إسرائيل متهمة بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» و«تطهير عرقي» في قطاع غزة

تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)
تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)
TT

إسرائيل متهمة بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» و«تطهير عرقي» في قطاع غزة

تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)
تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)

اتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، اليوم الخميس، إسرائيل بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة «حماس» في غزة، لكن إسرائيل وصفته بأنه «افتراء»، فيما قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن الدمار الذي أحدثته الدولة العبرية يشير إلى «تطهير عرقي».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، هذه الاتهامات هي الأحدث في سلسلة الاتهامات المشابهة التي وجهت لإسرائيل التي تنفيها خلال الأشهر الـ14 الماضية، أي منذ بدء اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وفي تقرير جديد ركّز على المياه، قالت المنظمة الحقوقية إنّ «السلطات الإسرائيلية فرضت عمداً على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفاً معيشية مصمّمة لتدمير جزء من السكّان، وذلك من خلال تعمّد حرمان المدنيين الفلسطينيين هناك من الوصول إلى المياه بشكل كافٍ».

وفي تقرير منفصل، اتهمت منظمة «أطباء بلا حدود» إسرائيل بالتسبب في دمار واسع النطاق بغزة.

وقال الأمين العام لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوفر لوكيير: «نرى مؤشرات واضحة على تطهير عرقي، إذ إنّ الفلسطينيين يُهجَّرون قسراً ويتم حصارهم وقصفهم».

واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأسفر الهجوم عن مقتل 1208 أشخاص غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتشمل هذه الحصيلة مَن لقوا حتفهم أو قتِلوا في الأسر.

وتردّ إسرائيل مذّاك بقصف مدمّر وعمليات برّية في قطاع غزة؛ ما أسفر عن مقتل 45129 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» التي تعدها الأمم المتحدة جديرة بالثقة.

«افتراء وكذب»

الخميس، أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنّ تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» يمثل «افتراءً».

أما هيئة وزارة الدفاع لتنسيق الأعمال الحكومية في الأراضي الفلسطينية «كوغات» فعدّت أن تقرير المنظمة الحقوقية ما هو إلا «كذب فاضح».

وقالت إن هناك «3 خطوط مياه نشطة، وقامت بتسهيل إصلاحات مئات من مرافق البنية التحتية للمياه في شمال وجنوب غزة، وقامت بإصلاح خطوط المياه التي تؤدي إلى غزة على الجانب الإسرائيلي والتي تضررت بسبب هجوم (حماس)».

وأضافت «كوغات» أن إسرائيل «سهّلت إصلاح خط الكهرباء، كما تم تنسيق تزويد منشآت ضخ المياه بالوقود بشكل مستمر».

وفي تقريرها، قالت «هيومن رايتس ووتش» إنّ القيود أدّت «على الأرجح إلى آلاف الوفيات».

وبحسب التقرير، أوقفت إسرائيل «ضخّ المياه إلى غزة، وقيّدت وعطّلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود... ومواد معالجة المياه، وأصابتها بأضرار، ومنعت دخول إمدادات المياه الأساسية».

وأضاف: «أوجدت إسرائيل عمداً ظروفاً معيشية مصمّمة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كلياً أو جزئياً».

وخلُص التقرير إلى أنّ هذه الأفعال تشكّل جريمة حرب متمثلة في «الإبادة» و«أفعال إبادة جماعية».

لكنّ «هيومن رايتس ووتش» لم تؤكد بصورة قاطعة أنّ إسرائيل ارتكبت «إبادة جماعية».

أوقفت إسرائيل ضخّ المياه إلى غزة وقيّدت وعطّلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي (رويترز)

ووفقاً للقانون الدولي، يتطلّب إثبات الإبادة الجماعية وجود أدلة على نيّة محدّدة، وهو أمر يصعب إثباته بحسب خبراء.

لكنّ المنظمة الحقوقية أشارت إلى «وجود قصد للإبادة الجماعية من هذه السياسة، إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين رغبوا في تدمير الفلسطينيين في غزة».

وخلال إحاطة حول التقرير، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لما فقيه، إنّه وفي ظل غياب «خطة واضحة معبّرة» لارتكاب الإبادة الجماعية، قد تجد محكمة العدل الدولية أنّ الأدلة تفي بـ«الحدود الصارمة» للاستدلال المنطقي على نيّة الإبادة الجماعية.

وأشارت المنظمة إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، يوآف غالانت، في أكتوبر 2023 عندما أعلن فرض «حصار كامل» على غزة.

وقال الأمين العام لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوفر لوكيير، في بيان: «إن ما رصدته فرقنا الطبية على الأرض طوال هذا النزاع يتوافق مع الأوصاف التي قدمها عدد متزايد من الخبراء القانونيين والمنظمات التي خلصت إلى أن الإبادة الجماعية تجري في غزة».

وأضاف: «في حين أننا لا نملك السلطة القانونية لإثبات القصد العمد، علامات التظهير العرقي والدمار المستمر، بما في ذلك عمليات القتل الجماعي والإصابات الجسدية والعقلية الشديدة والنزوح القسري وظروف الحياة المستحيلة للفلسطينيين تحت الحصار والقصف، لا يمكن إنكارها».

ولم تعلق إسرائيل فوراً على تقرير «أطباء بلا حدود».

وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

وتصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة.

«سوء تغذية وجفاف»

استغرق إعداد تقرير «هيومن رايتس ووتش» عاماً، واستند إلى مقابلات مع عشرات من سكان القطاع وموظفين في منشآت المياه والصرف الصحي، ومسعفين، وعمال إغاثة، بالإضافة إلى صور بالأقمار الاصطناعية، وبيانات، وتحليل للصور والفيديوهات.

وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية لم تردّ على طلباتها للحصول على معلومات.

ووفقاً للتقرير فإنه وبسبب تدمير نظام الرعاية الصحية فإن الحالات المؤكدة للأمراض والعلل والوفيات التي يحتمل ارتباطها بالأمراض المنقولة بالمياه والجفاف والجوع لم يتم تتبّعها أو الإبلاغ عنها بشكل منهجي.

وأضاف التقرير أنّ مئات آلاف الفلسطينيين أصيبوا بأمراض وحالات صحية من المرجح أن يكون الحرمان من المياه الآمنة والكافية قد تسبّب بها أو أسهم فيها، ومنها الإسهال، والتهاب الكبد الوبائي، وأمراض جلدية، والتهابات في الجهاز التنفسي العلوي.

وأكد التقرير أنّ الحرمان من المياه «ضارّ بشكل خاص بالرضع والنساء والحوامل والمُرضعات والأشخاص ذوي الإعاقة».

كما واجهت المنشآت الطبية في قطاع غزة صعوبة في الحفاظ على أدنى مستويات النظافة.

وقال التقرير إن إحدى الممرضات في غرفة الطوارئ قالت إنها اضطرت إلى اتخاذ قرار «بعدم إنعاش الأطفال الذين كانوا يعانون من سوء تغذية وجفاف شديد».

وفاة 2 من الأطفال الخدج قبل إجلائهما من غزة بسبب نقص الرعاية (رويترز)

ودعت المنظمة الحقوقية إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات عدة، بما في ذلك «ضمان توفير المياه الكافية والوقود والكهرباء لقطاع غزة على الفور».

وطالبت «هيومن رايتس» المجتمع الدولي بـ«اتخاذ كل الخطوات الممكنة لمنع المزيد من الأذى».

وأضافت: «على الحكومات التي تسلّح إسرائيل أن تضع حداً لخطر التواطؤ في الجرائم الفظيعة في غزة، وتتّخذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بحظر الأسلحة والعقوبات الموجهة ودعم العدالة».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يلوّح للحوثيين بـ«ثمن باهظ»

المشرق العربي دخان يتصاعد من محطة كهرباء في أعقاب غارات جوية إسرائيلية على صنعاء (رويترز)

نتنياهو يلوّح للحوثيين بـ«ثمن باهظ»

شنّت إسرائيل، فجر أمس، سلسلة غارات انتقامية استهدفت محطتي كهرباء في صنعاء و3 موانئ في محافظة الحديدة الساحلية، أدّت إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، مع تلويح

علي ربيع (عدن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

من هم المسؤولون الأميركيون الذين استقالوا احتجاجاً على سياسة بايدن في غزة؟

دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً في غزة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى الاستقالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

جهود مكثفة للوسطاء تسابق الزمن لإبرام هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، وسط تسريبات إعلامية للمفاوضات التي تفرض عليها سرية كبيرة، تشير لوجود «فجوات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ضغط أنقرة وصمت دمشق يحاصران «قسد»

مقاتلون من «قسد» يعاينون مدفع ميدان هجره الجيش السوري في منطقة القامشلي في 8 ديسمبر (أ.ف.ب)
مقاتلون من «قسد» يعاينون مدفع ميدان هجره الجيش السوري في منطقة القامشلي في 8 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

ضغط أنقرة وصمت دمشق يحاصران «قسد»

مقاتلون من «قسد» يعاينون مدفع ميدان هجره الجيش السوري في منطقة القامشلي في 8 ديسمبر (أ.ف.ب)
مقاتلون من «قسد» يعاينون مدفع ميدان هجره الجيش السوري في منطقة القامشلي في 8 ديسمبر (أ.ف.ب)

يبدو أن قنوات التفاوض بين السلطة الجديدة في دمشق و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ذات الغالبية الكردية، باتت مغلقة، فيما تتصاعد ضغوط تركيا على المكون الكردي لنزع سلاحه.

وقالت مصادر مطلعة إن «قسد» أوفدت في الآونة الأخيرة أشخاصاً إلى دمشق للقاء أعضاء الحكومة الانتقالية، لكنهم فشلوا، وباتوا أكثر قناعة بأن «هيئة تحرير الشام» أصبحت اليوم «سلطة الأمر الواقع». ورأى متابعون أن «قسد» باتت محاصرة بين صمت دمشق وضغط أنقرة.

ميدانياً، توصلت أطراف النزاع إلى هدنة قصيرة الأمد مع «قسد»، في منبج وكوباني ومناطق أخرى. لكن مصادر شدّدت على أن «الوضع في الأرض حذر للغاية، وسط مخاوف من تفجر قتال في أي لحظة»، رغم قولها إن «(هيئة تحرير الشام) تريد من (قسد) التخلي عن سلاحها سلمياً».

وتندلع معارك متفاوتة الحدة في مناطق تماسّ بين «قسد» والجيش الوطني (الحليف لتركيا) في منبج ومقتربات سد تشرين، ومنطقة تل تمر، ومواقع متفرقة على طريق «إم 4».

سياسياً، قالت مصادر إن وفوداً فرنسية وصلت إلى مناطق الإدارة الذاتية للضغط على الفرقاء الأكراد لصياغة «مسودة اتفاق» تجمع «قسد» و«المجلس الوطني الكردي»، وقوى محلية كردية تسمي نفسها بـ«المستقلة»، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.

ووفقاً للمصادر، فإن «قسد» رفضت التوافق على «تغيير اسمها والتحول إلى قوة عسكرية منضوية داخل وزارة الدفاع الجديدة، وفكّ الارتباط بقنديل (شمال العراق) و(حزب العمال الكردستاني)، وإعادة المسلحين الكرد غير السوريين إلى بلدانهم».