وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

مخاوف شعبية ورسمية عراقية من تعرض البلاد إلى ضربة إسرائيلية

وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)
وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)
TT

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)
وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)

يعبر كثير من العراقيين، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي، عن مخاوف جدية من احتمال تعرض بلادهم لضربة عسكرية إسرائيلية، خصوصاً في ظل التهديدات الأخيرة التي أطلقتها تل أبيب بشأن استهداف العراق إذا استمرت الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران في شن هجمات صاروخية على الأراضي الإسرائيلية.

في هذا السياق، وصل وزير الداخلية عبد الأمير الشمري إلى طهران، وسط تكهنات بأنه يحمل رسالة خاصة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لبحث «عدم زج العراق في الصراع الإسرائيلي مع غزة ولبنان»، وفقاً لمصادر مطلعة.

وأشار بيان وزارة الداخلية إلى أن الزيارة تتعلق بمناقشة «ترتيبات الزيارة الأربعينية، وتأمين الحدود المشتركة، ومذكرة التفاهم بين البلدين، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تشمل التدريب وتبادل الخبرات والشؤون الأكاديمية للطلبة المبتعثين إلى إيران للدراسة في المجال الأمني، إلى جانب مسائل تخص المرور والجوازات».

لكن مصادر مطلعة، قالت إن «اللغة الغامضة» المستخدمة في البيان كانت متعمدة، حيث يُرجّح أن الوزير مكلف بمهمة خاصة من قبل رئيس الوزراء تهدف إلى تجنب ضربة إسرائيلية محتملة، خصوصاً في ظل الأنباء عن نية طهران استخدام أراضٍ عراقية عبر وكلائها بشن هجومها المرتقب على إسرائيل.

ومع أن احتمالات الضربة ليست «وشيكة» بالضرورة، خصوصاً مع احتمال توقف الفصائل عن استهداف إسرائيل - وإن كان ذلك غير مؤكد - فإن قوى الإطار التنسيقي الشيعية، المهيمنة على إدارة الدولة، «تراقب الوضع بقلق بالغ وتتعامل مع احتمال الاعتداء الإسرائيلي بجدية عالية»، وفقاً لمصادر مقربة من هذه القوى.

وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «شخصيات رئيسية في الإطار التنسيقي تعقد اجتماعات دورية، تكاد تكون يومية، لتدارس الخطوات الممكنة لتفادي المخاطر، إلى جانب الجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في هذا الاتجاه».

وترى المصادر أن قوى الإطار التنسيقي «تسعى بجدية لتجنب الانجرار في لعبة المحاور الإقليمية»، مشيرةً إلى أن بيان المرجع الأعلى علي السيستاني، الأخير خلال لقائه بالممثل الأممي، والذي شدد فيه على ضرورة «استخلاص العبر» و«حصر السلاح بيد الدولة»، قد أضاف زخماً لجهود هذه القوى.

وأضافت المصادر أن «بعض قوى الإطار، وحتى بعض الفصائل غير المنخرطة في محور المقاومة، قد تميل إلى استهداف ما تعدّه (فصائل مارقة) لا تتماشى مع إرادة الدولة، وتسعى لزج العراق في حرب تفوق طاقته على تحملها».

من جهتها، عدّت حركة «أنصار الله الأوفياء» المنضوية ضمن «فصائل المقاومة الإسلامية في العراق»، أن الحكومة العراقية لن تسمح باستخدام أراضيها منطلقاً لأي هجوم إيراني يستهدف إسرائيل.

وقال القيادي في الحركة، علي الفتلاوي، في تصريحات صحافية الاثنين، إن «التقارير الأميركية التي تشير إلى نية إيرانية لاستخدام الأراضي العراقية قاعدة للهجوم على إسرائيل تحمل عدة رسائل، من بينها محاولة تقديم العراق معبراً محتملاً لهذه الهجمات، كما سمحت الولايات المتحدة لإسرائيل باستخدام الأراضي العراقية سابقاً، إضافة إلى أنها قد تمنح إسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم انطلاق الهجمات من أراضيه».

وأكد الفتلاوي أن «العراق لن يسمح بأن تُستخدم أراضيه منطلقاً لأي هجمات في المنطقة، سواء من إيران أو غيرها»، مشيراً إلى أن «إيران ليست لديها نية من هذا النوع، فهي تمتلك قوة صاروخية تمكنها من استهداف تل أبيب مباشرةً دون الحاجة للمرور عبر العراق».

من جانبه، يرى الباحث والدبلوماسي السابق غازي فيصل، أن «إسرائيل، في حال قررت مهاجمة العراق، لن تستهدف مؤسسات الدولة».

وقال فيصل لـ«الشرق الأوسط»، إن «حكومة السوداني تتبنى موقفاً ثابتاً بعدم الانخراط في الصراع الإقليمي، وهو موقف معلن منذ مؤتمر القاهرة، ويركز على وقف الحرب والسعي لحلول دبلوماسية تستند إلى قرارات الشرعية الدولية».

وأضاف أن «مواقف الحكومة وأغلبية الأحزاب السياسية واضحة في التمسك بالحياد العراقي، وعدم الدخول في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الصراع في لبنان».

ويرى غازي أن «موقف الفصائل المسلحة يتماشى مع توجهات (الحرس الثوري) الإيراني وولاية الفقيه، حيث تدعم هذه الفصائل الحرب وأجندتها، مما يجعلها بعيدة عن الإجماع الوطني العراقي، ولا ترتبط بالدولة أو الحكومة، بل تتبع تعليمات تتجاوز الحدود».

ويضيف الدبلوماسي السابق أن «ثمة موقفين واضحين: الأول حكومي رافض للتورط في الحرب، والثاني فصائلي منخرط فيها فعلياً. وفي حال قررت إسرائيل توجيه ضربة للعراق، فمن المرجح أن تستهدف الفصائل تحديداً، نظراً لدخولها في مواجهة مسلحة مباشرة معها، وليس الحكومة العراقية».

ويؤكد أن «إسرائيل ستستهدف مقار القيادة والسيطرة ومصانع الأسلحة والطائرات المسيّرة التابعة للفصائل في مختلف المناطق، على أن تكون الضربات موجهة حصرياً لمواقع الفصائل، دون المساس بالمصالح والمواقع الحيوية للدولة العراقية».


مقالات ذات صلة

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)
المشرق العربي أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

من المتوقع أن يدعو رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، خلال الأيام القليلة المقبلة، الكتل السياسية الفائزة، إلى عقد أول جلسة للبرلمان.

فاضل النشمي (بغداد)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
TT

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

وردّاً على قوله إن إيران قصفت مدينة حلبجة (شمال العراق) بالسلاح الكيماوي نهاية الثمانينات، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيان تكذيب، شدّدت فيه على أن «ما قاله صهر الديكتاتور العراقي السابق (صدام حسين) ملفق، وعارٍ عن الصحة».

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

وجاء في بيان لمكتب رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، أنه «في مقابلة مع صحيفة (الشرق الأوسط) أطلق شخص يُدعى جمال مصطفى التكريتي، صهر الديكتاتور العراقي السابق، ادعاءً يُنكر فيه الهجوم الكيماوي الذي اقترفه النظام البعثي السابق على حلبجة، وتمادى في ادعائه، ناسباً تصريحاً باطلاً لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، بأن (طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة)».

وقال مكتب بارزاني: «إن رئيس حكومة الإقليم لم يسبق أن أدلى بمثل هذا التصريح»، وشدد البيان على أن «مرتكبي الهجوم الكيماوي على حلبجة هو النظام العراقي السابق نفسه، وكل الأدلة تُثبت قطعاً أنه مَن اقترف هذه الجريمة».

وكان جمال مصطفى قد قال في المقابلة التي أجراها مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط»، غسان شربل، إن «إيران هي مَن قصفت حلبجة»، والشاهد على ذلك قبل فترة غير بعيدة، مسرور بارزاني، رئيس وزراء كردستان الذي أعلن «أن طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة قبل دخول الإيرانيين إليها».

وتعرضت حلبجة في 16 مارس (آذار) 1988، إلى القصف بالأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5 آلاف من مواطنيها، وإصابة ضعف هذا العدد، كثير منهم يعاني حتى اليوم من تأثيرات الغازات السامة، وفقاً لمؤسسات حكومية ومدنية في كردستان.

وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حُكم بالإعدام على علي حسن المجيد، الملقب بـ«علي الكيماوي»، ابن عم صدام حسين، ونفذ فيه الحكم لمسؤوليته عن «مجزرة» حلبجة.

جمال مصطفى مع رئيس التحرير غسان شربل خلال المقابلة

وتفاعل مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريحات صهر صدام عن زعيم حزب «السيادة»، خميس الخنجر.

وقال مصطفى، إن المحققين (خلال فترة احتجازه) حاولوا تلفيق تهمة، مفادها أنه «أعطى قبل الاحتلال، خميس الخنجر، مائتين وخمسين مليون دولار، وقالوا له: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طيلة عمرك».

وأكد صهر صدام، أن هذا «الادعاء لا أساس له من الصحة، رغم أنه كان على علاقة بالخنجر» بحكم «اهتمامه بملف العشائر».

واستعاد مدونون الجدل حول محاكمة أركان النظام السابق، في حين شكك عدد منهم في تصريحات جمال مصطفى حول تلك الحقبة.

وجمال مصطفى التكريتي، ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، وعُيّن في جهاز حماية صدام، ومسؤول عن ملف شؤون القبائل والعشائر، وهو زوج «حلا»، الابنة الصغرى لصدام حسين.