نتنياهو يرفض قرار المحكمة الجنائية ويتهمُها بـ«معاداة السامية»

غالانت يندد بـ«سابقة خطيرة» بعد مذكرة التوقيف

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (وسائل إعلام إسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

نتنياهو يرفض قرار المحكمة الجنائية ويتهمُها بـ«معاداة السامية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (وسائل إعلام إسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (وسائل إعلام إسرائيلية)

قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، اليوم (الخميس)، إن أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، «قرار عبثي»، بينما أعلن نتنياهو نفسه عن رفضه القرار بـ«اشمئزاز».

واتهم نتنياهو المحكمة الجنائية الدولية بـ«معاداة السامية». وقال، في بيان صادر عن مكتبه، إن «القرار المعادي للسامية الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية يمكن مقارنته بمحاكمة دريفوس، وسينتهي بالطريقة نفسها»، في إشارة إلى قضية النقيب اليهودي دريفوس، الذي أدين ظلماً في القرن التاسع عشر بالخيانة في فرنسا.

وأضاف نتنياهو: «ليس هناك أعدل من الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023». وأكد أنه «لن يستسلم للضغوط، ولن يتراجع، ولن ينسحب (من قطاع غزة) إلا بعد تحقيق جميع أهداف الحرب التي حددتها إسرائيل في بداية الحملة».

وفي وقت لاحق، أكّد نتنياهو أنّ مذكرة التوقيف لن تمنعه «من مواصلة الدفاع» عن إسرائيل «بأي طريقة».

وقال نتنياهو في رسالة مصورة إلى مواطنيه «ما من قرار فاضح معاد لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا - وتحديداً أنا - من الاستمرار في الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة»، مضيفاً «لن نستسلم للضغوط»، وذلك في وقت تواجه الدولة العبرية انتقادات دولية شديدة بسبب طريقة إدارتها للحرب التي تخوضها ضد حركة «حماس» في قطاع غزة.

واتّهم نتنياهو المحكمة الجنائية الدولية بأنّها «منحازة» وأصدرت أوامر الاعتقال الدولية بحقه وبحقّ غالانت «استناداً إلى اتهامات لا أساس لها على الإطلاق بأننا ارتكبنا (جرائم ضد الإنسانية)».

وأضاف «هذا إفلاس أخلاقي يقوّض الحقّ الطبيعي للديمقراطيات في الدفاع عن نفسها ضدّ الإرهاب القاتل».

وشدّد على أنّ «إسرائيل لا تعترف ولن تعترف بهذا القرار المشوّه»، متّهماً قضاة المحكمة ومقرها في لاهاي بالوقوف «مكتوفي الأيدي» إزاء «الجرائم الحقيقية ضد الإنسانية التي تُرتكب» في جميع أنحاء العالم.

كما اتّهم نتنياهو المحكمة بتوجيه «اتهامات باطلة ضد دولة إسرائيل» بدلاً من مهاجمة «الأنظمة الشريرة» مثل «إيران وسوريا واليمن».

وتساءل «ماذا فعلت محكمة لاهاي رداً على الفظائع» التي ارتكبتها حركة «حماس» خلال هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)؟، قبل أن يجيب بالقول «لا شيء. أوه، أنا آسف، لقد أصدرت مذكرة توقيف بحقّ جثة محمد الضيف»، قائد الجناح العسكري لحركة «حماس» الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في يوليو (تمّوز)، وهو ما لم تؤكده «حماس» حتى اليوم.

بدوره، أعلن غالانت أن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي توقيف بحقّه وبحقّ نتنياهو هو «سابقة خطيرة تشجع الإرهاب». وكتب غالانت، على منصة «إكس»، أن هذا القرار «يضع دولة إسرائيل وقادة (حماس) المجرمين في المرتبة نفسها، ويشرع بذلك قتل الأطفال واغتصاب النساء، وخطف المسنين من أسرهم»، مضيفاً أن القرار «يخلق سابقة خطيرة ضدّ الحق في الدفاع عن النفس وخوض حرب أخلاقية، ويشجع الإرهاب القاتل».

وانتقد هرتسوغ القرار بوصفه «يوماً أسود للعدالة والإنسانية»، واتهم المحكمة بأنها «ساندت الإرهاب والشر ضد الديمقراطية والحرية». وأضاف، على منصة «إكس»: «قرار المحكمة الجنائية الدولية تجاهلَ معاناة الرهائن لدى (حماس)».

وعلَّق وزير خارجية إسرائيل، جدعون ساعر، قائلاً إن المحكمة الجنائية الدولية «فقدت كل مشروعيتها بقرارها العبثي ضد نتنياهو وغالانت».

وكتب ساعر على منصة «إكس»: «هذه لحظة سوداء للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها. إنها أداة سياسية في خدمة العناصر الأكثر تطرفاً التي تعمل على تقويض السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، معتبراً أنها «أوامر عبثية دون أي سلطة ضد رئيس الوزراء أو وزير الدفاع السابق».

أما وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المنتمي لليمين المتطرف، إيتمار بن غفير، فدعا، اليوم، إلى ضم الضفة الغربية، رداً على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن بن غفير قال: «رداً على مذكرتَي الاعتقال يجب أن نبسط سيادتنا على كل مناطق الضفة الغربية، وأن تكون هناك مستوطنات يهودية في جميع أراضي الضفة».

في المقابل، رحّبت حركة «حماس» الفلسطينية بقرار «الجنائية الدولية»، ووصفته في بيان بأنه «سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيح لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحقّ محمد الضيف، قائد الجناح المسلح للحركة.


مقالات ذات صلة

بن غفير يصف وقف إطلاق النار مع «حزب الله» بأنه «خطأ تاريخي»

شؤون إقليمية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة في القدس... 3 يناير 2023 (رويترز)

بن غفير يصف وقف إطلاق النار مع «حزب الله» بأنه «خطأ تاريخي»

قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إنه سيعارض اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله»، ووصفه بأنه «خطأ تاريخي».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة نتنياهو يصلان إلى مطار سيدني في أستراليا 22 فبراير 2017 (رويترز)

زوجة نتنياهو تطلب اعتبارها ضحية لهجوم استهدف منزل العائلة

طلب محامي سارة نتنياهو - زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - من المحكمة الاعتراف بزوجة رئيس الوزراء كضحية لهجوم استهدف منزلهما في قيسارية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)

تحليل إخباري خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

هل الاتفاق، الذي يبدو أنه جُزّئ بين «حزب الله» و«إسرائيل»، يعني أن يدَ «الحزب» العسكرية ستبقى طليقة في لبنان.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب متلفز للإعلان عن موافقته على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان (أ.ب) play-circle 00:30

نتنياهو: سنوافق على اتفاق وقف إطلاق النار

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الثلاثاء)، أن الحكومة الأمنية ستوافق هذا المساء على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، مع «حرية الحركة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

المحكمة توافق على تأجيل شهادة نتنياهو 7 أيام

وافقت المحكمة المركزية في القدس على طلب نتنياهو بشكل جزئي، وقررت تأجيل بدء الاستماع لشهادته 7 أيام.

نظير مجلي (تل أبيب)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
TT

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

اختارت إسرائيل وقت ذروة الحركة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي دمرتها بغارات سابقة، بينما أكدت مصادر أهلية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات الإسرائيلية تفاقم المعاناة المعيشية لسكان المنطقة على جانبي الحدود؛ لأنها تغلق المتنفس المتاح لحصولهم على المواد المعيشية الأساسية.

واستهدفت غارات إسرائيلية، مساء الاثنين، جسور الحوز ومطربة والجوبانية وجوسيه في منطقة القصير جنوب غربي حمص، وقال مصدر عسكري سوري إن إسرائيل شنت «عدواناً جوياً» من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفة نقاط عبور على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي نفسها التي استهدفتها إسرائيل سابقاً على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص. وحسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أسفرت الضربة عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، ووقوع خسائر مادية.

قطع طرق إمداد

قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الغارة استهدفت طرق استخدمها «حزب الله» اللبناني لنقل وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان، وقال إن «حزب الله» وبدعم من السلطات السورية، يواصل استغلال بنى تحتية مدنية لـ«أغراض إرهابية»، مؤكداً أن الضربات الأخيرة تمت في إطار الجهود المستمرة الهادفة إلى «عرقلة القدرات العملياتية لـ(حزب الله)، وضمان أمن إسرائيل».

ورأى أدرعي أن الغارات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ركزت على إحباط قدرات «الوحدة 4400» التابعة لـ«حزب الله» والمسؤولة عن نقل الأسلحة المستخدمة في شن عمليات ضد إسرائيل.

تدمير للجسور الفرعية في القصير السورية (الشرق الأوسط)

المصادر الأهلية في القصير قالت إن الجسور والبنى التحتية سبق أن تم تدميرها بالكامل، ولا يمكن للآليات والسيارات عبورها، وتكرار ضربها يؤذي المدنيين الذين يستخدمونها مضطرين للحصول على أساسيات العيش على جانبي الحدود. وأكدت المصادر أن الغارات، مساء الاثنين، حصلت في وقت ذروة الحركة للحصول على المواد الأساسية للمعيشة، حيث يتوجه الأهالي على الجانبين قبل مغيب الشمس لتأمين حاجتهم من الوقود اللازم للتدفئة والغاز المنزلي اللبناني، بسبب أزمة المحروقات على الجانب السوري، وازدياد الحاجة إليها مع تدني حرارة الطقس والبرودة الشديدة. وفي المقابل، يحصل سكان الجانب اللبناني على مواد غذائية أرخص ثمناً كالألبان والأجبان وبعض الأصناف الأخرى.

وأشارت المصادر إلى أنه في ظل التأزم المعيشي جراء الحرب تمثل الحدود متنفساً لسكان المنطقة، وقطع تلك الطرقات وتدميرها بشكل كامل يزيد معاناتهم، ويعرضهم للخطر الدائم حيث يقومون ببناء جسور مؤقتة خطيرة، أو يضطرون لعبور مياه نهر العاصي في أجواء شديدة البرودة.

القصير معقل لـ«حزب الله»

تقع منطقة القصير على الحدود مع لبنان، وتضم نحو 80 قرية وبلدة، يعيش فيها خليط ديني غالبية من السنة وأقليات من الشيعة والمرشديين والعلويين والمسيحيين، ومعظم سكان تلك المناطق من المزارعين الفقراء، حيث ترتبط القصير بمناطق الهرمل ـ بعلبك بعدة معابر منها جوسية ومطربا كمعبرين شرعيين والكثير من المعابر غير الشرعية كحوش السيد علي وجرماش والقصر وغيرها.

تبادل سلع ومحروقات عند جانبي الحدود السورية - اللبنانية لجهة المصنع في البقاع (أ.ف.ب)

ومنذ عام 2013 سيطر «حزب الله «على القصير بعد تهجير أهلها، وأصبحت أحد أبرز معاقله في سوريا، ثم استغل فقر أهالي القرى الشيعية لتجنيدهم في صفوفه، ومنحهم امتيازات مالية وسلطوية. وحسب مصادر محلية، تكتسب منطقة القصير أهمية استراتيجية كبيرة لدى «حزب الله»، وإن حركة الامداد فيها شهدت تراجعاً جراء التصعيد الإسرائيلي، مع الإشارة إلى عدم إمكانية قطعها تماماً لوجود طرق بديلة في جغرافية ممتدة على طول الحدود.

ومنذ بداية التصعيد الإسرائيلي على لبنان، استهدفت إسرائيل المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان 36 مرة، بحسب تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد، الثلاثاء، بأن الضربات الإسرائيلية على المناطق الحدودية جاءت في سياق تعطيل عودة النازحين إلى لبنان ومنع وصول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني، وقطع طرق إمداد «حزب الله»، ومنعه من نقل سلاحه من داخل الأراضي السورية باتجاه لبنان. وتركز القصف على المعابر الرسمية وغير الرسمية، بالإضافة إلى الطرق الترابية والفرعية في منطقة الحدود السورية - اللبنانية، مع استمرار المراقبة المكثفة للمنطقة الحدودية.

تدمير ممرات وجسور صغيرة بين لبنان وسوريا قرب القصير (الشرق الأوسط)

وحسب توثيقات المرصد، بدأت أولى الغارات في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأسفرت عن تدمير مواقع عدة، وخروج معابر رسمية وغير رسمية عن الخدمة، ما أعاق حركة عبور النازحين من لبنان إلى سوريا والعكس. كذلك تسببت هذه الضربات بمقتل 30 شخصاً، بينهم 4 من عناصر «حزب الله»، وشخص لبناني الجنسية، و6 من السوريين العاملين مع «حزب الله»، و8 مدنيين، إلى جانب ذلك، أصيب 22 آخرون، هم: 8 من قوات النظام وأجهزته الأمنية، و12 من العاملين مع الحزب، بالإضافة إلى إصابة مدنيين اثنين.