إسرائيل تُبيد 29 بلدة لبنانية حدودية

لإنشاء منطقة عازلة على أرض محروقة

قرية لبنانية دمرت بالكامل كما تبدو من الناحية الإسرائيلية (رويترز)
قرية لبنانية دمرت بالكامل كما تبدو من الناحية الإسرائيلية (رويترز)
TT

إسرائيل تُبيد 29 بلدة لبنانية حدودية

قرية لبنانية دمرت بالكامل كما تبدو من الناحية الإسرائيلية (رويترز)
قرية لبنانية دمرت بالكامل كما تبدو من الناحية الإسرائيلية (رويترز)

أحدث مقاطع الفيديو المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في الساعات الماضية، تُظهر عشرات المنازل في إحدى قرى جنوب لبنان الحدودية تختفي فجأةً بعد تفخيخها وتفجيرها من قِبل الجيش الإسرائيلي.

سيناريو بدأ اعتماده منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بهدف تحويل المنطقة الحدودية مع إسرائيل إلى أرض محروقة بالكامل، تمهيداً لإعلانها منطقة عازلة.

29 قرية ومدينة مدمّرة

وظهر جنود إسرائيليون في فيديوهات أخرى يقومون بالعدّ التنازلي قبل تفجير جزء كبير من بلدات أخرى، وعقب الانفجارات تُسمَع هتافات الجنود المبتهِجين.

وبحسب الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، فإن «نحو 29 قرية ومدينة تمتد على طول 120 كيلومتراً من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، دُمّرت معظمها بشكل كلي، لا سيما عيتا الشعب، وكفركلا، والعديسة، وحولا، والضهيرة، ومروحين، ومحيبيب والخيام».

وأشار شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عدد الوحدات السكنية المدمّرة هناك يبلغ نحو 25 ألف وحدة».

ارتجاجات زلزالية

والشهر الماضي سبّبت عمليات تفخيخ وتفجير واسعة نفّذها الجيش الإسرائيلي، في بلدتَي ديرسريان والعديسة، ارتجاجات أرضية شعر بها سكان البلدات المجاورة، وظنوا لوهلة أنها زلزال.

ويُجمِع الخبراء على أن الجيش الإسرائيلي يهدف من استراتيجية التدمير الكلي للبلدات الحدودية، وحتى إحراق الأشجار فيها والقضاء على كل مظاهر الحياة، إلى تحويلها لمنطقة عازلة تضمن أمن سكان المستوطنات شمال إسرائيل، مع ترجيح أن يكون هذا المخطط يراعي منع إعمارها من جديد حتى بعد وقف إطلاق النار.

أهداف غير قابلة للتطبيق

ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد حسن جوني، إلى أن «تفجير القرى والمنازل الأمامية يدخل في إطار استراتيجية إسرائيل لبناء منطقة عازلة بعمق 3 كلم على امتداد الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وهي منطقة يريدها الاحتلال مكشوفةً لا يكون عليها بناء أو عمران وحتى أشجار؛ لعلمه أن انكشاف هذه المساحة يؤدي إلى كشف أي تهديد محتمل فيما بعد باتجاه مستوطنات الشمال، وتجنّب سيناريو طوفان الأقصى من جنوب لبنان».

ويرى جوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ما دام الإسرائيلي غير قادر على البقاء في هذه البلدات المدمّرة، فذلك يعني أنه غير قادر على الحفاظ على هذه القرى مدمّرةً، وخصوصاً أن لبنان وفي أي اتفاق سياسي سيؤكد على عودة سكان هذه القرى إلى قراهم لإعادة إعمار منازلهم، فلا يمكن أن تقبل الدولة اللبنانية أن يبقى شريط من القرى الكبرى والأساسية مدمّراً».

معاقبة السكان

ويضيف: «الأرجح أن إسرائيل تعرف ذلك تماماً، ولكن ما تقوم به يندرج تحت إطار الحرب النفسية لمعاقبة سكان تلك البلدات والقرى؛ لأنهم يشكّلون البيئة الحاضنة لـ(حزب الله)، ولمحاولة إقامة شرخ بينهم وبين الحزب؛ للقول لهم: انظروا كيف لم يتمكن من حماية بيوتكم».

ويشدّد جوني على أن «الاعتقاد بأن تدمير القرى بهذه الطريقة، وأن المنطقة المعزولة التي يطمح إليها تُحقّق له أمن المستوطنات، غير صحيح؛ لأن مناطق الشمال الإسرائيلي يمكن استهدافها من أعماق بعيدة»، واصفاً ما يحصل بـ«تمادي العدو الإسرائيلي في إجرامه وانتهاك القانون الدولي، خصوصاً وأن المبرّرات التي يقدّمها لجهة أنه يستهدف مستودعات للذخيرة لا تنطلي على أحد؛ لأنه بالمفهوم العسكري لا تكون هذه المستودعات على التخوم، إنما بالعمق».

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية محيبيب في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

وبات كل الاعتماد للتحقّق من مصير القرى والبلدات الحدودية يعتمد على صور الأقمار الاصطناعية، ومقاطع الفيديو التي ينشرها الجيش الإسرائيلي، أو جنود إسرائيليون على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث إن الوصول إلى المنطقة لم يَعُد متاحاً منذ فترة.

الوصول للمنطقة غير متاح

ووفقاً لأحدث تحليل لصور أقمار اصطناعية قامت به صحيفة «التايمز»، تبدو قرية محيبيب قد سُوِّيت بالأرض تقريباً، ولم يتبقَّ منها سوى عدد قليل من المباني، وفي 5 قرى وبلدات أخرى تحوّلت أحياء بأكملها إلى أنقاض.

وتُظهر صور قرية رامية بجنوب لبنان تفجير الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 40 مبنى في الأسبوعين الماضيَين.

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وتدّعي إسرائيل أنها تضرب أهدافاً عسكرية «لمواجهة التهديد المستمر الذي يشكّله (حزب الله) على المنازل والعائلات الإسرائيلية»، ويقول الجيش الإسرائيلي إن قواته عثرت على أنفاق لـ«حزب الله» ودمّرتها تحت المنازل والمباني، في ميس الجبل وكفركلا ومحيبيب وعيتا الشعب.


مقالات ذات صلة

إسرائيل: استهدفنا مركز قيادة لـ«حزب الله» في «غارة البسطة»

شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)

إسرائيل: استهدفنا مركز قيادة لـ«حزب الله» في «غارة البسطة»

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، إن الغارة التي شنتها طائراته على منطقة البسطة في وسط بيروت، استهدفت مركز قيادة تابعاً لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء إطلاق صواريخ سقطت على وسط إسرائيل أمس (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف مستوطنة شتولا وتجمع لقوات إسرائيلية شرق الخيام

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيانين منفصلين، اليوم الاثنين، أن عناصره استهدفت مستوطنة شتولا وتجمعاً لقوات إسرائيلية شرق مدينة الخيام، بـ«صلية صاروخية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
أوروبا الأمن يقف في حراسة قبل اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع بأناني بمنطقة لاتسيو بإيطاليا (إ.ب.أ)

الشرق الأوسط وأوكرانيا على جدول أعمال اجتماع مجموعة السبع

يجتمع وزراء خارجية مجموعة السبع قرب روما، اليوم، لإجراء محادثات تركز على النزاع في الشرق الأوسط، بحضور نظرائهم الإقليميين، وكذلك على الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

وقال «حزب الله»، في 3 بيانات، إن مقاتليه دمروا 5 دبابات «عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة»، إحداها أثناء محاولتها «التقدم لسحب دبابة من الدبابات المدمرة»، وأضاف في بيان آخر أنه استهدف بصاروخ موجه دبابة «عند الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس».

وتحدثت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية عن معارك عنيفة في العديد من مناطق الجنوب، مشيرة إلى «تراجع رتل من 30 آلية عسكرية إسرائيلية من جنوب البياضة (...) باتجاه شمع وطيرحرفا تحت غطاء مدفعي»، بعد تدمير «حزب الله» للدبابات. وأضافت: «تسارع وتيرة العملية البرية الإسرائيلية في الخيام»، البلدة القريبة من الحدود، بعد ليلة من المعارك «العنيفة».

كذلك، أكد «حزب الله» استهداف القوات الإسرائيلية المتمركزة في شرق الخيام بـ4 دفعات من الصواريخ.

وتعدّ إسرائيل هذه البلدة «بوابة استراتيجية تسهل التقدم البري السريع»، بحسب الوكالة.

وقال رئيس بلدية دير ميماس، جورج نكد، للوكالة إن «القوات الإسرائيلية كانت قد وصلت من جهة كفركلا إلى تلة لوبيا الواقعة بين القليعة ودير ميماس ونصبت فيها حاجزاً، وإن هناك ما يقارب 20 شخصاً عالقين في البلدة بينهم امرأة حامل».

وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، الأحد. ونقلت الصحيفة عن مصادر القولَ إن تلك الصواريخ تسببت في وقوع إصابات وتلفيات في مناطق بوسط وشمال إسرائيل.

وأعلن «حزب الله»، في وقت سابق، الأحد، استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيّرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود البحرية الإسرائيلية.