إسرائيل تضغط عسكرياً بإخلاءات وقصف توسع إلى شمال لبنان

«حزب الله» يواصل إطلاق الصواريخ ويتصدى لـ«تقدم بطيء» على الحدود

TT

إسرائيل تضغط عسكرياً بإخلاءات وقصف توسع إلى شمال لبنان

مشيعون يرفعون لوحة تضم صور 15 شخصاً قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت بلدة المعصيرة بجبل لبنان الأحد (أ.ف.ب)
مشيعون يرفعون لوحة تضم صور 15 شخصاً قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت بلدة المعصيرة بجبل لبنان الأحد (أ.ف.ب)

تمضي إسرائيل في ممارسة الضغوط القصوى على «حزب الله» بتوسعة مروحة القصف الجوي إلى بلدة أيطو في شمال لبنان، أدت إلى مقتل 21 شخصاً، بالتزامن مع إخلاءات طالت منطقة الزهراني، حيث لا يزال آلاف اللبنانيين يقيمون، في مقابل إطلاق صواريخ لـ«حزب الله» استهدفت كرمئيل، وراموت نفتالي. ودوت صفارات الإنذار مساء في تل أبيب، وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض 3 صواريخ أطلقت من لبنان باتجاه وسط البلاد، على إيقاع تقدم بطيء في الأراضي اللبنانية.

ودعت السفارة الأميركية في لبنان، الاثنين، «بقوة»، رعاياها لمغادرة البلاد «الآن»، مضيفة أن الرحلات الجوية الإضافية التي نظمتها السفارة لنقل الأميركيين خارج بيروت لن تستمر إلى الأبد.

تشييع 15 شخصاً قتلوا في استهدف إسرائيلي لبلدة المعصيرة الأحد (أ.ف.ب)

21 قتيلاً في الشمال

وسّع الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية إلى الشمال، حيث قتل 21 شخصاً على الأقل، الاثنين، وفق حصيلة للصليب الأحمر اللبناني، جراء غارة إسرائيلية استهدفت لأول مرة، بلدة أيطو في قضاء زغرتا بشمال لبنان، وفق ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام».

وكان الصليب الأحمر أحصى «18 شهيداً و4 جرحى»، بعد حصيلة أولية لوزارة الصحة أفادت عن مقتل 9 أشخاص، ليعود العدد ويرتفع إلى 21 جراء الغارة التي طالت، وفق الوكالة، «شقة سكنية في بلدة أيطو» الواقعة في قضاء زغرتا ذات الغالبية المسيحية. وقال إن سيارات الإسعاف لم تتوقف عن نقل الضحايا، في وقت فرض فيه الجيش اللبناني طوقاً أمنياً. وأدت الغارة إلى اندلاع النيران.

عناصر الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت شمال لبنان (رويترز)

ويعدّ هذا الاستهداف الثاني لشمال لبنان منذ السبت، حين طالت غارة إسرائيلية بلدة دير بيلا، الواقعة على بعد 15 كيلومتراً من مدينة البترون الساحلية. واستهدفت الغارة وفق الوكالة الوطنية «منزلاً لجأت إليه عائلات من الجنوب».

إخلاءات في العمق

توسّعت رقعة القصف في الجنوب أيضاً، مع إنذارات بإخلاء قرى وبلدات، انضمت إليها، الاثنين، قرى منطقة الزهراني التي لا يزال يسكنها الآلاف، كونها بعيدة نسبياً عن الحدود بنحو 40 كيلومتراً، وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر بإخلائها، وهو ما يعني بحسب مصادر أمنية، «تحويلها إلى منطقة عسكرية أيضاً معرضة للاستهدافات» أسوة بمناطق حدودية أخرى، علماً بأن المنطقة تعرضت لاستهدافات واسعة، كان آخرها الجمعة، حين أسفرت غارتان على منزلين في قريتي أنصارية والبيسارية عن مقتل 9 أشخاص على الأقل.

أما في شرق لبنان، فقد نفذ الجيش الإسرائيلي غارة في بلدة العين بالبقاع الشمالي، تزامناً مع مرور قافلة مؤلفة من 3 شاحنات باتجاه بلدة رأس بعلبك، بعد أن تم إفراغ حمولة شاحنتين في مدينة بعلبك. وأعلن محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر، أن إحدى شاحنات المساعدات التي كانت متجهة نحو رأس بعلبك أصيبت بأضرار، نتيجة عصف الغارة في بلدة العين، ما أدى إلى إصابة سائق الشاحنة بجروح.

وزير الدفاع الإسرائيلي يتفقد الجبهة الشمالية الأحد (د.ب.أ)

تقدم برّي بطيء

يأتي ذلك في ظل معركة برية تخوضها القوات الإسرائيلية، وتحرز فيها «تقدماً بطيئاً جداً»، حسبما أفادت مصادر أمنية، وتركزت المعارك في نقطتين أساسيتين؛ هما مركبا في القطاع الشرقي التي لم تشهد اشتباكات عنيفة في الأسبوعين الماضيين، وعيتا الشعب في القطاع الغربي التي تصاعدت فيها الهجمات يوم الأحد، مع محاولات إسرائيلية للتوغل فيها مساء.

وأعلن «حزب الله» في مجموعة بيانات، عن استهداف «قوة للعدو حاولت التسلل إلى الأراضي اللبنانية من جهة بلدة مركبا» فجراً، فضلاً عن استهداف قوة مشاة إسرائيلية «حاولت ‏التسلل إلى أطراف بلدة مركبا بقذائف المدفعية»، إضافة إلى قصف تجمع عسكري إسرائيلي شرق بلدة مركبا بِصلية صاروخية.

دبابات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان في القطاع الغربي (أ.ف.ب)

أما في عيتا الشعب، فتحدث الحزب عن «اشتباكات عنيفة في البلدة بِمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والصاروخية وقذائف المدفعية»، وذلك بعد «استهداف ناقلة جند بِصاروخٍ موجه أثناء الاشتباكات»، واستهداف «محاولة ‏قوة من جنود العدو التقدم باتجاه البلدة بقذائف المدفعية».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، من جهته، أن طائرات سلاح الجو أغارت في منطقة النبطية على قائد منظومة الصواريخ المضادة للدروع في وحدة «الرضوان» التابعة لـ«حزب الله» محمد كامل نعيم، وقتلته.

إطلاق الصواريخ والمسيرات

في المقابل، واصل «حزب الله» إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وأعلن أن وحداته الصاروخية استهدفت كرمئيل، وراموت نفتالي، بينما دوت صفارات الإنذار مساء في تل أبيب. وقال الجيش الإسرائيلي إن الإنذارات في وسط البلاد دوت «بعد إطلاق 3 صواريخ من لبنان ليتم اعتراض جميع التهديدات»، وقال إن «طائرات حربية هاجمت المنصة الصاروخية التي استخدمت لتنفيذ عملية الإطلاق».

غارة إسرائيلية عنيفة استهدفت موقعاً قريباً من مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وتوعد «حزب الله» بتوسعة القصف إلى داخل العمق الإسرائيلي وتنفيذ عمليات أمنية، وقال في بيان، غداة استهداف قاعدة تدريب في بنيامينا بمسيرات «انفجرت في الغرف التي يوجد فيها العشرات من ضباط وجنود العدو الإسرائيلي، الذين يتحضرون للمشاركة في الاعتداء على لبنان، وبينهم ضباط كبار»، إنه بعد «اعتداءات إسرائيلية طالت الضاحية وبيروت واغتيال قادة عسكريين، كان قرار قيادة المقاومة الإسلامية هو تأديب هذا العدو، وإظهار بعض من كثير مما هي قادرة عليه في أي وقت تختاره، وأي مكان تريده، سرياً كان أو علنياً. فكان الهدف أحد معسكرات لواء النخبة (غولاني) في بنيامينا جنوب مدينة حيفا المحتلة، غير المعلوم لكثير من المستوطنين».

أقرباء جندي إسرائيلي قتل في مسيرات أطلقها «حزب الله» باتجاه حيفا يبكونه أثناء تشييعه (د.ب.أ)


مقالات ذات صلة

دول أوروبية: الهجمات الإسرائيلية على «اليونيفيل» يجب أن تتوقف

المشرق العربي جنود من «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

دول أوروبية: الهجمات الإسرائيلية على «اليونيفيل» يجب أن تتوقف

قالت إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك، الاثنين، إن الهجمات الإسرائيلية على بعثة حفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) تتعارض مع القانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي الناطق باسم القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) أندريا تيننتي يشير إلى الضاحية الجنوبية لبيروت من مكتبه في بعبدا قرب بيروت (أ.ف.ب)

رفض أممي واسع لطلب نتنياهو إبعاد «اليونيفيل» عن الخط الأزرق

عقد مجلس الأمن جلستين منفصلتين أكد فيهما رفض استهداف إسرائيل لـ«اليونيفيل» والدعوات إلى تراجعها عن الحدود، وسط نقاش حول نزع أسلحة «حزب الله» وفقاً للقرار 1559.

علي بردى (واشنطن)
يوميات الشرق تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)

المطاعم اللبنانية تخسر 90 % من حركتها

إذا ما جلت في وسط بيروت اليوم، التي كانت تعجّ مطاعمها ومحلات السّهر فيها ومقاهيها بروادها، ستُفاجأ بالصّمت الذي يعمّها...

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على قرية دير قانون بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:33

نتنياهو: سنواصل ضرب «حزب الله» في كل مناطق لبنان بما فيها بيروت

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الاثنين، في مقطع مصور بثه مكتبه أن إسرائيل ستستمر «بضرب حزب الله بلا رحمة بما يشمل بيروت»، وذلك غداة هجوم أسفر عن مقتل 4 جنود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يسير بجوار مدخل نفق بالقرب من نقطة مراقبة تابعة لقوات «اليونيفيل» بقرية الناقورة في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (د.ب.أ)

إسرائيل تصرُّ على طرد «اليونيفيل» لاحتلال مواقعها الاستراتيجية في جنوب لبنان

يرى الجيش الإسرائيلي الذي يمهد لاجتياح بري جارف في الجنوب اللبناني، في وجود قوات «اليونيفيل» عقبةً أمام تقدمه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: ألمانيا تطالب إسرائيل بتقديم ضمانات بأنها لن تستخدم الأسلحة ضد المدنيين

صورة بثّتها وكالة «أونروا» تُظهر دخاناً كثيفاً ونيراناً نتيجة غارة على خيام تؤوي نازحين في باحة «مستشفى شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة بثّتها وكالة «أونروا» تُظهر دخاناً كثيفاً ونيراناً نتيجة غارة على خيام تؤوي نازحين في باحة «مستشفى شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ألمانيا تطالب إسرائيل بتقديم ضمانات بأنها لن تستخدم الأسلحة ضد المدنيين

صورة بثّتها وكالة «أونروا» تُظهر دخاناً كثيفاً ونيراناً نتيجة غارة على خيام تؤوي نازحين في باحة «مستشفى شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة بثّتها وكالة «أونروا» تُظهر دخاناً كثيفاً ونيراناً نتيجة غارة على خيام تؤوي نازحين في باحة «مستشفى شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال مصدر لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية إن كبار المسؤولين الألمان منعوا بيع الأسلحة لإسرائيل على الرغم من إصرار برلين على أن تل أبيب ليست خاضعةً لحظر الأسلحة.

وأضافت «بوليتيكو» أن المصدر يؤكد تقريراً سابقاً نشرته صحيفة «بيلد» الألمانية عن هذا الشأن.

وأوضحت الصحيفة الأميركية أن الموافقة على قرارات تصدير الأسلحة تتم من قبل مجلس مكون من كبار الوزراء بألمانيا.

وذكرت «بيلد» أن نائب المستشار الألماني روبرت هابيك ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك ـ السياسيين من حزب الخضر اللذين يشكلان ائتلافاً حاكماً مع الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة المستشار أولاف شولتس ـ امتنعا عن الموافقة على صادرات الأسلحة في انتظار ضمانات من إسرائيل بأنها لن تستخدم الأسلحة الألمانية في إبادة جماعية بغزة.

وقال المصدر إن «تسليم الأسلحة إلى إسرائيل يتعلق بالامتثال لقواعد القانون الإنساني الدولي، والسبب وراء طلب مثل هذا الالتزام هو أن المحكمة الإدارية الألمانية قد توقفه بخلاف ذلك، هذا الخطر مبرر ويجب معالجته».

وبموجب قانون مراقبة الأسلحة، يجب على الحكومة ضمان عدم استخدام الأسلحة لضرب أهداف مدنية؛ وقد تم بالفعل رفع عدد من الدعاوى القضائية لوقف صادرات الأسلحة ضد ألمانيا.

وتصر الحكومة الألمانية على أنه لا توجد إبادةٌ جماعيةٌ تجري في غزة، وعلى الرغم من تأكيدها أنه لا يوجد حظر على الأسلحة ضد إسرائيل، إلا أن الموافقات على مبيعات الأسلحة انخفضت بشكل حاد هذا العام.

فمن يناير (كانون الثاني) إلى 21 أغسطس (آب)، وافقت ألمانيا على صادرات أسلحة بقيمة 14.5 مليون يورو فقط؛ ولم توافق على تصدير أي أسلحة إلى إسرائيل منذ مارس (آذار).

وفي عام 2023، بلغت الموافقات الألمانية على تصدير الأسلحة 326.5 مليون يورو، أي أكثر بعشر مرات من العام السابق.

وقد تمت الموافقة على الكثير من ذلك بعد الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأبلغ شولتس «البوندستاغ»، يوم الخميس، أن عمليات التسليم ستستأنف قريباً، وقال: «لقد قمنا بتزويد إسرائيل بالأسلحة، واتخذنا قرارات داخل الحكومة تضمن المزيد من عمليات التسليم في المستقبل القريب».

وقبل تعليقات شولتس، قدم مسؤول حكومي ألماني كبير سبباً مختلفاً لانخفاض المبيعات إلى إسرائيل، إذ ألقى باللوم على الضغوط الناجمة عن إعادة تجهيز الجيش الألماني، وأن ألمانيا ترسل أسلحة إلى أوكرانيا وأصر على عدم وجود حظر رسمي على الأسلحة.

ويأتي تحذير برلين بعد أن واجهت عدد من الحكومات الأوروبية تحديات قانونية بشأن تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، أو اتخذت قرارات للحد منها.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، إلى وقف تسليم الأسلحة لاستخدامها في غزة، وكرر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز هذه الدعوة يوم الجمعة.

وعلقت المملكة المتحدة بعض مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، بينما أوقفت الولايات المتحدة تسليم نوع واحد من القنابل الثقيلة، ومع ذلك، ساعدت الدولتان إسرائيل في إسقاط الصواريخ الباليستية الإيرانية في وقت سابق من هذا الشهر.

وأعلنت الولايات المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع أنها تنشر نظام دفاع صاروخي متقدم (ثاد) في إسرائيل، إلى جانب عشرات الجنود لتشغيله.

وفي وقت سابق من هذا العام، منعت محكمة هولندية تصدير مكونات مقاتلات «إف - 35» إلى إسرائيل بسبب مخاوف من استخدام الطائرة لضرب أهداف مدنية.