«صمت انتخابي» في كردستان العراق قبل اقتراع عاصف

بارزاني وطالباني في محاولة أخيرة لإقناع الناخبين

ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)
ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)
TT

«صمت انتخابي» في كردستان العراق قبل اقتراع عاصف

ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)
ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)

تصل الحملات الانتخابية للأحزاب في إقليم كردستان إلى مرحلتها الأخيرة، قبل أن تدخل، الخميس، في «الصمت الانتخابي»، والتوجه إلى اقتراع يصفه مراقبون بالعاصف والشرس.

ويحاول الغريمان: «الاتحاد الوطني» و«الحزب الديمقراطي» الكردستانيان، إقناع الناخبين في مدن الإقليم الأربع، وركزت حملاتهما على الخدمات والوظائف، من دون توقعات كبيرة بخريطة سياسية مختلفة.

وقالت مفوضية الانتخابات إن الصمت الانتخابي سيستمر يومين بدءاً من الخميس، على أن يبدأ الاقتراع الخاص للسجناء والعسكريين يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول)، والتصويت العام يوم 20 من الشهر نفسه.

وفي محاولة أخيرة قبل الصمت الانتخابي، نشط الحزبان الرئيسيان: الحزب «الديمقراطي» الكردستاني و«الاتحاد الوطني» في إقامة مهرجانات انتخابية واسعة في معظم مدن الإقليم، ختمها رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني بمهرجان للحزب «الديمقراطي» في السليمانية، معقل حزب «الاتحاد الوطني»، وبافل طالباني، رئيس «الاتحاد»، بمهرجان مماثل في محافظة دهوك، التي تعد من معاقل الحزب «الديمقراطي».

التصويت الخاص للعسكريين سينطلق في كردستان يوم 18 أكتوبر (إكس)

حملات شرسة

ويعترف كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم الحزب «الديمقراطي» مسعود بارزاني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بـ«شراسة» الحملات الدعائية، خاصة من جانب حزب «الاتحاد»، على حد قوله.

ويرى محمود أن «الإقليم تجاوز بنضج واضح هذه التجربة التي اتسمت إلى حد كبير بالتشنج، وربما بتأثيرات خارجية داخل الإقليم في بعض الأحيان».

وقال إن حكومة الإقليم «نجحت في تأمين المهرجانات الانتخابية الساخنة لكل معارضي الحزب (الديمقراطي) في دهوك وأربيل، مثلما نجحت إدارة السليمانية في تأمين جو مريح للحزب (الديمقراطي)، وهذا يعني تطوراً واضحاً في الأداء الكردي».

ويعتقد محمود أن «الخريطة السياسية في الإقليم لن تتغير كثيراً، وسيحافظ الحزب (الديمقراطي) على مكانة متقدمة في الانتخابات، في مقابل الانقسامات التي يعاني منها حزب (الاتحاد الوطني) وكثرة المنافسين له في السليمانية».

لكن مسؤولاً في حزب «الاتحاد الوطني» يرى عكس ذلك. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتخابات الحالية ستشهد تراجعاً في حظوظ الحزب (الديمقراطي)، وهو معرّض لخسارة نفوذه في البرلمان والحكومة».

ويضيف المسؤول أن «كل المعطيات التي لدينا تشير إلى هذا التراجع، ذلك أن (الديمقراطي) يحكم الإقليم منذ عقود طويلة من دون أن ينعكس ذلك على حياة المواطنين، والجميع يعلم حجم معاناتهم بالنسبة لقضية المعيشة المرتبطة بتأخر وصول رواتب الموظفين».

ويتابع أن «(الاتحاد الوطني) عازم على تغيير الخريطة السياسية، ومصرّ على تصحيح مسار السلطة في الإقليم، وإبعاد الذين احتكروها لسنوات طويلة»، في إشارة إلى الحزب «الديمقراطي» الذي يهيمن على حكومة الإقليم منذ سنوات.

ويتنافس 1191 مرشحاً يتوزعون على أكثر من 30 حزباً وائتلافاً، على 100 مقعد في برلمان الإقليم، وضمنها 5 مقاعد مخصصة لـ«كوتة» الأقليات المسيحية والتركمانية.

أكثر من 1000 مرشح يتنافسون على 100 مقعد في برلمان إقليم كردستان (إكس)

تجاوزات ومخالفات

وبرزت مشكلة التجاوزات التي ارتكبت في الحملات الانتخابية من خلال عمليات «التسقيط» المتبادلة بين الأحزاب المتنافسة، وكذلك من خلال كثرة الشكاوى التي قدمتها الأحزاب المتنافسة إلى مفوضية الانتخابات.

وذكر رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات، عماد جميل، أن المفوضية استقبلت 43 شكوى حول الحملة الدعائية لانتخابات الإقليم.

وكشف جميل، في تصريحات صحافية، عن «تقديم 43 شكوى إلى المفوضية، وتم حسم 16 شكوى منها، وكان بعض قراراتها بغرامات مالية من مجلس المفوضين للمرشحين، وهناك 27 شكوى خاضعة للتحليل من قبل اللجان المختصة وسيصدر بها قرارات».

وتابع أن «قسماً من هذه الشكاوى يتعلق بتعليق الدعاية الانتخابية في الأماكن غير المخصص لها؛ إذ إن قسماً من هذه الدعايات استغل دوائر الدولة أو المدارس الحكومية، وأيضاً بعض الشكاوى تخص الخطاب الإعلامي».

وأعلن مسؤول إعلام دائرة شرطة دهوك، العقيد هيمن سليمان، القبض على أشخاص مزقوا الملصقات والدعايات الانتخابية لعدد من المرشحين في المحافظة.

وقال العقيد سليمان، في مؤتمر صحافي، إن «هؤلاء أقدموا على تمزيق عدد من الملصقات لمرشحي أطراف سياسية معينة لغايات في أنفسهم، وبعد ورود بلاغ عن هذه الحالات شرعت شرطة دهوك بالتحقيق والتحري، وألقت القبض عليهم من قبلها ومن قبل الأمن في المحافظة، مع ضبط عجلة كانوا يستخدمونها في القيام بتلك المخالفات».


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سليمان أوسو رئيس «المجلس الوطني الكردي» (الشرق الأوسط)

مبادرة أميركية فرنسية لاستئناف المباحثات بين الأحزاب الكردية في سوريا

كشفت مصادر كردية أن فرنسا والولايات المتحدة قدمتا مبادرة لاستئناف المباحثات الداخلية بين قطبَي الحركة الكردية في سوريا، لإحياء الحوارات المتعثرة منذ 2020،…

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

العراق يدخل مرحلة «الهبّة الديموغرافية»

يزيد عدد سكان العراق اليوم على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم دون الـ15 عاماً، حسبما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أمس، بعد أول تعداد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
TT

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

اختارت إسرائيل وقت ذروة الحركة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي دمرتها بغارات سابقة، بينما أكدت مصادر أهلية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات الإسرائيلية تفاقم المعاناة المعيشية لسكان المنطقة على جانبي الحدود؛ لأنها تغلق المتنفس المتاح لحصولهم على المواد المعيشية الأساسية.

واستهدفت غارات إسرائيلية، مساء الاثنين، جسور الحوز ومطربة والجوبانية وجوسيه في منطقة القصير جنوب غربي حمص، وقال مصدر عسكري سوري إن إسرائيل شنت «عدواناً جوياً» من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفة نقاط عبور على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي نفسها التي استهدفتها إسرائيل سابقاً على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص. وحسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أسفرت الضربة عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، ووقوع خسائر مادية.

قطع طرق إمداد

قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الغارة استهدفت طرق استخدمها «حزب الله» اللبناني لنقل وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان، وقال إن «حزب الله» وبدعم من السلطات السورية، يواصل استغلال بنى تحتية مدنية لـ«أغراض إرهابية»، مؤكداً أن الضربات الأخيرة تمت في إطار الجهود المستمرة الهادفة إلى «عرقلة القدرات العملياتية لـ(حزب الله)، وضمان أمن إسرائيل».

ورأى أدرعي أن الغارات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ركزت على إحباط قدرات «الوحدة 4400» التابعة لـ«حزب الله» والمسؤولة عن نقل الأسلحة المستخدمة في شن عمليات ضد إسرائيل.

تدمير للجسور الفرعية في القصير السورية (الشرق الأوسط)

المصادر الأهلية في القصير قالت إن الجسور والبنى التحتية سبق أن تم تدميرها بالكامل، ولا يمكن للآليات والسيارات عبورها، وتكرار ضربها يؤذي المدنيين الذين يستخدمونها مضطرين للحصول على أساسيات العيش على جانبي الحدود. وأكدت المصادر أن الغارات، مساء الاثنين، حصلت في وقت ذروة الحركة للحصول على المواد الأساسية للمعيشة، حيث يتوجه الأهالي على الجانبين قبل مغيب الشمس لتأمين حاجتهم من الوقود اللازم للتدفئة والغاز المنزلي اللبناني، بسبب أزمة المحروقات على الجانب السوري، وازدياد الحاجة إليها مع تدني حرارة الطقس والبرودة الشديدة. وفي المقابل، يحصل سكان الجانب اللبناني على مواد غذائية أرخص ثمناً كالألبان والأجبان وبعض الأصناف الأخرى.

وأشارت المصادر إلى أنه في ظل التأزم المعيشي جراء الحرب تمثل الحدود متنفساً لسكان المنطقة، وقطع تلك الطرقات وتدميرها بشكل كامل يزيد معاناتهم، ويعرضهم للخطر الدائم حيث يقومون ببناء جسور مؤقتة خطيرة، أو يضطرون لعبور مياه نهر العاصي في أجواء شديدة البرودة.

القصير معقل لـ«حزب الله»

تقع منطقة القصير على الحدود مع لبنان، وتضم نحو 80 قرية وبلدة، يعيش فيها خليط ديني غالبية من السنة وأقليات من الشيعة والمرشديين والعلويين والمسيحيين، ومعظم سكان تلك المناطق من المزارعين الفقراء، حيث ترتبط القصير بمناطق الهرمل ـ بعلبك بعدة معابر منها جوسية ومطربا كمعبرين شرعيين والكثير من المعابر غير الشرعية كحوش السيد علي وجرماش والقصر وغيرها.

تبادل سلع ومحروقات عند جانبي الحدود السورية - اللبنانية لجهة المصنع في البقاع (أ.ف.ب)

ومنذ عام 2013 سيطر «حزب الله «على القصير بعد تهجير أهلها، وأصبحت أحد أبرز معاقله في سوريا، ثم استغل فقر أهالي القرى الشيعية لتجنيدهم في صفوفه، ومنحهم امتيازات مالية وسلطوية. وحسب مصادر محلية، تكتسب منطقة القصير أهمية استراتيجية كبيرة لدى «حزب الله»، وإن حركة الامداد فيها شهدت تراجعاً جراء التصعيد الإسرائيلي، مع الإشارة إلى عدم إمكانية قطعها تماماً لوجود طرق بديلة في جغرافية ممتدة على طول الحدود.

ومنذ بداية التصعيد الإسرائيلي على لبنان، استهدفت إسرائيل المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان 36 مرة، بحسب تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد، الثلاثاء، بأن الضربات الإسرائيلية على المناطق الحدودية جاءت في سياق تعطيل عودة النازحين إلى لبنان ومنع وصول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني، وقطع طرق إمداد «حزب الله»، ومنعه من نقل سلاحه من داخل الأراضي السورية باتجاه لبنان. وتركز القصف على المعابر الرسمية وغير الرسمية، بالإضافة إلى الطرق الترابية والفرعية في منطقة الحدود السورية - اللبنانية، مع استمرار المراقبة المكثفة للمنطقة الحدودية.

تدمير ممرات وجسور صغيرة بين لبنان وسوريا قرب القصير (الشرق الأوسط)

وحسب توثيقات المرصد، بدأت أولى الغارات في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأسفرت عن تدمير مواقع عدة، وخروج معابر رسمية وغير رسمية عن الخدمة، ما أعاق حركة عبور النازحين من لبنان إلى سوريا والعكس. كذلك تسببت هذه الضربات بمقتل 30 شخصاً، بينهم 4 من عناصر «حزب الله»، وشخص لبناني الجنسية، و6 من السوريين العاملين مع «حزب الله»، و8 مدنيين، إلى جانب ذلك، أصيب 22 آخرون، هم: 8 من قوات النظام وأجهزته الأمنية، و12 من العاملين مع الحزب، بالإضافة إلى إصابة مدنيين اثنين.