إسرائيل تستكمل مسار تفجير قرى المنطقة الحدودية بجنوب لبنان

«حزب الله» يوسّع دائرة قصف المدن

TT

إسرائيل تستكمل مسار تفجير قرى المنطقة الحدودية بجنوب لبنان

عناصر من الجيش اللبناني خلال تشييع رسمي للضابط محمد فرحات الذي قُتل بغارة إسرائيلية في الجنوب (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني خلال تشييع رسمي للضابط محمد فرحات الذي قُتل بغارة إسرائيلية في الجنوب (إ.ب.أ)

وسّع «حزب الله»، السبت، دائرة استهدافاته للمناطق السكنية في شمال إسرائيل، طالت 5 بلدات ومستعمرات، واستأنف قصف مواقع عسكرية في العمق، أحدها في جنوب تل أبيب كما قال في بيان، بالتزامن مع تفخيخ القوات الإسرائيلية لمناطق في جنوب لبنان وتفجيرها، استكمالاً لمسار تفجير المناطق السكنية الحدودية في جنوب لبنان.

وبثت وسائل إعلام إسرائيلية مقاطع فيديو تظهر عمليات تفخيخ وتفجير واسعة نفذها الجيش الإسرائيلي في بلدتي ديرسريان والعديسة، وتسببت بارتجاجات في الأرض، شعر بها سكان البلدات المجاورة ظناً منهم أنها هزة أرضية.

كذلك، بدأ الجيش، منذ فجر السبت، بتفجير وهدم منازل سكنية في الأحياء القريبة من الشريط الشائك في بلدة العديسة. ودوى انفجاران عنيفان ترددت أصداؤهما بشكل قوي في منطقتي مرجعيون والنبطية.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية عنيفة استهدفت بلدة الطيبة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وبذلك، يستكمل الجيش الإسرائيلي خطة يتبعها في تفخيخ وتفجير المنازل والمربعات السكنية في المنطقة الحدودية وتسويتها بالأرض، وهي خطة بدأت قبل أسبوع، وجرت تنفيذها في محيبيب وميس الجبل وعيتا الشعب وراميا وبليدا. ويقول متابعون إن هذه الخطة يسعى منها الجيش الإسرائيلي إلى القضاء على مظاهر الحياة، في حال عاد السكان على المدى البعيد، أما على المدى القصير، فيسعى إلى إزالة أي موقع يمكن أن يحتمي فيه مقاتلون «حزب الله» الذين يخوضون معارك برية طاحنة، وينفذون الكمائن ضد القوات المتوغلة.

ويأتي تفخيخ البلدات وتفجيرها، غداة أعنف تصعيد شهدته المنطقة الحدودية منذ بدء التوغل البري، إذ أعلن «حزب الله»، الجمعة، عن 48 عملية نفذتها، تراوحت بين استهداف دبابات، وقصف تحشيدات وتجمعات للجنود، واشتباكات مباشرة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فضلاً عن القصف الصاروخي إلى العمق.

دبابة إسرائيلية تتوغل عبر الحدود مع لبنان (رويترز)

شدد الناطق باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي على أن «جنود حفظ السلام يواصلون عملهم الأساسي المتمثل في مراقبة ما يحدث على الأرض، ورفع التقارير رغم التحديات». وقال: «ما زلنا في كل مواقعنا، ونعني بذلك كل موقع من هذه المواقع».

قصف المدن

وسَّع الحزب دائرة قصف المدن الإسرائيلية، السبت، وأعلن عن عن قصف 5 مناطق سكنية على الأقل في شمال إسرائيل، فضلاً عن استهداف مواقع عسكرية في المنطقة ذاتها وتجمعات جنود في جنوب لبنان.

وأورد الحزب في بيانات متلاحقة أنه قصف بالصواريخ منذ الصباح كل من كريات شمونة ومتسوفا وجعتون ويسود همعلاه، إضافة إلى الكريوت شمال مدينة حيفا، في حين اتهم الجيش الإسرائيلي، حتى ظهر السبت، الحزب، بإطلاق نحو 80 مقذوفاً على إسرائيل. وبعد الظهر أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بانطلاق 30 صاروخاً باتجاه كريات شمونة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الصواريخ إلى الجليل الأعلى أسفرت عن اندلاع حرائق.

عناصر من «اليونيفيل» في جنوب لبنان (رويترز)

وتزامن هذا النشاط الصاروخي، مع قصف في العمق، امتد من صفد على الساحل الشمالي، وحتى جنوب تل أبيب، حسبما أفاد به الحزب في بيانات متعاقبة، وقال إنه شن هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على قاعدة «تل نوف» الجوية جنوب «تل أبيب» ‏وأصابت أهدافها بدقّة، كما أعلن عن إصابة «الكريوت» شمال مدينة حيفا بصلية صاروخية، إضافة إلى استهداف قاعدة «ميشار» (مقر ‏الاستخبارات الرئيسيّة للمنطقة الشمالية في صفد) بِصلية صاروخية.‏

ودوّت صفارات الإنذار في عشرات المواقع شمال إسرائيل، بينما أعلنت الجبهة الإسرائيلية الداخلية عن إطلاق صفارات الإنذار في كريات شمونة ومناطق مجاورة في الجليل الأعلى.

وفي المقابل، كثف سلاح الجو الإسرائيلي غاراته على الداخل اللبناني، وأسفرت الاستهدافات عن مقتل عائلة بأكملها، ومن ضمنهم 3 أطفال، في قرية تفاحتا في الزهراني، إضافةً إلى مقتل شاب تحت أنقاض منزله في خربة الدوير.

مروحية إسرائيلية تطلق صواريخها باتجاه جنوب لبنان (رويترز)

وأفادت وزارة الصحة بأن «غارة العدو الإسرائيلي على مركز صحي في البازورية أدت إلى استشهاد مسعف من الهيئة الصحية» وإصابة 5 أشخاص بجروح، بينهم 3 مسعفين من الهيئة، ليرتفع بذلك عدد المسعفين ورجال الإنقاذ الذين قُتلوا جراء التصعيد إلى 164 خلال عام. وجاء استهداف المركز بعد يومين من اتهام المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «حزب الله»، «باستخدام سيارات الإسعاف لنقل مخربين وأسلحة» في جنوب لبنان.

بالتزامن، أقام الجيش اللبناني في المستشفى العسكري المركزي، مراسم تكريم الرائد محمد فرحات الذي قُتل في استهداف إسرائيلي قبل 3 أيام، أثناء تنفيذ عملية إخلاء جرحى في خراج بلدة ياطر – بنت جبيل في الجنوب.

قائد الجيش العماد جوزيف عون يقدم التعازي بضابط قُتل في الجنوب (إ.ب.أ)

وشارك في التشييع الرسمي، قائد الجيش العماد جوزيف عون وعدد من الضباط. وكان جثمان فرحات، قد وصل من المستشفى العسكري المركزي إلى باحة كنيسة مار مارون في رشعين قضاء زغرتا (شمال لبنان)، حيث استقبل النعش بالزغاريد ونثر الأرز والورد، وشق طريقه على صوت أجراس الكنائس، ووسط الحشود. وأدت ثلة من الجيش التحية للنعش، بينما عزفت موسيقى الجيش لحن الموت، وألحاناً حزينة.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن تنفيذ كمين في كفركلا... وقصف قاعدة بحرية في حيفا

المشرق العربي مسلحون من «حزب الله» (د.ب.أ)

«حزب الله» يعلن تنفيذ كمين في كفركلا... وقصف قاعدة بحرية في حيفا

أعلن «حزب الله»، الاثنين، أن مقاتليه «كمنوا» لجنود إسرائيليين، واشتبكوا معهم قرب بلدة كفركلا الحدودية اللبنانية، حيث فجّر الجيش الإسرائيلي، السبت، منازل سكنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ تمثال ذهبي لترمب على هيئة بطل خارق خلال تجمع لأنصاره بفلوريدا في 27 أكتوبر 2024 (رويترز)

السياسة الخارجية في عهدة ترمب... هز الثوابت في العالم مجدداً؟

في ظل احتمالات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات، فإن المخاوف تزداد من قدرته على هز الثوابت والقواعد في السياسة الخارجية الأميركية.

هبة القدسي (واشنطن)
الخليج تحمل الطائرة على متنها مساعدات إغاثية متنوعة تشتمل على مواد غذائية وطبية وإيوائية (واس)

تواصل الجسر الإغاثي السعودي إلى لبنان بوصول الطائرة الـ15

وصلت الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إلى مطار رفيق الحريري الدولي في مدينة بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:38

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 7 قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي تم استهدافه الأحد بغارة إسرائيلية (رويترز)

تعويل لبناني على «خسائر إسرائيل» لوقف الحرب

يسود انطباع في لبنان مفاده أنه لا يوجد طريق لوقف الحرب الإسرائيلية البرية ضد «حزب الله»، في ظل غياب الحراك السياسي الجدي، إلا بارتفاع الخسائر في صفوف المهاجمين.

كارولين عاكوم (بيروت)

القيادي في «فتح» مروان البرغوثي يتعرض «لاعتداء خطير» في السجن

صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)
صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)
TT

القيادي في «فتح» مروان البرغوثي يتعرض «لاعتداء خطير» في السجن

صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)
صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)

تعرّض القيادي في حركة «فتح» مروان البرغوثي «لاعتداء وحشي وخطير» من جانب إدارة السجون الإسرائيلية في سبتمبر (أيلول)، وفق ما ذكرت منظمات غير حكومية تتابع شؤون المعتقلين في السجون الإسرائيلية.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» و«نادي الأسير الفلسطيني» في بيان مشترك: «وحدات القمع في السجون قامت باعتداء وحشي على البرغوثي في زنزانة العزل الانفرادي بتاريخ التاسع من سبتمبر الماضي مستخدمة أدوات قمع وضرب مختلفة».

ووقعت الحادثة في سجن مجدو في شمال إسرائيل.

وحصلت المنظمتان على هذه المعلومات من محامي هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية الذي تمكّن من زيارة البرغوثي، الأحد، بعد انقطاع بسبب منعه من الزيارة لمدة 3 أشهر، وفق ما أفاد به «نادي الأسير» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وبحسب البيان، تسبّب الاعتداء الذي تَعَرَّضَ له البرغوثي «بإصابات في جسده وأضلاعه وأطرافه، ونزيف في أذنه اليمنى، وجرح في ذراعه اليمنى، وآلام في ظهره».

ويطرح اسم البرغوثي، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، بين الأسماء المحتمل الإفراج عنها في حال جرى التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

والبرغوثي معتقل منذ عام 2002 بتهمة القتل خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت في عام 2000 ضد إسرائيل، واستمرت حتى عام 2005.

حُكم عليه في يونيو (حزيران) 2004 بخمسة أحكام بالسجن لمدى الحياة.

ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وضع البرغوثي في العزل الانفرادي، وقالت المنظمات التي تتابع شؤون المعتقلين الفلسطينيين إنه تعرض للاعتداء مرتين منفصلتين منذ ذلك التاريخ.

ورأت «هيئة شؤون الأسرى» «أن تعرُّض الأسرى في سجون الاحتلال إلى الاعتداء، ومن بينهم رموز وقيادات الحركة الأسيرة، لا تحمل إلا تفسيراً واحداً يتمثل باتخاذ الاحتلال قراراً واضحاً بمحاولة اغتيالهم».

وقالت «الهيئة» و«نادي الأسير»: «ما يجري بحق الأسرى والمعتقلين داخل سجون ومعسكرات الاحتلال يمثل وجهاً آخر لجريمة الإبادة».

وبحسب المؤسستين، «ارتقى في سجون الاحتلال العشرات من الأسرى والمعتقلين، أعلن عن هويات 41 منهم».

وتعتقل إسرائيل في سجونها أكثر من 9 آلاف فلسطيني، نحو 5 آلاف اعتُقلوا بعد هجوم السابع من أكتوبر، إضافة إلى عدد غير معروف من الذين اعتُقلوا من قطاع غزة.

وأكدت الحملة الشعبية لإطلاق سراح البرغوثي تعرُّضه للاعتداء، وطالبت في بيان المؤسسات والمنظمات الدولية بالقيام بواجبها في حماية البرغوثي والأسرى والأسيرات، وفقاً لما تفرضه القوانين الدولية.