انتهى مواطنو إقليم كردستان العراق من انتخاب ممثليهم في البرلمان بعد تعطيل دام لأكثر من سنتين نتيجة مشاكل وصراعات كثيرة، سواء بين الأحزاب الرئيسية، أو بين الإقليم والمحكمة الاتحادية في بغداد التي قلّصت عدد مقاعد البرلمان، وأفتت بعدم التمديد للمجلس الماضي بدورته الخامسة.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة السادسة مساءً، الأحد، معلنة انتهاء عملية التصويت في انتخابات برلمان الإقليم، في الوقت المحدد ومن دون أي تمديد.
وكان لافتاً الإقبال على التصويت؛ إذ بلغت النسبة 72 في المائة، بعدما كانت بعض المعطيات تشير إلى تراجعها عن نسبة انتخابات الدورة الخامسة عام 2018، التي لم تتجاوز سقف الـ40 في المائة.
وقال الناطق الإعلامي باسم انتخابات إقليم كردستان أيسر ياسين في مؤتمر صحافي إن «نسبة المشاركة في انتخابات كردستان بلغت 72 في المائة».
وأضاف أن «نسبة المشاركة جاءت وفق عملية فرز 98 في المائة من أصوات الناخبين، وبلغت نسب المشاركة في محافظات الإقليم كالتالي: دهوك 78 في المائة، وأربيل 74 في المائة، والسليمانية 64 في المائة، وحلبجة 69 في المائة».
وكان المراقبون الذين يتوقعون نسبة مشاركة ضعيفة، يستندون إلى مجموعة عوامل فعالة في المشهد الكردستاني، ربما تسهم في عدم الرغبة في المشاركة في الانتخابات، وفي مقدمتها التأخر المزمن في وصول رواتب الموظفين في القطاع العام، وانعكاس ذلك على أوضاع المواطنين المعيشية.
وأظهرت النتائج شبه الأولية لصناديق الاقتراع تقدماً ملحوظاً للحزب «الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه مسعود بارزاني، خاصة في معقليه الرئيسيين في محافظتي أربيل ودهوك، ما يكرس هيمنته التقليدية على حكومة الإقليم وبرلمانه. وهذه هيمنة ممتدة لسنوات طويلة، وبذلك يتمكن من قطع الطريق أمام خصمه التقليدي حزب «الاتحاد الوطني» الذي ركز خلال حملته الانتخابية على مسألة «إزاحة هيمنة» الحزب «الديمقراطي الكردستاني».
ومثلما كان متوقعاً حلّ «الاتحاد الوطني» في المركز الثاني لجهة حصوله على أعلى الأصوات، وخاصة في معقله الرئيسي بمحافظة السليمانية.
وكان لافتاً الفوز الذي حققه حراك «الجيل الجديد» الذي يتزعمه شاسوار عبد الواحد، وهو حزب ناشئ بمقاييس الأحزاب السياسية الكردية، ولا يتجاوز عمر تأسيسه بضع سنوات، لكنه تمكن من الحصول على المركز الثالث بالنسبة للأحزاب الفائزة بحسب النتائج شبه الأولية، وبموجب هذه النتائج، فإن حركة «التغيير» التي أسسها الراحل نوشيروان مصطفى، وكانت لها شعبية في محافظة السليمانية أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات.
ONCE AGAIN the Kurdistan Democratic Party KDP has come first and won today the Iraqi Kurdistan Region elections 2024 in a free, fair and smooth democratic process. Surely a coalition will be needed to form the next government.
— Hoshyar Zebari (@HoshyarZebari) October 20, 2024
بارزاني يشكر المفوضية
بدوره، قدم زعيم الحزب «الديمقراطي» مسعود بارزاني، شكره إلى المفوضية العليا للانتخابات الاتحادية التي أشرفت لأول مرة على انتخابات الإقليم بدورتها السادسة، بعد أن أشرفت على دوراتها الخامسة الماضية مفوضية الانتخابات في الإقليم.
وقال بارزاني في بيان: «أود أن أشكر مفوضية الانتخابات العراقية وكردستان وجميع الجهات المعنية والقوات الأمنية على المساعدة معاً في إنجاح العملية الانتخابية في إقليم كردستان، وآمل أن تأتي الانتخابات ونتائجها بأمل جديد ومرحلة جديدة تصب في مصلحة الشعب الكردستاني بأكمله».
وأضاف الزعيم الكردي، أن «نجاح هذه العملية هو بالتأكيد نجاح لشعب كردستان، بجميع المكونات والأحزاب السياسية».
وأعلنت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات في العراق عن عقد مؤتمر صحافي للإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية.
وينعقد المؤتمر في مقر المفوضية ببغداد، وتشير التوقعات الأولية، وفق الإحصاءات التي حصل عليها المراقبون إلى حصول الحزب «الديمقراطي» على 40 مقعداً، و«الاتحاد الوطني» على 23 مقعداً، وحركة «الجيل الجديد» على 16 مقعداً، و«الاتحاد الإسلامي» على 7 مقاعد، و«جماعة العدل» على 3 مقاعد، و«جبهة الشعب» على مقعدين اثنين، و«حركة التغيير» على مقعد واحد. وباستثناء الخسارة التي منيت بها حركة «التغيير» التي حصلت على 12 مقعداً في انتخابات عام 2018، في مقابل مقعد واحد في هذه الانتخابات، جاءت النتائج متقاربة مع بقية الأحزاب في هذه الانتخابات مقارنة بالانتخابات السابقة، لكن المفاجأة الكبرى كانت بحصول حركة «الجيل الجديد» على ضعف مقاعدها في الدورة البرلمانية الماضية.
شكاوى ومخالفات
وعلى رغم من الأجواء الإيجابية التي سادت العملية الانتخابية بشكل عام، فإن ذلك لم يمنع من وقوع بعض المخالفات خلال سيرة العملية الانتخابية، إلى جانب بعض الشكاوى التي تقدمت بها القوى السياسية.
وأعلنت شبكات مراقبة الانتخابات في مؤتمر صحافي، الاثنين، عن رصد 124 شكوى من جانب الأطراف السياسية.
ونقلت «شبكة رووداو الإخبارية» عن رئيس شبكة «شمس» لمراقبة الانتخابات، هوكر جتو، القول، إنه «تم تسجيل عدد من المخالفات في مراكز تصويت مختلفة، منها مخالفات تتعلق بالدعاية الانتخابية في وقت التصويت».
وتراوحت المخالفات التي رصدها أكثر من 1600 مراقب، بين استخدام الجوالات، وتصوير التصويت، وتأخير فتح أبواب محطات التصويت، إلى جانب إبعاد وكلاء أطراف سياسية وممثلي المنظمات المراقبة، وأيضاً بعض المشادات بين موظفي المفوضية والمنظمات ووكلاء الأطراف والناخبين، وعدم التعرف على بصمات الناخبين. وسجلت شبكة «عين» لمراقبة الانتخابات 327 مخالفة وقعت قرب مراكز الاقتراع.