدينا غداً رئيس جديد للجمهورية».