اتساع رقعة الاستياء السوري من وجود إيران وميليشياتها

رعب بين الأهالي بعد غارة إسرائيلية دمرت مستودعاً لـ«حزب الله» في اللاذقية

متداولة من مناطق سكنية في اللاذقية وفي الخلفية تبدو النيران في أعقاب القصف الإسرائيلي على مخزن أسلحة لـ«حزب الله»
متداولة من مناطق سكنية في اللاذقية وفي الخلفية تبدو النيران في أعقاب القصف الإسرائيلي على مخزن أسلحة لـ«حزب الله»
TT

اتساع رقعة الاستياء السوري من وجود إيران وميليشياتها

متداولة من مناطق سكنية في اللاذقية وفي الخلفية تبدو النيران في أعقاب القصف الإسرائيلي على مخزن أسلحة لـ«حزب الله»
متداولة من مناطق سكنية في اللاذقية وفي الخلفية تبدو النيران في أعقاب القصف الإسرائيلي على مخزن أسلحة لـ«حزب الله»

بعد أن باتت الأراضي الواقعة تحت نفوذ الحكومة السورية، جزءاً من الحرب الإسرائيلية التي تُشن على لبنان، بسبب الوجود العسكري لإيران و«حزب الله» فيها، يتصاعد الاستياء الشعبي السوري من هذا الوجود، وتتسع رقعته مع اتساع رقعة التوغل والقصف الإسرائيلي الذي طال، فجر الخميس، مدينة اللاذقية على الساحل السوري للمرة الثانية في غضون أقل من أسبوعين.

طالب جامعي يسكن المدينة الجامعية، وصف صوت الانفجارات التي نجمت عن القصف بـ«القوية جداً لدرجة أننا شعرنا بأن المدينة بأكملها رجت، وأن الأبنية ستنهار». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حالة الرعب يصعب وصفها، أصابت الشباب والنساء وكبار السن والأطفال، جراء الضربة ونيرانها التي أضاءت ليل المدينة بأكملها».

وعلق الشاب على ما ذكر في الأخبار أن الضربة استهدفت مخازن أسلحة وذخيرة، بقوله «للأسف بلدنا صارت ساحة مفتوحة لإيران و(حزب الله)، ونحن ندفع الثمن من حياتنا، نتمنى أن يفهموا أننا تعبنا جداً من وجودهم».

أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير خلال يونيو 2013 (أ.ف.ب)

ناشطون على مواقع التواصل، أشاروا إلى أن ما يحصل في لبنان وسوريا، دليل على أن إسرائيل تعرف كل شيء، إن كان مستودعات أسلحة لإيران و«حزب الله» أو أبنية يقطنون فيها، «دبة النملة يعرفونها» بحسب أحد التعليقات. وذكر آخر: «لماذا تخزين الأسلحة وتأجير الشقق لهم... معقول كل يوم نأكل رعبة بكل المحافظات ويموت مدنيين».

النيران التي تسببت بها الغارة الإسرائيلية على مستودع صواريخ لـ«حزب الله» في اللاذقية (المرصد السوري)

رسمياً، قال مصدر عسكري سوري في تصريح: إنه «نحو الساعة 2:50 فجر اليوم الخميس، شن العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه البحر المتوسط مستهدفاً إحدى النقاط قرب مدخل مدينة اللاذقية الجنوبي الشرقي».

وأوضح المصدر وفق وكالة (سانا) أن العدوان أدى إلى إصابة مدنيين اثنين بجروح وإلحاق أضرار مادية بالممتلكات الخاصة المحيطة، بينما ذكر التلفزيون السوري أن الدفاعات الجوية «تصدت لأهداف معادية» في أجواء اللاذقية.

من جانبه، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الغارة الإسرائيلية استهدفت مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» في منطقة اليهودية على الأطراف الجنوبية الشرقية لمدينة اللاذقية، مشيراً إلى دوي انفجارات عنيفة وحرائق استمرت لعدة ساعات.

وأوضح أن سيارات الإسعاف نقلت شخصين لم يُعلم ما إذا كانا مدنيين أو عسكريين، في حين تعرض عدد من المنازل والسيارات لأضرار مادية كبيرة، موضحاً أن الغارات تسببت بحالة ذعر كبيرة بين المدنيين.

وفي وقت لاحق، أوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن، في لقاء متلفز، أن الضربة استهـدفت مستودعاً للصـواريخ تابع لـ«حزب الله»، جرى تدميره بالكامل. وأن المستودع ليس بعيداً عن ميناء صغير تحت إشراف إيران، وعن مطار «حميميم» الذي يبعد نحو 15 كيلومتراً عن الموقع المستهدف.

صور انتشرت فجر 3 أكتوبر تظهر حصول انفجارات في مطار حميميم

وأضاف: «لا نعلم ما إذا كانت هذه الأسلحة قد جاءت عن طريق البحر، أم عبر مطار حميميم الذي تم استهـداف مستودع صــواريخ لـ(حزب الله) في محيطه في الخامس من الشهر الحالي».

الغارة الإسرائيلية التي استهدفت اللاذقية والاستياء الشعبي من الوجود العسكري لإيران و«حزب الله» هناك، يتزامن مع استياء شعبي مماثل في القرى الواقعة في القطاع الشمالي من محافظة القنيطرة والمحاذية لخط فك الاشتباك مع إسرائيل، حيث يسود قلق كبير أوساط الأهالي من مواصلة إسرائيل استباحتها لأراضيهم الزراعية «الواقعة في المنطقة العازلة» وتجريفها لجزء كبير منها بحجة منع مسلحين من «حزب الله» وميليشيات إيران من التسلل إلى الجولان المحتل، وذلك وسط تزايد احتمالات توسع الحرب التي تشنها إسرائيل ضد «حزب الله» في لبنان، لتشمل سوريا، ومحاولة دمشق تجنب هذه الحرب.

أرشيفية لمدينة القنيطرة في الجولان السوري

مواطن من أهالي قرية جباثا الخشب تحدث عن قلق كبير لدى الأهالي من التوغل الإسرائيلي في أراضيهم الزراعية الواقعة في المنطقة العازلة المحاذية لخط فك الاشتباك بين القوات السورية والإسرائيلية، لافتاً إلى أن هذه العمليات باتت تحصل بشكل يومي في كثير من القرى.

وقال المزارع لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل تستبيح أراضينا وتجرفها بحجة أنها تريد بناء حاجز أمني لمنع تسلل مسلحي إيران و(حزب الله) إلى الجولان» المحتل. وأضاف «نحن لا نرى مسلحي إيران ولا مسلحي (حزب الله) ولا نعرف أين هم موجودون، وإن كانوا موجودين فليرحلوا عنا، فقد اكتوينا كثيراً بنار الحرب، ومن يريد القتال فليذهب إلى بلده ويقاتل من أرضه».

مزارع من قرية طرنجة قال: «أهالي القرية باتوا يخشون الذهاب إلى أراضيهم الزراعية في المنطقة العازلة خشية إطلاق النار عليهم من قبل الإسرائيليين»، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجنود الإسرائيليين «يتواجدون بكثافة على الحدود كأنهم يريدون احتلال أراضينا وكل ذلك بحجة (وجود) إيران و(حزب الله)».

من جانبه، يرى طالب جامعي من أهالي قرى القطاع الشمالي في القنيطرة أن إيران هي السبب بالتوتر الحاصل في معظم البؤر الساخنة في المنطقة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التوتر في لبنان هم سببه، وفي اليمن أيضاً ما يحصل سببه إيران، وقبل ذلك العراق، وحالياً في سوريا تريد إيران تدمير ما لم تدمره الحرب» المستمرة منذ أكثر من 13 عاماً.


مقالات ذات صلة

هل تشترط واشنطن تعديل الـ«1701» للقبول بوقف النار؟

المشرق العربي رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)

هل تشترط واشنطن تعديل الـ«1701» للقبول بوقف النار؟

يطرح استمرار توغل إسرائيل في القرى المحاذية لحدودها مع لبنان مجموعة من الأسئلة، يتصدرها التصدي الأميركي للمحاولات الرامية لإصدار قرار بوقف النار عن مجلس الأمن.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي دمار كبير في مدينة النبطية جنوب لبنان غداة غارات إسرائيلية استهدفتها (أ.ف.ب)

إنذارات الإخلاء الإسرائيلية تربك البلدات اللبنانية والنازحين إليها

أربكت الإنذارات الإسرائيلية بإخلاء مناطق واسعة في جبل لبنان وجنوبه وشرقه الساحة اللبنانية، وذلك في إجراء لافت دشّنته القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجل يعبر سوق مدينة النبطية المدمّرة بالقصف الإسرائيلي (أ.ب)

ضغوط أميركية تلجم مؤقتاً استباحة قتل المدنيين في لبنان

بدّلت إسرائيل من سلوكها في تنفيذ غاراتها في لبنان، وبدأت بتوجيه إنذارات لسكان المباني التي تستعدّ لقصفها بضرورة إخلائها فيما يُعتقد أنه استجابة لضغوط أميركية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يتفقدون مبنى مدمراً بغارات إسرائيلية في دورس جنوب مدينة بعلبك (أ.ف.ب)

استهداف البقاع يعطل الحياة اليومية... والسكان يفتقدون المواد الأساسية

انعكست نسب الإقفال المتفاوتة بين المحال التجارية و«السوبر ماركت» والصيدليات، وندرة التخزين بالمناطق الملتهبة في بعلبك - الهرمل، تراجعاً في توفر المواد الغذائية.

حسين درويش (بيروت)
العالم العربي الحدود اللبنانية مع إسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله»: إسرائيل لم تسيطر على أي قرية في جنوب لبنان

قال عضو مجلس النواب اللبناني عن «حزب الله» حسن فضل الله، اليوم (الخميس)، إن الجيش الإسرائيلي لم يسيطر على أي قرية في جنوب لبنان حتى الآن.


فراغ يصعب تعويضه... لماذ يمثل اغتيال السنوار «أقسى ضربة» في تاريخ «حماس»؟

السنوار خلال إحياء «يوم القدس» في غزة عام 2023 (إ.ب.أ)
السنوار خلال إحياء «يوم القدس» في غزة عام 2023 (إ.ب.أ)
TT

فراغ يصعب تعويضه... لماذ يمثل اغتيال السنوار «أقسى ضربة» في تاريخ «حماس»؟

السنوار خلال إحياء «يوم القدس» في غزة عام 2023 (إ.ب.أ)
السنوار خلال إحياء «يوم القدس» في غزة عام 2023 (إ.ب.أ)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن اغتيال زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار هو «أقسى ضربة» وجهت إلى الحركة منذ قيامها، على رغم اغتيال عدد من مؤسسيها، متحدثة عن «فراغ يصعب تعويضه». وتوقعت أن يترك الاغتيال بصماته على الوضع الحالي في القطاع ومصير الحركة نفسها، وربما المواجهة الإقليمية الأوسع بين إيران وإسرائيل، على النحو التالي:

  • لم يكن السنوار زعيماً عادياً لـ«حماس» فهو تحول، خصوصاً بعد إطلاقه «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الماضية، الرمز الأبرز في تاريخ الحركة.
  • السنوار هو «مهندس الطوفان» والرجل الذي قاد أطول عملية تضليل لإسرائيل سمحت بهز هيبتها وكشف أكبر فشل استخباراتي لأجهزتها.
  • السنوار هو القائد الذي يتمتع بنفوذ لا يجارى لدى قوات «كتائب القسام» التي تخوض المعارك في غزة الغارقة في الدمار والتي تكبدت حتى الآن أكثر من أربعين ألف قتيل.
  • السنوار هو رمز تعميق التحالف مع إيران والذي ترجم باتفاق وفرت فيه طهران للحركة التمويل والتسليح والخبرات.

السنوار خلال احتفالات الذكرى الـ31 لتأسيس حركته في 2018 (إ.ب.أ)

  • شهدت «حماس» في عهد السنوار ما لم تشهده في عهد أسلافه، وهو اجتماع القرارين السياسي والعسكري في يد رجل واحد تدعمه شعبية واضحة في الشارع الغزاوي.
  • نظر أعضاء «حماس» إلى السنوار بوصفه قائداً كاريزمياً يتمتع بمواصفات قيادية لم تختلط بحروب المواقع أو الأدوار.
  • يشكل اغتيال السنوار نجاحاً غير عادي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان تعهد بمطاردة كل من له علاقة بـ«طوفان الأقصى»، وهكذا يضيف نتنياهو الاغتيال الجديد إلى رصيد اغتيالاته التي كان أبرزها تصفية زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله.
  • أظهر الاغتيال - ولو تم بفعل الصدفة - أن موضوع الرهائن المحتجزين لدى «حماس» لا يرتدي أهمية استثنائية لدى الحكومة الإسرائيلية ولم يعد يشكل ورقة ضاغطة بقوة على خياراتها.

ولاحظت المصادر الآتي:

  • لدى «حماس» هرمية قيادية تأخذ في الحسبان احتمال تعرض قادتها للاغتيال، لكنها لا تملك حالياً رجلاً بمواصفات السنوار، خصوصاً بعد اغتيال معظم أفراد الحلقة التي كانت مؤتمنة على توقيت موعد «الطوفان».
  • هناك فارق بين حركة «حماس» و«حزب الله»، فالحركة تتمركز في مكان محاصر والقدرة على إسعافها أو نجدتها تختلف تماماً عن الحزب الذي يمكنه الاتصال بإيران والحصول على كافة أنواع المساعدات منها، بما فيها خبرات القيادة واجتياز المرحلة الحرجة.
  • من الخطأ الاعتقاد أن اغتيال السنوار ينهي «حماس»، لكن من الخطأ الاعتقاد أيضاً أنه لن يضعفها. ففي غيابه ستكون عملية صنع القرار أصعب وأبطأ، خصوصاً لجهة المواءمة بين القيادة السياسية والجسم العسكري لـ«القسام».

رئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس جهاز الشاباك في موقع الاغتيال اليوم الخميس (أ.ف.ب)

  • يطرح اغتيال السنوار أسئلة حول استمرار القتال في غزة ومصير الرهائن. وليس من المستبعد أن يؤدي اغتياله إلى انطلاق موجة غير عادية من العمليات الانتحارية.
  • بعد اغتيال السنوار سيكون من الصعوبة بمكان على أي رجل يتولى القيادة بعده القبول بوقف لإطلاق النار، خصوصاً إذا كان الاتفاق سيبنى في ضوء الضربات التي وجهتها إسرائيل إلى القطاع والحركة التي خسرت عدداً من قادتها كان أبرزهم إسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران.
  • يأتي الاغتيال في وقت شديد الصعوبة إقليمياً، إذ تستعد إسرائيل لشن ضربة على إيران، ما ينذر باحتمال اشتعال محاور المواجهة على مستوى الإقليم.
  • يصعب التكهن بانعكاسات غياب زعيم  «حماس» في الداخل الإسرائيلي وما إذا كان سيعيد مصير الرهائن إلى الواجهة، خصوصاً إذا ساد الاعتقاد لدى المؤسسة الأمنية وقوى سياسية أن ساعة القبول بوقف النار قد حانت، على ما قال زعيم المعارضة في أول رد فعل على نبأ الاغتيال.