إسرائيل توجه «رسالة دموية» للإعلاميين في جنوب لبنان

غادروا بعد أن استهدفت تجمعاً لهم وهم نيام وقتلت 3 منهم

جثامين الإعلاميين الثلاثة الذين قتلوا بغارة إسرائيلية على مكان إقامتهم في حاصبيا لدى وصولها إلى بيروت بواسطة الصليب الأحمر اللبناني (أ.ف.ب)
جثامين الإعلاميين الثلاثة الذين قتلوا بغارة إسرائيلية على مكان إقامتهم في حاصبيا لدى وصولها إلى بيروت بواسطة الصليب الأحمر اللبناني (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل توجه «رسالة دموية» للإعلاميين في جنوب لبنان

جثامين الإعلاميين الثلاثة الذين قتلوا بغارة إسرائيلية على مكان إقامتهم في حاصبيا لدى وصولها إلى بيروت بواسطة الصليب الأحمر اللبناني (أ.ف.ب)
جثامين الإعلاميين الثلاثة الذين قتلوا بغارة إسرائيلية على مكان إقامتهم في حاصبيا لدى وصولها إلى بيروت بواسطة الصليب الأحمر اللبناني (أ.ف.ب)

منعت إسرائيل، بالنار، وسائل الإعلام المحلية والأجنبية الموجودة عبر مراسليها في الجنوب اللبناني، من استكمال البث والتصوير ونقل صورة حربها المتواصلة هناك، عبر استهداف مباشر لتجمعهم الأساسي في منطقة حاصبيا، التي كانت حتى فجر السبت تُعدّ منطقة آمنة، بحيث إنها لم تتعرض من قبل لأي عملية قصف.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بـ«استشهاد 3 صحافيين في غارة معادية استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا، هم المصوران في قناة (المنار) التابعة لـ(حزب الله) وسام قاسم، و(الميادين) غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا». وأصيب نتيجة الغارة 3 إعلاميين آخرين.

رسالة لوقف البث

وقالت مراسلة تلفزيون «سكاي نيوز» دارين الحلوة، التي كانت موجودة في الموقع المستهدف، إنهم استيقظوا على دوي انفجار، وإن الغرفة التي كانت توجد بها تبعد أمتاراً قليلة، باعتبار أن الإعلاميين هناك يتوزعون على مجموعة شاليهات. وأشارت الحلوة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم انتقلوا قبل نحو شهر تقريباً من منطقة مرجعيون حيث كان تجمعهم، إلى حاصبيا، بعد إيعاز إسرائيلي بالإخلاء، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي يعرف تماماً أن الموقع المستهدف هو تجمع للصحافيين، «وأراد من قصفه أن يوجه رسالة واضحة بوقف البث ونقل الصورة، بحيث إننا نوجد في نقطة لا تزال تخول لنا نقل عمليات القصف وأصوات الاشتباكات، ويبدو أنه لم يعد يريد أن يصل الصوت والصورة».

وأوضحت الحلوة أن كل الإعلاميين أخلوا المنطقة بعد عملية الاستهداف، وقالت: «نحتاج بعض الوقت لاستيعاب ما حصل، وأنا شخصياً أحتاج لاستراحة».

وصوّر الإعلاميون الذين كانوا هناك فيديوهات لشاليهات صغيرة بسقوف من القرميد مدمرة بالكامل. وظهر بعضهم وقد غطى وجهه الرماد.

وتقع حاصبيا، ذات الغالبية الدرزية، على مسافة نحو 50 كيلومتراً جنوب بيروت، وهي قريبة من الحدود الجنوبية مع إسرائيل، ومن الحدود الشرقية مع سوريا.

جريمة حرب

وفيما عدّ وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري ما حصل «جريمة حرب»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن سنتقدم بشكوى لمجلس الأمن، والأرجح للأونيسكو، لكن، كما كلنا يعلم، تطبيق أي قرارات دولية أو حتى قضائية يتوقف حين يتعلق الأمر بإسرائيل».

ولفت المكاري إلى أن «الهدف من القصف المباشر للإعلاميين هو إسكاتهم وتخويفهم، بحيث إننا لا نستبعد أن يتقلص عدد من يوجدون هناك، وبخاصة العاملون مع وسائل إعلام أجنبية، ما يؤدي الغرض الإسرائيلي بحجب الحقيقة والصورة». وأضاف: «بالإضافة إلى حربه العسكرية الهمجية، يشن العدو حرباً إعلامية لعلمه بأنها لا تقل أهمية عن المواجهات العسكرية».

تخاف توثيق جرائمها

من جهته، رأى نقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي، أن «ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الإعلاميين هو لأنها تخاف من الكاميرا والكلمة ومن توثيق جرائمها، خاصة أننا بتنا في زمن يتم فيه نقل جرائمها مباشرة على الهواء وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وها هي اليوم تحاول التصدي لهذا الواقع». ورفض الكعكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الحديث عن أن المجتمع الدولي يقف متفرجاً على ما يحصل، قائلاً: «العالم منقسم اليوم إلى قسمين: السلطة والشعوب. وكما نرى، فإن الشعوب بعد (طوفان الأقصى) باتت في مكان آخر، وهي لا تستكين وتنظم المظاهرات، لكن السلطات تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة. أما المطلوب منا اليوم فهو الصمود ومواصلة نقل الحقيقة كما هي».

دور للمحكمة الجنائية

ودانت نقابة محرري الصحافة اللبنانية في بيان «المجزرة المروعة التي ارتكبتها إسرائيل في حاصبيا»، لافتة إلى أن «الفندق المستهدف هو مقر مدني لا عسكري، يحرم التعرض له بموجب القانون الدولي».

ودعت النقابة مجلس حقوق الإنسان واليونيسكو والاتحاد الدولي للصحافيين والاتحاد العام للصحافيين العرب والهيئات الحقوقية الدولية والعربية والنقابات الإعلامية في العالم، إلى «أوسع إدانة ضد ما يتعرض له الصحافيون والإعلاميون في لبنان، ورفع الصوت ضد التمادي الإسرائيلي في استهدافهم، ضارباً عرض الحائط كل القوانين والمواثيق والأعراف التي تحظر عليه التعرض لهؤلاء».

كذلك دعت لجنة الإعلام والاتصالات النيابية «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، وإدانة هذا العمل الجبان، واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة أمام المحكمة الجنائية والاتحاد الأوروبي وكل المؤسسات الدولية المعنية لمعاقبة قادة العدو المسؤولين عن هذه الجرائم، وكذلك لتأمين الحماية للصحافيين والإعلاميين الذين يقومون بواجباتهم أينما وجدوا».

وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل الإعلاميين والصحافيين في لبنان، إذ كانت قد قصفت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مجموعة من سبعة صحافيين في أثناء تغطيتهم التصعيد عند أطراف بلدة علما الشعب قرب الحدود، ما أدى إلى مقتل المصور في وكالة «رويترز» عصام عبد الله، وإصابة عدد آخر بينهم مصوّران من «الصحافة الفرنسية». وأظهر تحقيق أجرته «الصحافة الفرنسية»، ونشرت نتائجه في ديسمبر (كانون الأول)، أن الضربة نجمت عن قذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية. وخلص تحقيق مماثل أجرته «رويترز» في الشهر ذاته، إلى إصابة الصحافيين بنيران دبابة إسرائيلية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن دبابات ومدافع له فتحت النار في ذاك اليوم رداً على إطلاق «حزب الله» صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ وقذائف هاون «من أجل القضاء على التهديد».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قُتل 3 عاملين في قناة «الميادين» في جنوب لبنان بغارة إسرائيلية استهدفتهم.


مقالات ذات صلة

بيروت ـــ تل أبيب... يوم الصواريخ والغارات

المشرق العربي جانب من الأضرار التي خلفهها صاروخ ل"حزب الله" في "بتاح تكفا" قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

بيروت ـــ تل أبيب... يوم الصواريخ والغارات

عاش لبنان وإسرائيل، أمس، يوماً عنيفاً من الغارات والصواريخ؛ إذ شنّت إسرائيل عشرات الغارات، بعضها على ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب حيث مسحت حياً بأكمله، في…

كارولين عاكوم (بيروت)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.