كابوس الإنذارات الكاذبة يرعب اللبنانيين ويدفعهم للشوارع

إسرائيل تقف خلفها لإثارة القلق وتأليب الناس ضدّ بعضهم

جندي بالجيش اللبناني يقف إلى جانب موقع استهداف إسرائيلي في شرق لبنان (أ.ف.ب)
جندي بالجيش اللبناني يقف إلى جانب موقع استهداف إسرائيلي في شرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

كابوس الإنذارات الكاذبة يرعب اللبنانيين ويدفعهم للشوارع

جندي بالجيش اللبناني يقف إلى جانب موقع استهداف إسرائيلي في شرق لبنان (أ.ف.ب)
جندي بالجيش اللبناني يقف إلى جانب موقع استهداف إسرائيلي في شرق لبنان (أ.ف.ب)

لا يكفي اللبنانيين قلق الإنذارات التي تصدر عن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي لإخلاء أحياء ومبانٍ سكنيّة مدرجة ضمن «بنك الأهداف العسكرية»، سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في مدينتَي صور والنبطيّة وبلدات واسعة في الجنوب أو البقاع؛ بل باتوا ينامون على كابوس الإنذارات الكاذبة التي يتلقاها عشرات المواطنين عبر هواتفهم الجوالة أو الثابتة، في مناطق بعيدة عن النقاط الساخنة، وتعدّ آمنة أو أقلّ خطراً من غيرها.

وتلقّى عشرات اللبنانيين اتصالات خارجية ومجهولة المصدر، تطلب منهم إخلاء المباني التي يقيمون فيها، وآخرها ما ورد لسكان فندق في منطقة الروشة في بيروت، ومنازل في مناطق ذات غالبية مسيحية مثل بعبدا، ومار تقلا، ومار روكز، وبلدات أخرى في المتن (جبل لبنان)، ولم تستثنِ الاتصالات المشبوهة مكاتب في وزارة الدفاع اللبنانية وهواتف ضبّاط في الجيش اللبناني، تطلب من المتلقين إخلاء المكان فوراً؛ لأنه معرّض للاستهداف.

ووصف مصدر أمني هذا الكمّ من الاتصالات بأنه عبارة عن «هجمات مبرمجة تحصل بتوجيه من الإسرائيليين، وكلّها آتية من الخارج». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بيّنت أن الجهة المتصلة تقف خلفها أجهزة إسرائيلية تستخدم شركات اتصال دولية، وتمرر عبرها الرسائل من خلال منافذ أو ثغرات في شركة (أوجيرو) للاتصالات اللبنانية».

وقال المصدر: «تعاونّا مرات عدّة مع شركة (أوجيروا) ونجحنا في إقفال النوافذ والرموز التي استخدمها مرسلو الرسائل السابقة، لكنهم للأسف سرعان ما يلجأون إلى رموز أخرى لتمرير رسائل جديدة». وشدد المصدر الأمني على أن هذه المشكلة «لا يمكن حلّها بشكل نهائي». وأضاف: «صحيح أنها لا تشكل خطراً، لكنها بالتأكيد تثير الرعب والقلق والإرباك لدى الناس الذين يأخذونها على محمل الجدّ، ومن حق الناس عدم تجاهل مثل هذه التحذيرات، خصوصاً في حالة الحرب التي نعيشها».

لبناني يقود سيارته هرباً من غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

نَصّ الرسائل

ونشر عدد من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نَصّ الرسائل التي وردت إليهم، وقال «محمد. ش»، إنه «تبلّغ من أقارب وأصدقاء له بأنهم تلقوا اتصالات تطالبهم بإخلاء المباني التي يقطنون فيها بمناطق في بيروت هي: رأس النبع، وبرج أبو حيدر، والبسطة والروشة (ذات غالبية سنيّة)، والأشرفية ذات الغالبية المسيحية». ولفت إلى أن المتصل طلب منهم النزوح إلى شمال نهر الليطاني، علماً أن بيروت أصلاً تقع شمال «الليطاني».

كما أفاد «مالك. أ» بورود اتصالات لأشخاص يعرفهم من سكان: صور، وصيدا، وبيروت، وبعلبك، والهرمل، في حين أعلن ناشطون أن عشرات الاتصالات والرسائل المماثلة تلقاها أشخاص في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في برج البراجنة وصبرا وشاتيلا (بيروت)، وتزامنت مع الغارات التي شنتها إسرائيل على الضاحية الجنوبية فجر الجمعة.

إنذارات مفتعلة

من جهته، اعتبر خبير الاتصالات عامر الطبش، أن هذه الإنذارات «مفتعلة ويقف وراءها الإسرائيليون، وهي تأتي من الخارج، وهو ما يصعّب مهمّة مواجهتها ومنعها من الدخول إلى الهواتف اللبنانية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجهة التي تطلق هذه الإنذارات تختار شريحة من الأرقام وتربطها بالحاسوب مزودة بتسجيل صوتي ينذر الناس بالإخلاء الفوري». وعن سبب اختيار مناطق بعيدة عن المواجهة وذات غالبية مسيحية، وليس فيها أي وجود لـ«حزب الله» ومسؤوليه، يلفت الطبش إلى أنه «قد يكون أحد النازحين من الجنوب لجأ إلى منطقة من هذه المناطق، فيقوم الإسرائيلي بإرسال هذه التحذيرات ليتثبّت مما إذا كان الشخص لا يزال في الجنوب أو انتقل إلى منطقة أخرى».

بلبلة وذعر

وكانت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوقفت عدداً من المواطنين الذين بعثوا برسائل تحذيرية لأشخاص محددين من أرقام مجهولة، وذلك على سبيل المزاح، وأسفرت هذه التوقيفات عن منع تكرارها نهائياً.

وشدد الطبش على أن «موجة الاتصالات المشار إليها بعيدة كلّ البعد عن الحالات التي قام بها مواطنون لبنانيون وجرى تعقبهم وكشف هوياتهم على الفور». وقال إن «الرسائل التي تقف خلفها جهات إسرائيلية متعددة الأهداف؛ أولها إثارة البلبلة والذعر لدى الناس، والثاني تأليب المجتمع المضيف ضدّ بعض النازحين وإرغامهم على ترك المنطقة ومغادرتها فوراً، خصوصاً ضدّ المواطنين الشيعة الموجودين في مناطق ذات غالبية سنية أو درزية أو مسيحية».

ولفت إلى أن «ما يثير القلق أن هذه الرسائل تتزامن مع تحليق طائرات (الدرون)، وكأن هناك شخصاً أو أشخاصاً مراقبين ومعرّضين للاستهداف»، مشيراً إلى أن «هذه الإنذارات لها أيضاً بُعدٌ عسكري، وهو تتبع الهدف المشكوك فيه، إلى حين التأكد منه إما عبر خروجه من المنزل وملاحقته، وإما من خلال خروج السكان وبقائه بمفرده في الداخل».


مقالات ذات صلة

مجازر إسرائيلية جوالة في لبنان

المشرق العربي 
مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)

مجازر إسرائيلية جوالة في لبنان

وسعَّت إسرائيل مجازرَها الجوالة داخل الأراضي اللنبانية بين بيروت والجنوب والبقاع، بالتزامن مع زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايك كوريلا إلى

نذير رضا ( بيروت)
المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري

تقرير: أميركا حذرت إسرائيل من تصاعد العنف بعد قرار وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين

ناشط من المستوطنين اليهود بحماية جنود إسرائيليين خلال احتفالات عيد المظال اليهودي في منطقة البلدة القديمة بالخليل (د.ب.أ)
ناشط من المستوطنين اليهود بحماية جنود إسرائيليين خلال احتفالات عيد المظال اليهودي في منطقة البلدة القديمة بالخليل (د.ب.أ)
TT

تقرير: أميركا حذرت إسرائيل من تصاعد العنف بعد قرار وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين

ناشط من المستوطنين اليهود بحماية جنود إسرائيليين خلال احتفالات عيد المظال اليهودي في منطقة البلدة القديمة بالخليل (د.ب.أ)
ناشط من المستوطنين اليهود بحماية جنود إسرائيليين خلال احتفالات عيد المظال اليهودي في منطقة البلدة القديمة بالخليل (د.ب.أ)

وأكد الموقع أن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس، بإيقاف الاعتقال الإداري بحق المستوطنين في الضفة الغربية سيزيد التوتر بين إدارة بايدن وإسرائيل.

ونقل الموقع عن مسؤولَين أميركيَين اثنين قولهما إن إدارة بايدن تتوقَّع من إسرائيل تنفيذ القانون ضد اليهود والفلسطينيين بشكل متساوٍ في الضفة الغربية.

وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد نقلت عن كاتس قوله إن المستوطنات في الضفة الغربية «تتعرض لتهديدات خطيرة من الفلسطينيين وعقوبات دولية غير مبررة، ولذلك ليس من المناسب أن تتخذ دولة إسرائيل هذا الإجراء بحق المستوطنين».