دمشق تفتح حدودها للنازحين بيد وتطلب المساعدات باليد الأخرى

توقف المعابر يعمق المعاناة المعيشية للسوريين

سوريون ولبنانيون فرُّوا من القصف الإسرائيلي بلبنان يساعدون رجلاً أثناء سيرهم باتجاه معبر المصنع الحدودي الأحد (إ.ب.أ)
سوريون ولبنانيون فرُّوا من القصف الإسرائيلي بلبنان يساعدون رجلاً أثناء سيرهم باتجاه معبر المصنع الحدودي الأحد (إ.ب.أ)
TT

دمشق تفتح حدودها للنازحين بيد وتطلب المساعدات باليد الأخرى

سوريون ولبنانيون فرُّوا من القصف الإسرائيلي بلبنان يساعدون رجلاً أثناء سيرهم باتجاه معبر المصنع الحدودي الأحد (إ.ب.أ)
سوريون ولبنانيون فرُّوا من القصف الإسرائيلي بلبنان يساعدون رجلاً أثناء سيرهم باتجاه معبر المصنع الحدودي الأحد (إ.ب.أ)

رغم محاولات دمشق تحييد نفسها عن التصعيد الإسرائيلي ضد «حزب الله» في لبنان، فإنها تجد نفسها منخرطة في تحمل أعباء تداعيات نزوح مئات الآلاف نحو أراضيها، في وقت تعجز فيه عن إيجاد مخارج للأزمات الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يعانيها السوريون؛ ما يجعل طلب المساعدات أحد الملفات الأساسية التي تبحثها دمشق مع ضيوفها من الدبلوماسيين الدوليين والحلفاء، لا سيما الحليف الإيراني، كأحد الأطراف المعنية بشكل مباشر بالتصعيد الإسرائيلي في المنطقة.

وقالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط»، إن دمشق بعد سنوات من المماطلة في حل مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان، وعرقلة عودتهم بزعم تهالك البنى التحتية وتردي الخدمات والوضع الاقتصادي، تضطر اليوم إلى فتح حدودها لاستقبالهم، والمطالبة بمساعدات لتأمين احتياجاتهم.

محافظ الرقة يتفقد أحوال القادمين من لبنان عند معبر صفيان أثناء توزيع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين المساعدات بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري (مواقع)

وتفيد الأرقام الرسمية بتفوق أعداد العائدين السوريين على نظرائهم من اللبنانيين الوافدين، حيث بلغ عدد السوريين 226 ألف شخص مقابل 82 ألف لبناني، منذ بدء التصعيد، منهم 5700 عائد و3155 وافداً دخلوا السبت بعد ضرب معبر المصنع - جديدة يابوس والمعابر غير الشرعية في ريف حمص الغربي.

وقالت عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة ريف دمشق، آلاء الشيخ، إن نحو 195 ألف شخص دخلوا من معبر المصنع - جديدة يابوس بينهم نحو 154 ألف سوري و41 ألف لبناني.

وتقدر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين احتياج سوريا من المساعدات، بنحو 460 مليون دولار، لكن نتيجة النقص الحاد في التمويل الذي تعانيه المفوضية، لم تحصل سوريا سوى على 27 في المائة من حجم الاحتياج.

رئيس الوزراء السوري غازي الجلالي مستقبلاً وزير خارجية إيران عباس عراقجي في دمشق السبت (إ.ب.أ)

وبحث رئيس مجلس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال زيارته دمشق السبت الماضي ما أعلنه الجلالي، أن الحكومة السورية وبتوجيهات من الرئيس بشار الأسد، قدَّمت منذ اللحظة الأولى «كل العون الممكن» للوافدين اللبنانيين «رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد». كما ناقش مع عراقجي ضمن الملفات الأخرى المطروحة بين البلدين «سبل تقديم المساعدات الإغاثية وتأمين الاحتياجات للوافدين اللبنانيين إلى سوريا»، والتنسيق بين الحكومتين وحشد كل الطاقات لتقديم «أكبر مساعدات ممكنة للوافدين»، وفق البيان الرسمي السوري.

شاحنات إغاثية من الهلال الأحمر العراقي (مواقع)

غير أن المساعدات التي تتلقاها سوريا للوافدين والعائدين السوريين من لبنان، لا تزال دون مستوى الاحتياج في بلد يفتقد للكثير من المواد الإغاثية العاجلة. وخلال الأسبوعين الماضيين وصلت طائرة مساعدات إيرانية عبر مطار اللاذقية، ونحو 220 شاحنة دخلت براً من العراق (معبر البوكمال - القائم)، منها خمسون شاحنة دخلت الأحد تحمل شعار الهلال الأحمر العراقي، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي أشار في تقارير سابقة إلى تعرُّض بعض تلك الشاحنات إلى الاستهداف الإسرائيلي، في مدينة حسياء الصناعية جنوب حمص؛ ما أدى إلى إصابة ثلاثة من فرق الإغاثة.

لبنانيون وسوريون فارُّون من الحرب بلبنان ينتظرون في معبر جديدة يابوس الحدودي لدخول الأراضي السورية الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

ويأتي استهداف المساعدات القادمة من العراق وإيران، بالتزامن مع تعثر حركة المعابر على الحدود السورية - اللبنانية جراء القصف الإسرائيلي الهادف إلى خنق «حزب الله» في لبنان.

ومنذ بدء التصعيد تراجعت حركة الشحن التجاري بين سوريا ولبنان، وقال رئيس اتحاد شركات شحن البضائع الدولي في سوريا، صالح كيشور، إن حركة شحن البضائع وتصديرها بين البلدين، تراجعت بشكل كبير بعد التصعيد الإسرائيلي، ثم توقفت بعد استهداف معبر المصنع - جديدة يابوس، الجمعة «نتيجة قطع الطريق بين البلدين، بعد أن كانت الشاحنات السورية تصل يومياً إلى لبنان بعدد يتراوح بين 30 و40 شاحنة»، وفق تصريحاته لصحيفة «الوطن».

الجمعيات الخيري السورية تساعد في توزيع المساعدات على النازحين من لبنان (وزارة الشؤون)

وأشار إلى إن قطاع التصدير في سوريا «يعاني في الأساس مشكلات عدّة تعيق نموه، منها معوقات يفرضها الجانب الأردني وتضر بالمصدّر السوري». لافتاً إلى «تأثير كل ذلك سلباً على الصادرات السورية؛ كونها محصورة بين لبنان، والخليج، والأردن والعراق».

وشهدت الأسواق السورية ارتفاعاً بالأسعار بنسبة تجاوزت الـ20 في المائة خلال الأسبوعين الماضيين، أسهم فيها رفع الحكومة لسعر مازوت التدفئة بنسبة 150 في المائة، ليصبح سعر اللتر المدعوم خمسة آلاف ليرة بدلاً من ألفي ليرة، وذلك في ظل أزمة محروقات خانفة أدت إلى توقف الكثير من وسائل النقل عن العمل، في وقت يزداد فيه الطلب على النقل مع تواصل تدفق النازحين من لبنان، وارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء إلى مستويات قياسية، حيث قفز سعر لتر البنزين من 12 ألف إلى أكثر من 30 ألف ليرة. كما ارتفعت إيجارات المنازل لا سيما في المناطق التي تستقبل النازحين من لبنان، وارتفع إيجار الشقق في حمص على سبيل المثال من 500 - 800 ألف ليرة إلى أكثر من ثلاثة ملايين، أي ما يعادل مائتي دولار. في حين تتضاعف الأسعار في العاصمة دمشق.

صناديق أدوية سورية للتوزيع على النازحين

وأسهم ضرب معبر المصنع بصفته واحداً من أربعة معابر رئيسية رسمية بين البلدين وكذلك المعابر غير الشرعية، في رفع الأسعار وتعميق المعاناة السوريين المعيشية، ؛ كون لبنان يمثل رئة سوريا التي يتنفس منها الاقتصاد المنهار والرازح تحت نير العقوبات الدولية. وبحسب المصادر المتابعة، تحصل سوريا في ظل الحصار الاقتصادي على مستلزماتها الأساسية، لا سيما المواد اللازمة للكثير من الصناعات عن طريق لبنان. كما ستحرم سوريا من عائدات الترانزيت، حيث تُعدّ هذه الطريق شريان الاستيراد والتصدير بين لبنان ودول المنطقة والخليج العربي.


مقالات ذات صلة

فصيلان درزيان من السويداء يعلنان استعدادهما للانضمام إلى الجيش السوري الجديد

المشرق العربي صورة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على غلاف تقرير فوق مكتب بمقر حزب البعث حيث ينتظر جنود الجيش السابقون تسجيل أسمائهم في «عملية المصالحة» في دمشق (أ.ب)

فصيلان درزيان من السويداء يعلنان استعدادهما للانضمام إلى الجيش السوري الجديد

أعرب فصيلان درزيان من محافظة السويداء في جنوب سوريا الاثنين عن استعدادهما للانضمام إلى الجيش السوري الجديد بعد إطاحة بشار الأسد من السلطة الشهر الماضي.

شؤون إقليمية الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

ماكرون يطرح مقاربة بلاده لحروب ومسائل الشرق الأوسط ويرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع السلطات السورية في دمشق ويؤكد أن فرنسا لن تتخلى عن الأكراد.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي آلية عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يطالب سكان الجولان بتسليم أسلحتهم

أكد مختار بلدة في هضبة الجولان، الاثنين، أنه التقى ممثلين للجيش الإسرائيلي الذي توغل في المنطقة، أبلغوه مطالبتهم السكان بتسليم الأسلحة التي بحوزتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من أمام المقر الرئيسي للبنك المركزي السوري بينما يتحرك الناس لصرف الدولار الأميركي بأسعار أقل من السوق السوداء... دمشق 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

رخصة أميركية لسوريا تتيح معاملات مع مؤسسات حكومية

أصدرت الخزانة الأميركية، اليوم (الاثنين)، رخصة عامة لسوريا تسمح لها بإجراء معاملات مع مؤسسات حكومية وكذلك بعض معاملات الطاقة والتحويلات المالية الشخصية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي مخبز في سوريا (د.ب.أ)

وزير سوري: دمشق عاجزة عن استيراد القمح والوقود بسبب العقوبات الأميركية

قال وزير التجارة السوري الجديد إن دمشق غير قادرة على إبرام صفقات لاستيراد الوقود أو القمح أو البضائع الرئيسية الأخرى بسبب العقوبات الأميركية الصارمة

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مسؤول محلي: الجيش الإسرائيلي يطالب سكان الجولان بتسليم أسلحة بحوزتهم

آلية عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)
آلية عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)
TT

مسؤول محلي: الجيش الإسرائيلي يطالب سكان الجولان بتسليم أسلحة بحوزتهم

آلية عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)
آلية عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)

أكد مختار بلدة في هضبة الجولان السورية لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم الاثنين، أنه التقى ممثلين للجيش الإسرائيلي الذي قام بعمليات توغل في المنطقة، أبلغوه مطالبتهم السكان بتسليم الأسلحة التي بحوزتهم.

وقال مختار جباتا الخشب، محمد مازن مريول، إنه التقى عسكريين إسرائيليين، بناءً على طلبهم، على مشارف البلدة حيث يتمركز الجيش منذ الشهر الماضي.

مختار جباتا الخشب، محمد مازن مريول (أ.ف.ب)

وأعلنت الدولة العبرية في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، يوم سقوط بشار الأسد، انتشار جيشها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان على أطراف الجزء الذي احتلته من الهضبة عام 1967 قبل أن تعلن ضمه عام 1981 في خطوة لم تعترف بها سوى الولايات المتحدة خلال ولاية دونالد ترمب.

وأكد المختار أنه «صار اجتماع معهم وقالوا إن عندنا أسلحة يريدون منا تسليمها خلال 48 ساعة». وأضاف أنه مع «انهيار الجيش السوري السابق تركت الأسلحة في القطع العسكرية التي تقع ضمن القرى ومحيط القرى، البعض من الأهالي ذهب إلى القطع العسكرية وأخذ السلاح».

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي أبلغه بأنه صوّر سيارات نقلت الأسلحة، وبعدها «عمّمنا على الناس في اليوم الذي طلبوا فيه السلاح لأول مرة بأن يأتي كل من أخذ سلاحاً من القطع العسكرية حتى نضعه في نقطة محددة ويستلمه» الطرف الإسرائيلي.

وتابع محمد مازن مريول: «في المرة الثانية قلنا لهم لم يعد عندنا سلاح، وإذا كان هناك سلاح فإنه سيسلم للحكومة السورية المؤقتة، ونحن غير مخولين الاجتماع أو الاتفاق معكم في ظل وجود حكومة سورية».

وتقع بلدة جباتا الخشب في المنطقة العازلة، حيث تنتشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بموجب اتفاق فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل. ويسيّر الجيش الإسرائيلي دوريات بين الحين والآخر في الشارع الرئيسي للبلدة.

في مدينة البعث المجاورة، تتمركز دبابات إسرائيلية في وسط المدينة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

كانت قوات الجيش السابق قد انسحبت بشكل غير منظم من مواقعها في جنوب سوريا حتى قبل وصول فصائل المعارضة إلى دمشق وهروب بشار الأسد.

وتعدُّ الأمم المتحدة استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة انتهاكاً لاتفاق فض الاشتباك المبرم عام 1974.