«الثأر» وراء عمليات تستغل الفراغ القانوني في سوريا

ملاحقة عناصر النظام السابق في حمص وريف دمشق... والأهالي متخوفون

سكان حي في حمص خلال قيام قوات أمنية بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)
سكان حي في حمص خلال قيام قوات أمنية بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)
TT

«الثأر» وراء عمليات تستغل الفراغ القانوني في سوريا

سكان حي في حمص خلال قيام قوات أمنية بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)
سكان حي في حمص خلال قيام قوات أمنية بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

شنّت إدارة العمليات العسكرية حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من العناصر في قوات النظام السابق بريف دمشق الغربي؛ إضافة إلى الحملة الأمنية الجارية منذ أيام في محافظة حمص. كما اقتحمت مجموعة مجهولة منزلاً يعود للمغنِّي الشعبي بهاء اليوسف. في حين قال مصدر، لـ«الشرق الأوسط»، في مدينة حمص، إن «الثأر الشخصي» وراء عدد من الحوادث غير المنسوبة لجهة واضحة.

وشنت إدارة العمليات العسكرية حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من العناصر السابقين في قوات النظام السابق، في قرى وبلدات الزريقة، وجب الصفا، وعين السودة، وشقحب بريف دمشق الغربي. ووفقاً للمصادر، جاءت الحملة، بالتزامن مع إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة. وشهدت المنطقة استنفاراً أمنياً مكثفاً، خلال الساعات الماضية، وسط مخاوف السكان من تصعيد الإجراءات الأمنية، خاصة مع ازدياد حالات الاعتقال والتوتر الأمني في المناطق التي تضم عناصر أو عائلات تُتهم بالارتباط بالنظام السابق.

أحد أفراد قوات الأمن الجديدة أمام دبابة خلال عملية اعتقال مُوالين للرئيس المخلوع بشار الأسد في حمص (أ.ب)

في شأن متصل، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقريره، اليوم الأحد، إلى أن الحملة الأمنية التي أطلقتها إدارة العمليات العسكرية ووزارة الداخلية في دمشق، تتواصل لتوقيف المطلوبين في ريف حمص الشرقي، لليوم الثاني على التوالي. وبلغ عدد الموقوفين ما يقرب من 500 شخص؛ بينهم ضباط وعناصر ممن أجروا التسوية سابقاً، وسط ارتكاب انتهاكات من قِبل بعض العناصر أثناء الاعتقال، وتعذيب الموقوفين أثناء الاقتياد إلى المراكز الأمنية.

ونقل التقرير أن نحو 9 آلاف عنصر وضابط من قوات النظام، بينهم نحو 2000 فروا إلى العراق بعد انهيار النظام، في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كانوا ينتشرون في نقاط ضمن بادية حمص ودير الزور والحسكة، أعادتهم لاحقاً بالتنسيق بين الحكومة العراقية وإدارة العمليات العسكرية السورية. أما البقية فقد جرى اعتقالهم على حواجز أو خلال مداهمات، ونُقلوا إلى السجون، مثل سجن عدرا وسجن حماة المركزي وسجن حارم بريف إدلب.

وتحدَّث «المرصد» عن شريط مصوَّر يُظهر تعذيب أحد المعتقلين، يُدعى حازم علي العجي، من قرية عين الكروم بريف حماة الغربي، كان متطوعاً في قوات النظام السابق، وكان ضمن مجموعة من العناصر الفارين من بادية دير الزور باتجاه العراق، وأنه بعد إعادتهم إلى سوريا صودرت هواتفهم المحمولة، ولم تعد لديهم وسيلة تواصل مع ذويهم.

رجل يجلس تحت برج الساعة القديم في حي الحميدية بمدينة حمص السبت (أ.ف.ب)

في هذه الأثناء، قال مصدر من سكان حمص من الطائفة العلوية، لـ«الشرق الأوسط»، متحفظاً عن نشر اسمه لأسبابٍ لها علاقة بسلامته الشخصية، إن «التوتر يسود حمص وهو واضح للعيان، لكنه ليس بالسوء الذي ينقل إلى الإعلام»، موضحاً أن المداهمات هي في الحد العادي المتوقع في هذا الظرف. وشدد على أن عمليات القتل التي تحصل «طابعها ثأري»؛ أي علاقة بين القاتل والمقتول، «واستغلال للوقت الضائع الآن في ظل غياب القانون، وأنه يمكن لأي شخص أن يأخذ حقه بيده».

وتابع المصدر أن أجواء الخوف والتوتر الشديد وتضخيم التفاصيل أثناء تناقلها، تُربك الأهالي الذين لم يعودوا يعرفون أي النسخ هي الصحيحة. واستشهد بحادث مقتل عائلة المغني يوسف، الذي تعددت فيه تفاصيل روايات القتل.

اعتقال مشتبه بانتمائهم لميليشيات النظام السابق في حمص 3 يناير (أ.ب)

وكان «المرصد السوري» قد تحدَّث عن اقتحام مجموعة مجهولة منزلاً يعود للمغني بهاء اليوسف، في حي جب الجندلي بمدينة حمص، فجر الأحد، وأسفر الاقتحام عن مقتل سيدتين من أفراد عائلته، وإصابة شاب بجروح خطيرة. ووفق المرصد، عُرف المغني بهاء اليوسف بأغانيه المؤيدة للنظام السابق، خلال السنوات الماضية. وقد علَّق على حادثة القتل في بيته، عبر وسائل التواصل، بقوله: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون. تعرضت عائلتي لجريمة مروِّعة. نساء مدنيات وشاب يافع لا ذنب لهم، لم أحمل سلاحاً، ولم أؤذِ أحداً، ومع ذلك كنت أتلقى تهديدات متكررة عبر السوشال ميديا».

الحادثة أثارت الغضب بين الأهالي الذين طالبوا الجهات المختصة بفتح تحقيق عاجل؛ لمعرفة ملابسات الهجوم ومحاسبة المتورطين ومعرفة دوافع الجريمة.

ووفقاً لتوثيقات «المرصد السوري»، فقد سجلت 63 جريمة قتل منذ انهيار النظام، في الساحل ومحافظتي حمص وحماة، شملت إعدامات ميدانية أودت بحياة 116 شخصاً؛ بينهم نساء وأطفال.


مقالات ذات صلة

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

المشرق العربي مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

حذّر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجالي «سيطرة» (احتلال) و«نفوذ» (استخباراتي) في الأراضي السورية للتعامل مع الواقع الجديد الذي نشأ عقب سقوط نظام بشار الأسد.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أحمد الشرع مستقبلاً أنطونيو تاياني في دمشق (سانا)

وزير الخارجية الإيطالي: الشرع أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية»

أعلن وزير الخارجية الإيطالي، الجمعة، أن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الذي التقاه في وقت سابق في دمشق، أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في إسطنبول (رويترز)

تركيا تستبعد أي دور لفرنسا في ملف الأكراد بشمال شرقي سوريا

استبعد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أي دور للقوات الفرنسية في سوريا عادّاً أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي إلى دمشق لتدشين العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

TT

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

باشر رئيس الجمهورية اللبناني الجديد، جوزيف عون، مهامه بإعلان موعد سريع للاستشارات النيابية التي يختار من خلالها النواب اسم الرئيس المُكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار مجلس الوزراء في عملية تصريف الأعمال، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

وأعلن مكتب رئاسة الجمهورية عن مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك طوال يوم الاثنين المقبل، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة والنصف مساءً.

وكان ميقاتي قد التقى رئيس الجمهورية، صباح الجمعة، في القصر الرئاسي؛ حيث كان قد بحث في العمل الذي تحقق الفترة الماضية، وفي التحديات الموجودة، وعن خطاب القسم الذي حدد التوجهات لأي حكومة جديدة، وفق ما قال بعد اللقاء، متمنياً أن يكون عهد عون «عهد نجاح وبحبوحة وازدهار للبنان».

ولفت ميقاتي إلى أنه خلال سنتين وشهرين، منذ انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، عقدت 60 جلسة لمجلس الوزراء، وصدر خلالها أكثر من 1211 قراراً، كما صدر أكثر من 3700 مرسوم، مشيراً إلى أن «كل الأمور التي قمنا بها كانت بهدف الإبقاء على عجلة الدولة، وتسيير أمورها، وأعتقد أن الجميع شهدوا أننا استطعنا تمرير هذه المرحلة، وحافظنا على استمرارية الدولة، وبشكل خاص من خلال العمود الفقري للدولة وهو الجيش بقيادة العماد جوزيف عون، وبالتعاون الذي حصل بيننا وبينه».

وقال إنه تم أيضاً بحث «التحديات الموجودة، وخطاب القسم الذي حدد التوجهات لأي حكومة جديدة، من أجل تنفيذ ما ورد فيه عبر الخطوات الدستورية اللازمة. كما تحدّثنا عن الوضع في الجنوب، وضرورة إتمام الانسحاب الإسرائيلي السريع والكامل، وإعادة بسط الاستقرار في الجنوب، ووقف الخروقات الإسرائيلية على لبنان».

وعن العناوين التي تحدّث عنها الرئيس عون، والحكومة التي يمكنها ترجمة هذه العناوين، قال ميقاتي: «الخطوط العريضة التي حددها فخامة الرئيس مهمة جداً، والنية موجودة لدى قيادة هذا البلد، وكثير من العناوين التي حددها فخامة الرئيس يمكن أن تُنجز سريعاً من خلال حكومة نشطة تواكب توجه فخامته».

وعن قول الرئيس بحصرية السلاح في يد الدولة، والقرار «1701»، سأل: «هل ننتظر من رئيس البلاد أن يقول إن السلاح مشرّع للجميع؟ هل ننتظر من حكومة جديدة أن تقول إن السلاح مشرّع بيد جميع المواطنين؟ نحن اليوم أمام مرحلة جديدة تبدأ من جنوب لبنان وجنوب الليطاني بالذات، من أجل سحب السلاح، وأن تكون الدولة موجودة على كل الأراضي اللبنانية، وأن يكون الاستقرار بدءاً من الجنوب».

وردّاً على سؤال عن الحكومة التي يحتاج إليها لبنان، وهل سيكون رئيس الحكومة المقبل أجاب: «الرئيس الذي سيُكلف بتشكيل الحكومة هو الذي سيرد على هذه الأسئلة. ولكن من دون شك، فإن الحكومة يجب أن تكون قادرة على ترجمة التوجه الذي تحدّث عنه فخامة الرئيس. نحن أمام ورشة عمل جديدة تقتضي من الجميع التعاون للقيام بعمل جدّي من أجل إنقاذ الوطن».

وعن موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، الذي أعلن عن عدم الاتجاه لتسميته لرئاسة الحكومة المقبلة قال ميقاتي: «نحن نقدر كل الآراء والمواقف السياسية، ولكل إنسان حرية قول ما يريد، وفي النهاية فإن الإجراءات الدستورية ستأخذ مجراها».