إسرائيل تدمر «صحة غزة»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5096082-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D8%AF%D9%85%D8%B1-%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9
بعد جباليا وبيت لاهيا... قواتها تركّز على بيت حانون
قوة إسرائيلية تستعد لدخول بيت حانون السبت (أ.ف.ب)
غزة:«الشرق الأوسط»
TT
غزة:«الشرق الأوسط»
TT
إسرائيل تدمر «صحة غزة»
قوة إسرائيلية تستعد لدخول بيت حانون السبت (أ.ف.ب)
أكمل الجيش الإسرائيلي «تدمير» كل المنظومة الصحية في شمال قطاع غزة، بعد اعتقاله مدير «مستشفى كمال عدوان»، وأفراداً من طاقمه، في إطار عملية عسكرية أخرجت آخر مرفق صحي رئيسي في المنطقة عن الخدمة.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «باعتقاله مدير مستشفى كمال عدوان والعشرات من الكوادر الطبية والفنية، واعتقال مدير الدفاع المدني في الشمال، دمّر الاحتلال كلياً المنظومة الطبية والإنسانية... وأخرجها عن الخدمة في شمال القطاع».
وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء أمس، أنه نفّذ «عملية محددة ضد مركز قيادة تابع لـ(حماس) في مستشفى كمال عدوان... اعتقلت القوات أكثر من 240 إرهابياً في المنطقة».
من جهة أخرى، بدأت إسرائيل عملية مركزة ببيت حانون، بعدما دمرت مخيم جباليا، ثم بيت لاهيا، بهدف بسط سيطرتها على شمال القطاع.
القصير «تخلصت من كابوس» النظام و«حزب الله»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5097121-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D8%AE%D9%84%D8%B5%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%A7%D8%A8%D9%88%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87
موقع مبنى الأعلاف الذي استخدمه «حزب الله» مخزناً للسلاح وتعرَّض لضربة إسرائيلية في نوفمبر الماضي (الشرق الأوسط)
عند مفترق بلدة شنشار، على الطريق الدولية حمص - دمشق، كان يقع أحد أكبر الحواجز المشتركة لقوات النظام السابق. كان الحاجز تحت إشراف مكتب أمن الفرقة الرابعة والأمن العسكري. لم يبق منه اليوم سوى غرف صغيرة شرّعت أبوابها للرياح. اختفى عناصره المدججون بالسلاح وكأنهم لم يربضوا هنا لأكثر من 12 عاماً، يحصون الأنفاس ويفرضون الإتاوات ويبثون الرعب، بحسب ما يقول سكان من هذه المنطقة بريف حمص.
يقول مكرم، وهو من أهالي القصير، إن منطقتهم «ارتاحت من كابوس رهيب اسمه حاجز شنشار... حاجز الرعب والإذلال». يضيف أن مئات الشبان اعتُقلوا خلال السنوات الماضية عند هذا الحاجز الواقع على بعد 10 كلم من القصير و15 كلم عن مدينة حمص.
مع سقوط النظام، الشهر الماضي، سقطت معه جميع الحواجز التي قطعت أوصال مدينة القصير، منذ بسط «حزب الله» سيطرته عليها عام 2012 لتكون بوابته لمد نفوذه نحو مناطق أخرى.
قالت السيدة فاهمة ميخائيل (85 عاماً): «وأخيراً القصير بلا (حزب الله) وبلا بشار... لقد تخلصنا من كابوس ثقيل كان يجثم على صدورنا». أضافت هذه السيدة التي نزحت عن المدينة بين عامي 2012 و2015: «عندما عدنا إلى القصير لم نجد أهلنا وأصحابنا وسكان الحي الذين عشنا معهم. كل الوجوه حولنا كانت لغرباء تعاملوا معنا بتكبر، وكأننا ضيوف ثقلاء».
توجّه السيدة ميخائيل انتقاداتها لـ«حزب الله» الذي اتخذ لسنوات من القصير قاعدة أساسية لنشاطه في سوريا، متسائلة: «الله للجميع، فكيف يشكّلون له حزباً يسمح أفراده لأنفسهم بقطع أشجار بساتين القصير واحتلال بيوت ومحال بناها أصحابها بكدّهم وتعبهم، وسوّروها وحرموا مالكيها من الاقتراب منها؟». وتابعت قائلة: «لم نكن نعرف أنهم حوّلوا المنطقة مخزنَ سلاح. جاءت إسرائيل وقصفتها وزادت الدمار دماراً أكبر». ومعلوم أن المنطقة كانت مُدمَّرة إلى حد كبير نتيجة القتال الضاري الذي شهدته عندما تمكن «حزب الله» من طرد فصائل المعارضة السورية المسلحة منها لدى تدخلها لدعم نظام حكم الرئيس بشار الأسد بعد الثورة ضده عام 2011.
تستذكر فاهمة ميخائيل لحظات القصف الإسرائيلي على منطقة الصناعة بالقصير، قائلة إن القصف كان مروعاً، وإن بعض الغارات وقعت قرب مدارس الأطفال أثناء الدوام المدرسي. تضيف: «جاءوا (حزب الله) إلينا بالخراب».
وعن حواجز قوات النظام السابق، قالت السورية المسنّة إن الأهالي «عانوا الأمرّين منها. أفقروا (أي عناصر الحاجز) الناس وجوعوهم وأذلوهم. كانوا يفرضون إتاوة على كل شيء. حتى لو جاء فقير بِـلتر من زيت القلي تهريباً من لبنان لإطعام أولاده، كانوا يفرضون عليه إتاوة. الخبز كنا نحصل عليه بالذل. حرمونا الكهرباء والماء. مياه (نهر) العاصي أعطاها بشار لزارعي الحشيشة الذين قطعوا أشجار المشمش والتفاح ليزرعوا بدلاً منها سموم المخدرات».
وتجزم السيدة التي عاصرت عهد الانتداب الفرنسي وكل الحروب التي مرت على سوريا، بأن عهد بشار الأسد كان «الأشد قسوة». وتختم قائلة: «الحمد لله ما خيّبنا ربنا وأسقطهم كلهم بيوم واحد وطوى صفحتهم. رجع أهل القصير الذين نعرفهم ويعرفوننا»، في إشارة إلى سكان المنطقة الأصليين الذين نزحوا منها خلال سيطرة «حزب الله» عليها.
مع اجتياز عملية «ردع العدوان» مدينة حماة والتقدم نحو حمص واشتداد المعارك في تلبيسة في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تزايدت المخاوف من احتمال حصول مجازر في القصير. إذ سارعت الميليشيات الرديفة (كتائب البعث) في ربع الساعة الأخير إلى التحشيد وتوزيع السلاح، مع أنباء عن وصول «قوات الرضوان»، قوات النخبة التابعة لـ«حزب الله»، إلى حمص، في حين نزحت عائلات الموالين للنظام السابق و«حزب الله» إلى لبنان. إلا أن ما حصل خالف التوقعات. فعند الساعة التاسعة مساء السبت (7 ديسمبر) فرغت منطقة القصير من قوات النظام ومعها عناصر «حزب الله» الذين اتجهوا نحو الحدود مع لبنان. وبعد نحو ساعة فقط، وصلت فصائل إدارة العمليات العسكرية للمعارضة وأعلنت تحرير القصير دون اشتباكات. وتم نشر عناصر من مقاتلي الفصائل من أبناء القصير فيها، لتتابع بعدها قوات المعارضة السير نحو العاصمة دمشق.
في القصير المدمرة وأمام بيت تصدّعت جدرانه وسُرقت أبوابه ونوافذه، انشغلت عائلة عائدة من لبنان بتفريغ خزّان ماء كبير من أدوات منزلية وقطع أثاث بسيطة. قالت الأم: «كنا نريد العودة فور تحرير القصير، لكننا انتظرنا عشرين يوماً لأننا خفنا عبور الحدود ونحن لا نملك أوراقاً ثبوتية». ومع أن المنزل «مهدم بنسبة 70 في المائة، إلا أنه أفضل من خيمة اللجوء»، بحسب تعبيرها. ابنتها رهف منصور (11 عاماً) بدت سعيدة رغم بؤس المشهد حولها. فهناك دمار واسع حول المنزل، خلّفته ضربة إسرائيلية لمبنى أعلاف استخدمه «حزب الله» مخزناً للسلاح وسوّته الضربة الإسرائيلية بالأرض. بأمل كبير، قالت رهف: «عدنا إلى وطننا وصار بإمكاني أن أدخل مدرسة وأتعلم. في لبنان لم يكن لديّ أوراق وحُرمت أنا وأخوتي من الدراسة».
كان شقيق رهف البالغ عشر سنوات، يتبادل الحديث مع طفلة من أقاربهم الذين عادوا إلى القصير أثناء الضربات الإسرائيلية على «حزب الله» في لبنان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. تمحور حديثهما حول القصف الإسرائيلي. قال الطفل لقريبته: «كنا نخرج من الخيمة (خلال الغارات الإسرائيلية) وننبطح على الأرض بينما الشظايا تتطاير والدخان كثيف». ردّت الطفلة: «نحن هربنا من القصف في لبنان، لكنه لحقنا إلى القصير. صار القصف ونحن في المدرسة. تكسّر زجاج النوافذ. كنا نركض ولا نعرف إلى أين نذهب، لأن الدخان كان كثيفاً». أكد الطفل والطفلة أنهما ما زالا يسمعان أصوات القصف أثناء النوم ويصحوان مذعورَين. تدخلت رهف وطمأنتهما قائلة: «القصير تحررت وانتهى القصف».
الأب، وهو من آل منصور، بدا سعيداً جداً بعودته إلى القصير. قال لـ«الشرق الأوسط»: «عدنا لأننا لم نعد نطيق حياة اللجوء. دخلنا إلى لبنان خلسة من دون أوراق، وعدنا خلسة، على أمل تصحيح أوضاعنا. المهم أننا عدنا».
ومن المفارقات، أن الكثير من المارة في الطريق كانوا يبادرون إلى إلقاء التحية على العائلة وتهنئتهم بـ«السلامة والنصر». «عرفوهم من ملامح الوجه»، بحسب ما قالت الأم. ولعل هذا ما يعزّي العائدين إلى مناطقهم ويجنّبهم مذلة إثبات هويتهم.
في الحارة الغربية للقصير التي تعرَّضت لأكبر حجم من الدمار، جلس قصي (22 عاماً) يراقب جاره الصغير وهو يثبّت ستارة من قماش على باب دارهم. قال: «الحمد لله ارتحنا من بشار الأسد، وأهل القصير عادوا، والأمور الأمنية جيدة، لكن المعيشة سيئة جداً. أغلب العائدين من المخيمات في إدلب ولبنان ليس لديهم مصدر رزق». وعن وضعه الشخصي، تحدث قصي عن فقدانه الأمل بالتعليم فقد ضاعت فرصته منذ لجأ مع أمه إلى لبنان قبل 12 عاماً، وما يتمناه الآن الحصول على «أي عمل مهما كان شاقاً؛ لأتمكن من العيش في بيت مع أمي».
أمام «مديرية منطقة القصير» وقف شاب غاضب مع والدته المصابة بكدمات. كان يطالب عناصر الأمن في إدارة العمليات بالتدخل لحل إشكال مع عائدين من لبنان حول إشغال بيت فارغ. بهدوء حاول رجل أمن - وهو من أهالي القصير - احتواء غضب الشاب وإقناعه بحل الإشكال بطريقة ودية، موضحاً له أنه لا يوجد حالياً جهة قانونية تتلقى هذا النوع من الشكاوى وتفرض القانون.
وتشير تقديرات محلية إلى عودة أكثر من 700 عائلة من مخيمات اللجوء في لبنان وإدلب إلى القصير منذ سقوط نظام الأسد. بعض العائلات العائدة وجدت بيوتها مدمرة، فسكنت في بيوت لنازحين من الموالين للنظام السابق و«حزب الله»، ومنهم من سكن في منزل مدمَّر جزئياً، بينما نصب كثر خياماً إلى جوار ركام بيوتهم. قال أحد رجال الأمن في المنطقة بعدما رفض ذكر اسمه لأنه غير مخوّل التصريح للإعلام، إن بعض العائلات الشيعية وأخرى من العائلات الموالية للنظام السابق ممن نزحوا يوم سقوط الأسد، عادوا الآن إلى القصير ولا أحد يمس بهم، لكنه لم ينف حصول احتكاكات ومشاجرات على خلفية أحقاد وخلافات سابقة يسعى المسؤولون في الحكم الجديد إلى احتوائها. لفت إلى أن بعض تلك الإشكالات لا علاقة لها بالسياسة، إلا أن حساسية الظروف والتوتر الذي تشهده المنطقة يعطيان للإشكالات طابعاً سياسياً أو طائفياً. وتابع رجل الأمن أن «القصير تحررت من نظام الأسد و(حزب الله)، لكنها منطقة متعبة ومنهكة وحجم الاحتياج كبير جداً»، مؤكداً أن أولوية إدارة العمليات هي «إرساء الأمن. وهذه مهمة معقدة وصعبة جداً مع التركة التي خلفها النظام السابق من الأحقاد والدمار». وأشار إلى وجود «حاجة ماسة إلى إقامة نقاط صحية وطبية؛ فكثير من الأهالي يعانون أمراضاً مزمنة كالسكري والضغط، عدا عن الأمراض الأخرى، ولا يوجد في المنطقة كلها طبيب أطفال واحد».
ماهر شمس الدين الذي كان موجوداً في مديرية المنطقة، قال إنه في حاجة إلى التداوي، ولا يعرف إلى أين يتجه، فقد تحرر من سجن عدرا فجر الثامن من ديسمبر، ووصل إلى القصير في اليوم ذاته وما زال بملابس السجن. قال لـ«الشرق الأوسط»: «وصلت ولم أجد بيتي. عائلتي في لبنان وليس لديّ هاتف. نمت في الشوارع لأربعة أيام حتى عثر عليّ أحد أقاربي واستضافني في بيته». اعتُقل ماهر عام 2015 بتهمة التورط بقتل عسكريين في جيش النظام، استناداً إلى اعتراف والدته التي اعتُقلت قبله وأُجبرت، تحت التعذيب الذي أدى إلى بتر ساقها، على الإقرار بمشاركة ابنها مع ثوار القصير، بحسب ما قال. بعد اعتقال ماهر، تمت مساومته على دفع مبلغ ضخم من الدولارات عبر محامية كانت تتواصل مع عائلته في لبنان، لإنقاذه من حكم إعدام أو مؤبد. روى ماهر تفاصيل معاناته، قبل أن يختم حديثه بالتعبير عن فرحة التحرر من المعتقل. قال: «كنت مع أكثر من مائة سجين في المهجع عندما سمعنا أصوات تكسير الأبواب فجراً. ظننا أنه فخ من إدارة السجن، يهدف إلى قتلنا، فتجاهلنا الأصوات ودفنا رؤوسنا تحت الحرامات. وعندما تواصلت الأصوات مع التكبيرات، تأكدنا بحصول استعصاء داخل السجن، فهجمنا على الأبواب وحطمناها وخرجنا وركضنا باتجاه دمشق دون أن نلتفت خلفنا، خشية بزوغ الشمس قبل ابتعادنا عن محيط السجن. ركضنا ووصلنا إلى دمشق خلال ساعتين مع شروق الشمس. فوجئنا بازدحام هائل وشباب يملأون الشوارع، يبحثون عن وسيلة نقل». أضاف: «تبرع صاحب شركة شحن بحمل دفعات (من الشبان) بشاحنات البضائع إلى حمص وحماة. بداية ظننا أنهم سجناء مثلنا، لكنهم كانوا يحملون هواتف وبطاقات شخصية. وبعد السؤال عرفنا أنهم جنود خلعوا ملابسهم العسكرية وأن بشار الأسد هرب... وكانت هذه الفرحة الكبرى».