مسؤول إسرائيلي سابق ينتقد استراتيجية الحرب في لبنان وغزة… ويحذر من نفوذ إيران

لحظة استهداف صاروخ إسرائيلي مبنى في منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط)
لحظة استهداف صاروخ إسرائيلي مبنى في منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط)
TT

مسؤول إسرائيلي سابق ينتقد استراتيجية الحرب في لبنان وغزة… ويحذر من نفوذ إيران

لحظة استهداف صاروخ إسرائيلي مبنى في منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط)
لحظة استهداف صاروخ إسرائيلي مبنى في منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط)

قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية إن غيورا إيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي السابق، انتقد استراتيجية إسرائيل في كل من لبنان وغزة، وحذر من توسع نفوذ إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط من خلال وكلائها.

وأضاف إيلاند، في مقابلة إذاعية: «أعتقد أننا نتبع استراتيجية رهيبة في لبنان لقد أضاعت إسرائيل أعظم فرصة لتغيير الوضع بشكل جذري ليس فقط في لبنان ولكن في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي غزة أيضاً، نقع في فخ شعار الضغط العسكري فقط».

وأوضح: «لقد اخترعت إيران نوعاً جديداً من الاستعمار: لست بحاجة إلى غزو بلد للسيطرة عليه. يكفي إنشاء ميليشيات أكثر قوة وأفضل تمويلاً من جيش البلاد وبهذه الطريقة، تبدو الدولة ذات سيادة ولكنها تعاني من قوة مدمرة في الداخل».

وأكد أنه قبل عام «كان ينبغي لإسرائيل أن تبدأ حملة دبلوماسية واسعة النطاق، معلنة أن (حزب الله) ليس مشكلتنا فحسب، بل إنه يمثل النظرة العالمية لإيران، التي تفكك الدول القومية من الداخل وتنشر عدم الاستقرار كتكتيك وهذا يتعارض مع المبادئ التي تأسست قبل 79 عاماً بعد الحرب العالمية الثانية».

وقال: «لقد ألحقنا أضراراً عسكرية جسيمة بـ(حزب الله)، وقوضنا موقفه في لبنان، ووجهنا ضربة قوية لإيران، مما يدل على أنها لا تستطيع دعم وكلائها بالكامل في اليمن أو غزة أو لبنان».

تصاعد الدخان في لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما شوهد من شمال إسرائيل 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

ووصف استراتيجية إسرائيل بأنها «مثيرة للشفقة وحزينة ومفجعة»، متسائلاً عن تأثير المكاسب العسكرية في جنوب لبنان.

ودعا إلى شن هجمات أقوى على «حزب الله»، وقال: «ما الذي يهم في لبنان؟ شيء واحد فقط -ما يحدث في بيروت. هل من المفترض أن نشن هجوماً عنيفاً على الضاحية؟ لا على الإطلاق لقد أبلغناهم مسبقاً عن المباني التي سنستهدفها».

وأضاف: «كان بإمكاننا أن نعلن قبل شهرين أن الضاحية بأكملها عبارة عن مجمع عسكري، وبالتالي كان يجب إخلاء جميع السكان، لا يوجد ضغط حقيقي على لبنان ولا تهديدات بالحصار هل نحن في حرب مع لبنان؟ لا هل نقاتل (حزب الله) فقط؟ إنهم واحد والشيء نفسه».

وفيما يتعلق بغزة، انتقد إيلاند استراتيجية إسرائيل، قائلاً: «في الحرب، الهدف هو الاشتباك بأقل قدر ممكن والنتيجة المثالية هي الفوز دون قتال مطول».

وتابع: «قبل عام، حاصرت إسرائيل شمال غزة، مما وفر ميزة عسكرية كبيرة. كان ينبغي تحويل هذا إلى حصار وكان من الممكن تقديم ممرات خروج آمنة للمدنيين مع الوقت الكافي للمغادرة، مما يسمح للحصار بتجويع المقاتلين المتبقين، بما يتماشى مع البروتوكولات الدولية».

وأضاف أن مثل هذا النهج كان ليخلق نقطة ضغط على حركة «حماس»، مشيراً إلى أنه «كان بوسعنا أن نطالب بالإفراج عن الرهائن في مقابل استعادة شمال غزة. ولكن بدلاً من ذلك، اتخذنا النهج المعاكس -الدخول إلى مناطق عالية الخطورة حيث يتركز مقاتلو (حماس)».

وخلص إلى القول: «لقد قُتل أربعة وعشرون جندياً إسرائيلياً في العملية الأخيرة وحدها، إسرائيل تتصرف بحماقة، رغم امتلاكها أحد أفضل الجيوش تجهيزاً، الأمر الذي يسبب خسائر غير ضرورية في الأرواح».


مقالات ذات صلة

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«شيعة أقوياء»

تحليل إخباري «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«شيعة أقوياء»

في معهد تشاتام هاوس البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية رهنت مصير «وحدة الساحات» بما يقرره «حزب الله» اللبناني (إكس)

بغداد تحث واشنطن على منع هجمات إسرائيلية «وشيكة»

دعا العراق الدول الكبرى إلى إنهاء الحرب على لبنان وغزة، وطالب الولايات المتحدة بمنع أي هجمات إسرائيلية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها ربع السنوي في فيينا اليوم

قرار غربي يدين تقاعس إيران في التعاون مع «الذرية الدولية»

قدمت الدول الأوروبية والولايات المتحدة نص قرار يُدين عدم تعاون إيران في الملف النووي إلى مجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وفق ما ذكرت مصادر دبلوماسية

«الشرق الأوسط» ( لندن-فيينا)
المشرق العربي عناصر فصيل مسلح في جنازة رفاق لهم قضوا في ضربة أميركية بمحافظة بابل مؤخراً (أ.ب)

إسرائيل تحمل الحكومة العراقية مسؤولية الهجمات ضدها

يبدو أن مصير المواجهة بين إسرائيل والفصائل العراقية المسلحة المنخرطة فيما يعرف بـ«محور المقاومة» في طريقه إلى المزيد من التصعيد.

فاضل النشمي (بغداد)

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«شيعة أقوياء»

«تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)
«تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)
TT

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«شيعة أقوياء»

«تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)
«تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

يوم قصير في لندن، وطويل جداً في بغداد. صناع قرار وباحثون جمعهم معهد تشاتام هاوس البريطاني، للإجابة عن أسئلة معقدة عن العراق الحائر بين حافتين: الانهيار أو الاستقرار.

المعهد اختار توقيت الأسئلة؛ حيث حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط، وعودة درامية لدونالد ترمب إلى البيت الأبيض، والمكان، إذ يتموضع العراق في مسرح المواجهة بين إيران وإسرائيل. والمفاجأة أن كثيرين قدّموا التفاؤل على أشياء أخرى، من بينها انهيار النظام.

تحدّث مسؤولون وباحثون عراقيون، خلال 3 طاولات متخصصة، عن «خطوط الصدع السياسية والأمنية التي تهدد استقرار العراق قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2025»، لكن الميليشيات التي تشنّ هجمات مسلحة عابرة للحدود، تُخيم على المسار، دون أن يقول أحد إنها تمتلك القدرة على «هدم المعبد»، حتى رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، القلق من اليوم التالي للحرب.

ترمب المنتصر... والعراق ملفٌ إيراني

أطلّ العبادي على «تشاتام هاوس» من دائرة تلفزيونية. كان في منزله، لأن السلطات العراقية فرضت حظراً للتجول بسبب عمليات نشطة، يومها، لإحصاء السكان في عموم البلاد. العبادي استخدم ذلك مثالاً على فرصة واعدة لانتقال العراق إلى وضع إداري أكثر نضجاً.

العبادي «متشائم ومتفائل في هذه اللحظة»، يقول إن ذلك يعتمد على ما سيحدث تالياً في ساحات مختلفة من العالم؛ حيث الجميع حذر، ويترقب واقعاً جديداً من جنوب شرقي آسيا، مروراً بالشرق الأوسط، البؤرة الأخطر على الأمن والسلام الدولي.

في هذه اللحظة أيضاً، جاء الأميركي «المنتصر القوي والنوعي»، هكذا وصف العبادي ترمب. ومن وجهة نظره فإن تأثير وصوله إلى البيت الأبيض يعتمد كلياً على «ردود الفعل والسياسات المتماهية أوالاحتوائية أو المضادة لمراكز القوى الدولية والإقليمية المتعاطية مع واشنطن».

يقترح العبادي على بغداد، وهو جزء من «إطار» شيعي يحكمها، «خلق نواة صلبة للحكم، تفرض مصالح الدولة بقوة القانون، وتحول بحزم دون الفوضى أو الاجتهاد أو المغامرة أو التبعية لأي استراتيجية أجنبية».

كان العبادي حذراً في شرح «التبعية»، رغم أن إيران تقفز من عباراته المتحفظة، وبدلاً من ذلك، نصح الأميركيين بعدم التعاطي مع العراق على أنه ملف في رف إقليمي: «من الخطأ التعامل مع العراق بوصفه بلداً هامشياً، ومن الخطيئة ربطه بنيوياً بملفات شائكة، كالملف الإيراني أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي».

حاول العبادي إعادة تعريف «لماذا العراق مهم». يرى أنه «بلد محوري في الشرق الأوسط بسبب موقعه الجيوسياسي الرابط بين أمم ثلاث؛ العربية والإيرانية والتركية، ومآله النهائي سيؤثر على تماسك أو تداعي الجغرافيا السيادية لهذه الأمم».

داخلياً، يُحذّر العبادي من تاريخ يكتب بالمنافسة، فالأقطاب الداخلية تستثمر الاحتكاك بين الاستراتيجيات الدولية والإقليمية، وقد بلغ هذا المسار مستوى خطيراً، وإن الثمن وجود العراق نفسه.

العبادي رفض ربط العراق بملفات إقليمية شائكة في إيران وفلسطين وإسرائيل (الشرق الأوسط)

الاستقرار الناجز بالإقصاء والسلاح

قدّم العبادي صورة عامة للصراع؛ كانت الاستراتيجية طاغية على رسالته تلك، لكن الباحثين أكثر اهتماماً بالتفاصيل، إذ تكمن مفاتيح اللعبة.

سجاد جهاد، باحث في مؤسسة القرن الدولية، وريناد منصور، باحث في «تشاتام هاوس»، كانا يعترفان بأن «الاستقرار سمة راهنة في بغداد هذه الأيام (...) هذا الانطباع ستحصل عليه حين تستقل سيارة أجرة وتتجول في الشوارع».

مع ذلك، فإن «الإطار التنسيقي» الشيعي وصل إلى هذه الصيغة شبه المتماسكة بعد حوادث إقصاء.

بدأ الأمر حين جرى قمع احتجاج أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وإسقاط مشروع أغلبية مقتدى الصدر عام 2021، وطرد محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان عام 2023، واليوم العمل حثيث لتقييد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

يقول سجاد جهاد: «إن جزءاً من هذا الجهد لتحقيق الاستقرار ناجمٌ عن معاقبة مراكز قوى ناشئة في المسار السياسي (...) اللعبة كانت تقوم على أساس رمي لاعبين مشاكسين من القطار السريع».

خلال العامين الماضيين، وهي فترة ذهبية لـ«الإطار التنسيقي»، إذ تمكن من الانخراط أكثر في مؤسسات الحكومة ضمن محاولات واضحة للنضج السياسي، لكن المحبط في هذه القصة، أن القوى الفاعلة تنجح لأنها تمتلك أسلحة ذات حدين. يقول سجاد جهاد: «إن كلمة السر تكمن في امتلاك السلاح والمال والإعلام».

تشارك القوة وامتصاص الصدمة

ما حدث «درس سياسي عن تشارك القوة» بين الفاعلين. يقول ريناد منصور، إن أهم ما يُميز «الإطار التنسيقي» هو خطته لامتصاص الصدمات. «هكذا تجاوز احتجاج الشباب، وتمرد الصدر بمشروع الأغلبية، وسيطر على كل شيء تقريباً».

من المستبعد أن تنتهي هذه الصيغة بانهيار سهل لـ«الإطار التنسيقي»، حتى الانتخابات لن تكون حلاً.

ريناد منصور يصف ذلك: «كل 4 سنوات يجلس الجميع للتفاوض قبل الانتخابات، مَن يحصل على ماذا، وكم سيحصل»، وإلى حد ما، فإن الاستقرار الظاهري يكمن في هذه المفارقة.

الحال، ومن هذه المعادلة التي يبدو أن الإطار يتقنها جيداً، فإن «ما نراه في بغداد، وكيف أن الحياة مستقرة، يُخفي اشتباكَ مصالح حرجاً، قائماً على تقاسم الموارد، وحجبها عن آخرين».

في الصورة الأكبر، يقول ريناد منصور: «إن العراق عُزل عن الصراع في المنطقة»، لكن هذا الخبر الجيد قد ينتهي سريعاً حينما نعود لأصل المشكلة في أن هذا البلد «يتحمل أن يكون أرضية للصراع الإيراني - الأميركي».

صيغة الاستقرار الراهن في العراق محل شك بسبب تمكن السلاح المنفلت وسياسة الإقصاء (الشرق الأوسط)

«مع الميليشيات لن نذهب إلى مكان»

مينا العريبي، وهي رئيسة تحرير صحيفة «ناشيونال»، لا ترى «على الإطلاق» أن العراق سيتقدم نحو أي مكان بوجود الميليشيات. «الفكرة الأساسية تتعلق بالطريقة التي ترى فيه القوى الحاكمة فكرة الدولة القوية المستقرة».

اللاعبون من حول العراق يبحثون عن فرص النجاح، وبالنظر إلى الديناميكيات الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط فإن استقرار هذا البلد مهم لهم. تقول مينا العريبي: «كل هذا قد يفشل بسبب استمرار النزاعات المحلية، وطغيان سلاح اللاعبين».

من الصعب الاستمرار على هذا المنوال، «كل فريق تتملكه المخاوف من الآخر، ويحتاج إلى ذراع مسلحة (...) نهاية هذا المسار شلل في وظائف الدولة».

بين المتحدثين كان فلاح مصطفى، وهو مساعد رئيس إقليم كردستان؛ كان قلقاً من عبارات متحدثين في «تشاتام هاوس». أظهر حساسية من «الدولة القوية» بدلاً من «الدولة الفيدرالية»، والإشارة إلى «المحيط العربي» دون التذكير بدور الكرد في المعادلة.

رغم هذا، فإن مصطفى الذي جاء من أربيل التي أنجزت أخيراً انتخابات برلمانية ناجحة، كما يقول، فإنه يرجح كفّتها على بغداد بتجربة سياسية تعود إلى عام 1991، ويقترح صيغة لربط المكونات في العراق بوصفهم «شركاء فيدراليين».

في «تشاتام هاوس»، وبعد سجال بشأن المآلات العراقية، كان من الواضح أن ترمب العائد سيواجه بنية تحتية سياسية في بغداد، مختلفة تماماً عما كان يعرفها خلال ولايته الأولى. الأرجح أن «الإطار التنسيقي» يستعد هذه المرة لسياسة «الضغط الأقصى»، في لحظة حرب، بخبرة عامين من تشبيك المصالح، سوى أن اليوم التالي لحربي لبنان وغزة يزاحم طريق بغداد إلى انتخابات 2025.