يبدو التباين جلياً في إقليم كردستان من الموقف المتعلق بإجراء التعداد السكاني العام في العراق بموعده المقرر في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
تبدي «هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم»، ومن ورائها الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، موقفاً «متحفظاً» لإجرائه في الموعد المحدد، بينما أظهر حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني الذي يهيمن على محافظتي السليمانية وكركوك، موقفاً مؤيداً لإجرائه.
وعدَّ المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، سعدي بيرة، أن إجراء التعداد السكاني «مسألة وطنية عامة».
ودعا سعدي بيرة خلال مؤتمر صحافي، عقده الأربعاء، «الجميع للتوجه إلى المناطق التي جاءوا منها والمشاركة في التعداد بهدف إفشال مخطط تغيير الخريطة الديموغرافية في المناطق المتنازع عليها». وشدد بيرة على أن «مسألة (التعداد) تتعلق بمستقبل المنطقة».
وخلال السنوات الماضية تمسك الأكراد بتطبيق المادة 140 من الدستور المتعلق بالمناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد، قبل إجراء التعداد السكاني، لكنّ حكماً صدر عن المحكمة الاتحادية، وقضى بعدم «التعارض» بين الأمرين، مهد الطريق أمام الحكومة للمضي في إنجاز التعداد بعد أن تعرقل لأكثر من عقد من الزمان.
من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام كردية، بأن الأحزاب الكردية في محافظة كركوك، عقدت، الأربعاء، اجتماعاً وصف بالمهم لمناقشة موضوع التعداد السكاني في كركوك بحضور نائب رئيس البرلمان الاتحادي، شاخوان عبد الله.
وذكرت أن الاجتماع «عقد في مقر الفرع الثالث للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك بحضور شاخوان عبد الله، ورئيس الفرع الثالث في كركوك، وعضو مجلس محافظة كركوك حسن مجيد، وعن الاتحاد الوطني في كركوك روند ملا محمود، وعدد من الأحزاب الأخرى».
وركّز المجتمعون على مناقشة موضوع التعداد السكاني الذي سيجرى الأربعاء المقبل في المناطق المتنازع عليها، ومنها كركوك ومناطق أخرى.
وكان رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم، فهمي برهان، قد طالب، أول من أمس، الحكومة الاتحادية بتأجيل إجراء التعداد السكاني إلى موعد آخر؛ بسبب «عدم معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي».
وقال برهان في مؤتمر صحافي: «يتعين علينا جميعاً في كردستان بذل قصارى الجهود لإعادة الكرد من سكنة كركوك الأصليين إلى المحافظة لكي يُجرى التعداد السكاني بوجودهم»، وأضاف: «نحن لسنا ضد التعداد السكاني، ونعده ضرورياً، ونعتقد أنه يحقق الأهداف التنموية التي نسعى إليها، خصوصاً في المحافظات الأربع لإقليم كردستان، لكن وبما أنه ما زال لم يتم حل قضية المناطق المتنازع عليها، فإننا نرى من الأفضل تأجيل هذا التعداد إلى موعد آخر».
وفي حين يرى برهان أن «التعداد سيجرى على ما يبدو لأغراض سياسية، ويهدف لتصغير حجم إقليم كردستان جغرافياً»، فإن وزارة التخطيط الاتحادية تنفي ذلك، وتؤكد أنه يتعلق بـ«أهداف تنموية واقتصادية واجتماعية».
ويثير إلغاء سؤال «القومية» في التعداد السكاني المقرر إجراؤه في العراق، مخاوف في المناطق المتنازع عليها، خصوصاً بين العرب والكرد والتركمان. كما كان لإلغاء سؤال «المذهب» بعض الاعتراضات المكوناتية، لكن وزارة التخطيط تنظر لمسألة إلغاء هذا النوع من الأسئلة بوصفه من نقاط قوة التعداد، وتأكيداً لأهدافه التنموية والاقتصادية.
بدورها، رفضت وزارة الداخلية العراقية، أول من أمس، طلب «هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم» بتأجيل إجراء التعداد.
وقال المتحدث باسم الوزارة، مقداد ميري، إنه «لا يوجد تأجيل ولا أي تغيير فيما يخص التعداد السكاني، حيث إن المعطيات الحالية لا تتطلب ذلك».
وأكد على وجود «تنسيق عالي المستوى مع إقليم كردستان من خلال غرفة عمليات مشتركة، وأن حظر التجوال يوم الإجراء يشمل جميع المحافظات بما في ذلك الإقليم».
كان العراق قد أجرى آخر تعداد سكاني عام 1987، وشمل جميع المحافظات، ثم تلاه إحصاء عام 1997 الذي تم دون مشاركة محافظات إقليم كردستان التي كانت خارج سيطرة الحكومة في بغداد التي كانت تخضع لعقوبات دولية بعد غزوها للكويت، وفرض التحالف الدولي حظر الطيران العراقي فوق مناطق الإقليم.