قوبل قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بإدانات عربية ودولية واسعة، إذ وصفته جامعة الدول العربية بـ«السابقة الخطيرة»، وعدته مصر «استخفافاً مرفوضاً».
وأقرّ الكنيست الإسرائيلي قانونا يحظر على «الأونروا» العمل في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة، بأغلبية 92 صوتاً مقابل 10 أصوات معارضة، وجاء القرار بعد سنوات من الانتقادات الإسرائيلية الحادة للوكالة الأممية، والتي زادت مع بدء الحرب على غزة، المستمرة منذ أكثر من عام، حيث اتهمت تل أبيب «الأونروا» بـ«المشاركة في الهجوم الذي نفذته حركة (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد ابو الغيط، في إفادة رسمية الثلاثاء، بـ«أشد العبارات» قرار اسرائيل حظر «الأونروا»، وقال إنها «الوكالة الأممية التي تقدم خدمات تعليمية وصحية أساسية لأكثر من 5.5 مليون لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس».
ونقل المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، عن أبو الغيط قوله: «إن القرار يعادل حكماً بمصادرة مستقبل ملايين الفلسطينيين، كما أنه يمثل الحلقة الأحدث في خطة متواصلة تباشرها إسرائيل منذ سنوات للقضاء على دور الوكالة، وتدمير سمعتها الدولية وتجفيف منابع تمويلها».
ووصف أبو الغيط القرار بأنه «سابقة خطيرة على الصعيد الدولي»، وقال: «إسرائيل ليست هي من أنشأ (الأونروا) لكي تحظر عملها، حيث تأسست الوكالة بقرار أممي عام 1949، وبالتالي فإن مسؤولية الإبقاء عليها تعود إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة».
وتساءل أبو الغيط: «إن كان المجتمع الدولي سيقبل بتمرير هذه السابقة، فماذا سيتبقى من الأمم المتحدة؟»، داعياً الدول الأعضاء في مجلس الأمن لـ«التصدي لهذا القرار الخطير»، مؤكداً أن «العمل الإنساني في غزة سينهار كليا إذا تم تغييب دور (الأونروا) أو حظر نشاطها».
كما أدانت القاهرة القرار، وعدت وزارة الخارجية المصرية، في إفادة رسمية الثلاثاء، القرار "جزءا من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، تعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة".
كما أدان الأردن حظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة، عادّاً ذلك «استمراراً لمساعي اغتيالها سياسياً». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، سفيان القضاة، في بيان، إن «إقرار هذه القوانين يعدّ جزءاً من حملة الاستهداف الممنهج للوكالة، واستمراراً لمساعي إسرائيل المحمومة لاغتيال الوكالة سياسياً، وإمعاناً في حربها العدوانية على الشعب الفلسطيني»، مشيراً إلى أن «هذه الإجراءات والممارسات الإسرائيلية غير شرعية وباطلة».
وقدّمت «أونروا» على مدار أكثر من 7 عقود مساعدات أساسية للفلسطينيين، وقد ندّدت بهذا الإجراء «الفاضح» في حقّها.
وعدّت مصر تلك الخطوة (قرار الكنيست)، في بيان أصدرته وزارة الخارجية، الثلاثاء، «جزءاً من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة». وجددت مصر «رفضها المطلق للممارسات الإسرائيلية كافة الهادفة إلى تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم، وتصفية حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين».
في سياق متصل، استنكرت الحكومة العراقية، الثلاثاء، قرار الكنيست وما يمثّله هذا التصرف من «تطور خطير الأثر على الوضع الإنساني، وعرقلة مساعي إيصال المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة». وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في بيان صحافي، إن «(أونروا)، التي تمارس عملها في المجال الإنساني في فلسطين منذ ما يزيد على 75 عاماً، مسؤولة عن دعم وإغاثة شعب لاجئ بأكمله، وإن حظر عملها من قِبل الكيان الغاصب يهدد سلامة وحياة الملايين من المدنيين، بما فيهم الأطفال والنساء والعجزة».
من جانبها، أدانت تركيا القرار ووصفته بأنه يمثل انتهاكاً للقانون الدولي. وقالت الخارجية التركية في بيان صدر الثلاثاء «من خلال استهداف (أونروا)، تسعى إسرائيل إلى تدمير حل الدولتين ومنع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم». وجاء في البيان أن «أونروا» تقدم منذ 1949 المساعدات الحيوية للملايين من اللاجئين الفلسطينيين، كما أن جهودها مهمة من أجل الاستقرار الإقليمي. أضاف البيان: «من الواجب القانوني والأخلاقي للمجتمع الدولي اتخاذ موقف قوي أمام محاولات حظر (أونروا)، التي تم تأسيسها بموجب قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة».
وتعهدت تركيا بصفتها رئيسة المجموعة الخاصة بتمويل «أونروا» بالاستمرار في تقديم الدعم السياسي والمالي للوكالة.
وأقرّ النواب الإسرائيليون المشروع بغالبيّة 92 صوتاً مقابل 10 أصوات معارضة، بعد سنوات من الانتقادات الإسرائيلية الحادة لـ«أونروا» والتي زادت منذ بدء الحرب في غزة.
من جانبها، قالت مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، الثلاثاء، إن المنظمة حريصة على تكثيف دعمها لمن يواجهون أزمات بعد القرار الإسرائيلي بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لكن «لا سبيل» لأن تحل المنظمة محل «أونروا» في غزة. وأضافت للصحافيين «(أونروا) مهمة جداً لشعب غزة، ولا أريد أن أترك انطباعاً خاطئاً لدى أي شخص بأن المنظمة الدولية للهجرة قادرة على لعب هذا الدور؛ لأننا لا نستطيع، لكننا قادرون على تقديم الدعم لمن يواجهون أزمات حالياً». وأردفت: «هذا دور نحرص جداً على القيام به، وسنعززه بدعم من مختلف الأطراف المعنية».
وكان ثمّة نص ثانٍ في القرار تمّ تبنّيه أيضاً بغالبية كبيرة (89 مقابل 7) يحظر على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع «أونروا» وموظفيها؛ ما من شأنه عرقلة أنشطتها إلى حد كبير. وسيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوماً من إقرارهما، وفق الكنيست.
قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن إسرائيل يجب أن تضمن أستمرار وكالة الإغاثة الرئيسية في العمل في غزة، وإنها يمكنها الاستمرار في «عملها الأساسي»، وذلك بعد أن حظر البرلمان الإسرائيلي عملها بالفعل. ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)، الثلاثاء، عن ستارمر القول إن المملكة المتحدة «قلقة للغاية» بشأن موافقة الكنيست.
وتصاعدت حدة الانتقادات الإسرائيلية للوكالة الأممية بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة إثر هجوم «حماس» على إسرائيل. وفي يناير (كانون الثاني)، وجَّهت إسرائيل اتهامات لعشرات من موظفي «أونروا» في قطاع غزة بضلوعهم في الهجوم.
أعرب السفير الألماني في إسرائيل، شتيفن زايبرت، عن قلقه بشأن حظر عمل (أونروا)، الذي أقرَّه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وكتب زايبرت على منصة «إكس» أنه «قلق للغاية» حيال تأثير تصويت الكنيست ضد «أونروا»، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني للرجال والنساء والأطفال النازحين في قطاع غزة كارثي بالفعل، وأردف أن «هذه القوانين ستجعلهم عرضة للخطر بصورة أكبر». وأعرب الدبلوماسي الألماني عن اعتقاده بأن «أونروا» تعد في الوقت الراهن ذات أهمية حاسمة لتقديم المساعدة لهؤلاء الناس، وهم «لا يزالون في حاجة إلى قدر أكبر بكثير من هذه المساعدات».
وسيستهدف التشريع عمليات الوكالات في القدس الشرقية، ومن بينها التنظيف والتعليم والرعاية الصحية في أحياء بعينها.
وسيحرم التشريع أيضاً العاملين في الوكالة من بعض المزايا الممنوحة للموظفين الدبلوماسيين، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية.
واتّهمت «أونروا» وغيرها من المنظمات الإنسانية السلطات الإسرائيلية بتقييد تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.
وتكبّدت «أونروا» خسائر فادحة، حيث قُتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.