اتصالات ومشاورات لاحتواء «عراقيل» مفاوضات «هدنة غزة»

الوسطاء يؤكّدون أن المحادثات مستمرة و«حققت الكثير»

امرأتان تبكيان على أقارب قُتلوا في غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (رويترز)
امرأتان تبكيان على أقارب قُتلوا في غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (رويترز)
TT

اتصالات ومشاورات لاحتواء «عراقيل» مفاوضات «هدنة غزة»

امرأتان تبكيان على أقارب قُتلوا في غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (رويترز)
امرأتان تبكيان على أقارب قُتلوا في غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (رويترز)

ما بين اتصالات واجتماعات، وإعلان عن قمة مرتقبة، تتواصل مشاورات عربية - دولية من أجل التوصل إلى هدنة في قطاع غزة ووقف إطلاق النار، واحتواء «عراقيل» المفاوضات، أبرزها شروط تأتي بين الحين والآخر من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

تلك المشاورات التي يعزّزها انعقاد اجتماع «التحالف العالمي لحل الدولتين» بالرياض، لبحث وقف إطلاق النار بغزة ولبنان، يراها خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، ضمن سباق عربي - دولي لتسريع إبرام تهدئة في المنطقة بأكملها، والضغط على إسرائيل، متوقعين أن تستمر المحادثات بوتيرتها الحالية لما بعد الانتخابات الأميركية الوشيكة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، كما يخطّط نتنياهو، دعماً لآمال وصول حليفه دونالد ترمب للبيت الأبيض.

وانطلق في الرياض، الأربعاء، التحالف العالمي لحل الدولتين، الذي دشنته السعودية قبل شهر؛ لبحث وقف إطلاق النار بغزة، وعلى هامش الاجتماع قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن الاجتماع بمشاركة 90 دولة، خطوة أولى نحو حلّ إنهاء أزمة فلسطين، ووقف فوري لإطلاق النار، وفق ما نقلته قناة «الإخبارية» السعودية الرسمية.

رجل يحمل جثة طفل فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (رويترز)

ودعت السعودية، الأربعاء، في بيان صحافي للخارجية، إلى عقد قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة في المملكة 11 نوفمبر المقبل؛ بشأن غزة ولبنان، وتطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة، وبالتزامن تستمر لقاءات في الدوحة والقاهرة وعواصم أوروبية لدعم المفاوضات، حسبما ذكر المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي بقطر، الثلاثاء، الذي رأى أنه «تم تحقيق الكثير في مفاوضاتها».

وتمسّك المتحدث القطري باستمرار عمل الدوحة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حتى اللحظة الأخيرة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

اتصال مصري ــ قطري

وجرى أيضاً اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الثلاثاء، شمل بحث مستجدات الجهود المشتركة للبلدين للتوصل لوقف فوري لإطلاق النار، والجهود المبذولة للحيلولة دون توسيع رقعة الصراع في المنطقة، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية.

بدوره، أكّد مكتب نتنياهو، الاثنين، أنه «في الأيام المقبلة ستستمر المناقشات بين الوسطاء و(حماس)؛ لتقييم جدوى المحادثات، ومواصلة الجهود لتعزيز الاتفاق»، ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الثلاثاء، عن مصدر مطلع على المفاوضات، تحذيره من أن رفض نتنياهو تضمينَ وقف القتال في مقترح صفقة التبادل قد يعرقل المحادثات.

عراقيل نتنياهو

الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن هناك سباقاً يخوضه الوسطاء، لا سيما مصر ودول مهمة بالمنطقة كالسعودية؛ للتوصل لاتفاق، في ظل مؤشرات متناقضة بين وجود تقدّم وحدوث عراقيل من نتنياهو الذي يحاول استغلال الوقت وتفويت الفرصة على التوصل لهدنة قبل الانتخابات الأميركية المرتقبة.

وباعتقاد أنور فإن تَواصُل جهود الوسطاء وعقد قمة عربية إسلامية، بمثابة ضغط إضافي على نتنياهو لـ«إحراجه أمام الرأي العام، وتوضيح حجم تعنّته واستهتاره بأرواح الرهائن، ومزيد من تعزيز الضغوط الدولية تجاه إيجاد حل»، لافتاً إلى أن تلك الضغوط المصرية والسعودية المقدَّرة تُضاف إليها ضغوط عسكرية إسرائيلية على المستوى العسكري، تتواصل وتتحدث بلهجة تستفز الرأي العام عن خسائر إسرائيل بالحرب، وأهمية تقديم تنازلات.

وتحدّث الجيش الإسرائيلي عن خسائر عديدة في صفوفه، أبرزها، الثلاثاء، بالكشف عن إصابة 12 ألف جندي منذ انطلاق حرب غزة، بينما طالب يوآف غالانت، وزير دفاع حكومة نتنياهو، بـ«تقديم تنازلات مؤلمة» لإعادة المحتجزين، مشدّداً على أن هذا لا يمكن تحقيقه بالحرب وحدها.

وبرغم تلك الضغوط، فإن «عراقيل نتنياهو ستستمر»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، وهدفها الانتظار إلى ظهور نتائج الانتخابات الأميركية، ووضوح الصورة حتى يستطيع تحديد أهدافه، ووضع نهاية تضمن مستقبله السياسي، لافتاً إلى أن حديث الوسطاء عن التقدم يكشف عن لغة بروتوكولية دبلوماسية يقابلها مؤشرات عديدة عن عراقيل نتنياهو، وعدم جِدّيته حالياً في إبرام اتفاق.

ومع تعنّت نتنياهو، تتواصل التحركات الأميركية، حيث نقلت وسائل إعلام عربية وغربية أن مسؤولين أميركيين سيزورون مصر وإسرائيل؛ لبحث مجموعة من القضايا، منها: إطلاق سراح الرهائن، والتهدئة في المنطقة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، إن مستشارَي الرئيس؛ آموس هوكستين، وبريت ماكغورك، سيزوران إسرائيل، لبحث اتفاق وقف إطلاق النار، ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مصادر أميركية وإسرائيلية، أنه «يمكن الوصول إلى اتفاق خلال أسابيع قليلة».

وكشفت هيئة البث عن أن المرحلة الأولى من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تشمل الإفراج عن 9 مختطَفات وكبار السن لدى «حماس»، بينما سبق أن نقل موقع «أكسيوس» عن 3 مسؤولين إسرائيليين أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز طرح، الأحد، خلال اجتماع مع رئيس الموساد ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري، اتفاقاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 28 يوماً، وإطلاق سراح نحو 8 رهائن محتجزين لدى حركة «حماس»، وإطلاق سراح عشرات السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

بخلاف إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي - الذي تُعَدّ بلاده إحدى دول الوساطة لوقف الحرب - مقترحاً يتضمن «وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين، حيث يتم تبادل 4 رهائن مع بعض الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض على استكمال الإجراءات في القطاع، وصولاً لإيقاف كامل لإطلاق النار وإدخال المساعدات».

مقترحات جديدة

وفي هذا الصدد، قال سامي أبو زهري، القيادي البارز في «حماس»، الثلاثاء، في كلمة مسجّلة، إن الحركة تدرس مقترحات جديدة من الوسطاء لإنهاء الحرب في غزة، مؤكّداً أن الحركة منفتحة على أي اتفاق أو أفكار تُنهي معاناة غزة، وتُوقِف إطلاق النار بشكل نهائي، وتؤدي إلى انسحاب الاحتلال من كامل القطاع.

وبرأي أنور فإن «عراقيل نتنياهو ومساعيه لإطالة أمد المفاوضات لما بعد الانتخابات الأميركية، ستجعله يصطدم بالداخل الرافض أكثر، خصوصاً مع نزيف الوقت، وعدم عودة الرهائن، وبضغوط الوسطاء والتحركات الدولية، وإبداء (حماس) مرونة».

أما مطاوع فيرى أن «تكرار ظهور سيناريوهات الفرص والعراقيل منذ بداية الحرب، تعني أن الاتفاق ما زال لم ينضج»، لافتاً إلى أن أي اتفاق جِدّي لا تسرَّب مقترحاته في الإعلام، ولو حدث ذلك وبعد يومين من المحادثات لم يصل الوسطاء والأطراف لاتفاق، فهذا يعني أن أحد الأطراف يريد إحباط مسار المفاوضات، وممارسة ضغوط فقط لا غير.

وبتقدير المحلل الفلسطيني فإن المحادثات والمشاورات ستستمر لما بعد الانتخابات الأميركية، وستتجه إلى صفقة شاملة في غزة ولبنان، لافتاً إلى أن الضغوط الأميركية الجادة، خصوصاً لدى كامالا هاريس، ستكون أكبر على نتنياهو حال فوزها؛ لرغبتها في تحقيق إنجاز ملموس ببداية عهدها، وكذلك الحال بالنسبة لترمب الذي وعد بإنهاء الحرب عقب فوزه.


مقالات ذات صلة

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.