التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

البرلمان يعقد جلسة تشريعية الخميس لإقراره

النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس المقبل لإقرار عدد من اقتراحات القوانين التي تكتسب صفة «تشريع الضرورة»؛ أبرزها اقتراح القانون الذي تقدّمت به كتلة «الاعتدال الوطني» للتمديد مرّة ثانية لقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري.

ورغم تحفّظ بعض الكتل على اقتراح التمديد لقادة المؤسسات العسكرية والأمنية، لأسباب سياسية أو قانونية، فإن القانون سيأخذ طريقه للإقرار، وفق تقدير عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أيوب حميّد.

وأوضح حميد لـ«الشرق الأوسط» أن «الصورة شبه محسومة لجهة إقرار قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، وهناك أيضاً اقتراحات قوانين ضرورية وتستدعي إقرارها؛ لأنها تتعلّق بحقوق الناس، منها ما يتعلّق بعمل الإدارات والقضاء والمصارف». ولم يخفِ حميّد «وجود تحفّظ لدى بعض الكتل حول التمديد لقائد الجيش، وهذا حقّها، لكن ذلك لن يهدد بتطيير الجلسة؛ لأن النصاب القانوني لانعقادها، أي (النصف زائداً واحداً - 65 نائباً)، مؤمن».

الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين خلال اجتماعه مع قائد الجيش اللبناني جوزف عون في زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)

وهل يشارك نواب «حزب الله» في الجلسة؟ رجّح حميّد أن «تكون هناك مشاركة متواضعة لهم؛ إذ لديهم ظروفهم التي نقدرها». وعمّا إذا كانت ظروف تغيّب نواب «الحزب» أو أغلبهم ذات طابع أمني أم سياسي، أي اعتراضاً على التمديد لقائد الجيش، رفض النائب حميّد الخوض في التفاصيل، داعياً إلى «تفهّم ظروف الزملاء في هذه المرحلة الدقيقة».

وإلى جانب اقتراح كتلة «الاعتدال الوطني»، الذي يحظى بتأييد غالبية نيابية، كانت كتلة «الجمهورية القوية» قدّمت اقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش وحده من دون قادة الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى اقتراح القانون الذي قدّمه عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، للتمديد لجميع الضبّاط من رتبة عميد حتى لا يُحرم هؤلاء من حقّهم في تبوّؤ مركز القيادة، إلّا إن التوافق اقتصر على اقتراح قانون التمديد للعماد جوزف عون واللواءين عثمان والبيسري.

ورأى عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني أن اقتراح كتلته «يكتسب طابع الشمولية، والتمديد لقائد الجيش وحده يفقد القانون شموليته ويعرضه للطعن أمام المجلس الدستوري». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكتلة آثرت التمديد لقائد الجيش والأجهزة الأمنية ليس حبّاً في الأشخاص والأسماء، رغم احترامنا وتقديرنا لدورهم الوطني، بل حفاظاً على المؤسسات العسكرية والأمنية». وعن سبب استبعاد اقتراح النائب بلال عبد الله الأكثر شمولية، لفت البعريني إلى أن «هناك رهاناً على انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، وعندها تأخذ المؤسسات دورها وينتظم عملها بشكل قانوني ودستوري».

وفي حين لم يعرف موقف نواب «حزب الله» من التمديد لقائد الجيش، فإن هذا الأمر يلقى معارضة قويّة من تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل.

وأشار عضو التكتل النائب جيمي جبّور، إلى أن «اجتماع الكتلة الذي سيعقد في الساعات المقبلة سيحدد الموقف من المشاركة في الجلسة النيابية ومسألة التمديد»، لكنه أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «(التيار الوطني الحرّ) لديه موقف مبدئي عبّر عنه في المرّة السابقة، وهو أنه ضدّ التمديد لقائد الجيش؛ لأن انتظام عمل المؤسسات العسكرية والأمنية يتطلب إفساح المجال أمام ضباط آخرين لتسلّم هذا المنصب». وعدّ أن «الإصرار على التمديد لقائد الجيش الحالي مرتبط بترشيحه لرئاسة الجمهورية، ويفترض تحييد الجيش عن الاستخدام السياسي؛ لأن الجيش يلعب دوراً وطنياً، خصوصاً في المرحلة المقبلة، وبالتالي يجب إبعاده عن الحسابات السياسية»، عادّاً أنه «لا خوف من الفراغ في مركز القيادة ما دام الضابط الأعلى رتبة يتسلّم هذا المنصب».

وعمّا إذا كان «التيار الوطني الحرّ» يقبل أن يشغل ضابط غير مسيحي هذا الموقع ولو بالوكالة، خصوصاً أن اللواء بيار صعب، الذي كان يزكيه «التيار الوطني الحرّ» لشغل المنصب، أحيل على التقاعد، اتهم جبور بعض القوى بـ«إفراغ المجلس العسكري من أعضائه جراء الطعن في قرار وزير الدفاع الوطني (موريس سليم) الذي مدّد بموجبه لعضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى استناداً إلى القانون الذي أقرّه مجلس النواب للتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة، لكن مجلس شورى الدولة أبطل هذا القرار».

وقال: «هناك استهداف لكل من يمتّ إلى (التيار الوطني الحرّ) بصلة سواء بالتعيين والحملات السياسية». وعمّا إذا كان ذلك اعترافاً بأن عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب ينتمي إلى «التيار الوطني الحرّ»، أجاب النائب جبّور: «ليس خافياً على أحد أن تعيين اللواء صعب في المجلس العسكري جاء بناء على اقتراح من الرئيس ميشال عون، وهناك رغبة في اجتثاث كل من يمتّ بصلة إلى الرئيس عون و(التيار)». ودعا إلى «اعتماد آلية جديدة، هي تعيين قائد جيش جديد وقادة للأجهزة الأمنية، لكن القيادات والكتل السياسية خضعت للأسف لقوى خارجية فرضت هذا التمديد، بدليل جولات بعض السفراء على قيادات ومطالبتها بحتمية التمديد لقائد الجيش».


مقالات ذات صلة

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اجتماع تكتل «الجمهورية القوية» برئاسة رئيس «القوات» سمير جعجع (حزب القوات اللبنانية)

جنبلاط: دور الجيش أسقط «الأمن الذاتي»... وجعجع: لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر

عدّ رئيس «الاشتراكي» أن الدور الذي قام به الجيش اللبناني أسقط نظرية «الأمن الذاتي»، في حين أكد رئيس «القوات» أنه لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيباني مع رئيس البرلمان نبيه برّي في زيارة وداعية (رئاسة البرلمان)

السفير الإيراني يعود إلى بيروت بعد تعافيه من إصابة «البيجر»

يعود سفير إيران لدى لبنان مجتبي أماني يوم الأحد إلى بيروت لاستئناف عمله في سفارة بلاده.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص ماكرون يرسم مجدداً خريطة طريق لمساعدة لبنان

خاص ماكرون يرسم مجدداً خريطة طريق لمساعدة لبنان

ملف لبنان على طاولة المباحثات بين الرئيس ماكرون والأمير محمد بن سلمان، ويدعو لوقف كافة انتهاكات اتفاق وقف النار وانتخاب «فوري» لرئيس الجمهورية.

ميشال أبونجم (باريس)

روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

قوات روسية في سوريا (أرشيفية)
قوات روسية في سوريا (أرشيفية)
TT

روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

قوات روسية في سوريا (أرشيفية)
قوات روسية في سوريا (أرشيفية)

دخل الكرملين على خط المعارك الساخنة في سوريا، الجمعة، بعد مرور 3 أيام على اندلاع أوسع مواجهات تشهدها البلاد منذ ربيع عام 2020، محذراً من «الاعتداء على سيادة سوريا».

وحملت دعوة الرئاسة الروسية للحكومة السورية إلى «استعادة النظام بأسرع وقت» مؤشرات إلى أن موسكو التي راقبت بصمت تطور الوضع في مناطق المواجهة خلال الأيام الماضية، بدأت تشعر بقلق بسبب التقدم السريع لقوات المعارضة في محيط إدلب وحلب.

وربط محللون في موسكو التطورات بما وصف أنه محاولة لاستغلال الانخراط الروسي في أوكرانيا، و«فتح جبهة جديدة تضغط على موسكو، على خلفية احتدام المواجهة المباشرة مع حلف الأطلسي (الناتو)».

ووصف الناطق الرئاسي الروسي، دميتري بيسكوف، الوضع في حلب بأنه «تعدٍ على سيادة سوريا»، وأكد أن بلاده «تدعم استعادة النظام في المنطقة».

وقال للصحافيين، رداً على سؤال يتعلق بالوضع حول حلب، إن «هذا بالطبع تعدٍ على سيادة سوريا في هذه المنطقة، وندعو السلطات السورية إلى استعادة النظام بسرعة في هذه المنطقة وفرض النظام الدستوري».

اللافت في توقيت التصريح أنه جاء بعد مرور ساعات على دخول القوات الجوية الروسية على خط المواجهات، ما يعكس تحول موسكو من مراقبة الوضع إلى التدخل المباشر عسكرياً وسياسياً لدعم النظام.

وكان «مركز المصالحة الروسي» المكلف مراقبة تنفيذ الهدنة في سوريا أعلن، ليل الجمعة، أن القوات السورية «تصدت بدعم من الطيران الروسي لـ(هجوم إرهابي) في محافظتي حلب وإدلب، وكبّدت المسلحين خسائر فادحة في المعدات والقوى البشرية». وكان هذا أول إعلان مباشر من موسكو بتحريك الطيران الحربي لمساعدة القوات الحكومية على وقف الهجوم الواسع.

الانخراط في أوكرانيا

وتربط تقديرات التطورات السورية بتفاقم المواجهة المباشرة لروسيا مع حلف شمال الأطلسي، وخصوصاً لجهة سماح الغرب لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى، وما أعقبه من الردّ الروسي بتوسيع استهداف البنى التحتية والمرافق في المدن الأوكرانية الكبرى، واستخدام أحدث الأسلحة في ذلك، وبينها صاروخ «أوريشنيك» القادر على حمل رؤوس نووية، ما عدّ رسالة تحذير قوية من جانب الكرملين للغرب.

وعلى نهج التقدير السابق، نقلت وسائل إعلام روسية عن خبراء سياسيين وعسكريين أن التطورات السورية مرتبطة بالتعقيدات التي تواجهها روسيا، المنخرطة بقوة في أوكرانيا.

ورأى الخبير العسكري ألكسندر أرتامونوف أن «المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي باتت مباشرة، وكان استخدام (أوريشنيك) في الأساس تبادلاً للضربات مع التحالف، وليس مع القوات المسلحة الأوكرانية (...) لذلك، لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أننا بدأنا بالفعل مواجهة أوسع مع مجموعات عسكرية حليفة للناتو، بما في ذلك تلك الموجودة في الشرق الأوسط».

انفجار صاروخ في السماء خلال هجوم روسي على كييف (رويترز)

ويعتقد أرتامونوف أن إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن تبحث عن فرص «لإلحاق أقصى قدر من الضرر بمصالح روسيا». وقال إن سوريا تشكل منصة مناسبة لذلك، حيث توجد قاعدتان عسكريتان روسيتان هناك، والدولة نفسها تدخل في فلك المصالح الروسية.

غموض حول زيارة الأسد

ومع تسارع التطورات الميدانية في سوريا، تجنب المسؤول الإعلامي في الكرملين التعليق على تقارير تحدثت عن زيارة غير معلنة للرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو، وقال بيسكوف حرفياً عندما طلب منه ممثلو وسائل الإعلام تأكيد أو نفي هذه الزيارة: «ليس لديّ ما أقوله بشأن هذه القضية».

وكان دبلوماسي روسي أبلغ «الشرق الأوسط» أن الأسد «يزور موسكو كثيراً لمواصلة علاج زوجته»، مستبعداً بذلك أن تكون الزيارة، إذا صحّت التقارير بشأنها، مرتبطة بالوضع الميداني المتفاقم في شمال غربي سوريا.

ومقابل الصمت الرسمي لموسكو خلال الأيام الأولى للهجوم، نقلت وسائل الإعلام الحكومية الروسية تغطيات مقتضبة حول «شنّ الإرهابيين هجمات على مناطق سيطرة الحكومة السورية».

وبرز إلى جانب ذلك تحميل غير مباشر للمسؤولية عن التصعيد على عاتق تركيا، التي كتبت عنها وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية، أنها «المسؤولة بموجب توافقات وقف النار عن الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب ومحيطها».

جنود من الفصائل المسلحة السورية يقفون في تشكيل بعد دخول قرية عنجارة على مشارف حلب الغربية... 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لكن الأبرز في هذا الإطار الإشارات إلى أن الهجمات التي شنّتها المعارضة استغلت «تراجع قوة القوات المدعومة من إيران» في مناطق عدة، ما أعطى إيحاء بأن الهجوم الواسع تم تنسيقه مع الولايات المتحدة، وربما مع تركيا، لـ«تعزيز الضغط على الإيرانيين والقوات النظامية»، وكذلك لتحسين الشروط التفاوضية للمعارضة.

الأثر التركي

في إطار متصل، كتب المعلق السياسي لصحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» واسعة الانتشار أن «دمشق الرسمية تواجه أقوى هجوم للجماعات المسلحة المتطرفة الموالية لتركيا في السنوات الأخيرة»، والهدف وفقاً للصحيفة «احتواء الجيش الحكومي والمسلحين الشيعة المتحالفين معه».

ورأى أن «تزامن تفعيل القوات الموالية لتركيا مع تجميد النزاع المسلح في لبنان المجاور وجمود المفاوضات بين أنقرة ودمشق بشأن تطبيع العلاقات الثنائية يوجّه رسائل عدة بأن التطورات تم التخطيط لها بعناية».

وبرغم أن الصحيفة نقلت تأكيدات مصدر استخباراتي تركي على أن أنقرة «تحاول منع العملية لتجنب مزيد من تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، خاصة في ظل الجبهة المفتوحة في قطاع غزة»، فإنه استنتج أن «محاولات استخدام قنوات الاتصال لم تسفر عن نتائج»، خصوصاً أن «الهجوم الذي كانت موسكو تتوقع في البداية أنه لن يزيد عن كونه عملية محدودة، سرعان ما توسع نطاقه، عندما بدأت القوات النظامية السورية التخلي عن مواقعها، كما انهارت دفاعات القوات الموالية لها».

مقاتلون سوريون موالون لتركيا يستعدون لقصف مواقع تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)

ولعل التحليل السابق، يشرح بصورة غير مباشرة أسباب الصمت الروسي في أيام الهجوم الأولى، إذ يبدو أن موسكو سعت إلى درس الموقف، ومعرفة ما إذا كانت تركيا تقود التحرك، أم أنه جرى بدفع من الولايات المتحدة لاستغلال لحظة الضعف لدى الحكومة والحلفاء الإيرانيين.

كما أن موسكو ربما أرادت فهم حجم المعركة ومستوى اتساعها ومداها الزمني، ما يعني أن التدخل الروسي الحالي جاء بعد تفاقم المخاوف من أن تخرج الأمور عن سيطرة دمشق، وأن تنهار الدفاعات بشكل قوي، ما يسمح للمعارضة بالسيطرة على مدن كبرى استراتيجية، مثل حلب.

وبرغم أن التقديرات الأولية تشير إلى أن «أنقرة تبدو حتى الآن المستفيد الرئيسي من التصعيد»، فإن الفهم الروسي ينطلق من أن التطورات السورية بمثابة ضربة لموسكو أولاً، في سياق المواجهة مع الغرب، وربما تهدف إلى وضع خرائط جديدة تستبق الرؤية الأميركية بالانسحاب من سوريا، بعد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة في يناير (كانون الثاني) المقبل.

خيارات محدودة

لا يستبعد خبراء أن تُصعّد موسكو التي فوجئت بقدرة قوات المعارضة على التقدم سريعاً من ضرباتها على مواقع التحرك والإمداد، بهدف وقف هذا التقدم، وإفساح المجال أمام تحسين الدفاعات في المناطق، وخصوصاً مدينة حلب.

في الوقت ذاته، نشّطت موسكو اتصالاتها، وفقاً لمصادر مع الجانب التركي، لضبط تحرك الفصائل السورية المسلحة، والعودة إلى خط الهدنة، مع الإشارة إلى أن موسكو لا ترغب بتدخل عسكري واسع النطاق، قد تحتاج معه لإعادة زجّ قوات إضافية، ما قد يضرّ بالعلاقة مع الجانب التركي.

لذلك تبدو الخيارات أمام موسكو محدودة للتحرك الميداني. ووفقاً لخبراء، فهي تفضل التوصل إلى «صيغة سريعة للتهدئة» تعيد إنتاج التوافقات مع تركيا، ربما بطريقة جديدة، تدفع الحكومة إلى التجاوب سريعاً مع جهود التقارب مع أنقرة.