في وقت تشتبك فيه القوى السياسية العراقية بشأن طريقة التعامل مع ما تشهده المنطقة من تصعيد، تُواصل الحكومة العراقية العمل على مسارين هما المسار السياسي - الدبلوماسي، والمسار العسكري - الأمني من أجل تحديد جاهزية المؤسسات الأمنية لأي طارئ محتمل.
ووفق ما يجري تداوله في الكواليس السياسية، هناك رؤية عامة بدأت تتبلور لدى صناع القرار بضرورة أن تحتكر الحكومة ممثَّلة برئيس الوزراء بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، قرار الحرب والسلم، في وقت تواصل فيه فصائل مسلحة تنتمي إلى «فصائل المقاومة الإسلامية» كما تسمي نفسها، توجيه ضربات إلى الداخل الإسرائيلي.
ويقول قيادي مقرب من القوى السياسية الشيعية المسيطرة على البرلمان والحكومة بوصفها أغلبية سياسية وعددية، إن «الخلافات بشأن كيفية التعامل مع الظروف المستجدة في حال تطورت العملية إلى حرب مفتوحة لا تزال موجودة داخل معظم قوى الإطار التنسيقي، بينما يبدو الأمر مختلفاً على صعيد ائتلاف إدارة الدولة، وهو الكيان السياسي الآخر الداعم للحكومة، ويضم بالإضافة إلى الشيعة السُّنَّة والأكراد الذين يفضلون احتكار الدولة للقرار».
ويضيف القيادي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى الشيعية ومثلما هو معروف لا تخفي تأييدها لمحور المقاومة ومساعدته بكل الوسائل، لكنها لا تزال مختلفة في طريقة التعبير عن ذلك». وقال: «صحيح أن غالبية قيادات الإطار تؤيد توجهات الحكومة ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني على صعيد الجهود السياسية والدبلوماسية فضلاً عن المساعدات التي تقدّم حالياً للبنان، لكن هناك خلافات بشأن طريقة التعامل مع الفصائل المسلحة التي لم تلتزم بأوامر الحكومة بعدم توجيه ضربات من داخل العراق إلى أهداف في إسرائيل حتى لا تُتخذ ذريعة لجر العراق إلى الحرب، أو تنفيذ إسرائيل ضربات تشمل أهدافاً عراقية حيوية وهو ما يخشاه الجميع».
ملف التسلح
وفي هذا السياق، أكد القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أهمية مراجعة الخطط الأمنية بما يتناسب مع المستجدات الحاصلة في المنطقة، وأهمية مراجعة ملف التسليح أيضاً. وطبقاً لبيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء فإن الأخير «أجرى، مساء الأحد، زيارة إلى مقر قيادة العمليات المشتركة في بغداد، حيث جرت مناقشة الوضع الحالي والتحديات المستجدة، في ظل ما تشهده المنطقة من تداعيات وأحداث، كما اطّلع على سير العمليات الأمنية وطبيعة الخطط التي تعمل عليها القوات بمختلف صنوفها». ونقل البيان تأكيد القائد العام للقوات المسلحة على «أهمية الوجود الميداني المستمر، والعمل بروح الفريق الواحد لجميع القوات الأمنية، بالإضافة إلى تعزيز الخطط التكاملية بين التشكيلات المختلفة». وبحسب البيان جرت خلال الزيارة «مراجعة ملف التسليح في ضوء استراتيجية تطوير القوات الأمنية التي جرى إقرارها، والمذكرات الثنائية الموقَّعة مع الدول المتقدمة في هذا المجال، مع إيلاء الاهتمام اللازم لهذه الملفات».
إضافة إلى ذلك، أعلنت جماعة مسلحة تنتمي إلى «المقاومة الإسلامية في العراق» مهاجمة هدف إسرائيلي داخل أراضي الجولان المحتل، وذلك للمرة العاشرة التي تستهدف فيها الجماعة مواقع إسرائيلية في الجولان خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقال بيان صادر عن هذه الفصائل، يوم الاثنين، إن «العملية تمت بواسطة الطيران المسيَّر». وقالت إن ذلك يأتي «استمراراً لنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونصرةً لأهلنا في فلسطين ولبنان، ورداً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ». وجاء ذلك عقب إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض مسيَّرة كانت متجهة إلى الجولان.