تضارب في الأرقام الرسمية للنازحين اللبنانيين إلى العراق

وُصفوا بـ«الضيوف»... وتراوحوا بين 18 و36 ألفاً

وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق مع السفير اللبناني في بغداد (موقع الوزارة)
وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق مع السفير اللبناني في بغداد (موقع الوزارة)
TT

تضارب في الأرقام الرسمية للنازحين اللبنانيين إلى العراق

وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق مع السفير اللبناني في بغداد (موقع الوزارة)
وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق مع السفير اللبناني في بغداد (موقع الوزارة)

تضاربت الأرقام الرسمية بشأن أعداد النازحين اللبنانيين الذين وفدوا إلى العراق هرباً من الحرب الدائرة في بلادهم والهجمات الجوية التي تشنها إسرائيل على العديد من المناطق اللبنانية وخاصة في جنوب البلاد والضاحية الجنوبية في بيروت.

وتحظى قضية النازحين اللبنانيين إلى العراق باهتمام رسمي من قبل الحكومة التي أمرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بإطلاق توصيف «ضيوف العراق» عليهم. وكذلك تحظى قضيتهم باهتمام استثنائي من قبل المسؤولين في العتبات الدينية في كربلاء والنجف.

وبينما كانت تشير أرقام وزارة الهجرة والمهجّرين إلى وصول نحو 12 ألف نازح لبناني، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري، الأسبوع الماضي، إن «عدد الوافدين للعراق وصل إلى 36.867 وافداً، غادر منهم 11444 الأراضي العراقية». لكن المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية علاء القيسي، أوضح أن إجمالي العدد الكلي يزيد قليلاً على 18 ألف نازح.

مواطنون لبنانيون في مطار بغداد (وزارة الهجرة)

ويؤكد القيسي في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «العدد الدقيق للوافدين اللبنانيين بلغ 18 ألفاً و250 نازحاً، وجميعهم جاءوا براً عن طريق منفذ القائم الحدودي مع سوريا».

وحول قضية التضارب في الأرقام التي تصدرها الجهات الرسمية، يرى القيسي أن «المسألة بالنسبة لنا في المنافذ الحدودية تتعلق أساساً بالمواطنين اللبنانيين حصراً ولا تشمل غيرهم، فعلى سبيل المثال لو قمنا باستقبال سوري متزوج من لبنانية ولديه 5 أولاد، فإننا نقوم بتسجيل الزوجة فقط باعتبار جوازها اللبناني».

ويضيف أن «هيئة المنافذ الحدودية تتواصل عادة مع السفارة اللبنانية لدى العراق من أجل التأكد من هوية الأشخاص الوافدين، وما إذا كانوا يحملون الجنسية اللبنانية أو غيرها».

ونفى القيسي ما يتردد عن عبور بعض النازحين إلى إيران عبر المعابر العراقية، لكنه تحدث عن «ذهاب بعض النازحين إلى مناطق متفرقة من البلاد؛ إذ يفضل بعضهم الإقامة لدى أقاربهم أو أصدقائهم في العراق، ولدينا لبنانيات متزوجات من عراقيين، والعكس أيضاً».

وأكد القيسي أن «أماكن وجود اللبنانيين الرئيسية في محافظات النجف وكربلاء وبابل، بالنظر لوجود فنادق ومدن للزائرين هناك تابعة للعتبات الدينية في النجف وكربلاء».

سيدة لبنانية مع ابنها تتلقى العلاج في أحد المراكز العراقية التي فُتحت أخيراً لاستضافة اللاجئين (إ.ب.أ)

في المقابل، يرى المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجّرين علي عباس جهانكير، أن التضارب في الأرقام الرسمية بالنسبة لأعداد النازحين «طبيعي جداً».

وفي إشارة إلى الأرقام التي ذكرتها وزارة الداخلية، يقول جهانكير، إن «الداخلية تقوم بإحصاء جميع المواطنين اللبنانيين الداخلين إلى الأراضي العراقية، حتى لو كانوا غير نازحين».

وأضاف أن لدى وزارة الهجرة والمهجّرين «توقيتات محددة لأي حادث أو قضية، ونقوم في ضوء ذلك بإعلان وتصنيف الداخلين أو الوافدين؛ بمعنى أننا نرى تاريخ دخول الشخص، سواء كان قبل أكتوبر أو بعده، وهذا يختلف عن عمل هيئة المنافذ، فنحن اعتمدنا تاريخ العشرين من أكتوبر الماضي لتصنيف الداخلين واعتبارهم من (ضيوف العراق) بحسب التوصيف الرسمي، وقبل ذلك يعد مواطناً عادياً».

ويؤكد المتحدث الحكومي «ضرورة حصر أوقات وتواريخ من يدخلون إلى العراق لكي يتم تصنيفهم بحسب الضوابط المعمول بها من الناحية القانونية».

ويتابع أن لدى وزارة الهجرة «خريطة لـ(ضيوف العراق)، وقد قمنا بتثبيتها مع السفارة اللبنانية في بغداد، وهي تحدد لنا المناطق التي حصل فيها النزوح في لبنان، ومع ذلك نحن نعتمد الأرقام التي دخلت في قاعدة البيانات، وهذا لا يعني أن أرقامنا نهائية، لكنها تكون عرضة للتغيير مع مرور الوقت».

كانت وزارة الهجرة والمهجّرين العراقية نفت في وقت سابق ما تردد عن سعي بعض الأطراف السياسية إلى «توطين» النازحين اللبنانيين في العراق.

وأعلنت وزارة الهجرة، الاثنين، قيام مدير عام دائرة الفروع في وزارة الهجرة بزيارة فرعَي كربلاء والنجف لـ«متابعة الإجراءات المقدمة لـ(ضيوف العراق) من الأشقاء اللبنانيين وعمليات تسجيلهم ضمن قاعدة بيانات الوزارة».


مقالات ذات صلة

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
TT

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

اختارت إسرائيل وقت ذروة الحركة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي دمرتها بغارات سابقة، بينما أكدت مصادر أهلية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات الإسرائيلية تفاقم المعاناة المعيشية لسكان المنطقة على جانبي الحدود؛ لأنها تغلق المتنفس المتاح لحصولهم على المواد المعيشية الأساسية.

واستهدفت غارات إسرائيلية، مساء الاثنين، جسور الحوز ومطربة والجوبانية وجوسيه في منطقة القصير جنوب غربي حمص، وقال مصدر عسكري سوري إن إسرائيل شنت «عدواناً جوياً» من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفة نقاط عبور على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي نفسها التي استهدفتها إسرائيل سابقاً على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص. وحسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أسفرت الضربة عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، ووقوع خسائر مادية.

قطع طرق إمداد

قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الغارة استهدفت طرق استخدمها «حزب الله» اللبناني لنقل وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان، وقال إن «حزب الله» وبدعم من السلطات السورية، يواصل استغلال بنى تحتية مدنية لـ«أغراض إرهابية»، مؤكداً أن الضربات الأخيرة تمت في إطار الجهود المستمرة الهادفة إلى «عرقلة القدرات العملياتية لـ(حزب الله)، وضمان أمن إسرائيل».

ورأى أدرعي أن الغارات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ركزت على إحباط قدرات «الوحدة 4400» التابعة لـ«حزب الله» والمسؤولة عن نقل الأسلحة المستخدمة في شن عمليات ضد إسرائيل.

تدمير للجسور الفرعية في القصير السورية (الشرق الأوسط)

المصادر الأهلية في القصير قالت إن الجسور والبنى التحتية سبق أن تم تدميرها بالكامل، ولا يمكن للآليات والسيارات عبورها، وتكرار ضربها يؤذي المدنيين الذين يستخدمونها مضطرين للحصول على أساسيات العيش على جانبي الحدود. وأكدت المصادر أن الغارات، مساء الاثنين، حصلت في وقت ذروة الحركة للحصول على المواد الأساسية للمعيشة، حيث يتوجه الأهالي على الجانبين قبل مغيب الشمس لتأمين حاجتهم من الوقود اللازم للتدفئة والغاز المنزلي اللبناني، بسبب أزمة المحروقات على الجانب السوري، وازدياد الحاجة إليها مع تدني حرارة الطقس والبرودة الشديدة. وفي المقابل، يحصل سكان الجانب اللبناني على مواد غذائية أرخص ثمناً كالألبان والأجبان وبعض الأصناف الأخرى.

وأشارت المصادر إلى أنه في ظل التأزم المعيشي جراء الحرب تمثل الحدود متنفساً لسكان المنطقة، وقطع تلك الطرقات وتدميرها بشكل كامل يزيد معاناتهم، ويعرضهم للخطر الدائم حيث يقومون ببناء جسور مؤقتة خطيرة، أو يضطرون لعبور مياه نهر العاصي في أجواء شديدة البرودة.

القصير معقل لـ«حزب الله»

تقع منطقة القصير على الحدود مع لبنان، وتضم نحو 80 قرية وبلدة، يعيش فيها خليط ديني غالبية من السنة وأقليات من الشيعة والمرشديين والعلويين والمسيحيين، ومعظم سكان تلك المناطق من المزارعين الفقراء، حيث ترتبط القصير بمناطق الهرمل ـ بعلبك بعدة معابر منها جوسية ومطربا كمعبرين شرعيين والكثير من المعابر غير الشرعية كحوش السيد علي وجرماش والقصر وغيرها.

تبادل سلع ومحروقات عند جانبي الحدود السورية - اللبنانية لجهة المصنع في البقاع (أ.ف.ب)

ومنذ عام 2013 سيطر «حزب الله «على القصير بعد تهجير أهلها، وأصبحت أحد أبرز معاقله في سوريا، ثم استغل فقر أهالي القرى الشيعية لتجنيدهم في صفوفه، ومنحهم امتيازات مالية وسلطوية. وحسب مصادر محلية، تكتسب منطقة القصير أهمية استراتيجية كبيرة لدى «حزب الله»، وإن حركة الامداد فيها شهدت تراجعاً جراء التصعيد الإسرائيلي، مع الإشارة إلى عدم إمكانية قطعها تماماً لوجود طرق بديلة في جغرافية ممتدة على طول الحدود.

ومنذ بداية التصعيد الإسرائيلي على لبنان، استهدفت إسرائيل المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان 36 مرة، بحسب تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد، الثلاثاء، بأن الضربات الإسرائيلية على المناطق الحدودية جاءت في سياق تعطيل عودة النازحين إلى لبنان ومنع وصول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني، وقطع طرق إمداد «حزب الله»، ومنعه من نقل سلاحه من داخل الأراضي السورية باتجاه لبنان. وتركز القصف على المعابر الرسمية وغير الرسمية، بالإضافة إلى الطرق الترابية والفرعية في منطقة الحدود السورية - اللبنانية، مع استمرار المراقبة المكثفة للمنطقة الحدودية.

تدمير ممرات وجسور صغيرة بين لبنان وسوريا قرب القصير (الشرق الأوسط)

وحسب توثيقات المرصد، بدأت أولى الغارات في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأسفرت عن تدمير مواقع عدة، وخروج معابر رسمية وغير رسمية عن الخدمة، ما أعاق حركة عبور النازحين من لبنان إلى سوريا والعكس. كذلك تسببت هذه الضربات بمقتل 30 شخصاً، بينهم 4 من عناصر «حزب الله»، وشخص لبناني الجنسية، و6 من السوريين العاملين مع «حزب الله»، و8 مدنيين، إلى جانب ذلك، أصيب 22 آخرون، هم: 8 من قوات النظام وأجهزته الأمنية، و12 من العاملين مع الحزب، بالإضافة إلى إصابة مدنيين اثنين.