مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً، على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله» اللبنانية، بالتزامن مع سعي وسيط أميركي لدفع محادثات وقف إطلاق النار في إسرائيل. واجتمع الوسيط الأميركي آموس هوكستين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس. ولم تصدر بيانات بعدُ.

وكان هوكستين قد قال إن وقف إطلاق النار «في متناول أيدينا»، خلال زيارة إلى بيروت، يوم الثلاثاء. وفي إشارة إلى استمرار وجود فجوات، قال مسؤول لبناني كبير، لـ«رويترز»، إن بيروت تسعى لإدخال تعديلات على مقترح أميركي لوقف إطلاق النار، ليشمل انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان. وهذه المساعي الدبلوماسية أكثر المحاولات جدية، حتى الآن، لإنهاء الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» المدعومة من إيران.

ويشكل الصراع جزءاً من التداعيات الإقليمية لحرب غزة المستمرة منذ أكثر من عام. وذكر بشير خضر، محافظ بعلبك الهرمل اللبنانية، أن 47 شخصاً على الأقل قُتلوا، وأُصيب 22 آخرون في غارات إسرائيلية على المحافظة، مضيفاً، على منصة «إكس»، أن عمليات الإنقاذ لا تزال جارية.

ويسيطر «حزب الله» على المحافظة المتاخمة لسوريا. واهتزت العاصمة بيروت جراء 12 غارة جوية على الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها «حزب الله»، مما أدى إلى تصاعد أعمدة كثيفة من الدخان، في إحدى أعنف عمليات القصف الجوي حتى الآن. وفرَّ معظم السكان من المنطقة منذ شنت إسرائيل هجومها في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال الجيش الإسرائيلي إن هجماته استهدفت بنية تحتية لـ«حزب الله»، وإنه خفف الأضرار الواقعة على المدنيين عن طريق إصدار تحذيرات مسبقة وإجراءات أخرى. وقالت خدمة نجمة داوود الحمراء للإسعاف في إسرائيل إن رجلاً عمره 30 عاماً قُتل بشظية صاروخ، قرب ملعب في بلدة نهاريا بشمال إسرائيل، اليوم الخميس.

وقال رونين ماريلي، رئيس بلدية نهاريا، لهيئة البث العامة الإسرائيلية «راديو كان»: «الحكومة الإسرائيلية لا تحمي أمني ولا سكاني ولا سكان الشمال (شمال إسرائيل). من المستحيل العيش في أوضاع كهذه». وأعلن الجيش الإسرائيلي أن نحو عشرة صواريخ أُطلقت من لبنان صوب نهاريا. وأضاف الجيش، في بيان: «جرى اعتراض أغلب المقذوفات، وتحديد نوعها بعدما سقطت».

وقالت القناة 12 إن ثلاثة صواريخ سقطت على البلدة الساحلية. وأكدت قناة المنار، التابعة لـ«حزب الله»، نقلاً عن مراسلها، إطلاق صواريخ باتجاه نهاريا والمناطق المحيطة بها. وتوجه هوكستين إلى إسرائيل، بعد إعلانه إحراز تقدم، خلال يومين من المحادثات بلبنان مع مسؤولين؛ من بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي فوّضه «حزب الله»، المدعوم من إيران، للتفاوض. وقال هوكستين، قبل مغادرته بيروت، إنه ذاهب إلى إسرائيل؛ لمحاولة إبرام اتفاق، إذا أمكن. وتهدف الجهود الدبلوماسية إلى إنهاء الصراع الذي ألحق دماراً هائلاً بلبنان، منذ شنت إسرائيل هجومها على «حزب الله» في سبتمبر، ونفذت غارات جوية على أجزاء واسعة من البلاد، وتوغلت قواتها في الأراضي اللبنانية.

وأظهرت لقطات، بثّتها قناة الجزيرة، دخاناً كثيفاً يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان، على بُعد نحو ستة كيلومترات من الحدود، وهي منطقة محورية للمعارك البرية بين مقاتلي «حزب الله» والقوات الإسرائيلية. وتقول إسرائيل إنها تستهدف ضمان عودة عشرات آلاف الإسرائيليين إلى منازلهم، بعد إجلائهم من الشمال بسبب الهجمات الصاروخية التي يشنها «حزب الله». وبدأ «حزب الله» إطلاق النار عبر الحدود؛ تضامناً مع حليفته، حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس»، منذ اندلعت حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ويواصل «حزب الله»، الذي عانى خسائر كبيرة منذ بدأت إسرائيل هجومها في سبتمبر الماضي، إطلاق صواريخ صوب إسرائيل، إذ استهدف تل أبيب، هذا الأسبوع، كما يخوض مقاتلوه مواجهات مع القوات الإسرائيلية في الجنوب. وقالت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الخميس، إن الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 3583 شخصاً على الأقل في لبنان، وقُتل أغلبهم خلال الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ سبتمبر. ولا تميز الأرقام بين المقاتلين والمدنيين.

وذكرت الوزارة أن 25 شخصاً قُتلوا، أمس الأربعاء. وتقول إسرائيل إن ضربات «حزب الله» قتلت أكثر من 100 في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة، منهم أكثر من 70 جندياً لقوا حتفهم في ضربات على شمال إسرائيل والجولان، وفي القتال بجنوب لبنان.


مقالات ذات صلة

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين ملتقياً رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

لقاءات هوكستين وقيادات لبنانية... محاولة لتأمين موقف عام مؤيد لمفاوضات الحل

رأى بعض الأفرقاء في لقاءات المبعوث الأميركي آموس هوكستين مع القيادات اللبنانية أنها محاولة لتأمين موقف لبناني عام مؤيد لمفاوضات الحل.

كارولين عاكوم

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».