في غياب استراتيجية خروج واضحة... خبراء يخشون بقاء إسرائيلياً مفتوح المدة في غزة

فلسطينيون نازحون ينقلون المياه النظيفة أمام مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى مأوى في حي ناصر بمدينة غزة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون ينقلون المياه النظيفة أمام مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى مأوى في حي ناصر بمدينة غزة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

في غياب استراتيجية خروج واضحة... خبراء يخشون بقاء إسرائيلياً مفتوح المدة في غزة

فلسطينيون نازحون ينقلون المياه النظيفة أمام مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى مأوى في حي ناصر بمدينة غزة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون ينقلون المياه النظيفة أمام مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى مأوى في حي ناصر بمدينة غزة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعتقد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جيورا إيلاند أن إسرائيل تواجه أشهراً من القتال في غزة ما لم ينتهز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الفرصة التي أتاحها مقتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» لإنهاء الحرب، وفق «رويترز».

ومنذ مقتل السنوار هذا الشهر، كان إيلاند واحداً من مجموعة من كبار ضباط الجيش السابقين الذين شككوا في استراتيجية الحكومة في غزة مع عودة القوات في وقت سابق من هذا الشهر إلى مناطق في الشمال تم تطهيرها بالفعل مرتين على الأقل من قبل.

وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، تعمل القوات الإسرائيلية في محيط جباليا، شمال غزة، وهي المرة الثالثة التي تعود فيها إلى البلدة ومخيمها التاريخي للاجئين منذ بداية الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

طفل فلسطيني نازح فر مع أفراد عائلته من عمليات الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويقول كثيرون من المسؤولين الأمنيين السابقين إن الجيش الإسرائيلي يغامر بالتورط في حملة مفتوحة المدة تتطلب وجوداً دائماً للقوات، بدلاً من النهج المفضل الذي يعتمد على اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة.

وقال الجنرال يوم توف سامية، رئيس القيادة الجنوبية السابق، لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان): «الحكومة الإسرائيلية تتصرف بتناقض تام لمفهوم الأمن الإسرائيلي».

وشمل جزء من العملية إجلاء آلاف الأشخاص من المنطقة، في محاولة للفصل بين المدنيين ومقاتلي «حماس».

ويقول الجيش إنه نقل نحو 45 ألف مدني من المنطقة المحيطة بجباليا وقتل مئات المسلحين خلال العملية. لكنه تعرض لانتقادات شديدة بسبب العدد الكبير من القتلى المدنيين الذين تم الإبلاغ عنهم، وواجه دعوات واسعة النطاق لتعزيز دخول إمدادات المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية.

وكان إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، هو المؤلف الرئيسي للمقترح الذي نوقش كثيراً والذي أطلق عليه «خطة الجنرالات»، والذي قد يؤدي إلى إخلاء شمال غزة من المدنيين بسرعة قبل تجويع مقاتلي «حماس» الباقين على قيد الحياة من خلال قطع إمدادات المياه والغذاء عنهم.

وأثارت التحركات الإسرائيلية هذا الشهر اتهامات فلسطينية بأن الجيش تبنى خطة إيلاند التي تصورها كإجراء قصير الأمد لمواجهة «حماس» في الشمال، لكن الفلسطينيين يرون أنها تستهدف تطهير المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة للجيش بعد الحرب.

يتجمع النازحون الفلسطينيون الذين فروا من عمليات الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ونفى الجيش أنه يتبع أي خطة بهذا الشكل، ويعتقد إيلاند نفسه أن الاستراتيجية المتبعة لا تمثل خطته ولا احتلالاً تقليدياً.

وقال إيلاند لـ«رويترز»: «لا أعرف بالضبط ما يحدث في جباليا... لكنني أعتقد أن قوات الدفاع الإسرائيلية تفعل شيئاً يقع بين البديلين، الهجوم العسكري العادي وخطتي».

لا خطة للبقاء

أعلن نتنياهو، منذ بداية الحرب، أن إسرائيل ستعيد الرهائن إلى ديارهم وتفكك حماس بوصفها قوة عسكرية وحاكمة، وأنها لا تنوي البقاء في غزة.

لكن حكومته لم تضع قط سياسة واضحة ومفصلة للتعامل مع عواقب الحملة التي بدأت بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي تمخض عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر أكثر من 250 آخرين.

وأسفرت الحملة الإسرائيلية عن مقتل نحو 43 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة، وتحول القطاع إلى أرض خراب إلى حد كبير وهو ما سيتطلب مليارات الدولارات من المساعدات الدولية لإعادة إعماره.

ومنذ أشهر، ظهر على السطح خلافات بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت في انعكاس لانقسام أوسع بين الائتلاف الحاكم والجيش الذي لطالما فضل التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال وإعادة الرهائن.

وفي غياب استراتيجية متفق عليها، تواجه إسرائيل خطر الغوص في مستنقع غزة في المستقبل المنظور، كما يقول عوفر شيلح، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب.

وقال: «الوضع خطير جداً حالياً لإسرائيل. نحن نتجه نحو وضع تعد فيه إسرائيل الحاكم الفعلي في غزة».

ولم ترد الحكومة الإسرائيلية على طلب للتعليق على التصريحات التي تشير إلى احتمال أن الجيش يتورط في غزة.

هجمات كر وفر

مع تركيز الجيش الإسرائيلي حالياً على «حزب الله» المدعوم من إيران في لبنان، انخفض عدد فرق الجيش المنخرطة في الحرب في غزة إلى اثنتين، مقارنة بخمس في بداية الحرب.

ووفقاً لتقديرات مصادر أمنية إسرائيلية، فإن كل فرقة في الجيش الإسرائيلي تضم ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف جندي.

وقدر الجيش الإسرائيلي في بداية الحرب أن حركة «حماس» لديها 25 كتيبة، ويقول إنها دُمرت منذ فترة طويلة، وإن ما يقرب من نصف قواتها، أو نحو 17 ألفاً إلى 18 ألف مقاتل، قُتلوا. لكن مجموعات من المقاتلين لا تزال تنفذ هجمات خاطفة بطريقة الكر والفر ضد القوات الإسرائيلية.

وقال مقاتل من «حماس»، جرى التواصل معه عبر تطبيق للدردشة: «نحن لا نقف في مواجهة الدبابات فوق الأرض بشكل عشوائي ونقوم باختيار أهدافنا».

وأضاف: «نحن نعمل بالطريقة التي تمكننا من الصمود والقتال أطول فترة ممكنة».

ورغم أن تلك الأساليب في القتال لن تمنع الجيش الإسرائيلي من التحرك في أنحاء غزة متى أراد، فإنها لا تزال قادرة على فرض تكلفة كبيرة على إسرائيل.

وقُتِل قائد اللواء المدرع 401 الإسرائيلي في غزة هذا الأسبوع عندما خرج من دبابته للتحدث إلى قادة آخرين في نقطة مراقبة كان مسلحون زرعوا فيها عبوة ناسفة، ليصبح من بين أكبر القادة العسكريين الذين قتلوا في غزة منذ اندلاع الحرب. كما قُتل ثلاثة جنود، اليوم الجمعة.

وقال مسؤول عسكري كبير سابق لديه خبرة مباشرة في القطاع وطلب عدم ذكر اسمه: «بعد مقتل السنوار، لم يعد هناك منطق يبرر البقاء في غزة».

وأضاف المسؤول السابق أنه ينبغي تنفيذ عمليات «منهجية» محددة في المستقبل إذا أعادت «حماس» تجميع صفوفها واستأنفت الهجوم على إسرائيل، لكن ترك القوات بصورة دائمة في غزة يشكل خطراً كبيراً، ودعا إلى تخليص الرهائن والخروج من القطاع.

وقال مكتب نتنياهو، أمس الخميس، إن المفاوضين الإسرائيليين سيتوجهون إلى قطر هذا الأسبوع للانضمام إلى المحادثات المتوقفة منذ فترة طويلة بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

ولكن موقف «حماس» ومن ستوافق إسرائيل على توليه إدارة القطاع عندما يتوقف القتال لا يزال غير واضح.

ونفى نتنياهو أي خطط للبقاء في غزة أو السماح للمستوطنين الإسرائيليين بالعودة، وهو أمر يخشاه العديد من الفلسطينيين.

ولكن الأحزاب المتشددة المؤيدة للمستوطنين في ائتلافه الحاكم وكثيرين في حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو لا يريدون شيئاً أكثر من إلغاء خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية التي قام بها رئيس الوزراء السابق أرييل شارون في 2005، ونتج عنها إخلاء المستوطنين الإسرائيليين من غزة.

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يرأس أحد الأحزاب المؤيدة للمستوطنين، أمس الخميس، في ختام احتفالات عيد العرش اليهودي، إنه يأمل في الاحتفال بالعيد العام المقبل في كتلة مستوطنات غزة القديمة المعروفة باسم غوش قطيف.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بضرورة تضافر جميع جهود الأطراف الدولية، للدفع بقوة في اتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) إن جنوده اعتقلوا نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لحركة «حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث إلى الصحافيين في نيويورك سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

الرياض تحتضن اجتماعاً رفيعاً لتحالف «حل الدولتين»

تحتضن الرياض يومَي الأربعاء والخميس المقبلين، اجتماعاً رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، يضم دبلوماسيين ومبعوثين من دول عدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج وزيرا خارجية السعودية واليابان يبحثان المستجدات في غزة والجهود المبذولة بشأنها

وزيرا خارجية السعودية واليابان يبحثان المستجدات في غزة والجهود المبذولة بشأنها

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاثنين، اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية اليابان إيوايا تاكيشي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ تمثال ذهبي لترمب على هيئة بطل خارق خلال تجمع لأنصاره بفلوريدا في 27 أكتوبر 2024 (رويترز)

السياسة الخارجية في عهدة ترمب... هز الثوابت في العالم مجدداً؟

في ظل احتمالات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات، فإن المخاوف تزداد من قدرته على هز الثوابت والقواعد في السياسة الخارجية الأميركية.

هبة القدسي (واشنطن)

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)
الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)
الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) إن جنوده اعتقلوا نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس) خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في شمال غزة.

وبحسب «رويترز»، نفى مسؤولو الصحة في غزة و«حماس» وجود أي مسلحين في المستشفى الذي اقتحمته القوات الإسرائيلية يوم الجمعة وغادرته السبت. وذكر الجيش في بيان: «اعتقل الجنود نحو 100 من المخربين في المستشفى، منهم عشرات حاولوا الفرار من المستشفى عند دخول القوات. تم العثور على وسائل قتالية وأموال مخصصة لتمويل الأنشطة الإرهابية ووثائق تابعة لـ(حماس)».

وقالت وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية اعتقلت العشرات من الطواقم الطبية من الذكور، وألحقت أضراراً بالمستشفى الذي يكافح بالفعل من أجل العمل وسط غارات إسرائيلية عنيفة في المنطقة.

وقال مسؤول عسكري للصحافيين في إفادة عبر الإنترنت: «تنكّر بعض الإرهابيين الذين تم التعرف عليهم بالكامل في زي طواقم طبية، لذلك لم يكن أمامنا بديل سوى تفتيش الطواقم الطبية أيضاً». وأظهر مقطع فيديو وزعته وزارة الصحة في غزة يوم السبت أضراراً في عدة مبانٍ بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. ولم يتسنَّ لـ«رويترز» بعدُ التحقق من صحة المقطع.

وقال المسؤول العسكري إن القوات ألحقت أضراراً محدودة بالمستشفى حينما دخلته، وإن الجنود تعين عليهم أيضاً تدمير ما وصفه بأنه معدات «ذات استخدامات مزدوجة»، مثل أنابيب الأكسجين التي يمكن أن تحدث إصابات إذا انفجرت.

ورفضت الطواقم الطبية إخلاء المستشفى أو ترك المرضى بلا رعاية. وكان المستشفى يؤوي كذلك المئات من النازحين الفلسطينيين.

وقالت ميسون عليان الممرضة بالمستشفى: «طلّعوا كل النازحين اللي هنا، طبعاً ما بين رجال ما بين نساء. طبعاً فصلوا الرجال لحال وفصلوا النساء لحال. كان من ضمنهم أن الرجال يصفّوا طابور لحال والنساء طابور لحال، طبعاً كانت طريقة ذل كبيرة كبيرة كبيرة بالنسبة لشبابنا، بحيث إنهم أخدوهم بدون أغطية بدون ملابس».

وذكر المسؤول العسكري أن المعتقلين المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» تم تجريدهم من ملابسهم للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة. وأضاف: «بعد تفتيشهم، زودناهم بملابس».

وقال مسعفون إن طفلين على الأقل توفيا داخل وحدة العناية المركزة بعد أن أصابت النيران الإسرائيلية المولدات ومحطة الأكسجين في المستشفى يوم الجمعة.

وقال الجيش الإسرائيلي إن المدنيين في المستشفى ظلوا بأمان على الرغم من القتال العنيف بالقرب من المجمع. وأضاف أنه تم توفير الوقود والمعدات الطبية ووحدات الدم للمستشفى وإمدادات الكهرباء والأكسجين أيضاً.