بغداد ترهن «كبح الفصائل» بوقف التصعيد الإقليمي

«كتائب حزب الله» تكرر التهديد بـ«حرب الطاقة»

أرشيفية لمسيرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمسيرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
TT

بغداد ترهن «كبح الفصائل» بوقف التصعيد الإقليمي

أرشيفية لمسيرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمسيرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

يواصل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني جهوده لمنع مشاركة فصائل مسلحة في «حرب إسناد في لبنان، لكن مصدراً حكومياً قال إن ذلك يرتبط أساساً بالجهود الدولية لوقف التصعيد في لبنان وغزة.

وبينما كان السوداني يجري لقاءات مع سفراء غربيين خلال اليومين الماضيين، كررت «كتائب حزب الله» تهديدها بما أسمته «حرب الطاقة» في حال شنت إسرائيل ضربة على إيران.

وقال مصدر حكومي عراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «لقاءات أجراها السوداني مع سفراء أجانب ومبعوثين دوليين، ومنهم سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، كانت تهدف إلى وقف الحرب في فلسطين ولبنان، قبل كل شيء».

وأضاف المصدر أن «الحكومة تبذل جهوداً كبيرة لمنع تورط أي جهة في حرب إسناد، وهي تنجح في ذلك إلى حد كبير، لكن السوداني على يقين بأن هذا الجهد مرتبط بالتوازي بخطوات دولية لوقف الحرب وتثبيت الاستقرار في المنطقة».

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

وقف الحرب

وكان السوداني قد استقبل على انفراد سفراء عدد من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بعد أن أجرى لقاءات مع السفيرة الأميركية في بغداد إلينا رومانسكي، رفقة وفد من مجلس النواب الأميركي.

وأبلغ السوداني السفير الصيني لدى العراق أن «عواقب استمرار إسرائيل بارتكاب جرائمها الوحشية بحق المدنيين العزل في غزّة ولبنان ستكون وخيمة على المنطقة».

وشدد السوداني، وفق بيان صحافي، على «ضرورة أن يكون هناك دور جادّ ومسؤول للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، من أجل وقف الحرب، والحدّ من توسعة نطاق الحرب، وتهديد أمن المنطقة والعالم».

وفي لقائه السفير الروسي في بغداد البروس كوتراشيف، دعا السوداني إلى «موقف ودور فاعل للدول الكبرى المؤثرة في مجلس الأمن الدولي، لإجبار إسرائيل على إيقاف حربها وجرائمها التي ترتكبها، ولوقف سعيه إلى دفع المنطقة نحو حرب شاملة من شأنها أن تهدد أمن العالم ومصالحه في المنطقة».

سيدة لبنانية مع ابنها تتلقى العلاج في أحد المراكز العراقية التي فتحت أخيراً لاستضافة اللاجئين (إ.ب.أ)

«الكتائب» تهدد

في سياق آخر، جددت «كتائب حزب الله» تهديدها بما أسمته «حرب الطاقة» في حال شنت إسرائيل ضربة على إيران، مؤكدة أنها سوف «تحرم العالم من ملايين براميل النفط يومياً في حال نشبت حرب الطاقة».

وكتب أبو علي العسكري، المتحدث باسم الكتائب في منصة «إكس»، إن «أي استهداف ضد بلدنا العراق، أو استعمال أرضه وسمائه لاستهداف إيران، فإن رد الكتائب لن يكون مقتصراً على الكيان، بل سيبطش بقواعد ومعسكرات ومصالح أميركا في العراق والمنطقة».

وأضاف العسكري: «في المبدأ، لا نبدأ حرب الطاقة، ولكن إذا بدأت فإن العالم سيفقد 12 مليون برميل نفط يومياً، وهذا ما سنتكفل به، أما ما سيفعله اليمنيون في باب المندب، والإيرانيون في مضيق هرمز فالله أعلم به».

وجدد العسكري هجومه على عدد من دول عربية، رغم أن الحكومة العراقية أعلنت في بيان رسمي رفضها لما أسمته «تخوين الأشقاء».

من جهتها، أعلنت ما تطلق على نفسها «الفصائل الإسلامية» في العراق أنها هاجمت «هدفاً حيوياً» في إيلات بإسرائيل بواسطة الطيران المُسيَّر.

وأكدت في بيان أصدرته في وقت مبكر، الجمعة، أن الهجوم جاء «ردّاً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ». كما أكدت استمرار العمليات في «دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة».


مقالات ذات صلة

«صوت حاسم ومؤثر»... واشنطن ترفض «الإساءة» للسيستاني

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يلتقي وفداً أميركياً في بغداد الخميس (إعلام حكومي)

«صوت حاسم ومؤثر»... واشنطن ترفض «الإساءة» للسيستاني

علّقت السفارة الأميركية في بغداد على الجدل الذي رافق نشر قناة إسرائيلية صورة للمرجع الديني علي السيستاني، ضمن قائمة شخصيات فيما يُعرف بـ«محور المقاومة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرتها وزارة الهجرة لاستقبال 452 لبنانياً في منفذ القائم الحدودي مع سوريا

العراق: لا توطين للاجئين لبنانيين

قدّرت وزارة الهجرة العراقية وصول نحو 7 آلاف لاجئ لبناني إلى الأراضي العراقية، هرباً من الحرب الدائرة هناك، ونفت نية العراق «توطينهم» في البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
العالم خلال إقلاع طائرة تابعة لشركة «إير فرنس» الفرنسية (رويترز - أرشيفية)

شركة «إير فرنس» تحقق في تحليق طائرة فوق العراق خلال هجوم إيراني على إسرائيل

قالت شركة «إير فرنس»، الأربعاء، إنها فتحت تحقيقاً داخلياً بعد أن حلقت إحدى طائراتها فوق العراق في أول أكتوبر (تشرين الأول)، خلال هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

الحكومة العراقية ترفض «الإساءة الإسرائيلية» إلى السيستاني

قالت الحكومة العراقية، الأربعاء، إنها ترفض بشدة الإساءة إلى المرجع الديني علي السيستاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي دائرة الهجرة في صلاح الدين تسجّل وصول لبنانيين إلى المحافظة (إعلام حكومي)

العراق يستقبل 7 آلاف لبناني... والهجرة تنفي مزاعم «التوطين»

قدّرت وزارة الهجرة العراقية وصول نحو 7 آلاف مواطن لبناني إلى الأراضي العراقية هرباً من الحرب الدائرة هناك.

فاضل النشمي (بغداد)

حرب الانبعاث أم حرب القيامة؟

الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

حرب الانبعاث أم حرب القيامة؟

الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)

أخطأ العرب الذين ترجموا تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول نيته تغيير اسم الحرب الحالية من «السيوف الحديدية»، إلى «حرب هتكوما». لكن الخطأ يمكنه أن يجعل التسمية الخاطئة صحيحة، من دون أن يقصد الإسرائيليون ذلك.

فقد استخدم نتنياهو كلمة «تكوما» العبرية، وهي تعني بالعربية «انبعاث» وتعني أيضاً «قيامة». لكنه قصد منها «الانبعاث»؛ لأنه كان يتحدث في مستهل جلسة حكومته عن الإنجازات التي حققها جيشه في الحرب على غزة بشكل عام (تدمير 90 في المائة من قوة «حماس» العسكرية)، وفي لبنان بشكل خاص (الاختراق الأمني الكبير والاغتيالات التي طالت نحو 500 شخصية قيادية بارزة، بلغت أوجها باغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله»، وغالبية قيادات الصف الأول الأخرى). وما أراد قوله إنه في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فشلت إسرائيل في صد هجوم «حماس»، ولكنها في 7 أكتوبر التالي، يمكن القول إنها نهضت من جديد وردت على الهجوم. فإذا كان هناك من تخيل أن إسرائيل انهارت، فإنها انبعثت من جديد.

وقد عبر عن ذلك قائلاً: «هذه هي حرب الانبعاث لضمان عدم تكرار السابع من أكتوبر. هذه حرب من أجل وجودنا. فعلى عكس ما حدث في أثناء الهولوكوست، لقد انتفضنا ضد أعدائنا لخوض حرب شرسة».

والقيامة هي العكس والنقيض للانبعاث؛ لأنها في المفهوم الديني تعني آخر أيام الكون، «يوم القيامة». وكما هو معروف، فإن الكثيرين من الخبراء، وبينهم إسرائيليون أيضاً، يحذرون من أنه في حال استمرار القيادات الإسرائيلية في سياسة التفوق العرقي والعجرفة والتكبر والاعتقاد بأنهم قادرون على كل شيء، وإذا لم يعرفوا ويقتنعوا بأن هناك حدوداً لمفهوم القوة، فإن الحرب ستنتهي بكارثة قومية على إسرائيل. فيكون فعلاً يوم القيامة.

جنود إسرائيليون في الجليل الأعلى قرب الحدود مع لبنان يوم الخميس (أ.ف.ب)

إلا أن هذا النقاش حول تسمية الحرب جاء ضمن الحرب الخفية التي تدور وتستعر بين نتنياهو وقيادة الجيش وبقية الأجهزة الأمنية. فالجيش هو الذي اختار تسمية الحرب على غزة باسم «السيوف الحديدية»، وقصد بذلك أن الرد الإسرائيلي على هجوم «حماس» سيكون بالسيوف الحديدية التي تقطع الرؤوس؛ أي شرسة ووحشية. وهي كانت كذلك فعلاً. ومثل هذه الوحشية لم تعرف في حروب سابقة في العصر الحديث، لكن نتنياهو أراد أن يظهر أن هجوم «حماس» أمسك بإسرائيل في لحظة ضعف وانهيار، بسبب إخفاقات الجيش، وأنه بقيادته القوية يوقف إسرائيل على أقدامها، ينهضها، ويعيد إليها الانبعاث. وكان الكثير من نشطاء اليمين قد سخروا في حينه من تسمية الجيش للحرب، وتهكموا عليهم قائلين: «يجب تسمية الحرب بسيقان دجاجة».

ولكن اللافت في هذه المعركة إلى الأسماء ما يحتويها من إشارات بشأن طريقة إطلاق التسميات على الحروب والعمليات الحربية. فهذه التسميات متنوعة، لكنها تستند لشيء؛ قسم منها سياسي، مثل حرب 1948، التي تسمى في إسرائيل حرب الاستقلال. أو «حرب الأيام الستة» في 1967؛ لأنها هزمت الجيوش العربية بستة أيام، أو حرب «يوم الغفران»؛ كونها وقعت في يوم الغفران، وهو يوم صوم وتسبيح وتسامح. أو حرب لبنان الأولى سنة 1982، التي سُميت «سلامة الجليل».

أسلحة وذخائر قال الجيش الإسرائيلي إنه صادرها خلال عملياته في جنوب لبنان يوم الأربعاء (رويترز)

لكن هناك تسميات تستند إلى مفاهيم دينية من التوراة أو التاريخ اليهودي. حتى الحرب على غزة، لها تفسير ديني ليس رائجاً بشكل واسع في الشارع، لكنه منتشر في المجتمع الديني فيقول إن «السيوف الحديدية» (حرفوت برزيل)، تساوي كلمة «راحيل» من حيث التناسب الرقمي. ففي اللغة العبرية يتم تحويل الأحرف إلى أرقام. «برزيل» تساوي الرقم 239 و«راحيل» تساوي الرقم 238، فإذا أضيف إليها اسم الله تصبح 239. وراحيل هو اسم قديسة يهودية، ضريحها مشهور على مدخل مدينة بيت لحم الفلسطينية. وهي معروفة كأم رحوم. وفي أحد الاجتياحات لقطاع غزة، سنة 2014، روى جنود يهود متدينون أنهم شاهدوها تطل عليهم من غزة وسط زنار نور بهيج، وتباركهم وتبشرهم بالانتصار دائماً على غزة. ولذلك يشكرون الجيش الذي اختار هذا الاسم للحرب.

وقد شهدت تسميات الجيش الإسرائيلي بشكل عام اعتماداً غير قليل على التعابير والمفاهيم الدينية. بحسب بحث أجرته د. داليا جبرئيلي نوري في جامعة «بار إيلان» قرب تل أبيب، فإنه من مجموع 81 عملية حربية قامت بها إسرائيل ضد جيرانها العرب، استند الثلث إلى التوراة، والثلث إلى الطبيعة، والثلث إلى السياسة. الاعتماد على الطبيعة كان يهدف إلى إعطاء طابع إيجابي لعملية وحشية جداً، مثل اسم عملية «ربيع الشباب» الذي أعطى للهجوم الذي نفذته قوة الكوماندوز بقيادة إيهود باراك على 13 موقعاً في بيروت سنة 1973، والتي تم فيها اغتيال كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار.

وفي اعتماد السياسة، اختير اسم «الرصاص المصبوب»، للإشارة إلى أن إسرائيل صامدة في وجه الانتقادات الدولية كالرصاص.

وفي اعتماد الأسس الدينية يذكر اسم «عامود عنان»، التعبير الذي يشير إلى أن الله رافق اليهود في خروجهم من مصر بعامود نور في السماء.

وكان لافتاً أن حركة «حماس»، بالذات، انتهجت تسميات مشابهة في عملياتها، تلك التي بادرت إليها هي بنفسها أو التي بادرت إليها إسرائيل. فقد أطلقت على هجومها في 7 أكتوبر «طوفان الأقصى». والعملية التي أسمتها إسرائيل «الرصاص المصبوب»، سنة 2008، أسمتها حركة «حماس» باسمها «حرب الفرقان». وعملية «عمود عنان» في 2012 ضد غزة، أسمتها الحركة «حجارة السجيل»، في إشارة لحجارة سجيل التي سقطت على أبرهة الحبشي وجيشه الذي جاء ليهدم الكعبة، والتي ذُكرت في القرآن في سورة «الفيل». وعملية «الجرف الصامد» الإسرائيلية ضد غزة، في 2014 أسمتها الحركة «العصف المأكول»، أيضاً من سورة «الفيل». وعملية «حارس الأسوار»، في 2021، أطلقت عليها «حماس» اسم «سيف القدس».