البغداديون يستنشقون روائح كريهة ليلاً... وحالات تسمم في ديالى

الحكومة تأمر بلجنة للتحقيق و«البيئة» تعزو الأمر إلى احتراق «النفط الأسود»

التلوث يغلف سماء بغداد (واع)
التلوث يغلف سماء بغداد (واع)
TT

البغداديون يستنشقون روائح كريهة ليلاً... وحالات تسمم في ديالى

التلوث يغلف سماء بغداد (واع)
التلوث يغلف سماء بغداد (واع)

دفعت الشكاوى المتكررة؛ التي يعلنها سكان العاصمة بغداد منذ أشهر، من استنشاقهم خلال فترات المساء والليل روائح كريهة أشبه بـ«روائح الكبريت»، برئاسة الوزراء إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الموضوع.

وطبقاً لبيان حكومي، فإن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، وجه بـ«تشكيل لجنة متخصصة برئاسة مستشار وزارة البيئة، وعضوية: مستشار وزارة النفط، وممثلين عن وزارة الكهرباء، إلى جانب الوكيل الفني لـ(أمانة بغداد)، ومدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الوسطى».

والهدف من اللجنة «دراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة، وبيان أسبابها ومعالجتها».

وشدد رئيس الوزراء على «وجوب وضع حلول جذرية للمشكلة، ودراسة الأمر من جميع جوانبه، على أن تقدم اللجنة تقريرها الخاص بالموضوع خلال يومين اثنين».

وهذه الاستجابة الأولى التي تقدمها الحكومة لحالة التذمر والشكاوى المتكررة التي تصدر عن البغداديين.

وغطى دخان كثيف برائحة كريهة وخانقة معظم مناطق العاصمة في ساعات الليل وحتى ساعات الفجر من يوم السبت.

ويقول موقع «IQAir»؛ المختص في مراقبة جودة الهواء العالمية، إن العاصمة بغداد تقع ضمن قائمة المدن الأعلى تلوثاً في العالم. وأشار إلى أن «مستويات التلوث في بغداد تجاوزت مدناً مثل لاهور في باكستان، والقاهرة في مصر، ودلهي في الهند، التي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها».

التلوث في بغداد وفق موقع «IQAIR»

وتواجه السلطات العراقية انتقادات كثيرة بالنظر إلى إهمالها الجانب البيئي، خصوصاً في بغداد، حيث تراجعت المناطق الخضراء بشكل كبير نتيجة زحف بناء المجمعات السكنية على البساتين والأراضي الزراعية، وهناك ما لا يقل عن 10 آلاف مولد كهرباء أهلي في جانبي الكرخ والرصافة ببغداد، ومعظمها تستعمل النفط الأسود أو زيت الكاز في عمليات التشغيل؛ مما يضاعف من حالة التلوث في العاصمة.

إلى ذلك، يصنف العراق بشكل عام بين أشد الدول تأثراً بالتغيرات المناخية نتيجة حالة التصحر التي ضربت نسبة عالية من أراضيه وضعف مواسم الشتاء وقلة الأمطار.

وفي وقت سابق، قال الناطق باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، في تصريحات صحافية، إن «هناك مواد قانونية واضحة في قانون حماية وتحسين البيئة تمنع قطع الأشجار المعمرة التي يزيد عمرها على 30 سنة». وأضاف أن «القانون يمنع أيضاً إزالة الغابات أو البساتين وغيرها من المساحات الخضراء».

أسباب التلوث

وأعلنت وزارة البيئة أن الانبعاثات الغازية الضارة والروائح الكريهة التي يستنشقها سكان بغداد، خصوصاً في أوقات متأخرة من الليل، سببها «احتراق النفط الأسود في محطات توليد الطاقة، ومعامل الأسفلت، والطابوق (طوب البناء)، إضافة إلى إضرام النيران في مطامر النفايات غير الصحية بأطراف العاصمة».

وقال الوكيل الفني في الوزارة لشؤون البيئة، جاسم الفلاحي، خلال مؤتمر صحافي عقده الأحد، إن «ارتفاع مؤشرات تلوث الهواء في مدينة بغداد له مسببات».

وأوضح أن «بؤر التلوث تتمثل في محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تستخدم الوقود الثقيل (النفط الأسود) مثل: محطة توليد الكهرباء في الدورة، ومعامل الأسفلت المؤكسد وغير المؤكسد، ومعامل الطابوق المنتشرة في حزام وضواحي بغداد».

وأضاف الفلاحي إلى الأسباب المشار إليها «مواقع تراكم النفايات، والمطمر غير الصحي، خصوصاً مواقع: معسكر الرشيد، والنهروان، والنباعي، والتاجي، بالإضافة إلى ما تتعرض له من حرق عشوائي، خصوصاً خلال الليل».

وتحدث أيضاً عن أسباب أخرى للتلوث، مثل «كور الصهر غير القانونية التي تنتشر بين الأحياء السكنية، والتي تنتج انبعاثات غازية ضارة. مع الأخذ في الحسبان وجود ظواهر طقسية في هذه الأثناء، تتمثل في تغير درجات الحرارة، وتغير اتجاهات الرياح، مع ازدياد معدلات الرطوبة».

وتابع أن «الانبعاثات الضارة التي تظهر على شكل ضباب أو غيوم تحتوي تركيزات مرتفعة من الغازات الضارة؛ منها ثاني أكسيد الكبريت، وغاز الميثان... وغيرهما، مع تداعياتها الصحية المتوقعة».

بدوره، قال مستشار وزارة البيئة، نظير عبود، لـ«وكالة الأنباء العراقية» الرسمية إن «الحكومة عملت منذ أكثر من سنة ونصف على تحسين البيئة؛ حيث تم تأسيس (الشركة العامة لاقتصادات الكربون)؛ هذه الشركة معنية بعملية الخفض (للانبعاثات الضارة) ونقل التكنولوجيا، ووُضعت لها ميزانية بـ10 مليارات دينار».

كانت وزارة البيئية تعرضت، أول من أمس، إلى موجة سخرية وانتقادات لاذعة من مدونين على مواقع التواصل الاجتماعي حين أصدرت بياناً طلبت فيه من المواطنين اتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة للحفاظ على الصحة العامة، وأوصتهم بـ«تقليل الوجود في الهواء الطلق خلال هذه الأوقات (المساء والليل) إذا كانت الروائح مزعجة، وإغلاق النوافذ لضمان جودة الهواء داخل المنازل».

ويعتقد معظم المهتمين بالشأن البيئي أن على الدولة إطلاق حملة واسعة لزرع ملايين الأشجار المعمرة والظليّة إن رغبت فعلاً في تحسين الظروف البيئية بالبلاد.

تسمم بغاز الكلور

من ناحية أخرى، أعلنت دائرة صحة ديالى، الأحد، ارتفاع حصيلة حالات الاختناق إلى 20 بسبب تسرب غاز الكلور من إحدى محطات الإسالة.

وقال مدير إعلام صحة ديالى، فارس العزاوي، في تصريحات صحافية، إن «إجمالي حالات الاختناق، التي سُجلت بسبب تسرب محدود لغاز الكلور في محطة الإسالة المركزية بناحية بني سعد (20 كيلومتراً جنوب غربي بعقوبة) في ساعة متأخرة من مساء يوم أمس، ارتفع إلى 20 حالة؛ بينهم نساء».

حالات تسمم في ديالى (موقع قناة الرشيد)

وأضاف أن «طوارئ مستشفى بعقوبة قدمت العلاجات الضرورية إلى 6 حالات، بينما قُدمت العلاجات اللازمة للباقين بالمركز الصحي في بني سعد». وأشار العزاوي إلى أن «جميع الحالات تماثلت للشفاء وخرجوا إلى منازلهم بعد تلقي الإسعافات الأولية».

وطبقاً للأنباء الواردة من هناك، فإن محطة الإسالة المركزية في ناحية بني سعد شهدت في ساعة متأخرة من مساء يوم أمس تسرباً محدوداً لغاز الكلور، مما أدى إلى تسجيل حالات اختناق للعاملين وفي المناطق القريبة منها.


مقالات ذات صلة

«صمت انتخابي» في كردستان العراق قبل اقتراع عاصف

المشرق العربي ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)

«صمت انتخابي» في كردستان العراق قبل اقتراع عاصف

وصلت الحملات الانتخابية للأحزاب في إقليم كردستان إلى مرحلتها الأخيرة، قبل أن تدخل الخميس في «الصمت الانتخابي».

فاضل النشمي (بغداد)
الولايات المتحدة​ من داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

أميركا تمدد القيود على الرحلات الجوية التجارية في الأجواء العراقية حتى 2027

مددت إدارة الطيران الاتحادية في الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء القيود المفروضة على رحلات الطيران التجارية الأميركية في الأجواء العراقية لثلاث سنوات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي صور وزَّعها «الإطار التنسيقي» لاجتماع عقده في بغداد 14 أكتوبر 2024

«حرب لبنان» تختفي من أجندة «الإطار التنسيقي» العراقي

تجاهل التحالف الشيعي الحاكم الحديث عن مخاطر تورط العراق في حرب إسناد مع «حزب الله» اللبناني، وعاد للانشغال بالملفات السياسية الداخلية.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة عربية فرحة كورية تكررت ثلاث مرات في الشباك العراقية (رويترز)

تصفيات كأس العالم: كوريا الجنوبية تهزم العراق... وتنفرد بالصدارة

أحرزت كوريا الجنوبية هدفين قرب النهاية لتنفرد بصدارة المجموعة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم بفوزها 3-2 على ضيفها العراق.

«الشرق الأوسط» (سول)
المشرق العربي أبو آلاء الولائي (الثاني من اليمين) وهو الأمين العام لجماعة مسلحة تُعرف بـ«كتائب سيد الشهداء» يلقي كلمة تضامناً مع غزة ولبنان في ساحة التحرير ببغداد يوم 11 أكتوبر الحالي (إ.ب.أ)

الفصائل المسلحة تربك خطط العراق لخفض التصعيد في المنطقة

على رغم اللغة الدبلوماسية الهادئة التي تحدث بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال زيارته لبغداد، فإن هذه اللغة لم تنعكس على جبهة الفصائل العراقية المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)

أميركا تعاقب لبنانيين وسوريين يمولون «حزب الله» بالكبتاغون

نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو مع وزير العدل ميريك غارلاند ونائبته ليزا موناكو والنائبة المساعدة نيكول أرجينتيري خلال مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ب)
نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو مع وزير العدل ميريك غارلاند ونائبته ليزا موناكو والنائبة المساعدة نيكول أرجينتيري خلال مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ب)
TT

أميركا تعاقب لبنانيين وسوريين يمولون «حزب الله» بالكبتاغون

نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو مع وزير العدل ميريك غارلاند ونائبته ليزا موناكو والنائبة المساعدة نيكول أرجينتيري خلال مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ب)
نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو مع وزير العدل ميريك غارلاند ونائبته ليزا موناكو والنائبة المساعدة نيكول أرجينتيري خلال مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن (أ.ب)

فرضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، عقوبات جديدة على ثلاثة أفراد وأربع شركات لما قالت إنه لدورهم في شبكة للتهرب من العقوبات الأميركية، والحصول على عائدات لـ«حزب الله» المصنف «جماعة إرهابية» في الولايات المتحدة.

وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان، بأن العقوبات تشمل أيضاً «ثلاثة أفراد متورطين في الإنتاج غير المشروع والاتجار بالكبتاغون»، موضحاً أن «هذا المنشط الخطير والمسبب للإدمان يضر بالمجتمعات والبلدان في كل أنحاء المنطقة وخارجها، وهو مصدر تمويل للنظام السوري وداعميه، بما في ذلك (حزب الله)». وأكد أن «الولايات المتحدة ثابتة في التزامها تعطيل وصول (حزب الله) إلى النظام المالي الدولي وطرقه المختلفة لتوليد الإيرادات، التي تستخدمها المجموعة المدعومة من إيران لتمويل عنفها». وأضاف أن الولايات المتحدة «ستواصل أيضاً استهداف تجارة الكبتاغون غير المشروعة في المنطقة، التي أصبحت مؤسسة غير مشروعة بمليارات الدولارات يديرها جزئياً كبار أعضاء النظام السوري».

وأوضح بيان لوزارة الخزانة الأميركية أن «التحرك استهدف ثلاثة أفراد مرتبطين بالذراع التمويلية لـ(حزب الله) وأربع شركات مقرها لبنان مسجلة لإخفاء روابطها بالجماعة اللبنانية». وأشار إلى أن «الأفراد الثلاثة الضالعين في إنتاج وبيع الأمفيتامين المعروف باسم كبتاغون (...) قدموا تمويلاً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه، بما في ذلك (حزب الله)». وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي سميث، إن التحرك الأميركي «يسلط الضوء على نفوذ (حزب الله) لزعزعة الاستقرار داخل لبنان وفي المنطقة الأوسع».

العقوبات بالأسماء

واستهدفت وزارة الخزانة الأميركية من تسميهم «الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل (حزب الله) التي توفر إيرادات بالغة الأهمية للمنظمة»، وبينهم محمد قاسم البزال ومحمد قصير (الذي قتل أخيراً في غارة إسرائيلية)، علماً بأن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية فرض عقوبات على البزال منذ أعوام. وكشفت أنه «في مواجهة الضغوط المستمرة من هذه العقوبات، استخدم (حزب الله) تكتيكات التهرب من العقوبات مثل نقل ملكية شركات مختلفة إلى زملاء أو أقارب؛ في محاولة لإخفاء اهتمام (حزب الله) بهذه الشركات المدرة للدخل»، لافتة إلى «مسؤولين ماليين إضافيين لـ(حزب الله) متنكرين في هيئة أصحاب أعمال لبنانيين عاديين، بالإضافة إلى العديد من شركاتهم». وسمى سيلفانا عطوي التي تعمل سكرتيرة لمسؤول فريق التمويل لدى البزال وشركات مرتبطة به، مثل شركة «ألوميكس ش.م.ل»، التي فرضت عليها عقوبات عام 2019 وشركة «كونسيبتو سكرين ش.م.ل أوفشور».

كما تشمل العقوبات حيدر حسام الدين عبد الغفار الذي وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه «مسؤول فريق التمويل لـ(حزب الله)، والمالك القانوني لشركة غلوبال ترايدلاين اللبنانية التي تعمل في استيراد المنتجات الغذائية إلى لبنان وإعادة تسميتها وبيعها لتوليد الأرباح لـ(حزب الله)». وأضافت أن «غفار يدير أو يتحكم بشركة ليبان وي لإنتاج الألبان ضمن شبكة فريق التمويل لـ(حزب الله)»، وكذلك حسام حمادة الذي وصفته بأنه «رجل أعمال وشريك في فريق تمويل (حزب الله)».

وسمّت الخزانة خلدون حمية باعتباره «تاجر مخدرات مقيماً في لبنان وله علاقات بـ(حزب الله) والفرقة الرابعة في الجيش السوري»، مضيفة أنه «المسيطر على معامل الكبتاغون في السيدة زينب السورية». كما أنه «في تأمين مرور آمن لعائدات بيع الكبتاغون إلى مكتب غسان بلال، وهو مستشار رئيسي لماهر الأسد، شقيق بشار الأسد».

وأدرج في العقوبات أيضاً المواطن السوري راجي فلحوط باعتباره «زعيم عصابة عملت مع مديرية المخابرات العسكرية السورية و(حزب الله)» ورجل الأعمال عبد اللطيف حميدي الذي يملك مصنع لفافات ورق في حلب والذي عمل كشركة واجهة للاتجار بالكبتاغون.