«حزب الله» ينتقل إلى مهاجمة المدن الإسرائيلية… و«يشاغل» القوات المتقدمة في الجنوب اللبناني

أول تحول عن الاستهداف الحصري للمواقع العسكرية… وترميم لمنظومة «القيادة والسيطرة»

عناصر من الطوارئ يتفقدون الأضرار الناتجة عن صواريخ «حزب الله» في كارمئيل بشمال إسرائيل (رويترز)
عناصر من الطوارئ يتفقدون الأضرار الناتجة عن صواريخ «حزب الله» في كارمئيل بشمال إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» ينتقل إلى مهاجمة المدن الإسرائيلية… و«يشاغل» القوات المتقدمة في الجنوب اللبناني

عناصر من الطوارئ يتفقدون الأضرار الناتجة عن صواريخ «حزب الله» في كارمئيل بشمال إسرائيل (رويترز)
عناصر من الطوارئ يتفقدون الأضرار الناتجة عن صواريخ «حزب الله» في كارمئيل بشمال إسرائيل (رويترز)

عكست كثافة الرشقات الصاروخية التي أطلقها «حزب الله» باتجاه إسرائيل الخميس ترميماً لمنظومة «القيادة والسيطرة» التي ترنحت خلال الأسابيع الماضية، وذلك بعمليات إطلاق صاروخية منظمة، تستخدم أكثر من مربض في وقت واحد باتجاه واحد، بموازاة تجدد القتال في مناطق كان أعلن الجيش الإسرائيلي الدخول إليها، وتدمير أحياء فيها، بينها محور عيتا الشعب.

واستأنف «حزب الله» إطلاق رشقات كبيرة من الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي امتدت من مدن وبلدات ومستعمرات حدودية، ووصلت إلى محيط حيفا. أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه «رصد نحو 50 عملية إطلاق عبرت من الأراضي اللبنانية» باتجاه مواقع في الجليل الأعلى والغربي، وقال إنه «تم اعتراض بعضها، كما تم رصد سقوط صواريخ»، وذلك في رشقة صاروخية أطلقت بين الساعة 09:51 و09:53 دوت على إثرها صافرات الإنذار في المنطقة، ما يعني أن خمسين صاروخاً أطلقت خلال دقيقتين.

وقال خبراء عسكريون إن إطلاق هذه الكمية من الصواريخ باتجاه أهداف متعددة في وقت متزامن، أو باتجاه هدف واحد، «يعني أن هناك غرفة عمليات تنسق بين المجموعات المقاتلة على الأرض وتوجهها»، ويشير هؤلاء إلى أن ذلك «يحمل مؤشرات على أن (حزب الله) أعاد ترميم (منظومة القيادة والسيطرة) لديه، بعد انتكاسات كثيرة»، في إشارة إلى ضربات واسعة استهدف قياداته الميدانية والمركزية، وحملات جوية واسعة، كان أعنفها في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي حين شن سلاح الجو الإسرائيلي ضربات متواصلة على مدة 15 ساعة، نفذ خلالها مئات الضربات في الجنوب والبقاع بشرق لبنان.

ملصق يحمل صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على طريق مطار بيروت (أ.ف.ب)

ولم يعلن «حزب الله» عن عدد الصواريخ وتفاصيل الرشقات، واكتفى بالقول إنه قصف مدينة نهاريا بصلية صاروخية كبيرة جداً، وهي المدينة التي لطالما كانت محيدة في بدايات الحرب عن الاستهداف، وغالباً ما تسقط صواريخ في محيطها بعد استهداف إسرائيل لمحيط مدينة صور، ضمن قواعد اشتباك أمنية غير معلنة، لكنها معروفة لدى الطرفين. وجاء استهداف نهاريا الخميس، غداة استهدافات واسعة نفذتها القوات الإسرائيلية في وسط مدينة صور، ودفعت الإنذارات التي سبقها نصف الأحياء المأهولة في المدينة القديمة لإخلائها.

وأفادت «نجمة داود الحمراء» بأن طواقمها قدمت العلاج الطبي لـ3 مصابين جراء سقوط شظايا في منطقة الجليل الغربي، ونقلتهم إلى المركز الطبي للجليل في نهاريا. وأوضحت أن من المصابين، فيما أكدت الشرطة، وقوع إصابتين بحالة خطيرة بالقرب من بلدة الشيخ دنون من جراء الرشقة الصاروخية باتجاه نهاريا والجليل الغربي، كما أفادت بأنه «بسبب سقوط شظايا اعتراض قرب مفترق جث، أدى إلى تضرر سيارات راكنة ومبنى في المنطقة».

رجل ينقل أمتعة بين الركام في مدينة صور (إ.ب.أ)

واللافت أن بيان «حزب الله» عن قصف نهاريا، لم يحدد مواقع عسكرية، كما درجت العادة، كذلك، أعلن الحزب عن قصف «مدينة صفد المحتلة بصلية صاروخية ‏كبيرة»، من دون تحديد مواقع عسكرية أيضاً، وهو أمر لافت، بعد استهدافات إسرائيلية واسعة لمدينة النبطية أيضاً، رغم أنه أعلن في بيانات لاحقة عن إطلاق صواريخ باتجاه مواقع عسكرية شمال حيفا، وأخرى في مسكاف عام وكريات شمونة وبلدات ومستعمرات أخرى.

هذا التحول في القصف الصاروخي، الذي يحمل بعداً أمنياً، دفع المجلس الإقليمي للجليل الأعلى لإصدار تعليمات للسكان تشمل «تقليل الحركة في المناطق السكنية، وتجنب التجمعات، والبقاء بالقرب من الأماكن الآمنة والامتثال لتنبيهات قيادة الجبهة الداخلية»، وذلك بعد «تقييم الوضع الأمني ووفقاً لتوجيهات قيادة الجبهة الداخلية وقيادة المنطقة الشمالية التابعة للجيش الإسرائيلي».

وقابلت إسرائيل هذه الاستهدافات، بإصدار الجيش بياناً طالب فيه سكان منطقة جنوب لبنان «بالامتناع عن الانتقال جنوباً والعودة إلى منازلهم أو حقول الزيتون الخاصة بهم»، قائلاً إن «هذه المناطق لا تزال تُعتبر مناطق قتال خطيرة».

لبنانيون ينقلون أمتعة من بين الركام الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت مدينة صور (إ.ب.أ)

ويأتي التصعيد الصاروخي، بموازاة احتدام القتال في جنوب لبنان، حيث تجددت المعارك على محور عيتا الشعب، بعد ثلاثة أيام على بث الجيش الإسرائيلي مشاهد لتدمير أحياء فيها، وهي استراتيجية يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذها في المناطق التي يدخلها على الحافة الحدودية في الجنوب.

لبنانيون يتفقدون الدمار الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وأعلن «حزب الله» أن مقاتليه خاضوا «اشتباكات عنيفة في بلدة عيتا الشعب»، وأكد، في بيان، أن المقاتلين استخدموا مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والصاروخية في هذه الاشتباكات التي تجري من مسافة صفر. وعند تدخل دبابة ميركافا لإسناد القوات الإسرائيلية، «تم استهدافها من قبل بأسلحة مناسبة»، مما أدى إلى «احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح».

كذلك، تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن أن محور الطيبة - العديسة - رب ثلاثين «شهد مواجهات عنيفة بين عناصر المقاومة والجيش الإسرائيلي، وسط قصف فوسفوري عنيف يغطي الأطراف الشرقية للطيبة»، وامتد القصف إلى مجرى نهر الليطاني وبلدة ديرميماس.

عنصر من الجيش اللبناني والأدلة الجنائية يجمعون الأدلة من سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في الكحالة بشرق بيروت (إ.ب.أ)

وكان الجيش الإسرائيلي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الأربعاء بنحو 14 غارة جوية، أدت إلى تدمير مربعات سكنية بالكامل، كما واصل غاراته على مناطق في الجنوب والشرق، وأسفرت عن وقوع مجازر في المنطقتين، ذهب ضحيتها أكثر من 12 قتيلاً.

واستهدفت إسرائيل الجيش اللبناني بغارة، ما أدى إلى مقتل 3 عناصر بينهم ضابط، أثناء تنفيذهم عملية إخلاء للجرحى في بلدة ياطر في بنت جبيل، فيما استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة على طريق الكحالة في منطقة عاليه بجبل لبنان، ما أدى إلى سقوط قتيلين.


مقالات ذات صلة

بيروت ـــ تل أبيب... يوم الصواريخ والغارات

المشرق العربي جانب من الأضرار التي خلفهها صاروخ ل"حزب الله" في "بتاح تكفا" قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

بيروت ـــ تل أبيب... يوم الصواريخ والغارات

عاش لبنان وإسرائيل، أمس، يوماً عنيفاً من الغارات والصواريخ؛ إذ شنّت إسرائيل عشرات الغارات، بعضها على ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب حيث مسحت حياً بأكمله، في…

كارولين عاكوم (بيروت)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، مساء اليوم (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطق الغبيري وشويفات العمروسية والحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

قال أدرعي، مساء اليوم، إن الجيش شن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت استهدفت 12 مقر قيادة عسكرية لـ«حزب الله».

وأضاف أن الضربات الإسرائيلية استهدفت «مقرات لاستخبارات (حزب الله) ووحدة الصواريخ البحرية والوحدة 4400 المسؤولة عن نقل الوسائل القتالية من إيران مروراً بسوريا إلى (حزب الله)».

وفي وقت سابق اليوم قال أدرعي إن إسرائيل لن تسمح بفرض أي معادلات عليها، وطالب بتجنب «أبواق (حزب الله) الإعلامية».

وأضاف أدرعي على منصة «إكس» دون توضيح: «كل من يحاول فرض المعادلات عليه أن يقوم بجولة في الضاحية الجنوبية ببيروت وسيفهم ذلك الليلة على وجه التحديد».

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها.

وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.