«حماس» أمام تحدي الحفاظ على الأسرى الإسرائيليين أحياء

بعضهم قُتل بالقصف أو مات نتيجة ظروف الاحتجاز... ومخاوف من وضع شبيه بما حصل للطيار رود أراد

صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاقهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر الحالي (رويترز)
صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاقهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

«حماس» أمام تحدي الحفاظ على الأسرى الإسرائيليين أحياء

صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاقهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر الحالي (رويترز)
صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاقهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر الحالي (رويترز)

أعاد بثّ حركة «الجهاد الإسلامي»، صباح الجمعة، تسجيلاً مصوّراً للرهينة الإسرائيلي ساشا تروبانوف، المحتجز في غزة، تسليط الضوء من جديد على أوضاع المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وسط تكتم كبير تبديه حركة «حماس» في شأن أعدادهم، أحياء كانوا أم أمواتاً. وتواجه الحركة في الواقع تحدياً كبيراً في الاحتفاظ بالأسرى أحياء، خصوصاً في ظل انقطاع الاتصال أحياناً بالجماعات المكلفة بحمايتهم.

وبثت «الجهاد الإسلامي» يوم الأربعاء، تسجيلاً مصوراً لتروبانوف المحتجز منذ هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، على بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة. وفي التسجيل الجديد الذي بُث الجمعة، ناشد تروبانوف، أرييه درعي زعيم حزب «شاس» العضو في الائتلاف الحاكم بإسرائيل، مساعدته وغيره من الرهائن المحتجزين في غزة.

وجاء ذلك في وقت قال فيه باسم نعيم عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إن الحركة الفلسطينية «مستعدة» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة حال تقديم عرض يقضي بذلك «على أن تلتزم به دولة الاحتلال»، داعياً «الإدارة الأميركية و(الرئيس المنتخب دونالد) ترمب للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف العدوان والحرب على غزة والمنطقة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني».

وكان «أبو عبيدة»، الناطق باسم «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، أشار أكثر من مرة في إطلالاته الإعلامية، إلى مصير مجهول ينتظر الأسرى الإسرائيليين بقطاع غزة، في تصريحات يبدو اليوم أنها باتت أكثر واقعية. فقد تحدث «أبو عبيدة»، في أكثر من خطاب له، عن أن الأسرى الإسرائيليين سيلقون مصيراً مماثلاً للطيار رون أراد الذي أُسر في لبنان عام 1986، ثم فُقدت آثاره ولا أحد يعرف مصيره منذ ذلك الحين. ويبدو أن هذا التحذير من الناطق باسم «كتائب القسام»، قد بدأ يتحقق في ظل أسئلة مطروحة عما إذا كانت «حماس» بدأت فعلاً تفقد قدرتها على الاحتفاظ بالأسرى أحياء، أم لا.

قتلى من الأسرى

جانب من مؤتمر صحافي في روما بإيطاليا يوم 14 نوفمبر الحالي للمطالبة بالإفراج عن أسرى محتجزين في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وتقول مصادر فلسطينية قريبة من أوساط «حماس» في غزة، إن عدداً من الأسرى الإسرائيليين قُتل سواء بسبب العمليات الإسرائيلية البرية أو القصف الجوي، أو نتيجة ظروف ميدانية وحياتية مختلفة بحكم ما يتعرض له قطاع غزة من حصار وقتل وتدمير وحرب تجويع طالت الأسرى وآسريهم. وأضافت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يمكن إعطاء رقم واضح ومحدد حول عدد القتلى من الأسرى الإسرائيليين، لكنّ هناك «عدداً لا بأس به» منهم قتل فعلاً للأسباب المذكورة آنفاً. وقد أعلنت «كتائب القسام» سابقاً عن مقتل بعضهم، لكن لم يتم الإعلان عن مقتل عدد آخر لأسباب عدة لم تتضح. وتشير المصادر إلى أن بعض الأسرى، خصوصاً في الأشهر الخمسة الأخيرة، مات أو قُتل نتيجة ظروف مرضية أو نتيجة إصابتهم بقصف إسرائيلي سابق، وبعضهم بسبب عدم توافر العلاج والطعام في مناطق معينة داخل قطاع غزة.

وتقدّر تقارير أمنية إسرائيلية بأن نصف ما تبقى من محتجزين داخل قطاع غزة، والبالغ عددهم 101، قد قتلوا فعلاً، وهو الأمر الذي لا تعلّق عليه «حماس» من منطلق رفضها منح إسرائيل «معلومات مجانية».

وتكتفي مصادر قريبة من «حماس» بالقول: «كل ما يمكن قوله إن كل يوم يمر من دون التوصل إلى اتفاق، ستفقد فيه إسرائيل مزيداً من أسراها الأحياء لينضموا إلى قافلة القتلى والوفيات».

مصير رون أراد

وتؤكد المصادر أن هناك أسرى فعلياً قد يواجهون مصير الطيار الإسرائيلي رون أراد، خصوصاً مع استمرار استهداف قوات الاحتلال خلايا كثيرة تقوم بحماية الأسرى الأحياء، أو حتى تحتفظ بجثث بعض الأسرى الذين قتلوا أو توفوا نتيجة ظروف معينة، ولا أحد يعرف بأماكنهم سواهم أو بعض الدوائر الأمنية المغلقة داخل «كتائب القسام».

وتوضح المصادر أن القوات الإسرائيلية استهدفت عناصر كثيرة كانت تحرس أسرى أحياء، سواء كانت تعرف عنهم ذلك أو لا تملك معلومات حولهم، وكانت تستهدفهم فقط لأنهم مجرد نشطاء في «القسام».

وتقول المصادر إن «الضغط العسكري الذي تتفاخر به المنظومة الإسرائيلية بالمستويين السياسي والعسكري هو الذي أودى بحياة عدد من الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وبالتالي فإن على حكومة بنيامين نتنياهو أن تتحمل المسؤولية عن حياة من تبقى، ومن يمكن أن يلقى مصير رون أراد». وتضيف: «لا يمكن إخفاء حقيقة أن بعض المجموعات الآسرة قد انقطع بها الاتصال وبالأسرى لديها، ولا يعرف مصيرهم، ولذلك من الحتمي أن هناك بعض الأسرى، وربما جميعهم في حال عدم التوصل إلى اتفاق قريب قد يلاقون المصير نفسه الذي واجهه الطيار الإسرائيلي في لبنان عام 1986»، أي أن مصيرهم قد يصير مجهولاً.

لافتات في القدس تنادي بعقد صفقة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين في غزة بجانب صورة لزعيم «حماس» يحيى السنوار وأخرى لزعيم «حزب الله» حسن نصر الله اللذين قتلتهما إسرائيل في سبتمبر وأكتوبر الماضيين (أ.ف.ب)

الصفقة الأولى

وكانت «حماس» خلال الصفقة الأولى التي سميت «الإنسانية»، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، والتي أفرج بموجبها عن أكثر من 50 أسيراً إسرائيلياً، مقابل أكثر من 150 فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال ما دون 18 عاماً والنساء وبعض المسجونين بأحكام بسيطة، لم تستطع الوفاء بالتزاماتها بالإفراج عن 10 أسرى آخرين في اليوم السابع من الهدنة، لأسباب لم تتضح حينها، إلا أنه لاحقاً تبين أن الحركة طلبت منحها مهلة يومين للبحث عن مزيد من الأسرى والتواصل مع المجموعات الآسرة بسبب صعوبات التواصل. إلا أن إسرائيل رفضت الطلب، فتم استئناف القتال حينها.

وتقول المصادر: «إن تلك الفترة كان التواصل فيها صعباً جداً، والآن يمكن تحقيق بعض التواصل، لكن هناك فعلياً مجموعات فُقد الاتصال بها كلياً، وقد يتكرر المصير نفسه مع مجموعات أخرى في ظل استمرار العمليات الإسرائيلية».

ويبدو أن حركة «حماس» باتت فعلياً تخشى أن تفقد قدرتها على الاحتفاظ بالأسرى، وهذا يفسر قتلها 6 أسرى إسرائيليين في رفح قبيل وصول قوات الاحتلال إليهم في أحد الأنفاق التي كان يوجد فيها زعيم الحركة يحيى السنوار قبيل قتله، تحديداً نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومع استمرار استهداف إسرائيل لقيادات عسكرية ناشطة في «حماس» اضطرت الحركة إلى نقل حماية الأسرى من قادة الألوية والكتائب إلى درجات ميدانية أقل مثل قادة السرايا والفصائل وغيرهم. لكن تكرار استهداف هؤلاء، وبخاصة في الآونة الأخيرة، زاد تعقيدات القدرة الأمنية على توفير الحماية للأسرى، بحسب ما تقول مصادر مختلفة قريبة من أوساط الحركة.

صفقة جديدة صعبة

وبحسب المصادر نفسها، اضطرت «حماس» إلى نقل الأسرى في كثير من المرات، من مكان إلى آخر بسبب الاستهدافات المكثفة لأماكن وجودهم، كما اضطرت لدفن قتلى وموتى منهم في أماكن مختلفة، منها ما تعرض للقصف، بينما تم دفن آخرين في أنفاق وبقوا في أسفلها ولا يمكن العثور عليهم من دون عمليات حفر واسعة حتى الوصول إلى جثامينهم، وهذا ما قد يعقّد تفاصيل أي صفقة جديدة محتملة لتبادل الأسرى والمحتجزين.

وترجح المصادر أن تطلب حركة «حماس» عند بدء تسليم الجثامين أو الأسرى الأحياء، فترة من الوقت لتجهيز قوائم بمن هم أحياء ومن هم أموات أو الذين فقدوا، سواء كانوا على قيد الحياة أو ممن هم جثث، وذلك بسبب تعقيدات الوضع الميداني.

لكن، في المقابل، تؤكد مصادر قريبة من «حماس»، أن الحركة ما زالت تحتفظ بأسرى أحياء وقادرة على أن تطلب مقابلهم عدداً كبيراً من الأسرى الفلسطينيين، خصوصاً أن غالبيتهم من الجنود وهناك من بينهم ضباط. وتقول المصادر: «الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، إما أن تتراجع وتتنازل حكومة نتنياهو عن شروطها وتلبي شروط المقاومة، أو أنها ستواجه العقاب من الداخل بعدما يفقد أهالي الأسرى الإسرائيليين أبناءهم ويلقون مصيراً مجهولاً في ظل تعنت حكومتهم بالتوصل إلى اتفاق».

وكانت قناة 13 العبرية، كشفت مساء الأربعاء، أن ممثل الجيش الإسرائيلي في فريق المفاوضات، وكذلك المسؤول عن ملف المفقودين والأسرى بالجيش، الجنرال نيتسان ألون، وجه تحذيراً للمستوى السياسي من أنه مع دخول فصل الشتاء، فإنه قد يتم فقدان مزيد من الأسرى، وإن الظروف الميدانية وما يفعله الجيش على الأرض يحقق فرصة من أجل التوصل إلى صفقة يتم بموجبها إنقاذ الأسرى المتبقين على قيد الحياة.

وقال ألون في رسالته لحكومة نتنياهو، إن الوقت ينفد ووضع المختطفين يزداد سوءاً، ولن يتحملوا أكثر من ذلك، وإنه يجب اغتنام الفرصة الحالية للتوصل إلى صفقة. لكن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال إن هذه تقارير كاذبة، وإن «حماس» هي من تعرقل صفقة تبادل الأسرى، مشيراً إلى تصريحات تؤكد ذلك أدلى بها مسؤولون أميركيون بينهم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان.


مقالات ذات صلة

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

سينما الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

لفتت الأنظار التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، بفيلم عن عائلة غزوية نزحت بسبب الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
خاص مبنى يتداعى إثر ضربة  إسرائيلية في منطقة الغبيري جنوب بيروت أمس (أ.ف.ب)

خاص الورقة الأميركية... 13 بنداً بينها «الدفاع عن النفس»

كشفت مصادر دبلوماسية في بيروت تفاصيل عن الورقة الأميركية لوقف الحرب في لبنان.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي لافتات في القدس تنادي بعقد صفقة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين في غزة بجانب صورة لزعيم «حماس» يحيى السنوار وأخرى لزعيم «حزب الله» حسن نصر الله اللذين قتلتهما إسرائيل في سبتمبر وأكتوبر الماضيين (أ.ف.ب)

«حماس» تخشى «سيناريو رون أراد»

في ظل استمرار الغموض حول أوضاع الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وهو أمر تلتزم حركة «حماس» صمتاً مطبقاً بشأنه، تسري معلومات عن مقتل عدد منهم في غارات إسرائيلية،

«الشرق الأوسط» ( غزة)
شمال افريقيا أطفال فلسطينيون نازحون يجلسون وسط أنقاض مبنى مدمر في حي ناصر شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ترشيحات فريق ترمب للشرق الأوسط تثير مخاوف بشأن «هدنة غزة»

تشكيل محتمل لفريق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أثارت أسماؤه المقترحة تساؤلات بشأن إمكانية أن تشق طريقاً لحل عادل بالشرق الأوسط، خاصة في ملف هدنة قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية يهود متشدّدون خلال احتجاج رفضاً للخدمة العسكرية في القدس يوم 30 يونيو الماضي (د.ب.أ)

كاتس يصادق على تجنيد 7000 شاب متديّن ويفجّر أزمة حكومية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، مصادقته على إرسال 7 آلاف أمر تجنيد للخدمة العسكرية إلى الشبان المتدينين (الحريديين)، مفجراً بذلك أزمة حكومية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هوكستين وبري يتبادلان مسودة محتواها الإطار العام لتطبيق الـ1701

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
TT

هوكستين وبري يتبادلان مسودة محتواها الإطار العام لتطبيق الـ1701

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

توقعت مصادر لبنانية أن تدخل المشاورات المفتوحة بين الوسيط الأميركي آموس هوكستين ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لتطبيق القرار الدولي 1701، مرحلة جديدة فور الاتفاق على صياغة موحدة للمسودة التي أعدها الأول، وتتعلق بما تم التفاهم عليه خلال زياراته المتكررة لبيروت، والتي تولت سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان، ليزا جونسون، تسليم بري نسخة منها للتدقيق فيها، والتأكد من أنها متطابقة مع تلك التي يحتفظ بها؛ لقطع الطريق على إخضاعها لاجتهادات يتعارض محتواها وتؤدي إلى سوء تفسير يمكن أن يعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر.

نسخة لميقاتي وأخرى لـ«حزب الله»

وعلمت «الشرق الأوسط» من المصادر السياسية أن بري أرسل بواسطة معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، نسختين عن المسودة؛ الأولى لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والثانية لقيادة «حزب الله»، للتدقيق فيها؛ تمهيداً للرد عليها بعد التأكد من أنها متطابقة مع المسودة التي أعدها بري.

وقالت إن مجرد التوافق على مسودة موحدة سيدفع باتجاه التفاهم على آلية لتنفيذ القرار 1701، على قاعدة أنها تشكل الإطار العام للتقيد بمضامينها، وعدم إدخال أي تعديل على القرار يتعارض ومندرجاته. وكشفت عن أن هوكستين يقترح في مسودته التي أودعها بري للتدقيق فيها، تشكيل لجنة تتولى مراقبة تنفيذ القرار على نحو يسمح لها بالتدخل بواسطة الجيش اللبناني المنتشر في جنوب الليطاني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية لمنع الخروق، في حال تأكد وجودها.

ضم الولايات المتحدة وفرنسا إلى لجنة المراقبة

ولفتت إلى أن بري يقترح في المقابل توسيع اللجنة، التي تتشكل حالياً من ممثلين عن «يونيفيل» والجيشين اللبناني والإسرائيلي، وتتخذ من مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة مكاناً لاجتماعاتها.

وأكدت المصادر السياسية أن بري يؤيد توسيعها، بدلاً من تشكيل لجنة بديلة، على أن يضاف إلى الحالية التي تجتمع في الناقورة ممثلون عن الولايات المتحدة وفرنسا. ورأت أن هناك ضرورة لذلك لاعتبارين: الأول يكمن في أن واشنطن تتولى الوساطة بين لبنان وإسرائيل، ومن غير الجائز عدم تمثيلها في اللجنة، فيما يعود الاعتبار الثاني إلى أن لفرنسا حضوراً فاعلاً في «يونيفيل» يستدعي وجودها فيها؛ كونها الأقدر على التواصل مع «حزب الله»، بخلاف الولايات المتحدة، بما أنها تدرجه على لائحة الإرهاب، وهذا ما يسمح لها بالتدخل فوراً، في حال أن الخرق حصل على يد مجموعات تخضع لإمرة الحزب.

وشددت المصادر على أن بري وميقاتي ليسا في وارد السماح لإسرائيل بالتدخل لمنع الخروق في جنوب الليطاني، خصوصاً أن هوكستين لم يأت على ذكر ذلك في لقاءاته مع بري، وقالت إن المهمة توكل حصراً للجنة المكلفة بمراقبة سير تنفيذ الـ1701، وضمان التزام «حزب الله» وإسرائيل به، فيما تطالب واشنطن بضم ملحق إليه هو بمثابة «ضمانات» لإسرائيل بعدم خرق الحزب له، يجيز لها التوغل في عمق الجنوب متذرعة، أي واشنطن، بأنها لا تتعارض وروحية القرار.

دور الجيش اللبناني

ورداً على سؤال، أكدت المصادر نفسها أن لا مبرر لإسرائيل بالتوغل داخل الأراضي اللبنانية بذريعة أنها مضطرة للتعامل مباشرة مع الخروق لحظة الإعداد لها لمنع حصولها. وقالت إن اللجنة «الخماسية» تتولى التدخل بواسطة الجيش اللبناني بعد تعزيز انتشاره في جنوب الليطاني لوقفها، إضافة إلى أنه يأخذ على عاتقه السيطرة على ما تبقى من تحصينات وأنفاق وبنى تحتية لـ«حزب الله».

وتابعت أن وحدات من الجيش اللبناني تتولى الوجود داخلها مع انكفاء «حزب الله» من جنوب الليطاني إلى شماله، وعدم السماح لأي وجود مسلح من خارج الشرعية اللبنانية. وأكدت أن لا مبرر لتدميرها في حال موافقة الحزب على تخليه عنها لصالح الجيش اللبناني.

ولم تستبعد المصادر أن يصار إلى تطعيم القوات الدولية بوحدات عسكرية إضافية من جنسيات متعددة، ليكون بمقدورها مؤازرة الجيش اللبناني وإحكامه السيطرة بالكامل على منطقة العملية المشتركة في جنوب الليطاني.

واشنطن بدلاً من تل أبيب للمراقبة

ورأت المصادر أن واشنطن تتولى مهمة المراقبة بدلاً من السماح لإسرائيل بالتدخل لمنع استخدام المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا لتهريب السلاح الذي يسمح لـ«حزب الله» بإعادة تدعيم ترسانته العسكرية. وقالت إن النموذج الذي يطبق حالياً في مطار رفيق الحريري الدولي، الذي سمح للجيش بضبطه على نحو يمنع كل أشكال التهريب من لبنان وإليه، يجب أن ينسحب على مرافئ بيروت وصيدا وطرابلس، خصوصاً أن واشنطن تشهد له بقدرته في السيطرة على المطار.

وأكدت أن تشديد الرقابة على المعابر غير الشرعية التي تربط بين لبنان وسوريا يجب أن تُدعم بمزيد من أبراج المراقبة، وكشفت عن أن واشنطن أخذت على عاتقها مراقبة المعابر بين العراق وإيران لقطع الطريق على استخدامها لتمرير السلاح إلى «حزب الله» عبر المعابر اللبنانية.

دور روسي لمراقبة الحدود مع سوريا؟

ولدى سؤال المصادر نفسها عن طلب إسرائيل مراقبة الحدود اللبنانية - السورية، قالت إن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بحث في زيارته الأخيرة لروسيا إمكانية تدخل موسكو لهذا الغرض، لكنه لم يحصل على جواب قاطع؛ لأن للقيادة الروسية رؤية تتعلق بإعادة ترتيب الوضع في المنطقة بدءاً من لبنان، وبالتالي لن تقدم خدمة مجانية بلا أي مقابل.

وعليه، تدعو واشنطن اللبنانيين لالتقاط الفرصة للتوصل لوقف إطلاق النار، ولا ترى من موجب للإطاحة بها، خصوصاً أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن توافق وخلفه دونالد ترمب على تمديد مهمة هوكستين للتوصل لوقف النار بين إسرائيل و«حزب الله» على قاعدة التسليم بإلحاق القرار 1701 بضمانات توفر لإسرائيل التطمينات بعدم قيام الحزب بخرقه، ومنعه من إعادة تأهيل ترسانته العسكرية بضبط المعابر اللبنانية، أكانت جوية أم برية أم بحرية؛ لسد المنافذ التي تؤمن له تهريب السلاح، وهذا ما تتمسك به واشنطن بوصفه أساساً لإقناع تل أبيب بسحب طلبها التدخل من التداول، إفساحاً في المجال أمام الشروع بطي صفحة الحرب المستعرة في الجنوب وإعادة الهدوء إليه.