خسائر لبنان جراء الحرب الحالية تضاعفت مقارنة بعام 2006

تخطت 10 مليارات دولار... وتوثيق نحو 12 ألف غارة جوية

مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)
مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

خسائر لبنان جراء الحرب الحالية تضاعفت مقارنة بعام 2006

مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)
مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)

تظهر مقارنة بين الأرقام التي تسجَّل راهناً لخسائر الأرواح والأخرى المادية والأضرار الناتجة عن الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل، وتلك التي سُجلت بُعيد حرب يوليو (تموز) عام 2006، أن الخسائر الراهنة باتت ضعف الخسائر السابقة، وسط ترجيحات بأن الأموال والمساعدات التي أُغدقت على لبنان لإعادة الإعمار قبل 18 عاماً، قد لا يصل إلا القليل منها عندما تضع الحرب الراهنة أوزارها.

الخسائر الإجمالية

يشير الباحث في شركة «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عدد الشهداء ارتفع من 900 خلال حرب عام 2006، إلى 2865 خلال الحرب الحالية (حتى 31 أكتوبر 2024)»، لافتاً إلى أنه يرتفع بشكل يومي. أما عدد الجرحى، فكان نتيجة «حرب تموز» 4000، وقد تجاوز في الحرب الحالية 13 ألفاً و47 جريحاً.

أما بالنسبة إلى العدد الإجمالي للنازحين في عام 2006، فكان 600 ألف، أما اليوم فتجاوز المليون و200 ألف، منهم 189 ألفاً و174 يعيشون في مراكز إيواء، فيما بلغ عدد المغادرين إلى سوريا 358 ألفاً و133سوريّاً، و172 ألفاً و604 لبنانيين، كما بلغ عدد المغادرين إلى دول أخرى 120 ألفاً.

ورغم ترجيح وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، أمين سلام، أن يكون الحجم الإجمالي للخسائر الاقتصادية التي لحقت بلبنان خلال الحرب الراهنة وصل إلى 20 مليار دولار، فإن أرقام الهيئات الاقتصادية تشير إلى خسائر مباشرة تكبدها لبنان جراء العدوان الإسرائيلي تتراوح بين 10 مليارات و12 مليار دولار، متضمنة خسائر القطاعات الاقتصادية والأضرار التي لحقت بالمنازل والأبنية والبنى التحتية.

وأرقام الهيئات الاقتصادية تبدو قريبة من أرقام شمس الدين، الذي يرجح أن تكون «الخسائر المباشرة وغير المباشرة بلغت نحو 10 مليارات دولار، موزعة بين 4 مليارات في المرحلة الممتدة من 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حتى 17 سبتمبر (أيلول) 2024 (عندما كانت الحرب محصورة جنوباً)، و7 مليارات بين 17 سبتمبر 2024 و31 أكتوبر 2024 (بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب)، مع العلم بأن الخسائر الإجمالية خلال حرب يوليو عام 2006 وصلت إلى 5.3 مليار دولار».

رجال إطفاء في موقع استهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

خسائر مادية

أما الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية عام 2006 فبلغت قيمتها 900 مليون دولار، وهي لا تزال أعلى مقارنة بالحرب الحالية التي لم تتجاوز بعد 570 مليون دولار. أما الخسائر المرتبطة بالمساكن، فبلغت في «حرب تموز» 2.2 مليار دولار، وقد تخطت اليوم 4.260 مليار دولار. ويشير شمس الدين إلى أنه فيما يتعلق بخسائر المؤسسات التجارية، فهي هي في الحرب الماضية وفي الحالية، وبلغت 4.70 مليون دولار، لافتاً إلى أن خسائر القطاع الزراعي والبيئي في عام 2006 بلغت 450 مليون دولار، أما اليوم فتجاوزت 900 مليون، ليخلص إلى أن الأضرار غير مباشرة على الاقتصاد عام 2006 بلغت 1.2 مليار دولار، أما راهناً فتجاوزت 3.380 مليار دولار.

أما اللافت في الأرقام، فهو عدد الغارات منذ 8 أكتوبر 2023 حتى 31 أكتوبر 2024 الذي بلغ 11 ألفاً و647 غارة جوية، علماً بأنه لم تُسجل إلا 3670 طيلة فترة «حرب تموز» عام 2006، التي استمرت 33 يوماً.

جرافة تعمل في موقع غارة إسرائيلية استهدفت بلدة العين شرق لبنان (رويترز)

مشهد مختلف

وكانت إسرائيل بدأت عمليتها العسكرية في ذلك الوقت إثر أسر جنديين من جيشها من قبل «حزب الله» يوم 12 يوليو 2006، أما الحرب الراهنة فبدأها «حزب الله» بقراره تحويل جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد لغزة، قبل أن تقرر تل أبيب شن حرب واسعة عليه بدءاً من سبتمبر الماضي. ووفق البروفسور مارون خاطر، وهو كاتب وباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة، فإن «الحرب القائمة والمستمرَّة تختلف جوهرياً عن (حرب تموز 2006)؛ سواء لِنَاحية الامتداد الزَّمَني، بحيث انتهى (عُدوان تموز) خلال 33 يوماً، فيما تستمر الحرب الحالية على لبنان منذ نحو 14 شهراً وهي مُرشحة للاستمرار، ولناحية أهداف الاعتداءات، فخلال (عدوان 2006) تركزت الاعتداءات الإسرائيلية على البُنية التَّحتية، وهدفت إلى تقطيع أوصال البلد، فيما بقيت الخسائر الماديَّة اللاحقة بالمباني الخاصَّة محدودة. أما المشهد حالياً فيختلف؛ حيث طال الدمار أكثر من 2500 وحدة إنتاجية من مصانع ومخازن ومحال تجارية، مما يجعل انعكاسات الأضرار المادية على الاقتصاد مباشرة».

جرافة تابعة للبلدية ترفع الركام الناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

ويضيف: «في عام 2006 كان اقتصاد لبنان واعداً مع نمو متوقع يتراوح بين 4 و5 في المائة، وكان البلد يستقطب استثمارات عربيَّة وأجنبيَّة، مما ساعَد على تحقيق ميزان المدفوعات فائضاً مالياً وسيولة عالية لدى القطاع المصرفي. خلال تلك الحَرب حصل لبنان على مساعدات عربية بقيمة 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى وديعة سعودية - كويتية بـ1.5 مليار دولار، وضَخَّ (مَصرِف لبنان) مليار دولار لِتَثبيت سِعر الصَّرف. بعدَ الحرب عُقِدَت مؤتمرات دعم دولية لمساعدة لبنان في استوكهولم خلال أغسطس (آب) 2006، وفي باريس خلال يناير (كانون الثاني) 2007». ويتساءل خاطر: «أين نحن من كل ذلك اليوم؟ فلبنان دخل الحرب على أنقاض انهيار سياسي نَتَجَت عَنهُ انهيارات اقتصاديَّة وسياسيَّة وماليَّة، وفراغ رئاسي ومؤسساتي، مما أدَّى إلى تَصَدُّع اقتصادِهِ ومؤسساِتهِ وقطاعه المصرفي إلى حَدّ الانهيار الكُلّي. وقد ساهَمَ هذا الانهيار في تلاشي مقوّمات الصُّمود المَعيشيَّة للبنانيين، مِمَّا يَزيد مِن حِدَّة التَّداعيات».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

المشرق العربي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

سعت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إلى التوسّع داخل لبنان فيما يمكن وصفه بـ«الوقت الضائع»، بانتظار بدء لجنة المراقبة عملها لتنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ تنفيذه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اجتماع تكتل «الجمهورية القوية» برئاسة رئيس «القوات» سمير جعجع (حزب القوات اللبنانية)

جنبلاط: دور الجيش أسقط «الأمن الذاتي»... وجعجع: لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر

عدّ رئيس «الاشتراكي» أن الدور الذي قام به الجيش اللبناني أسقط نظرية «الأمن الذاتي»، في حين أكد رئيس «القوات» أنه لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».