​إسرائيل تستبق هدنة محتملة بتكثيف هجماتها بغزة

عشرات القتلى واستهداف ما لا يقل عن 9 مدارس في 5 أيام

شابان يحملان جثتي طفلين قتلا بقصف إسرائيلي بمدينة غزة الثلاثاء (د.ب.أ)
شابان يحملان جثتي طفلين قتلا بقصف إسرائيلي بمدينة غزة الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

​إسرائيل تستبق هدنة محتملة بتكثيف هجماتها بغزة

شابان يحملان جثتي طفلين قتلا بقصف إسرائيلي بمدينة غزة الثلاثاء (د.ب.أ)
شابان يحملان جثتي طفلين قتلا بقصف إسرائيلي بمدينة غزة الثلاثاء (د.ب.أ)

كثفت إسرائيل في الأيام القليلة الماضية من هجماتها بمناطق متفرقة من قطاع غزة، وذلك قبيل اتفاق الهدنة المحتمل التوصل إليه في مرحلته الأولى ربما مع نهاية الشهر الحالي، ووسط تكثيف المفاوضات التي تجري بعيداً عن وسائل الإعلام في محاولة لإنجاحها.

ولوحظ أن الاستهدافات تركز بشكل أساسي على مراكز الإيواء، خصوصاً المدارس التي تم استهداف ما لا يقل عن 9 منها في 5 أيام، بينها 4 مدارس في أقل من 12 ساعة شرق وغرب مدينة غزة قبل 4 أيام، ومدرستان أخريان في جنوب المدينة في يوم آخر، ومدرستان في شمال القطاع، وأخرى في خان يونس جنوب القطاع، ما خلّف نحو 50 ضحية.

فلسطينيون يؤدون صلاة الميت لأرواح أقارب لهم قتلوا بهجمات إسرائيلية في مدينة غزة الثلاثاء (د.ب.أ)

ووفق ما رصدته «الشرق الأوسط»، فإن التركيز كان كبيراً على استهداف طوابق بأكملها داخل تلك المدارس، ولم يكن التركيز على صفوف مدرسية محدودة كما في بعض الهجمات التي كانت قد وقعت أثناء الأسابيع القليلة الماضية بعمليات مركزة.

وقتل ما لا يقل عن 14 فلسطينياً مساء الأحد الماضي، في آخر غارة طالت الطابق الثالث بأكمله في مدرسة أحمد عبد العزيز، قرب مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ثم أقدمت قوة إسرائيلية على التوغل داخل بلدة بيت شمال قطاع غزة، ومحاصرة مدرسة خليل عويضة في البلدة، وقتل ما لا يقل عن 17 فلسطينياً، عثر لاحقاً بعد انسحاب تلك القوات من المدرسة على جثث أخرى متفحمة داخل بعض الصفوف المدرسية.

وتتذرع إسرائيل في كل مرة تقصف فيها مراكز الإيواء بأنها تقتل عناصر مسلحة لحركتي «حماس» أو «الجهاد الإسلامي»، إلا أنه في كثير من المرات تبين أن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال، بعضهم عوائل لعناصر نشطة في تلك الفصائل، ولم يكونوا بينهم، في عملية عدت أنها «انتقامية» بشكل أساسي.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار بمبنى استهدفه القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتحولت المدارس في قطاع غزة، منذ بداية الحرب الإسرائيلية إلى مراكز إيواء في ظل فقدان عشرات الآلاف من المواطنين لمنازلهم. ووفق وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فإن 425 مدرسة حكومية وجامعة تابعة للوزارة، و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 171 منها لأضرار بالغة، و77 للتدمير بالكامل.

وقالت الوزارة إن عدد الطلبة الذين قتلوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 12 ألفاً و681 طالباً، والذين أصيبوا 20 ألفاً و311 طالباً، مشيرة إلى أن 788 ألف طالب ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفاً صحية صعبة.

فلسطيني يتفقد الأضرار بمبنى استهدفه القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

كما استهدفت القوات الإسرائيلية في غضون 24 ساعة، ثلاثة صحافيين، بينهم مصور قناة «الجزيرة» الفضائية أحمد اللوح، ومراسل قناة «المشهد» محمد بعلوشة، ومحمد القريناوي، وهو صحافي متعاون مع عدة جهات، وذلك خلال ثلاث غارات في مناطق متفرقة من قطاع غزة.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي سوى على استهداف اللوح، حيث ادعى في بيان له أنه ناشط في حركة «الجهاد الإسلامي»، وهو الأمر الذي نفته عائلته وكذلك قناة «الجزيرة» التي طالبت بمحاسبة إسرائيل على استمرار استهدافها للصحافيين، ونادت مؤسسات صحافية كثيرة في العالم نادت بحماية الصحافيين في قطاع غزة، في وقت علقت فيه الخارجية الأميركية على الأمر، بأنها طلبت توضيحات من إسرائيل حول تلك الحوادث.

واستنكرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين في بيان لها، الاستهدافات المتكررة للعاملين في مجال الإعلام، الذين يغطون الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عادّةً أن تلك الاستهدافات تكشف أن الاحتلال يستهدف الصحافيين بشكل متعمد في إطار حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أنه وصل عدد الشهداء من الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام إلى أكثر من 190 صحافياً.

نساء ينتظرن من أجل الحصول على وجبة طعام بجنوب خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)

ولم تكن تلك الاستهدافات هي التركيز الوحيد، حيث كان مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، يتعرض لهجمات متكررة على مدار الأيام الأخيرة، ما أدى لمقتل كثير من الفلسطينيين، إلى جانب إلحاق أضرار كبيرة، يضاف إلى ذلك عمليات النسف الكبيرة التي تقوم بها القوات الإسرائيلية للمنازل والمباني المحيطة بالمستشفى، في محاولة لتحويل المنطقة إلى مكان غير قابل للحياة، كما يُفعل تماماً بباقي مناطق شمال القطاع.

ووفقاً لمصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن إسرائيل منذ انتهاء الحرب مع لبنان، وتقليص عملياتها في سوريا وربما جبهات أخرى، عادت لتزيد من هجماتها في قطاع غزة.

وأشارت إلى أنه حتى على صعيد العمليات البرية، فإن هناك توسيعاً للعمليات في شمال وجنوب القطاع، حيث باتت تتوسع العملية في بيت حانون، وكذلك في رفح حتى أصبحت على بُعد عشرات الأمتار من المواصي التي يوجد بها الآلاف من المواطنين.

وبينت أن الاحتلال يكثف من عمليات النسف في إطار محاولاته تدمير أكبر قدر ممكن من المنازل والمباني، إلى جانب توسيع محوري فيلادلفيا ونتساريم، وإقامة مناطق عازلة في شمال وشرق القطاع، وهو الأمر الذي سيؤثر على مستقبل جغرافيا قطاع غزة، وحرية الحركة العسكرية لإسرائيل.

ووفق تقرير للمرصد الأورومتوسطي، فإن إسرائيل تتوسع في إبادة المدن في قطاع غزة في تجسيد لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ 14 شهراً، مشيرة وفق بيانات وإفادات إلى أن الجيش الإسرائيلي ينتهج بشكل واسع منذ هجومه البري الثالث في شمال قطاع غزة منذ 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عمليات محو شامل وتدمير كامل للمنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية.

فلسطينيون ينتظرون من أجل الحصول على وجبة طعام بجنوب خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأشار التقرير إلى أن المعطيات الأولية التي أمكن الحصول عليها من رفح عبر إفادات من السكان وصور للأقمار الاصطناعية ومقاطع فيديو نشرها جنود إسرائيليون تظهر أن المحافظة تم محوها بصورة شبه تامة.

وذكر أن أحياء في خان يونس مسحت بالكامل، ومربعات سكنية في حيي الشجاعية والزيتون جنوب غزة وشرقها، وكذلك المنطقة الواقعة على امتداد محور نتساريم من الجنوب والشمال.

ورغم كل هذه الأحداث الجارية، فإنه حتى اللحظة ما زالت تتكبد إسرائيل خسائر بفعل المقاومة المستمرة لقواتها، والتي كان آخرها مساء الاثنين بمقتل جنديين، وفق وسائل إعلام عبرية، إثر تفجير مبنى في رفح، بينما قتل قبل أيام 4 جنود في عملية أخرى في جباليا التي يوجد فيها الجيش الإسرائيلي منذ ما يزيد على 70 يوماً.


مقالات ذات صلة

الطيران الإسرائيلي يقتل 14 فلسطينياً بينهم أطفال في غزة

المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي قرب مبنى مدمر في خان يونس (أ.ب)

الطيران الإسرائيلي يقتل 14 فلسطينياً بينهم أطفال في غزة

قال مسعفون إن الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة قتلت ما لا يقل عن 14 فلسطينياً منهم 10 على الأقل في منزل واحد بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثة أحد قتلى القصف الاسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)

أكثر من 40 قتيلاً بقصف إسرائيلي على غزة

تجمع أقارب فلسطينيين قتلوا في هجوم إسرائيلي على خان يونس، حول جثثهم الملفوفة بأكفان بيضاء لتشييعها إلى مثواها الأخير.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون مدرسة «الماجدة وسيلة» في منطقة غرب غزة بعد استهدافها بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

مقتل 19 فلسطينياً بينهم صحافي في قصف جوي إسرائيلي في قطاع غزة

أفاد الدفاع المدني في قطاع غزة بأن تسعة عشر فلسطينياً قتلوا، بينهم صحافي ورئيس بلدية، في غارات شنها سلاح الجو الإسرائيلي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني فوق أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي في مخيم النصيرات بغزة الجمعة (أ.ف.ب)

غزة تشيّع 33 فلسطينياً قُتلوا في «مكتب بريد» لجأوا إليه

قال مسعفون إن العائلات النازحة لجأت إلى مكتب البريد في مخيم النصيرات، وأدى الهجوم الذي وقع في وقت متأخر، الخميس، إلى إلحاق أضرار بعدة منازل قريبة.

«الشرق الأوسط»
المشرق العربي فتاة مصابة تجلس داخل مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

غزة: 30 قتيلاً بقصف إسرائيلي لمكتب بريد يؤوي نازحين

كشف مسعفون عن أن غارة إسرائيلية، على مكتب بريد يؤوي سكاناً من غزة، أسفرت عن مقتل 30 فلسطينياً على الأقل وإصابة 50 آخرين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق هدنة غزة وشيك للغاية

دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)
دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)
TT

مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق هدنة غزة وشيك للغاية

دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)
دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)

أكد مصدر مطلع في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، متوقع نهاية الأسبوع الحالي، إذا لم تنشأ أي تعقيدات جديدة.

وقال المصدر إن «معظم القضايا أغلقت. والاتفاق أصبح وشيكاً». وأوضح أن المناقشات حُسمت في القضايا الأكثر أهمية، فيما بقيت بعض التفاصيل قيد النقاش.

ووفقاً للمصدر، فإن الاتفاق يشمل وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مراكز المدن، وليس من قطاع غزة، مع بقائه في محوري نتساريم وفيلادلفيا بشكل جزئي. على أن يتم السماح بعودة جميع النساء والأطفال إلى شمال القطاع، وفي مرحلة لاحقة وتدريجية تتم عودة الرجال وفق آلية متفق عليها.

وأوضح أن «هناك محاولات حثيثة لأن تشمل المرحلة أيضاً الرجال، وما زالت المفاوضات جارية».

فلسطينية بين ركام منزلها في مخيم النصيرات وسط غزة بعد غارة إسرائيلية قتلت أكثر من 40 شخصاً (إ.ب.أ)

وستسلم الحركة في المرحلة الأولى التي تمتد من 45 يوماً إلى 60 يوماً نحو 30 أسيراً إسرائيلياً ما بين أحياء وجثث، مقابل عدد لم يحسم من الأسرى الفلسطينيين، بينهم عشرات المحكومين بالمؤبدات. ويشمل الاتفاق تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، لكن ليس بشكل فوري، وضمن ترتيبات تشرف عليها مصر كذلك.

وتعدّ «حماس»، بحسب المصدر، أنها قدمت تنازلات كبيرة بتخليها عن شرطي وقف الحرب وانسحاب الجيش بشكل كامل من قطاع غزة في المرحلة الأولى، لكنه أكد أن الحركة تلقت ضمانات بالوصول إلى هذه المرحلة في المراحل اللاحقة من الاتفاق.

ويفترض أن يتم نقاش تسليم باقي الأسرى لدى «حماس» ووقف الحرب خلال فترة المرحلة الأولى.

وأكدت إسرائيل و«حماس»، الثلاثاء، أن ثمة تقدماً كبيراً. وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الصفقة «أقرب من أي وقت مضى»، بعدما تلاشت «الأشياء التي كانت عقبة في الماضي».

وأصدرت «حماس» بياناً أكدت فيه أنه «في ظل ما تشهده الدوحة اليوم (الثلاثاء) من مباحثات جادة وإيجابية برعاية الإخوة الوسطاء (القطري والمصري)، فإن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ممكن إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة».

ووجدت «حماس» نفسها في وضع معقد بسبب خسارتها غالبية قيادتها السياسية والعسكرية، وبعد التغييرات الكبيرة التي طرأت في الشرق الأوسط، بدءاً من تحييد «حزب الله» اللبناني، وصولاً إلى إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، إضافة إلى التغيير في الولايات المتحدة.

طابور مساعدات غذائية في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقالت مصادر أخرى مطلعة على واقع الحركة إنها وجدت نفسها وحيدة تحت ضغوط متعددة من أجل التنازل، أو أن الثمن سيكون كبيراً للغاية.

وتريد «حماس»، مثل إسرائيل، الوصول إلى اتفاق قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سدة الحكم، الشهر المقبل. وقال أحد الدبلوماسيين العرب، في معرض تفسيره للتحول في موقف الحركة، بحسب «تايمز أوف إسرائيل» إن «حماس» في أضعف موقف لها حتى الآن، و«أخبرناهم أنه كلما طال انتظارهم، كانت الشروط أسوأ».