إسرائيل تنقل «ثقل» المعركة البرّية بجنوب لبنان للتوغل في الخيام

محاولات للسيطرة على أول مدينة استراتيجية

لقطة تُظهر الدمار في أحياء الخيام جرّاء الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
لقطة تُظهر الدمار في أحياء الخيام جرّاء الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تنقل «ثقل» المعركة البرّية بجنوب لبنان للتوغل في الخيام

لقطة تُظهر الدمار في أحياء الخيام جرّاء الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
لقطة تُظهر الدمار في أحياء الخيام جرّاء الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

انتقل الثقل العسكري الإسرائيلي في العملية البرّية جنوب لبنان باتجاه مدينة الخيام الاستراتيجية، حيث بدأت القوات الإسرائيلية، ليل الاثنين، عملية توغّل على أطرافها، في محاولة للتقدم باتجاه البلدة المحاذية بمستعمرة المطلة، والواقعة على مرتفع يطلّ على مناطق إسرائيلية شاسعة من الشرق والجنوب والغرب.

وبدأ الجيش الإسرائيلي، ليل الاثنين، بعملية «جسّ نبض»، عبر الدفع ببعض الآليات على محورين؛ الأول من الجهة الجنوبية قرب مستعمرة المطلة، والثاني من الجهة الشرقية من سهل الغجر ومحيط بلدة الوزاني وتلة سردة، وهي مناطق ضعيفة من الناحية العسكرية، لا تتضمن وجوداً كبيراً للحزب، بحكم طبيعتها الجغرافية السهلية، لكنها تُتيح للقوات الإسرائيلية التقدم بالمدرعات بسرعة، حسبما يقول خبراء عسكريون.

الدخان يتصاعد جرّاء غارات جوية عنيفة استهدفت بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

خصوصية المعركة

وتُعدّ معركة الخيام من أبرز المعارك في الجنوب التي تستعد القوات الإسرائيلية لخوضها، فمن الناحية الرمزية هي أول مدينة تسعى للتوغل فيها، بعد آلاف الغارات الجوية وقذائف المدفعية التي استهدفتها على مدى أكثر من عام، وللبلدة خصوصية؛ كونها تضم معتقل الخيام، وهو سجن تولّت ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» - قوة محلية تابعة لإسرائيل - إدارته خلال احتلال الأخيرة لجنوب لبنان. وندّدت منظمات غير حكومية مراراً بحصول عمليات تعذيب وسوء معاملة في السجن.

أما من الناحية الاستراتيجية فهي تتمتّع بمساحة شاسعة مترامية الأطراف باتجاه الغجر والوزاني، وتقع جغرافياً على مرتفع مُطلّ على أصبع الجليل، كما أنها مفتوحة على 3 جوانب من الشرق والغرب والجنوب.

وعلى الرغم من أن القوات الإسرائيلية تقدّمت باتجاه كفركلا المُطلّة من الغرب على مستعمرة المطلة، فإن الالتفاف من الجهة الغربية سيكون مستحيلاً، حسبما يقول خبراء؛ كون الدبابات ستكون «تحت النيران في سهل الخيام»، وهو ما دفع القوات الإسرائيلية لمحاولة التوغل من الجنوب والشرق.

لم يتوقف القصف الجوي والمدفعي على الخيام منذ العام الماضي (رويترز)

جسّ نبض

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بدخول «عدد كبير» من الدبابات الإسرائيلية إلى تلة الحمامص عند الأطراف الشرقية لبلدة الخيام، في أعمق نقطة يصلها الجيش الإسرائيلي منذ بدء عمليات توغّله بجنوب لبنان نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأفادت الوكالة بـ«دخول عدد كبير من دبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي» من جهة المطلة الإسرائيلية إلى «تلة الحمامص والأطراف الشرقية لبلدة الخيام» منذ الاثنين، لكن تلك العمليات تمت مواجهتها بمقاومة عنيفة، حيث تعرّضت طليعة الدبابات لاستهداف بالصواريخ المضادة للدروع، كما تعرّضت القوات التي تحاول التقدم باتجاه تلة الحمامص ووادي العصافير الواقعَتين جنوب بلدة الخيام، لقصف مدفعي وصاروخي، مما دفع القوات الإسرائيلية للانكفاء، وإطلاق حملة قصف مدفعي وجوي عنيفة على البلدة.

وكان «حزب الله» أعلن ليلاً استهدافه برشقة صاروخية تجمّعاً لجنود إسرائيليين عند أطراف البلدة الواقعة على بُعد قرابة 6 كلم عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل.

غارات على الأطراف الغربية لمدينة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

استئناف محاولات التوغل

واستأنفت القوات الإسرائيلية محاولات التوغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، صباح الثلاثاء، حيث تحدثت وسائل إعلام محلية عن اشتباكات عند الأطراف الجنوبية لبلدة الخيام جنوب البلاد، واشتباكات أخرى من الجهة الشرقية، وأعلن «حزب الله» في بيانات متلاحقة استهداف تجمّعات جنود إسرائيليين عند أطراف البلدة من جهة الجنوب والشرق برشقات صاروخية وقذائف مدفعية. وقال إن مقاتليه استهدفوا بـ«صاروخ موجّه» دبابة ميركافا جنوب البلدة، ما «أدى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح».

وبذلك يكون الحزب قد استخدم مختلف أسلحته لمواجهة التوغل، سواءً بالصواريخ الموجّهة أو الصواريخ المنحنية والقذائف المدفعية، فضلاً عن استخدام المسيرات والصواريخ لقصف التجمّعات الخلفية، وهي «خطوط الإسناد للتوغل البري»، إلى جانب استهداف مسيّرة من نوع «هيرمز 900»، أعلن عن استهدافها في منطقة مرجعيون، حيث تُخاض معركة الخيام.

حصيلة المعركة

ويعلن «حزب الله» منذ الأسبوع الماضي، التصدّي لمحاولات تسلّل إسرائيلية عند قرى حدودية، والاشتباك معها داخل بعض البلدات الحدودية «من مسافة صفر»، وواصل الجيش الإسرائيلي بث مقاطع فيديو لتدمير المنازل في القرى والبلدات التي توغل إليها، عبر تفخيخها، وظهرت مقاطع تُصور التفجيرات في بلدات ميس الجيل وعيترون ويارين والضهيرة.

وبرغم الضغط العسكري، واصل الحزب إطلاق الصواريخ، وقُتل شخص في ترشيحا إثر صاروخ من رشقة صاروخية مكثّفة أُطلقت من لبنان، بينما دوّت صفارات الإنذار في عشرات البلدات في الجليل الغربي والأعلى، بالتزامن مع إطلاق الصواريخ، في حين أكّد الجيش الإسرائيلي إطلاق نحو 50 صاروخاً من لبنان، خلال هذه الرشقة.

عناصر أمن إسرائيليون يتفقّدون موقع سقوط صواريخ لـ«حزب الله» في شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

وأعلن «حزب الله» في حصيلة لتطورات الجبهة، أن الأيام القليلة الماضية شهدت تصاعداً ملحوظاً في عدد عملياته اليومي، وقال إن مقاتليه تصدّوا لمحاولات توغّل على 4 جبهات رئيسية، وأكّدت «غرفة عمليات المقاومة الإسلامية أنه وحتى تاريخ نشر هذا المُلخص الميداني، لم يتمكّن جيش العدوّ من إحكام السيطرة أو احتلال أي قرية بشكل كامل من قرى الحافّة الأمامية في جنوب لبنان».

وقال في الملخص، إنه «بلغ عدد عمليّات الإطلاق التي نفّذتها القوة الصاروخية خلال الأيام الأربعة الماضية 103 عمليات، وبعمق وصل إلى 145 كلم حتى الضواحي الجنوبية لتل أبيب»، كما أطلق 150 مُسيّرة من مختلف الأنواع والأحجام، كانت 30 عملية منها خلال الأيام الأربعة الماضية.

جنود إسرائيليون في موقع سقوط صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل (أ.ب)

وقال الحزب في البيان، إن حصيلة خسائر الجيش الإسرائيلي بلغت منذ انطلاق «المناورة البرّية في جنوب لبنان» ما يزيد عن 90 قتيلاً، وأكثر من 750 جريحاً من ضباط وجنود، بالإضافة إلى تدمير 38 دبابة ميركافا، و4 جرّافات عسكريّة وآلية هامر وآلية مُدرّعة وناقلة جند، وإسقاط 3 مسيّرات من طراز «هرمز 450»، وواحدة من طراز «هرمز 900».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارة الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارة الإسرائيلية، (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان منطقتي الحدث وبرج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.