دمشق: تغييرات إدارية في 5 محافظات تواجه تصعيداً متزايداً

خلال أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس بشار الأسد (وكالة سانا)
خلال أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس بشار الأسد (وكالة سانا)
TT

دمشق: تغييرات إدارية في 5 محافظات تواجه تصعيداً متزايداً

خلال أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس بشار الأسد (وكالة سانا)
خلال أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس بشار الأسد (وكالة سانا)

بعد أدائهم اليمين القانونية أمام الرئيس السوري بشار الأسد، واستماعهم لتوجيهاته، تسلم 5 محافظين جدد مهامهم، في محافظات دير الزور ودرعا واللاذقية وحماة والقنيطرة، وذلك بينما تلتهب أطراف عدة محافظات منها، وسط حالة تصعيد خطيرة تشهدها المنطقة، مع مواصلة إسرائيل استهدافها مواقع «حزب الله» اللبناني وإيران داخل الأراضي السورية.

وتتواصل مساعي دمشق تحييد نفسها، عبر إصدار أوامر عسكرية بالاتفاق مع الروس بتجميد النشاطات العسكرية لميليشيات إيران و«حزب الله»، بعد تقييدها في المنطقة المحاذية للحدود مع الجولان المحتل، لتشمل محافظات ريف دمشق وحمص وبادية حمص. وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» صادرت دمشق مستودعين على الأقل لـ«حزب الله» الأول في الزبداني، والآخر يبعد 9 كيلومترات عن منطقة السيدة زينب، في إطار تجنب الحرب مع إسرائيل.

النيران التي اندلعت في أعقاب الغارة الإسرائيلية على مستودع صواريخ لـ«حزب الله» في اللاذقية (أرشيفية - المرصد السوري)

وكان لافتاً في التغييرات الإدارية الجديدة تعيين طبيب الأسنان، خالد وليد أباظة، محافظاً للاذقية، وهو صاحب خلفية ميليشياوية وحزبية، فهو أمين فرع القنيطرة لحزب البعث منذ عام 2017. وقائد ميليشيا الدفاع الوطني عام 2012، وقائد ميليشيا فوج الجولان عام 2014. حيث يحظى أباظة بمكانة مميزة لدى النظام كونه ابن عائلة «مخلصة» للنظام، فوالده عضو اللجنة المركزية لحزب البعث، العميد الراحل وليد حمدي أباظة، ووالدته عضو مجلس الشعب عن محافظة القنيطرة الراحلة، جانسيت قازان.

وقالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن تعيين أباظة محافظاً للاذقية له دلالات داخلية، أبرزها أن اللاذقية معقل عائلة الأسد، تعاني من تغول زعماء الميليشيات وأمراء الحرب وتجار المخدرات، الذين باتوا قوة لا يستهان بها، ويتحركون كمنظومة «مافيوية» لها حساباتها الخاصة. وتابعت المصادر أن إرسال شخصية نافذة وقوية و«مخلصة» من خارج هذه المنظومة لكن من الخلفية الميليشياوية ذاتها، محاولة لضبط السيطرة في معاقل النظام، في الوقت الذي تعيد فيه دمشق حساباتها المعقدة، في مواجهة تداعيات التصعيد الإسرائيلي، واختلال العلاقة مع الحليف الإيراني.

وتزامن تسلم محافظ اللاذقية الجديد مهامه، مع فتح القوات الحكومية في اللاذقية تحقيقاً حول تورط أشخاص بـ«العمل مع (حزب الله) من دون أن تبلغ القيادات العسكرية الموجودة في المنطقة». وكشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، السبت، عن توقيف الأجهزة الأمنية في اللاذقية «أفراداً وضباطاً»؛ للتحقيق في قضية تخزين سلاح «حزب الله» قرب «رحبة اليهودية» عند مدخل مدينة اللاذقية الجنوبي الغربي، بعد استهدافها من قِبَل إسرائيل، فجر يوم الخميس. وبحسب المرصد، كان المستودع يستخدم لتخزين قطع السيارات.

في حين ذكرت مصادر إعلامية محلية أنّ الغارة الإسرائيلية استهدفت سيارات يُقدّر عددها بـ10 سيارات في باحة ثكنة اليهودية العسكرية التي تقع بالقرب من جامعة «تشرين»، عند مدخل مدينة اللاذقية وفق ما أفاد به موقع «صوت العاصمة»، السبت.

خلال أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس بشار الأسد (وكالة سانا)

وفي 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قصفت إسرائيل مستودعاً لتخزين الصواريخ تابعاً لـ«حزب الله»، قرب «قاعدة حميميم» الروسية، وقال المرصد إنه استخدم في الآونة الأخيرة بشكل سري من دون إبلاغ السلطات، بينما كان يستخدم المستودع لتخزين المواد الغذائية.

وصدرت، الخميس، مراسيم تقضي بتعيين خالد وليد أباظة محافظاً لمحافظة اللاذقية، ومنهل نادر هناوي محافظاً لمحافظة دير الزور، وأسعد يزيد الطوكان محافظاً لمحافظة درعا، وكمال عبد الرحمن برمو محافظاً لمحافظة حماة، وطوني عزيز حنا محافظاً لمحافظة القنيطرة.

التغييرات الإدارية التي شملت 5 محافظات جاءت وسط اشتعال أطراف 4 محافظات منها؛ فشمالاً يشهد ريف اللاذقية الشمالي تزايداً في العمليات العسكرية السورية ـ الروسية في مواجهة تصعيد الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا، وشرقاً في دير الزور وقريباً من الحدود مع العراق يتواصل تبادل الاستهداف والهجمات بين الميليشيات التابعة لإيران من جانب، وقوات التحاف الدولي، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، من جانب آخر، وتترافق أحياناً مع هجمات لتنظيم «داعش» واستهدافات إسرائيلية لمواقع «حزب الله» وإيران.

فيما تستنفر القوات الحكومية على الجبهة الجنوبية، أمام ضربات إسرائيل وشروعها ببناء سياج أمني، متوغلة في الأراضي السورية في محافظة القنيطرة. وبالقرب من حوض اليرموك في ريف محافظة درعا الغربي تعمل الدفاعات السورية على صد الصواريخ الإسرائيلية، التي تدوي انفجاراتها في محافظة درعا التي تعاني من ارتفاع حدة الانفلات الأمني وتزايد أعمال القتل شبه اليومية، ليست آخرها إصابة 3 عناصر من دورية أمنية حكومية بانفجار عبوة ناسفة قرب دوار الحمامة في مدينة درعا. فجر السبت.


مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني: سنفعل كل ما نستطيع لمواجهة المسلحين في سوريا

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

الرئيس الإيراني: سنفعل كل ما نستطيع لمواجهة المسلحين في سوريا

نقلت قناة «العالم» الإيرانية عن الرئيس مسعود بزشكيان قوله، الاثنين، إن بلاده ستفعل كل ما بوسعها لمواجهة المسلحين في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي حطام مروحية تابعة للجيش السوري وفي الخلف الدخان يتصاعد من مطار حلب العسكري (إ.ب.أ)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: مقاتلو إيران في دمشق لم يستنفروا أمام معارك الشمال

وقالت مصادر في دمشق لـ«الشرق الأوسط»: «هناك وجود عسكري غير مرئي لمقاتلي الفصائل الإيرانية (الحرس الثوري) والفصائل التابعة له و(حزب الله) اللبناني، في قلب دمشق».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري نازحون أكراد سوريون على مركبات محملة بالأمتعة على طريق الرقة السريع أثناء نزوحهم من مناطق بمدينة حلب باتفاق بين القوات الكردية والفصائل (أ.ف.ب)

تحليل إخباري الانسحاب الكردي من حلب ينذر بانتقال المواجهات إلى شرق الفرات

ينذر تبدل مناطق التماس والنفوذ، بحسب شخصيات كردية، بانتقال المعارك مع تركيا إلى شرق الفرات، بعدما أعلنت الإدارة الذاتية وقوات «قسد» التعبئة العامة.

كمال شيخو (القامشلي)
تحليل إخباري دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)

تحليل إخباري من يقاتل في سوريا ولماذا؟

بعد الهجوم المباغت الذي شنّته فصائل سورية مسلّحة ضد الجيش السوري في مناطق بشمال سوريا، يعود إلى الواجهة الحديث عن الأطراف المتحاربة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تمرين عسكري لفصائل من «الحشد الشعبي» (أ.ب)

تضارب حول دخول فصائل عراقية إلى سوريا

انتشرت تقارير بأن جماعات مسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي عبرت الحدود مع سوريا لمساندة الجيش السوري، بينما نفت بغداد ذلك، وأكدت سيطرتها الكاملة على الحدود.

حمزة مصطفى (بغداد)

من يقاتل في سوريا ولماذا؟

دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)
دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)
TT

من يقاتل في سوريا ولماذا؟

دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)
دورية تركية وروسية بالقرب من بلدة الدرباسية في سوريا، الجمعة 1 نوفمبر 2019 (أ.ب)

أصبحت الحرب الأهلية في سوريا محط اهتمام من جديد بعد استيلاء فصائل مسلحة على حلب، واشتعال خطوط الجبهة، التي كان الوضع ساكناً فيها لسنوات، مما سيكون له تبعات على المنطقة وخارجها.

ما الذي يحدث؟

شنت الفصائل المسلحة هجوماً مباغتاً في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) انطلاقاً من مناطق إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة حلب التي اجتاحتها في 29 و30 نوفمبر (تشرين الثاني)، مما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب.

وهذه هي أول مرة تتغير فيها السيطرة على المدينة منذ عام 2016 عندما هزمت القوات الحكومية، بدعم من روسيا وإيران، الفصائل المسلحة التي كانت تسيطر على المناطق الشرقية من حلب.

مقاتلون من الفصائل السورية المسلحة يقومون بدورية في محيط المطار في مدينة حلب شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

واستمرت الفصائل المسلحة في التقدم بمناطق إلى الجنوب والجنوب الغربي من حلب، واستولت على أراضٍ في محافظة حماة.

وتوعدت الحكومة بالرد. وتشن روسيا، التي نشرت قوات جوية في سوريا خلال عام 2015 لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، غارات جوية لدعم الجيش السوري.

ويمثل هذا أخطر تصعيد للصراع منذ سنوات، مما أدى إلى زيادة عدد القتلى، البالغ عددهم مئات الآلاف، منذ عام 2011 حين اندلعت الحرب الأهلية.

واضطر أكثر من نصف سكان سوريا، الذين كان عددهم 23 مليون نسمة قبل الحرب، إلى ترك منازلهم منذ ذلك الحين وأدت الحرب إلى فرار الملايين إلى الخارج كلاجئين.

ممن تتألّف الفصائل المسلحة؟

بدأت «هيئة تحرير الشام» الهجوم، وكانت تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة» وكانت الجناح الرسمي ﻟ«تنظيم القاعدة» في الحرب السورية حتى انقطعت العلاقات بينهما في عام 2016.

ظلت «هيئة تحرير الشام» بقيادة أبو محمد الجولاني القوة المهيمنة لفترة طويلة في منطقة إدلب، التي تعد جزءاً من هلال في شمال غرب البلاد حافظت الفصائل المسلحة فيه على موطئ قدم رغم تحقيق الجيش السوري مكاسب في مناطق أخرى.

تصنف الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ودول أخرى «هيئة تحرير الشام» منظمة إرهابية.

وشن تحالف آخر من الفصائل السورية المسلحة هجوماً منفصلاً من مناطق في شمال حلب. ويحظى هذا التحالف من الفصائل الذي تطلق عليه تسمية «الجيش الوطني السوري» بدعم تركيا.

مسلحون من الفصائل السورية يلتقطون صوراً سيلفي في مطار النيرب العسكري في حلب، سوريا 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لماذا اشتعل الصراع الآن؟

رغم أن السلام ظل بعيد المنال، لم يتحرك الوضع على خطوط الجبهة منذ سنوات مع تقسيم سوريا إلى مناطق تنتشر فيها قوات أجنبية على الأرض.

ولدى روسيا وإيران نفوذ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتشكل أكبر جزء من سوريا. وتنشر الولايات المتحدة قوات في الشمال الشرقي والشرق لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد. وتنشر تركيا قوات على الأرض في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه فصائل مسلحة.

لكن ميزان القوى الإقليمية اهتز بسبب الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران والجماعات المسلحة التي تدعمها طهران منذ أكثر من عام.

مقاتلان من فصائل شيعية من العراق ولبنان خلال اشتباكات في سوريا في نوفمبر 2013 (أ.ب)

وتلقت جماعة «حزب الله» اللبنانية تحديداً، المدعومة من إيران، ضربات موجعة خلال شهرين من الحرب مع إسرائيل. وساعد «حزب الله»، الذي أوقف إطلاق النار مع إسرائيل، الأسبوع الماضي، الجيش السوري، على استعادة حلب في عام 2016.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان على شبكة «سي إن إن»، إن محاولة الفصائل استغلال الوضع الجديد ليست مستغربة وسط تعرّض الداعمين الرئيسيين للحكومة السورية، إيران وروسيا و«حزب الله»، للضعف والتشتيت بسبب الصراعات الإقليمية وحرب أوكرانيا.

واستقر الوضع على نطاق واسع في شمال غرب سوريا منذ عام 2020 بسبب اتفاق بين روسيا وتركيا التي عبرت عن زيادة إحباطها من عدم توصل الأسد إلى اتفاق مع الفصائل لإنهاء الصراع.

وعبّر مسؤولون أمنيون أتراك عن شعورهم بقلق متزايد إزاء الهجمات التي تشنها قوات الحكومة السورية على الفصائل، رغم أن أنقرة تعمل على وقف هجمات الأخيرة.

صورة نشرتها وزارة الدفاع العراقية تظهر نقل معدات عسكرية عراقية باتجاه الحدود مع سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الأسد والفصائل بحاجة إلى التوصل إلى تسوية.

ومن المخاوف التركية الرئيسية، القوة التي تتمتع بها جماعات يقودها الأكراد في سوريا. وهذه الجماعات متحالفة مع الولايات المتحدة لكن تركيا تعدها إرهابية. وذكرت «وكالة أنباء الأناضول»، المملوكة للدولة التركية، أن «الجيش الوطني السوري» استولى على مدينة تل رفعت من «وحدات حماية الشعب» الكردية.

وأكدت روسيا وإيران دعمهما للحكومة السورية.

جنود من الجيش السوري ينتشرون في ريف كوباني، سوريا 19 يوليو 2022 (رويترز)

هل هناك خطة للسلام؟

أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً في عام 2015 بهدف إنهاء الصراع، ودعا إلى صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة وممارسة الحكم بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة.

ولم ينفذ القرار على الإطلاق.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسن إن التصعيد يظهر فشلاً جماعياً في تحقيق عملية سياسية، ودعا إلى إجراء مفاوضات حقيقية لإنهاء الصراع.