بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

مساعٍ لتذليل اعتراضه على مشاركة بريطانيا وألمانيا في مراقبة تنفيذ القرار الأممي

نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)
نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)
نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)

رغم التقارير المتزايدة عن استئناف واشنطن وساطتها لوقف النار في لبنان، فإن السياسيين في بيروت يؤكدون أنهم لم يتلقوا معطيات ذات مصداقية باستكمال المسعى الذي تجمّد منذ غادر الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل ثلاثة أسابيع.

وأوضح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن ما يجري الآن «هو مجرد معلومات يتم تداولها في الإعلام، لم نتبلغ منها شيئاً بالوسائل الرسمية»، مشيراً إلى أن لبنان ينتظر تقديم اقتراحات ملموسة «ليبني على الشيء مقتضاه».

ورفض بري التعليق على ما يتم تداوله عن اقتراحات الحلول في الإعلام وأروقة السياسيين، معتبراً أن «الموجود على الطاولة هو فقط القرار 1701 ومندرجاته التي يجب العمل على تنفيذها والالتزام بها من الجانبين، لا من الجانب اللبناني وحده»، في إشارة إلى القرار الأممي الذي أنهى حرب 2006 وتتمحور حوله جهود إنهاء الحرب الحالية عبر تنفيذ فرضه منطقة حدودية خالية من أي وجود مسلح لغير الجيش والقوات الدولية.

«اعتراض» على رقابة ألمانية وبريطانية

وكشفت مصادر دبلوماسية غربية في بيروت لـ«الشرق الأوسط»،عن أن بري «يعترض على أحد أهم بنود الحل المتداول»، مشيرة إلى وجود «مساعٍ تُبذل لتذليل اعتراض بري على المشاركة الألمانية والبريطانية» في آلية يقترح تشكيلها لمراقبة تنفيذ القرار 1701 وتضم أيضاً الولايات المتحدة وفرنسا.

لكن مصادر لبنانية مطلعة على أجواء النقاشات أوضحت أن اعتراض بري هو على «إيجاد آلية بديلة للقرار 1701، في حين أن هناك آلية موجودة بالفعل تقودها قوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان والتي يمكن للولايات المتحدة وفرنسا المشاركة فيها».

وأشارت المصادر إلى أن مشروع الحل المقترح ينقسم شقين، أولهما خارجي بين إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا للوصول إلى ضمانات «تمنع إعادة تسليح (حزب الله)» من منطلق الرفض اللبناني القاطع لأي آلية تحتفظ فيها إسرائيل لنفسها بحرية العمل في لبنان مستقبلاً، في حين يتركز الشق الآخر على الضمانات اللبنانية لتنفيذ القرار 1701 الذي ينصّ على منطقة خالية من المسلحين جنوب نهر الليطاني.

وفي حين رفض بري التعليق على التسريبات، لفت إلى أن «المرة الوحيدة التي تم فيها الحديث عن ضمانات معينة» كانت خلال المساعي لوقف النار عبر النداء الأميركي - الفرنسي المشترك في مجلس الأمن والذي انضمت إليه دول عربية، في مقدمها السعودية، إضافة إلى دول غربية. وأشار إلى أن «المطلوب آنذاك من لبنان كان أن يوافق، وقد أعلن (رئيس الوزراء نجيب) ميقاتي الموافقة علناً، لكن ما حصل أن (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو فاجأ الجميع بالرفض بعد الموافقة».

بري: إسرائيل في مأزق

ويرى بري أن إسرائيل «باتت في مأزق فعلي اليوم، بعد عجزها عن تحقيق أهدافها العسكرية، فتحولت إلى المزيد من القتل والتدمير الذي تقوم به من دون توقف». وأشاد بدور قوة الأمم المتحدة التي «أثبتت صلابة تشكر عليها في مواجهة إسرائيل، برفضها مغادرة مراكزها رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة». واعتبر أن الحرب الإسرائيلية على لبنان «بلغت من العتي والتدمير ما يدمي الضمير الغائب للعالم، وتقتصر اليوم على قتل البشر وتدمير الحجر، وهو ما يجب وضع حد له ولعبثيته».

وتراهن القيادات اللبنانية على المسار الذي أطلقته القمة العربية - الإسلامية التي انعقدت في الرياض، وإمكانية أن تؤدي إلى إحداث خرق دبلوماسي في جدار الأزمة، خصوصاً في ضوء «اللقاءات الإيجابية» التي عقدها رئيس الحكومة على هامشها و«أظهرت تفهماً واسعاً للموقف اللبناني» كما قالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط».

وتستضيف بيروت، الاثنين المقبل، وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات السلام جان بيير لاكروا.

وفي السياق، أشاد النائب السابق نهاد المشنوق بمخرجات القمّة العربية – الإسلامية. وقال بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: «من الواضح أنّ السعودية تصدّرت المشهد الإقليمي من دون منافس أو منازع، حين أعلنت في القمة أن لا سلام من دون دولة فلسطينية. وبالتالي لا يضيّعنّ أحدٌ وقته... هذا قرار نهائي وحاسم من كلّ الذين حضروا القمّة».

وأضاف: «من الواضح أن الأمور وضعت على سكة لا عودة عنها. والعدوان الإسرائيلي سيستمرّ لأسابيع طويلة أو أشهر. لكن هذا لا يمنع أنّ المسعى العربي والإقليمي بقيادة السعودية سيفعل كلّ ما في وسعه دولياً وعربياً، من اجتماعات مستمرّة وتكتّلات من الدول المعنية، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة».

ورداً على سؤال عما إذا كان الحل تسليم السلاح للجيش اللبناني، أجاب بأن «المرحلة الأولى تتعلّق بأن يكون السلاح بإمرة الدولة وبالتنسيق مع الدولة، وقرار الحرب والسلم بيد الدولة. وهم (حزب الله) ممثّلون سياسياً ولهم نواب ووزراء داخل الدولة. والدولة، سياسياً في الأشهر الأخيرة، وقبلها، لم تقصّر بدعم موقفهم بوجه العدوان الإسرائيلي. لكنّ الاستراتيجية الدفاعية شيء، ونزع السلاح شيء آخر تماماً».


مقالات ذات صلة

وزير: إسرائيل أصبحت أقرب لاتفاق بشأن القتال في لبنان من أي وقت مضى

المشرق العربي وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين (وسائل إعلام إسرائيلية)

وزير: إسرائيل أصبحت أقرب لاتفاق بشأن القتال في لبنان من أي وقت مضى

قال وزير الطاقة الإسرائيلي العضو في مجلس الوزراء الأمني إن إسرائيل أقرب من أي وقت مضى، منذ بداية الحرب، إلى التوصل لاتفاق بشأن الأعمال القتالية مع «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على مدينة بعلبك (أ.ف.ب)

مقتل 9 وإصابة 5 في غارة إسرائيلية على بعلبك

ذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، اليوم الخميس، أن 9 أشخاص، على الأقل، قُتلوا، وأصيب 5 آخرون في غارة إسرائيلية على مبنى ببعلبك شرق لبنان.

المشرق العربي أعمدة الدخان تتصاعد جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار إسرائيلي بالإخلاء

استهدفت غارة جديدة الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إصدار الجيش الإسرائيلي إنذاراً جديداً بالإخلاء لبعض أحياء المنطقة بعد ساعات من إنذار مماثل.

المشرق العربي تصاعد الدخان من جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت مساء اليوم (رويترز)

غارات إسرئيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

استهدفت غارات إسرائيلية الضاحية الجنوبية لبيروت، اليوم (الأربعاء)، بعد إنذارات إسرائيلية للسكان للإخلاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
رياضة عربية جانب من تدريبات المنتخب اللبناني (الشرق الأوسط)

منتخب لبنان يتحدى الحرب بمواجهة تايلاند ودياً في بانكوك

رغم التحديات الناجمة عن الغارات الإسرائيلية، يختتم منتخب لبنان استعداداته لمواجهة منتخب تايلاند الخميس في مباراة دولية ودية، استعداداً لاستكمال تصفيات كأس آسيا.

فاتن أبي فرج (بيروت)

إسرائيل تُدرِج النازحين ضمن «بنك الأهداف» العسكرية

امرأة تنوح على نعش أحد أقربائها الذي قتل في غارة إسرائيلية على بلدة علمات بجبل لبنان (أ.ف.ب)
امرأة تنوح على نعش أحد أقربائها الذي قتل في غارة إسرائيلية على بلدة علمات بجبل لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تُدرِج النازحين ضمن «بنك الأهداف» العسكرية

امرأة تنوح على نعش أحد أقربائها الذي قتل في غارة إسرائيلية على بلدة علمات بجبل لبنان (أ.ف.ب)
امرأة تنوح على نعش أحد أقربائها الذي قتل في غارة إسرائيلية على بلدة علمات بجبل لبنان (أ.ف.ب)

تخطت الغارات التي تنفذها إسرائيل يومياً في العمق اللبناني، الأهداف العسكرية التابعة لـ«حزب الله» وتفكيك قدراته وبنيته العسكرية، كما كانت تقول، لتطال بشكل ممنهج النازحين في مناطق بعيدة عن نقاط المواجهة، وغير محسوبة على الطائفة الشيعية التي تشكل حاضنة شعبية للحزب، وترتكب مجازر يومية يذهب ضحيتها عشرات الضحايا من النساء والأطفال، من دون أن تبرر أسباب هذه المجازر.

وحملت هذه العمليات تفسيرات باتت شبه واضحة، ومفادها أن الجيش الإسرائيلي «يلجأ إلى هذا الأسلوب لإحداث شرخ كبير ما بين الحزب وبيئته أولاً، وما بين النازحين والبيئات المستضيفة لهم ثانياً، ومحاولة خلق ردّات فعل شعبية رافضة لوجود النازحين الشيعة في المناطق المسيحية والسنيّة والدرزية، والتضييق عليهم في مراكز الإيواء البعيدة كلياً عن مناطق المواجهات».

نازحون قرب موقع استهداف لشقة سكنية في منطقة عرمون بجبل لبنان (أ.ف.ب)

استهداف النازحين

استهلّت إسرائيل استهداف المباني السكنيّة التي يقطنها نازحون، بغارة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) على منطقة النويري الواقعة في عمق العاصمة بيروت (ذات الغالبية السنيّة)، وأسفرت عن مقتل 22 مدنياً وإصابة 177 آخرين، وأعلنت أن العملية «استهدفت رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في (حزب الله)، وفيق صفا، الذي لم يعرف مصيره حتى الآن»، ليتوالى بعدها استهداف المباني والشقق السكنية التي تستضيف نازحين.

وعدَّ الباحث السياسي وناشر موقع «جنوبية» المحلي، علي الأمين، أن «هذه العمليات لها مستويان، على المستوى الأول، تفرض على (حزب الله) مسؤولية منع عناصره وكوادره من الوجود بين النازحين، والثاني إصرار إسرائيل على تنفيذ الاغتيالات بغض النظر عن أضرارها الجانبية».

وذكّر الأمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن إسرائيل «دأبت منذ فتح جبهة الجنوب في الثامن من أكتوبر 2023، على تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة لكوادر (حزب الله) من دون أن تصيب أي مدني، أما بعد توسّع الحرب لم تعد تهتمّ للضحايا المدنيين، بل أكثر من ذلك باتت تتعمّد تنفيذ الاغتيالات داخل مراكز النزوح».

مسعفون قرب موقع استهداف إسرائيلي في بلدة بعلشميه بجبل لبنان (أ.ف.ب)

مناطق التنوع الطائفي

ولم تسلم المناطق اللبنانية التي اعتقد أهلها أنهم بمنأى عن تداعيات الحرب والاستهدافات الإسرائيلية، إذ بدأت في 14 أكتوبر في بلدة أيطو بمنطقة زغرتا ذات الغالبية المسيحية، بغارة أسفرت عن مقتل 22 مدنياً من النازحين أغلبهم من النساء والأطفال، تبعها عمليات مماثلة في بلدات تقع في جبل لبنان، هي: برجا (بلدة سنية في جبل لبنان)، عين يعقوب (بلدة سنيّة في عكار ـ شمال لبنان)، وأخيراً عمليتان في جبل لبنان، وتحديداً في بلدتي بعلمشيه (درزية)، وعرمون (سنيّة)، وأسفرت هذه الاستهدافات عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين الأبرياء، وتردد أن غايتها قتل كوادر من الحزب كانوا في زيارة إلى هذه الأبنية المستهدفة.

وشدد علي الأمين على أن هذه العمليات «بدأت تترك تأثيراً سلبياً لدى البيئة الشيعية والنازحين بالدرجة الأولى، أي أن كلفة اللقاء بمسؤول أو عنصر من الحزب لها أثمانٌ مرتفعة جداً على هذه البيئة، وعلى المجتمع المضيف أيضاً». وأشار في الوقت نفسه إلى أن «البيئة المضيفة سواء كانت من سنّية أو درزيّة أو مسيحيّة، باتت حذرة جداً من استقبال نازحين لديها، وهذا من شأنه أن يخلق شرخاً كبيراً ما بين الحزب وبيئته من جهة، وما بين النازحين والبيئات الأخرى من جهة ثانية، وللأسف هذه الوتيرة ستتصاعد في الأيام المقبلة، وهذا يفرض على (حزب الله) مسؤولية منع عناصره من الوجود بين النازحين حتى في مهمات لوجيستية».

وعن الغاية من استهداف تجمعات النازحين في المناطق ذات الغالبية السنيّة والدرزية والمسيحية وليس داخل المناطق الشيعية، عبّر الأمين عن أسفه بأنه «لم تبقَ هناك مناطق شيعية قابلة للعيش فيها، فإما أضحت مدمّرة وإما معرضة للتدمير يومياً، بدليل ما يحصل من غارات يومياً في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع، التي بات أهلها بغالبيتهم العظمى نازحين لدى الطوائف الأخرى».

البحث عن ناجين تحت ركام منزل دمرته غارة إسرائيلية في بلدة جون بجبل لبنان (أ.ف.ب)

ارتكاب مجازر

وفي حين تمتنع إسرائيل عن ذكر الأسباب التي تقف وراء هذه العمليات، فإنه تردد أن «الغارات استهدفت مسؤولين في (حزب الله) بعضهم كان يوزع مساعدات مالية وعينية للنازحين، وبعضهم ممن كان يتفقد عائلته»، إلّا أن مصدراً مقرباً من «حزب الله» أشار إلى أن إسرائيل «لا تحتاج إلى ذريعة لارتكاب المجازر»، عادّاً أن «قتل المدنيين يعبّر عن إفلاسها الأخلاقي وسقوط كل ذرائعها من هذه الحرب».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا سلّمنا جدلاً أن المسيرات الإسرائيلية تراقب مسؤولين من الحزب وتغتالهم في منازل تأوي نازحين، فلماذا لم تستهدفهم قبل وصولهم إلى هذه الأماكن، أو بعد مغادرتهم؟»، مؤكداً أن «الغاية من هذه الجرائم إحداث شرخ داخل المجتمع اللبناني، وخلق حالة رعب وذعر لدى طوائف أخرى من أبناء الطائفة الشيعية الهاربين من الجحيم الإسرائيلي وعدم استقبالهم».