وجدت معظم الدوائر الرسمية والخدمية العراقية نفسها أمام حرج شديد، جراء كمية الأمطار التي هطلت خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، وتسبّبت في غرق كثير من الأحياء والشوارع، خصوصاً في العاصمة بغداد، ما عرّض السلطات إلى انتقادات شعبية واسعة، نتيجة تراجع الخدمات البلدية، وتهالك البنى التحتية.
ورغم أن موجة الأمطار المبكرة أحيت الآمال للاحتفاء بموسم زراعي غزير، بعد نحو 4 مواسم من الجفاف والشح، فإن تواضع قدرة السلطات على مواجهة موسم الغزارة وما تسببه من فيضانات وسيول يُثير مخاوف السكان وقلقهم.
ووجّه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، السبت، بالشروع الفوري في إغاثة متضرري السيول والأمطار في محافظات شمال وغرب العراق.
وقال بيان حكومي: «إن السوداني وجّه المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث في وزارة الداخلية بالشروع الفوري في إغاثة متضرري السيول والأمطار بمحافظات شمال وغرب العراق، والتنسيق بحشد جهود التشكيلات العسكرية والمدنية والقدرات الهندسية، وتقديم كل المساعدة والعون اللازمين للأهالي بالسرعة المطلوبة».
وفي حين تتذرّع السلطات المحلية والاتحادية بأن البنى الموروثة لا تتناسب مع حجم الأمطار التي تهطل بغزارة، ولا مع حجم الزيادات السكانية والحضرية التي تنامت خلال العقدين الأخيرين، يوجّه المنتقدون والمعارضون جام غضبهم على عمليات الفساد والهدر وسوء الإدارة التي عطّلت معظم مشروعات البنى التحتية.
ومع استمرار غرق أحياء غير قليلة في بغداد وبقية المحافظات، تأتي تحذيرات الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، من استمرار هطول الأمطار والسيول، لتضيف مزيداً من مشاعر القلق لدى السكان.
وقالت الهيئة في بيان، الأحد: «إنه بالنسبة للمحافظات الشرقية (ديالى، واسط، ميسان) يستمر تساقط الأمطار عليها، وتكون متوسطة الشدة مع حدوث عواصف رعدية».
ويستمر هطول الأمطار على المناطق الشمالية، وفق البيان «وتكون شدتها متوسطة إلى غزيرة في أماكن متعددة منها، مع حدوث عواصف رعدية ونشاط في الرياح السطحية تصل شدتها إلى أكثر من 50 كيلومتراً، ونحذر من حدوث السيول، خصوصاً في المناطق القريبة من الحدود الشرقية والشمالية للبلاد».
وحيال عدم قدرتها على مواجهة كميات الأمطار الغزيرة التي هطلت، تلجأ السلطات الاتحادية والمحلية إلى إجراء تعطيل الدوام الرسمي، خصوصاً في المدارس الابتدائية والثانوية، لعدم قدرة الطلبة على الوصول إلى مدارسهم، وفي بعض المحافظات تقوم بتعطيل الدوام الرسمي في معظم مؤسسات ودوائر الدولة.
كما قامت الحكومة الاتحادية بالاستعانة بخدمات القوات العسكرية والأمنية لمواجهة خطر الأمطار الغزيرة والسيول.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة الشروع في إغاثة متضرري السيول والأمطار بمحافظات شمال وغرب العراق.
وقالت قيادة العمليات المشتركة في بيان، الأحد، «إنها انخرطت، بناءً على توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، بالشروع الفوري في إغاثة متضرري السيول والأمطار في محافظات شمال وغرب العراق، وبالتنسيق في حشد جهود التشكيلات العسكرية والمدنية والقدرات الهندسية، وتقديم كل المساعدة والعون اللازمين للأهالي بالسرعة المطلوبة».
وذكرت «القيادة 10» إجراءات فورية لمواجهة أزمة السيول والفيضانات، من ضمنها «فتح مقرات مسيطرة لقيادات العمليات وقيادات شرطة المحافظات غير المرتبطة بقيادة عمليات للتنسيق مع المحافظين ومديريات البلديات والطرق والجسور في المحافظة». إلى جانب «تحشيد جميع الجهود والكوادر الخدمية والهندسية لإغاثة القرى والممتلكات العامة والخاصة المتضررة جراء السيول والأمطار، وإعداد الخطط السريعة الخاصة بالإخلاء والإنقاذ، وفتح الطرق وتحديد الطرق البديلة».
كما تحدثت عن أنها قامت بـ«التنسيق مع دوائر وزارات (النفط - الكهرباء - الأعمار والإسكان - الموارد المائية - مديريات الطرق والجسور - الدفاع المدني) وجميع الدوائر ذات العلاقة حول اتخاذ الإجراءات، للحفاظ على البنى التحتية والتقليل من الأضرار الناجمة عن الفيضانات والسيول وتصريف مياه الأمطار». وكذلك قيامها بـ«إجراء عمليات الإخلاء الفوري للعوائل المتضررة، باستخدام جميع الوسائل المتيسرة كأسبقية أولى في حالات حدوث السيول والفيضانات».
وذكر بيان العمليات المشتركة أنها قامت بـ«تهيئة كل معدات الجهد الهندسي اللازم (المعدات الهندسية) وانفتاحها بالمواقع التي تشهد هطول أمطار غزيرة، وفيها سيول تؤثر على البنية التحتية والمواطنين، ومتابعة المواقع والنقاط والأبنية البعيدة والواقعة على خط السيول وإجراء اللازم بصددها».
كما قامت، وفق البيان، بـ«حماية ملاجئ الأعتدة والمشاجب والمستودعات والمواقع الحيوية من الفيضانات، وتحديد حركة العجلات المدنية والعسكرية في الوديان والمناطق التي تشهد سيولاً شديدة وعالية».
ودخل جهاز الأمن الوطني، على خط الأزمة، وقال في بيان، الأحد: «إن رئيسه وجّه جميع تشكيلات الجهاز بالتحرك الفوري لإغاثة المتضررين من السيول والأمطار في كل المحافظات».
وأضاف: «أنه وجّه أيضاً بتكثيف التنسيق مع الجهات الخدمية، وحشد كل القدرات الهندسية والخدمية اللازمة لتقديم الدعم الكامل للأهالي بأقصى سرعة ممكنة».
فوائد المطر
ورغم المخاوف من أضرار السيول والفيضانات، أعلن وزير الموارد المائية، عون ذياب، الأحد، عن تحقيق نسبة عالية من الرية الأولى لمحصولي الحنطة والشعير، بفعل موجة الأمطار الأخيرة التي شهدتها البلاد، وهو الأمر الذي لم يحدث في السنوات الأربع الماضية، وكانت الحكومة تضطر إلى استخدام مخزونها المائي لتدبير الرية الأولى للمحصولين الاستراتيجيين.
وقال ذياب في بيان: «إن موجة الأمطار الأخيرة التي شهدتها البلاد حققت نسبة عالية من الرية الأولى لمحصولي الحنطة والشعير، والأمطار والسيول التي سقطت في المنطقة الغربية ستتم الاستفادة منها بتعزيز نهر الفرات».
وتابع: «أما الأمطار التي سقطت شمال وشرق البلاد فستسهم في رفد نهر دجلة وتفرعاته بالمياه، إضافة إلى توجيه ما يسقط من أمطار في المناطق الواقعة بمقدم السدود إلى خزانات السدود، لبناء خزن مائي لمواجهة احتياجاتنا في فصل الصيف المقبل».
وأضاف: «سيتم توجيه جزء من هذه المياه باتجاه الأهوار الوسطى والشرقية التي عانت خلال العامين الماضيين من الجفاف»، مبيناً أن «موجة الأمطار لها أثر إيجابي على الخزن المائي والأهوار والخطة الزراعية للموسم الشتوي الحالي».