إسرائيل تتمدد بمحاذاة مواقع «اليونيفيل» للسيطرة على الساحل الجنوبي اللبناني

تسعى للقبض على أكبر مربع حدودي ومحاصرة مقاتلي «حزب الله»

كرة لهب تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة الطيونة على المدخل الشمالي للضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)
كرة لهب تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة الطيونة على المدخل الشمالي للضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتمدد بمحاذاة مواقع «اليونيفيل» للسيطرة على الساحل الجنوبي اللبناني

كرة لهب تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة الطيونة على المدخل الشمالي للضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)
كرة لهب تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة الطيونة على المدخل الشمالي للضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

ركز الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية بالأراضي اللبنانية، الجمعة، في القطاع الغربي، ساعياً إلى إنشاء منطقة عازلة بمحاذاة الشاطئ البحري بالناقورة، تمتد على مسافة 9 كيلومترات داخل العمق اللبناني، وتقوم من خلالها باستعادة السيطرة النارية على المنطقة الواقعة جنوب مدينة صور، والتي كانت محتلة قبل انسحابها من جنوب لبنان في عام 2000.

وجاء التقدم الإسرائيلي في منطقة تعجّ بمواقع «اليونيفيل» التي يبدو أنها أطلقت تحوّلاً في تجربتها منذ 18 عاماً، وسط مفاوضات لوقف إطلاق النار، تطالب فيها مسودات الاتفاق بـ«حرية الحركة» للبعثة الدولية بمعزل عن التنسيق مع الجيش اللبناني، وذلك بإعلانها مساء الخميس الرد على مصادر النيران إثر تعرض إحدى دورياتها لإطلاق نار في جنوب لبنان، عقب اكتشاف ذخيرة على جانب إحدى الطرق جنوب الليطاني.

وتصدى مقاتلو «حزب الله» الجمعة، لتوغل إسرائيلي وصل إلى بلدة شمع الاستراتيجية التي تقع على مرتفع، وتبعد نحو 15 كيلومتراً عن مدينة صور، واندلعت اشتباكات في مقام «شمعون الصفا» الواقع بالمنطقة، في محاولة للسيطرة عليه، والتمدد منه إلى شاطئ البياضة الذي يبعد 3 كيلومترات إلى الغرب، كما للإشراف على الأحراج الكثيفة الواقعة شمال شمع في وديان متصلة ببلدات شيحين ومجدل زون وزبقين وطيرحرفا.

وتحدثت وسائل إعلام لبنانية مساء عن أن القوة الإسرائيلية انسحبت من مقام «شمعون الصفا» إلى الوراء باتجاه محيط طيرحرفا، بعد تعرضها لوابل من النيران منعتها من السيطرة على المرتفع المشرف على مدينة صور (شمال)، وعلى البحر (غرب).

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية في القطاع الغربي بجنوب لبنان (رويترز)

وتسعى القوات الإسرائيلية من خلال هذا التقدم إلى إحكام السيطرة على الواجهة البحرية التي تمتد جنوباً إلى الناقورة، وتنشئ مربعاً حدودياً يضع الأحراج الحدودية الكثيفة في حامول واللبونة، تحت السيطرة الإسرائيلية، وتالياً، محاصرة مقاتلي «حزب الله» الموجودين في المنطقة، حسبما تقول مصادر لبنانية مواكبة لتفاصيل المعركة عن كثب.

وفي حال السيطرة على هذا المربع، فإن إسرائيل تكون قد تعمقت نحو 9 كيلومترات في داخل الأراضي اللبنانية بمحاذاة الساحل، وهي أكبر نقطة وصول داخل لبنان. وبدأت تتوغل إليها انطلاقاً من بلدتي الضهيرة ويارين، لنحو 5 كيلومترات باتجاه شمع (شمال)، وتشكل الحد الشرقي لهذا المربع. وبمجرد وصولها إلى البحر، تكون قد أحكمت السيطرة على مربع يمتد نحو 9 كيلومترات على الحدود، و9 كيلومترات على شاطئ البحر، و5 كيلومترات من الشرق، و4 كيلومترات من شمال المربع إلى غربه.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية استطاعت التقدم في منطقة أمنية حيوية توجد فيها مقرات وقواعد عسكرية ضخمة لقوات «اليونيفيل»، مما يجعل من استهدافها معقداً، منعاً لإصابة مقرات «اليونيفيل» بالرشقات الصاروخية ورصاص مقاتلي «حزب الله»، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي وفق هذه الاستراتيجية، «يحتمي بقواعد (اليونيفيل)، ويستغلها للمرور بمحيطها».

ويوجد في شمع، أسفل مقام «شمعون الصفا»، حيث وصلت القوات الإسرائيلية، مركز قيادة القطاع الغربي في «اليونيفيل»، وتوجد فيها كتيبة إيطالية، كما توجد إلى جانبها كتيبة صينية، فضلاً عن أن مقر «اليونيفيل» الأساسي يوجد في الناقورة، وتنتشر النقاط العسكرية للبعثة الدولية على الطريق الساحلية، وفي عمق تلك المنطقة الاستراتيجية.

مراكب بحرية قبالة شاطئ حيفا في شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

وقالت المصادر إن الجيش الإسرائيلي «يسعى لتطويق مقاتلي الحزب في المنطقة»، حيث يُعتقد أن هناك عشرات المقاتلين الذين يتحصنون في الأودية والمناطق الحرجية. وأشارت المصادر إلى أن القوات الإسرائيلية «شوهدت تحمل عبوات تشبه عبوات الأكسجين أو الغاز»، مضيفة: «لا يُعلم ما إذا كانت ستستخدمها لدخول جنودها إلى أنفاق متوقعة في المنطقة، في حال كانت (أوكسجين)، أو لضخ الغازات في الأنفاق بغرض تخدير مقاتلي الحزب فيها، واحتجازهم».

وتوجد في المنطقة، أعلى البياضة، نقطة رصد بحرية للجيش اللبناني، كما توجد حواجز للجيش على الخط الساحلي جنوب مقر كتيبة إيطالية واقعة على الشاطئ قرب مفرق شمع.

ويتصدى مقاتلو «حزب الله» لمحاولات التقدم الإسرائيلي، حسبما أفادت وسائل إعلام لبنانية، حيث اندلعت اشتباكات مع الجنود الإسرائيليين في شمع، وتم استهدافهم بمحيطها، بينما قال الحزب إنه استهدف بصاروخ «تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي غرب بلدة الجبين وأوقعناهم بين قتيل وجريح». وقالت وسائل إعلام لبنانية إن مقاتلي الحزب دمروا دبابة «ميركافا» وآلية كانت ترافق القوة الإسرائيلية التي تحاول التقدم نحو شمع. كما استهدفوا جرافة في محيط مسجد شمع ودبابة «ميركافا» ثانية بالتزامن مع تصاعد حدة الاشتباكات. وتم استهداف قوة إسرائيلية حاولت إجلاء المصابين 3 مرات من شمع، بينما ألقى الجيش الإسرائيلي قنابل دخانية باتجاه شمع للتغطية على عمليات سحب جنوده المصابين بعد استهدافهم.

وفي القطاع الشرقي، جددت القوات الإسرائيلية محاولات التوغل باتجاه الطيبة للإشراف على مجرى نهر الليطاني، وقال «حزب الله» إنه واجهها عند أطراف مركبا مرتين بإطلاق رشقات صاروخية، و4 مرات عند الأطراف الشرقية لبلدة طلوسة، كما استهدف تجمعات لجنود مرتين في بوابة العمرا، عند الأطراف الجنوبية لبلدة الخيام، وذلك بصليات صاروخيّة. كما أعلن الحزب في بيانات متعاقبة، إطلاق الصواريخ باتجاه تجمعات إسرائيلية في مواقع عسكرية حدودية مع لبنان.

قنبلة إسرائيلية أثناء سقوطها لاستهداف مبنى في الطيونة بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

وتواصل القصف الجوي الإسرائيلي، فاستهدفت الطائرات الحربية الضاحية الجنوبية 4 مرات بعد إنذارات بالإخلاء، وطالت منطقة الطيونة على مدخل الضاحية الجنوبية لبيروت. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأنّ «غارة جديدة استهدفت مبنى في محلة الجاموس بمنطقة حارة حريك»، في ثالث موجة من الغارات التي تستهدف الضاحية الجنوبية الجمعة.


مقالات ذات صلة

هوكستين وبري يتبادلان مسودة محتواها الإطار العام لتطبيق الـ1701

المشرق العربي هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

هوكستين وبري يتبادلان مسودة محتواها الإطار العام لتطبيق الـ1701

توقعت مصادر سياسية أن تدخل المشاورات بين الوسيط الأميركي آموس هوكستين والرئيس نبيه بري لتطبيق القرار 1701، مرحلة جديدة فور الاتفاق على صياغة موحدة.

محمد شقير (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي كبير مستشاري خامنئي علي لاريجاني مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (إعلام البرلمان)

لاريجاني في بيروت نافياً التخلي عن «حزب الله»

طالبت الحكومة اللبنانية، إيران، بدعم موقف الدولة اللبنانية لجهة تطبيق القرار 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في دار الفتوى (المركزية)

بخاري يؤكد حرص السعودية على أمن لبنان ووقف الحرب

أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره ووقف العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

بري تعليقاً على استهداف مسقط رأسه ومناطق نفوذه: ضغط نتنياهو «ما بيمشيش معنا».

ثائر عباس (بيروت)

روما تحتج لدى إسرائيل بعد سقوط قذيفة على قاعدة إيطالية في لبنان

قوة مشتركة من «اليونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوة مشتركة من «اليونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

روما تحتج لدى إسرائيل بعد سقوط قذيفة على قاعدة إيطالية في لبنان

قوة مشتركة من «اليونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوة مشتركة من «اليونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت إيطاليا اليوم الجمعة إن قذيفة مدفعية سقطت على قاعدة للقوة الإيطالية في بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، ووعدت إسرائيل بالتحقيق في الأمر.

وجاء في بيان إيطالي ان وزير الخارجية أنطونيو تاياني تحدث إلى نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر واحتج على الهجمات الإسرائيلية على أفرادها وبنيتها التحتية في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). وقال تاياني إنه يجب ضمان سلامة جنود اليونيفيل وشدد على "عدم قبول" الهجمات. وجاء في البيان الإيطالي أن ساعر "أكد إجراء تحقيق فوري" في حادثة القذيفة التي لم تنفجر.

أنشئت بعثة الأمم المتحدة التي يبلغ قوامها 10 آلاف جندي بموجب قرار أصدره مجلس الأمن الدولي في عام 2006، في جنوب لبنان لمراقبة الأعمال القتالية على امتداد "الخط الأزرق" الذي يفصل لبنان عن إسرائيل. ومنذ أن شرعت إسرائيل في حملة برية بلبنان في مواجهة مقاتلي حزب الله في نهاية سبتمبر أيلول، اتهمت اليونيفيل القوات الإسرائيلية بمهاجمة قواعدها عمدا، بما في ذلك إطلاق النار على قوات حفظ السلام وتدمير أبراج مراقبة.