المشهداني لـ«الشرق الأوسط»: المنطقة بحاجة إلى تنسيق بين الدول الفاعلة لمنع تقسيم سوريا

أكد أن الانتخابات في موعدها والإقليم السني مراهقة سياسية

المشهداني خلال جلسة برلمانية (موقع البرلمان العراقي)
المشهداني خلال جلسة برلمانية (موقع البرلمان العراقي)
TT

المشهداني لـ«الشرق الأوسط»: المنطقة بحاجة إلى تنسيق بين الدول الفاعلة لمنع تقسيم سوريا

المشهداني خلال جلسة برلمانية (موقع البرلمان العراقي)
المشهداني خلال جلسة برلمانية (موقع البرلمان العراقي)

دعا رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني إلى تنسيق عالي المستوى بين الدول الفاعلة في المنطقة؛ بما فيها العراق والمملكة العربية السعودية ودول أخرى؛ لمنع أحد أخطر السيناريوهات التي تواجه سوريا؛ وهو خطر «التقسيم»، عادّاً ذلك «أحد أهداف إسرائيل».

شرح المشهداني، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، أحداث سوريا وتأثيرها على العراق والمنطقة، قائلاً: «بالنظر إلى الوضع السوري الحالي، فإن الحدث وقع باستخدام أدوات، ووقت ودعم غير متوقَّعين، لكنه تغيير متفَق عليه ومسيطَر عليه. وهناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: استقرار، فوضى، تقسيم. من يؤيد التقسيم؟ إسرائيل فقط، بينما هناك دول مهمة في المنطقة تُعارض تقسيم سوريا؛ هي إيران، وتركيا، ومصر، والسعودية، والعراق، والأردن. ولا بد أن هذه الدول المعارِضة للتقسيم أن تنسق فيما بينها لمنعه، كما يجب عليها تجاوز الخلافات للحفاظ على استقرار سوريا».

وتطرَّق المشهداني إلى الدور العراقي في هذه الأزمة، قائلاً: «نعم، نعمل حالياً على ذلك من خلال علاقاتنا الدولية للتنسيق بين هذه الدول التي ذكرتُها. هناك فرصة تاريخية للعراق لاستعادة دوره أمام المجتمع الدولي، فالعراق يقع في منطقة محورية بين عدة دول، ويمكن أن يقوم بدور في التفاهم بينها».

وأضاف: «إنه يتوجب التنسيق الأمني عالي المستوى بين هذه الدول؛ لأننا جميعاً لدينا مخاوف أمنية من حزب العمال الكردستاني، و(داعش). والعراق قادر على أن يكون منسقاً في هذا الموضوع. كما يمكن للعراق أن يلعب دوراً في التنسيق مع دول الخليج العربي، خصوصاً في ظل المخاوف المشروعة من مستقبل سوريا، ومَن الجهة التي يمكن أن تسيطر، وهل سيكون هناك تمدد لبعض الجماعات الإسلامية مثل (الإخوان المسلمين) وغيرها».

وفيما يتعلق بقضية تهجير الفلسطينيين، قال المشهداني: «هناك مسألة مهمة تتعلق بقضية تهجير الفلسطينيين، وهذا المخطط مرفوض من قِبل دول مهمة مثل العراق، والأردن، ومصر، والسعودية، التي ترفض تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى سيناء أو إلى الأردن والعراق».

وأكد المشهداني، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، أن الانتخابات البرلمانية سوف تُجرى، في الشهر العاشر من السنة، طبقاً لاتفاق الكتل السياسية، مُلمحاً إلى إمكانية تغيير القانون الانتخابي.

وحول الانتقادات التي وُجّهت لهذه الدورة البرلمانية، قال المشهداني إن هذه الدورة مرت بمنعطفات كبيرة أوهنت عزيمتها، فالسنة الأولى كانت مماحكات بين «الإطار التنسيقي» و«التيار الصدري»، أدت «في النهاية إلى تأخير تشكيل الحكومة، ثم بعد ذلك صارت تحالفات هشّة سرعان ما انفرطت».

وأضاف أنه «في السنة الثانية حدثت مشاكل بين النواب أنفسهم، حتى أصبح ديدن النواب الذهاب إلى المحكمة الاتحادية العليا لتقديم الشكاوى، حيث أصبحت مرجعية البرلمان المحكمة الاتحادية، وهذا أوهن النظام البرلماني؛ لأنه السلطة الأعلى في البلاد».

واستطرد أن «السنة الثالثة هي سنة انتخاب الرئيس، التي أعطت صورة سلبية جداً لأنها تأخرت سنة كاملة، في حين كان من الممكن أن تكتمل هذه القضية بجلسة لمدة نصف ساعة. وهذه السنة بقي منها 4 أشهر فقط كشيء عملي؛ لأن الفصل التشريعي الثاني سيكون التحضير للانتخابات، لذلك سيكون العمل قليل الإنتاجية».

وبشأن انتخابه رئيساً للبرلمان، وماذا يمكن أن يفعله، قال المشهداني إنه «على الصعيد الشخصي سأُفعّل الكتل السياسية، وسأدعم العمل على تشريع القوانين التي تصب في صالح الناس»، مؤكداً أن «العراق حالياً بحاجة إلى خيمة قيادية تمثل الوطن، كما أن البرلمان يمثل الوطن. الخيمة هي مجلس الاتحاد».

وأكد أن «مجلس الاتحاد هو الغرفة الثانية للسلطة التشريعية، فنحن منذ 2003 إلى اليوم تُعد السلطة التشريعية منقوصة. فمجلس الاتحاد هو خيمة الوطن، وهو متخصص بالقرارات الكبرى التي تمثل العراق، فمجلس النواب هو تمثيل الشارع وتمثيل المكونات، وهذه مصالحها مختلفة، وقد تتضارب، في حين أن مجلس الاتحاد يمثل العراق ككل، خصوصاً في ظل هذه الأجواء؛ حيث المنطقة كلها في مهبّ الريح. وسأعمل، على الأقل، على أن نقرأ مجلس الاتحاد قراءة أولى».

ورداً على سؤال بشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، وما إذا كانت ستُجرى في موعدها، قال المشهداني: «حتى الآن، الانتخابات مقرَّرة في موعدها، خلال الشهر العاشر من عام 2025. أما قانون الانتخابات فسيتغير، لكن ملامح هذا التغيير لم تتضح بعد».

وفيما يتعلق بمشروعه السياسي وهو يتولى رئاسة السلطة التشريعية، قال المشهداني: «مشروعي السياسي يركز على إعادة ترميم الكيان السني وإعادة الروح إليه، بسبب ما حلَّ به منذ عام 2014 وتداعياتها. أسعى لجمع الأطراف المختلفة، رغم تنافسها وتباين مصالحها، خاصة أن الجيل الثاني متشاكس مع نفسه، لذلك أحاول أن أكون بمثابة الخيمة الأبوية لهم».

وحول ما يُثار من حديث عن مرجعية السُّنة، قال المشهداني: «مرجعية السنة هي الدولة، بمعناها التنفيذي، مثلما هو معروف، ولكن السنة يحتاجون إلى مرجعية سياسية يلجأون إليها وقت الخلاف لتعطي استقراراً أكثر، ورؤية أوضح، وتعطي رسالة إيجابية للشارع بأن المكون متماسك».

أين التسوية التاريخية؟

وحول مشروع التسوية التاريخية بين المكونات العراقية، الذي طرحه المشهداني عام 2014، قال: «في وقتها طرحنا سؤالاً: ما نموذج العراق الذي نريده؟ وخلصنا إلى أن العراق لن يستقر أبداً إلا بالانتقال من دولة المكونات إلى دولة المواطنة، حيث يكون المواطن هو وحدة البناء، والكفاءة هي وحدة القياس. وقد سميناها فيما بعد التسوية الوطنية، وقلنا إنه من الأفضل أن يُطرَح هذا المشروع من قِبل المكون الشيعي بوصفه الأكبر ويؤيده المكون السني».

وتابع قائلاً: «بالفعل، جرى التوقيع عليه من قِبل زعماء الصف الأول من القيادات السياسية الشيعية والسنية، لكن للأسف جرى تسويف الموضوع». وأضاف: «جرى تسليم نسخة من المشروع إلى الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2014 في مكتب رئيس البرلمان الأسبق، الدكتور سليم الجبوري، وكنا قد طالبنا بالتغيير، لكن لم يحصل هذا الدعم. وبعدها جاءت أحداث تشرين الأول (الانتفاضة الشعبية في أكتوبر 2018) مما أجَّل التسوية الوطنية». وأكد أن «الحاجة لا تزال ماسّة إليها؛ على الأقل لمراجعة مشروع التسوية في ظل ما نشهده من خلافات وتحولات في المنطقة».

مراهقة سياسية

وحول ما يُطرَح بشأن الإقليم السني والدعوات المتكررة لإقامته، قال المشهداني: «أرى أن هذه الدعوات هي مجرد مراهقة سياسية. ففي عام 2006، طُرح مشروع الإقليم الشيعي الذي يشمل 9 محافظات وُسطى وجنوبية ذات أغلبية شيعية. في وقتها قلت للقيادات الشيعية آنذاك، التي تقف خلف ذلك المشروع تأكيداً لرفضنا تقسيم الأقاليم: إننا - وأقصد العرب السُّنّة - مستعدون لأن نعطيكم محافظات السنة الست بحيث تصير لدينا 15 محافظة؛ وهي محافظات العراق الواحد، باستثناء المحافظات الكردية الثلاث التي تتمتع بالحكم الذاتي حتى قبل احتلال العراق عام 2003».

وأوضح المشهداني: «كان هدفنا هو درء مخاطر مثل هذه المشاريع، خاصة أن السنة ضد التقسيم. هناك فرق بين الفيدرالية والتقسيم. الفيدرالية فكرة ممتازة، لكنها تحتاج إلى فهم عميق وتجربة وخبرة. الحل الوحيد في العراق هو أن يكون دولة مواطنة؛ لأن العراق دولة متنوعة في العِرقيات والديانات، ولا يمكن تقسيمه جغرافياً».


مقالات ذات صلة

الحزبان الكرديان ينهيان جولة ثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم

المشرق العربي إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان (أ.ف.ب)

الحزبان الكرديان ينهيان جولة ثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم

أنهى الحزبان الكرديان الرئيسيان؛ «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، الثلاثاء، الجولة الثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان، دون أن تسفر عن اتفاق جدي ومعلن.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط وزير الدفاع ثابت العباسي ورئيس أركان الجيش الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله خلال مراسم إحياء ذكرى تأسيس الجيش العراقي (رئاسة الوزراء)

أنباء عن زيارة قاآني لبغداد قبل زيارة السوداني إلى طهران

حسم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الجدل بشأن ما أُشيع عن تلقيه رسالة تحذير أميركية تتعلّق بـ«الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي كلية الإسراء - إعلام الكلية

العراق... هجوم مسلح على كلية أهلية يصيب 6 أشخاص

شن شاب مسلح، الأحد، هجوماً على كلية الإسراء الأهلية الواقعة في تقاطع الأندلس ببغداد، وأسفر الهجوم عن إصابة 6 أشخاص.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني: نجحنا في إبعاد العراق عن الحرب والحزام الناري

السوداني: نجحنا في إبعاد العراق عن الحرب والحزام الناري

صعّد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، من موقفه حيال تواتر الأنباء مؤخراً بشأن احتمالية حصول تغيير غير مسبوق في العراق أو تعرضه لضربة إسرائيلية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الرئيس الجديد للبرلمان العراقي محمود المشهداني (رويترز)

سنة العراق... يواصلون التمسك بالتغيير السلمي المستند إلى الدستور

في مقابل تأكيدات القوى والشخصيات السياسية الشيعية على «متانة» نظام الحكم، بات من غير المتعذر سماع أصوات سنية، وهي تطالب بالتغيير وتعديل معادلة الحكم «المختلة».

فاضل النشمي (بغداد)

ترمب يهدد «حماس» بـ«جحيم» إذا رفضت إطلاق الرهائن

 فلسطينيون ينتظرون دورهم لتعبئة الماء بمخيم للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
فلسطينيون ينتظرون دورهم لتعبئة الماء بمخيم للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
TT

ترمب يهدد «حماس» بـ«جحيم» إذا رفضت إطلاق الرهائن

 فلسطينيون ينتظرون دورهم لتعبئة الماء بمخيم للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
فلسطينيون ينتظرون دورهم لتعبئة الماء بمخيم للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة أمس (د.ب.أ)

جدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تهديداته لـ«حماس» بفتح أبواب «الجحيم» إذا لم تفرج عن الرهائن المحتجزين لديها. ويجري إبرام صفقة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل قبل تسلمه السلطة في 20 من الشهر الحالي. وقال ترمب في مؤتمر صحافي بمنتجع مارالاغو بولاية فلوريدا، أمس: «إذا لم يطلقوا سراحهم (الرهائن) بحلول الوقت الذي أتولى فيه منصبي فسوف يندلع الجحيم في الشرق الأوسط ولن يكون ذلك جيداً لـ(حماس) أو لأي شخص». ورفض ترمب الإفصاح عن ماهية الخطوات وشكل الجحيم الذي يهدد به.

في غضون ذلك، صعّد الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة الغربية، وقتل 3 فلسطينيين، أمس، بينما كان يواصل حملة مطاردة ضد منفذي هجوم قرب قلقيلية، وقع صباح الاثنين، وأدى إلى مقتل 3 إسرائيليين بينهم ضابط شرطة. وجاء هذا التصعيد بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المصادقة على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.