بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

رئيس البرلمان اللبناني: رفضنا لجنة جديدة لمراقبة القرار «1701»... لكن الأجواء إيجابية

بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)
بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)
بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)

دخلت مساعي حل الصراع الدائر في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» مرحلة الأوراق التفاوضية لأول مرة منذ توسع الحرب أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي بعد تسلم رئيس البرلمان نبيه بري اقتراحاً أميركياً مكتوباً، تلته نقاشات مع الأميركيين و «حزب الله» الذي سبق له أن فوض بري بالمفاوضات.

وأفادت مصادر دبلوماسية في بيروت «الشرق الأوسط» بأن الورقة الأميركية مكونة من نحو 13 بنداً، أكثرها جدليةً بندٌ يعطي للطرفين «حق الدفاع عن النفس»، الذي يخشى لبنان تحوُّله إلى «حرية الحركة» التي طالبت بها إسرائيل ورفضها لبنان، بالإضافة إلى بند يقضي بإنشاء لجنة مراقبة لتنفيذ القرار الدولي «1701» الذي أنهى حرب عام 2006، وينص على منطقة خالية من المسلحين جنوب نهر الليطاني. وأشارت المصادر إلى أن لبنان يعترض على تأليف هذه اللجنة التي تريدها واشنطن برئاستها، وقد اقترح المفاوضون اللبنانيون سابقاً توسيع اللجنة الحالية لتضم الولايات المتحدة وفرنسا، بعد اعتراض بري على بريطانيا وألمانيا.

وفيما ينتظر أن يرد لبنان على الورقة الأميركية «قريباً جداً» بورقة مكتوبة أيضاً تتضمن ملحوظات الجانب اللبناني. وقد أكد الرئيس بري لـ«الشرق الأوسط» تسلمه المقترح الأميركي، نافياً أن يكون هذا المقترح يتضمن أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان، جازماً بأن الأميركيين وغيرهم يعرفون أنه أمر غير مقبول ولا يمكن حتى النقاش فيه بالمبدأ، وأنه لا يمكن أن نقبل بأي مس بسيادتنا. كما نفى بري أن يكون المقترح متضمناً نشر قوات أطلسية أو غيرها في لبنان.

وكشف بري أن المقترح يتضمن نصاً «غير مقبول لبنانياً»، وهو مسألة تأليف لجنة إشراف على تنفيذ القرار 1701، تضم عدداً من الدول الغربية. وقال: «هناك نقاش دائر الآن حول الآلية البديلة المقترحة، ونحن لن نسير فيها، فهناك آلية واضحة موجودة لا مانع من تفعيلها»، في إشارة منه إلى القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان، التي تتولى مراقبة تنفيذ القرار الصادر في أعقاب حرب عام 2006.

وحرص بري على تأكيد أن النقاش جار بالفعل حول هذه التفاصيل، وأن «الشغل ماشي والجو إيجابي والعبرة بالخواتيم»، وأشار إلى أن قدوم المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى لبنان «رهن بتطور المفاوضات وتقدمها».

ورداً على سؤال عن استهداف إسرائيل مسقط رأسه في بلدة تبنين في جنوب لبنان، ومنطقة الغبيري والشياح وبرج البراجنة التي تعد مناطق مؤيدة تقليدياً لبري، قال رئيس المجلس، «يبدو أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو يعتقد أنّه عندما يريد تنازلاً من شخص ما يقسو عليه... لكنه يبدو أنه لا يعرف مع من يتعامل، وأن هذه أمور (ما بتمشيش معنا)».

وفيما نقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أنه يرى أن هناك حاجةً لمزيد من الوقت للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، معبراً عن أمله في التوصل إليه. قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «التقدير في إسرائيل هو أن (حزب الله) قادر على مواصلة الحرب، ولن يتعجل في قبول مقترح التسوية»، مشيرة إلى أن «تقديرات إسرائيل أن (حزب الله) والحكومة اللبنانية لن يقبلا حرية عمل إسرائيل في حالة حدوث انتهاكات».

وقالت «هيئة البث الإسرائيلية»، الجمعة، إن مشروع الاتفاق بين إسرائيل ولبنان يتضمن إقرار الطرفين بأهمية قرار الأمم المتحدة رقم 1701، وإنه يعطي للطرفين حق الدفاع عن النفس إذا لزم الأمر. ووفق مشروع الاتفاق، فإن الجيش اللبناني هو القوة المسلحة الوحيدة بالجنوب مع اليونيفيل. وأن أي بيع للأسلحة إلى لبنان أو إنتاجها داخله ستشرف عليه الحكومة، مشيرةً إلى أنه وفق مشروع الاتفاق سيتعين على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 7 أيام.


مقالات ذات صلة

اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية و«حزب الله» في بلدات جنوبية

المشرق العربي تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة إسرائيلية (رويترز)

اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية و«حزب الله» في بلدات جنوبية

استهدفت غارات إسرائيلية جديدة ضاحية بيروت الجنوبية اليوم (السبت) بعد إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بإخلاء أحد أحيائها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

إعلام لبناني: لاريجاني نقل رسالتين للأسد وبري

نقل تلفزيون «الميادين» عن علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني قوله إنه نقل رسالتين للرئيس السوري بشار الأسد ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف.

«الشرق الأوسط» (دورس)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في دار الفتوى (المركزية)

بخاري يؤكد حرص السعودية على أمن لبنان ووقف الحرب

أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره ووقف العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جورج إبراهيم عبد الله لدى اقتياده إلى محكمة في مدينة ليون الفرنسية عام 1986 (متداوَلة)

محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني جورج عبد الله

وافقت محكمة فرنسية، الجمعة، على الطلب الحادي عشر للإفراج المشروط عن الناشط اللبناني جورج إبراهيم عبد الله.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف المذكور، استهدفته غارة إسرائيلية، مساء الخميس.

تقول سوزان، بصوت مرتجف بينما تملأ الدموع عينيها: «والدي كان ينام في المركز؛ كي يخرجوا ويلبّوا النداء للناس، كي يلملموا الأشلاء وينقلوها إلى عائلاتها لتُدفن».

منذ شهرين، يشهد لبنان حرباً مفتوحة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي الذي يشنّ غارات كثيفة يومياً على معاقل الحزب المدعوم من إيران. وتضيف سوزان كركبا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تعرّفت إلى أبي من أصابع يديه، هكذا تعرّفت إلى والدي».

لا تزال سوزان كركبا لا تفهم سبب استهداف بلدة دورس، حيث يقع المقر الرئيسي للدفاع المدني اللبناني، وهو مؤسسة حكومية مسؤولة عن عمليات الإسعاف في شرق لبنان.

حولها في الموقع، الذي أحاطت به عناصر في الجيش اللبناني، يعمل عشرات الأشخاص من سكان ومسعفين على البحث عن ضحايا بين الأنقاض. ووسط الكتل الخرسانية وقضبان الحديد، تظهر شاحنة حمراء مدمّرة تابعة للدفاع المدني، بينما تحاول حفّارتان يقودهما مسعفان إزالة الأنقاض.

أبعد قليلاً، يبحث رجلان في محتويات حقيبة على أمل التعرّف على أحد الضحايا، ويقوم مسعفون آخرون بنقل جثة بعدما لفت بغطاء. تقول سوزان: «الآن جاء دوري لألملم أشلاء والدي وأدفنه»، مضيفة: «لا أدري على من سأحزن، على رئيس المركز أو على والدي أو على رفاقي الذين قضيت أعواماً معهم».

«أصبحنا مستهدفين»

أسفرت الغارة على مركز دورس عن مقتل 14 مسعفاً، حسبما أفاد المسؤول المحلي في الدفاع المدني، سمير الشقية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مضيفاً أنّ أعمال البحث تتواصل للعثور على اثنين من زملائهم على الأقل.

في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فتح «حزب الله» جبهة عبر الحدود إسناداً لحركة «حماس» في قطاع غزة، بعدما بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية في القطاع، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفّذته الحركة الفلسطينية على الدولة العبرية.

وبعد عام، كثفت الدولة العبرية بدءاً من 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية «محدودة».

وقتل أكثر من 150 مسعفاً، بينهم مَن يعمل مع الهيئة الصحية التابعة لـ«حزب الله»، وفق أرقام صادرة عن وزارة الصحة اللبنانية. والخميس، قُتل أكثر من 40 شخصاً في غارات إسرائيلية استهدفت شرق لبنان وجنوبه، وفق المصدر ذاته.

واستهدفت غارات «مركزين» لمسعفين تابعين لـ«حزب الله» في ساعتين، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الصحة.

ويحاول محمود عيسى في دورس البحث بين الأنقاض عن جثث رفاقه. ويقول: «لا تزال هناك أشلاء لم نتمكّن من العثور عليها»، مضيفاً: «كنا أول من يقوم بعمليات الإسعاف وإطفاء الحرائق وإنقاذ الناس، الآن أصبحنا مستهدفين».