إنذار إسرائيلي يُبعد صيادي صيدا اللبنانية عن البحر... ويقطع أرزاقهم

صيادون يقفون بالقرب من شبكات الصيد في مدينة صيدا الساحلية بجنوب لبنان 8 أكتوبر 2024 (رويترز)
صيادون يقفون بالقرب من شبكات الصيد في مدينة صيدا الساحلية بجنوب لبنان 8 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

إنذار إسرائيلي يُبعد صيادي صيدا اللبنانية عن البحر... ويقطع أرزاقهم

صيادون يقفون بالقرب من شبكات الصيد في مدينة صيدا الساحلية بجنوب لبنان 8 أكتوبر 2024 (رويترز)
صيادون يقفون بالقرب من شبكات الصيد في مدينة صيدا الساحلية بجنوب لبنان 8 أكتوبر 2024 (رويترز)

في مدينة صيدا بجنوب لبنان، لم تخرج المراكب فجر الثلاثاء إلى البحر لصيد السمك الذي يشكل مصدر رزق مئات العائلات، بعدما أنذر الجيش الإسرائيلي السكان بالابتعاد عن المنطقة البحرية «حتى إشعار آخر».

من سوق السمك في المدينة المطلة على البحر المتوسط، قال محمّد بيضاوي، عضو نقابة صيادي الأسماك في صيدا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أُبلغنا بشكل رسمي بعدم الإبحار من قبل الجيش اللبناني، ممنوع خروج أي بحار»، منذ التاسعة من مساء الاثنين.

وأضاف، وسط السوق التي افتقدت زحمتها الاعتيادية: «نحن ملتزمون بالقرار، والسوق مفتوحة لتفريغ ما تبقى من سمك ثم يتم إغلاقها»، مبدياً خشيته على مستقبل مئات العائلات التي تؤمّن قوتها اليومي من الصيد إذا ما طالت المحنة.

وأفاد صيادون آخرون «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الجيش اللبناني أُبلغهم بأن من يريد الإبحار منهم، فسيكون ذلك على مسؤوليته الخاصة.

وفي بلد يشهد انهياراً اقتصادياً غير مسبوق منذ عام 2019، تأتي المحنة لتفاقم معاناة الصيادين.

وقال بيضاوي إن «وضع البحّارة تعيس حتى قبل إغلاق السوق»، موضحاً أن نحو 400 عائلة في المنطقة تعتاش من صيد السمك أي «5 آلاف إلى 6 آلاف شخص».

وأضاف: «سيسوء الوضع إذا توقفنا عن العمل. من سيساعد البحارة؟ ومن سيقدم لهم الطعام والحليب للأطفال؟ لا أحد يهتم لحالنا».

منذ مساء الاثنين، سارع عدد من الصيادين إلى نقل مراكبهم من ميناء صيدا إلى مناطق في شمال الأولي، كما أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية، ليتمكنوا من مزاولة عملهم.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، مساء الاثنين، إنه سيعمل «في الوقت القريب بالمنطقة البحرية ضد أنشطة (حزب الله)». وتوجّه للصيّادين ورواد الشاطئ بالقول: «من أجل سلامتكم، امتنعوا عن الوجود في البحر أو على الشاطئ من الآن وحتى إشعار آخر».

وحذّر من أن «الوجود على الشاطئ وتحركات القوارب في منطقة خط نهر الأولي جنوباً يشكّلان خطراً على حياتكم».

يصبّ نهر الأولي في مدينة صيدا على مسافة نحو 60 كيلومتراً شمال الحدود بين لبنان وإسرائيل.

صيادون يتجمعون بالقرب من قوارب الصيد في مدينة صيدا الساحلية بجنوب لبنان 8 أكتوبر 2024 (رويترز)

«لا نعمل، لا نأكل»

في سوق السمك المركزية حيث كانت ترتفع أصوات الباعة وتُعرض أنواع عدة من السمك الطازج، بدت الحركة خفيفة.

وقال أحد الباعة إن الجيش أعاد الصيادين الذين أبحروا ليلاً مع الغلة التي كانوا قد جمعوها.

ويثير هذا التوقّف قلق الصياد عصام حبوش على مصير عائلته. يشاهد الرجل حزيناً المراكب الراسية على الشاطئ، الواحد قرب الآخر.

وقال الرجل وهو يقف قرب مركبه: «أصبحنا مثلنا مثل المهجّرين داخل البلد، هناك مساعدات كثيرة تأتي من خارج البلاد، لينظروا في أمرنا قليلاً».

تسبّبت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» وتكثيف إسرائيل قصفها على مناطق واسعة في جنوب وشرق لبنان وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، بتهجير أكثر من 1.2 مليون شخص من بيوتهم، منهم من فقد منزله، واحتمى في مراكز إيواء، بينما استأجر آخرون بيوتاً أو قطنوا لدى أقاربهم، أو لجأوا إلى الشارع.

وأضاف: «طبيعة عملنا (تفرض أن) نعيش كل يوم بيومه. عندما لا نعمل، لا نأكل».

وبحسرة، شاطره الصياد حمزة سنبل المخاوف نفسها، وقال حزيناً: «أصبحنا بلا عمل».

الصياد توفيق خوري (63 عاماً) يقوم بتصفية السردين الذي تم اصطياده حديثاً في قاربه بمدينة صور الساحلية في لبنان إلى الجنوب من مدينة صيدا 27 أكتوبر 2023 (رويترز)

لا مراكب

تصطاد قوارب الصيادين في لبنان بين 3 آلاف إلى 3500 طن من الأسماك سنوياً، حسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) يعود لعام 2021.

من جانبه، قال مدرب الغوص مروان حريري (47 عاماً): «منذ الأمس وأنا محبط ومكتئب» بسبب التحذيرات الإسرائيلية.

خسر حريري 70 في المائة من طلابه خلال العام الماضي، الذي شهد تبادلاً لإطلاق النار عبر الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل.

واستعاض مؤخراً عن الدروس بالخروج بمركبه الصغير لصيد الأسماك. وشكّل ذلك له «متنفساً مع توقّف العمل، بل مصدر دخل إضافياً».

قبل أن ينشر الجيش الإسرائيلي تحذيره، الاثنين، كان حريري قد جنى 56 دولاراً من بيع السمك الذي اصطاده.

ورغم الأجواء المواتية للصيد صباحاً، قال: «هذا الصباح لم يعد أي مركب، إنه لأمر محزن».

وأضاف: «تأثرت من أجل الصيادين، يحزن المرء على حالهم».


مقالات ذات صلة

بتحديها الحرب... شركة «طيران الشرق الأوسط» مصدر فخر اللبنانيين

المشرق العربي طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما شوهدت من سن الفيل لبنان 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

بتحديها الحرب... شركة «طيران الشرق الأوسط» مصدر فخر اللبنانيين

بقيت شركة «طيران الشرق الأوسط» الوطنية الناقل الجوي الوحيد الذي يربط مطار بيروت بالعالم، رغم الغارات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي علَم «حزب الله» بالقرب من موقع متضرّر في أعقاب الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 8 أكتوبر 2024 (رويترز)

واشنطن: دعوة «حزب الله» لوقف إطلاق النار تُظهر أنه في موقف دفاعي

قالت وزارة الخارجية الأميركية: «إن دعوة (حزب الله) لوقف إطلاق النار، الثلاثاء، تُظهر أن الجماعة المسلحة أصبحت في موقف دفاعي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي (واس)

وزيرا الدفاع السعودي والأميركي يناقشان جهود خفض التصعيد بالمنطقة

بحث وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع نظيره الأميركي لويد أوستن، في اتصال هاتفي، التطورات الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة لخفض التصعيد بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية مقاتلة إسرائيلية من طراز «إف 35» تحلّق جنوب إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

هل تنفذ إسرائيل ضربة مفاجئة لإيران بعد «نجاحها» مع «حزب الله»؟

في ظل التوترات بالشرق الأوسط، يسعى المسؤولون إلى تحديد أهداف الضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، خاصة بعد تراجع واشنطن عن دعوات ضبط النفس عقب هجوم إيران.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مسافرون قادمون من لبنان يسيرون عند معبر جديدة يابوس الحدودي في جنوب غربي سوريا (أ.ف.ب)

هرباً من الحرب... لبنانيون يلجأون إلى البحر والبر بديلاً عن رحلات جوية «خطرة ومكتظة»

وسط حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأجواء في لبنان، تبرُز مشكلة يواجهها الأشخاص الذين يبحثون عن سُبل لمغادرة البلاد هرباً من الحرب.

تمارا جمال الدين (بيروت)

«دمار هائل» جراء سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارة إسرائيلية في 8 أكتوبر 2024 (رويترز)
الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارة إسرائيلية في 8 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

«دمار هائل» جراء سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارة إسرائيلية في 8 أكتوبر 2024 (رويترز)
الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارة إسرائيلية في 8 أكتوبر 2024 (رويترز)

أفاد الإعلام الرسمي اللبناني، الثلاثاء، بتعرض الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الأساسي لـ«حزب الله»، لسلسلة غارات إسرائيلية أدت إلى «دمار هائل»، بعدما كانت إسرائيل حذّرت سكان الأحياء المستهدفة بوجوب الإخلاء، فيما قالت وزارة الصحة اللبنانية إن 36 شخصا قتلوا وأصيب 150 آخرون في هجمات إسرائيلية في أنحاء لبنان أمس الاثنين.

وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، مساء الثلاثاء: «لا تزال الضاحية الجنوبية لبيروت تتعرض لسلسلة غارات، كان آخرها عند نزلة الكفاءات، وقد تسببت بدمار هائل، ولا سيما برج البراجنة والكفاءات والليلكي»، وهي مناطق أفادت بيانات سابقة بتعرضها لغارات إسرائيلية، فيما تتواصل منذ 23 سبتمبر (أيلول) حملة القصف الجوي، التي تقول إسرائيل إنها تستهدف بنى تحتية ومنشآت لـ«حزب الله».

وافادت الوكالة في وقت لاحق بـ«انهيار أربعة مبان سكنية متلاصقة في منطقة برج البراجنة إثر الغارة الاسرائيلية الأخيرة»، دون أن توضح ما إذا سقط ضحايا من جراء الهجوم.في الأسبوع الماضي، اغتالت إسرائيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله في قصف على حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، وهي منطقة مكتظة فرّ قسم كبير من سكانها بسبب القصف الإسرائيلي المكثف.ومذاك الحين، تشهد المنطقة غارات إسرائيلية عنيفة يتردد صدها في أرجاء العاصمة اللبنانية.