السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

استقبل آخر مبعوث أممي قبيل نهاية عمل «يونامي»

صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)
صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)
TT

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)
صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

في أحدث ظهور له، وبعد نشر قناة إسرائيلية صورته ضمن قائمة مستهدفين للاغتيال، حدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، 7 عوامل لتحقيق «استقرار العراق».

وجاء في بيان صادر عن مكتبه، الاثنين، أن السيستاني، خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق، العماني محمد الحسان، دعا العراقيين، خصوصاً النخب الواعية، إلى «استخلاص العبر من التجارب الماضية، والسعي الحثيث لتجاوز إخفاقاتها، والعمل بجد لبناء مستقبل أفضل ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والازدهار».

وأشار المرجع الديني الذي يمتنع منذ عام 2015 عن استقبال المسؤولين الرسميين العراقيين احتجاجاً على تجاهل توصيات المرجعية وانتشار الفساد، إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلاد، تعتمد على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تقلُّد المسؤوليات، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات.

وأكّد السيستاني: «يبدو أن أمام العراقيين مساراً طويلاً إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله على هذا المسار». وكانت القناة الإسرائيلية الرابعة عشرة قد نشرت صورة المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، آية الله علي السيستاني، ضمن قائمة لأهداف اغتيال محتملة.

ظهرت صورة السيستاني إلى جانب شخصيات أخرى، مثل زعيم حركة أنصار الله الحوثية عبد الملك الحوثي، والأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار (قبل اغتياله)، وقائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني، والمرشد علي خامنئي.

ونددت الحكومة العراقية بما عَدَّتْهُ «إساءةً للمرجعية الدينية العليا للشيعة» المتمثلة في المرجع الديني علي السيستاني، ودعت المجتمع الدولي إلى «إدانة محاولات النَّيْل من الشخصيات ذات التأثير والاحترام العالمي».

وفيما يخص الأوضاع الملتهبة في المنطقة، عَبَّرَ السيستاني عن «عميق تألمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزة»، معرباً عن أسفه الشديد لعجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن فرض حلول فعالة لإنهاء هذه المآسي، أو على الأقل لتحييد المدنيين عن معاناة العدوان الإسرائيلي الشرس.

نحو رفع مكانة العراق

من جهته، أعلن ممثل الأمم المتحدة لدى العراق، محمد الحسان، عن إبرام اتفاق مع المرجع الديني الأعلى، السيد علي السيستاني، لتعزيز التعاون بين الجانبين بهدف تعزيز مكانة العراق على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وفي مؤتمر صحافي عقب لقائه بالسيستاني في النجف، قال الحسان: «تشرفت بلقاء سماحة السيد السيستاني، واستمتعت بحكمته ورؤاه حول المنطقة والعراق»، وأكد: «أنتم تعلمون مكانة السيد في العالم الإسلامي والدولي، وأنا سعيد بهذا اللقاء، وقد اتفقت مع سماحته على العمل المشترك لتعزيز مكانة العراق».

ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان خلال مؤتمر صحافي في النجف (أ.ف.ب)

وشدد قائلاً: «لا نقبل أي مساس بمقام المرجعية، ومشورة السيد السيستاني تحظى باحترام المبعوثين الخاصين»، مضيفاً: «أكدنا أن الأمم المتحدة ستستمر في دعم العراق». وتابع: «طلب مني السيد السيستاني تنفيذ الأولويات بما يخدم مصلحة العراق»، مشيراً إلى أن «السيستاني يتوقع تعزيز العراق علاقاته مع جيرانه».

واختتم بالقول: «نحن ملتزمون بدعم الأولويات في العراق، ولن نتدخل إلا بمشورة».

يُعد محمد الحسان آخر مبعوث أممي إلى العراق، خلفاً للممثلة السابقة لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، جينين بلاسخارت، بعد أن قرر مجلس الأمن، بناءً على طلب العراق، سحب البعثة التي كانت موجودة في البلاد لأكثر من 20 عاماً، بحلول نهاية عام 2025. وقد نص القرار الذي تم تبنِّيه بالإجماع، على تمديد ولاية البعثة التي أُنشئت عام 2003 «لفترة أخيرة مدتها 19 شهراً حتى 31 يناير (كانون الأول) 2025».

وفي مطلع مايو (أيار) الماضي، بعث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، أشار فيها إلى «تطورات إيجابية ونجاحات»، مطالباً بإنهاء مهمة البعثة الأممية التي كانت في العراق منذ 2003، وأوضح أن «أسباب وجود بعثة سياسية في العراق لم تعد قائمة بعد 20 عاماً من التحول الديمقراطي، والتغلب على تحديات مختلفة».


مقالات ذات صلة

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».