وزير الخارجية الإيراني يتمسك بربط «وقف النار» بين لبنان وغزة

في أول زيارة لمسؤول إيراني إلى بيروت بعد اغتيال نصر الله

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
TT

وزير الخارجية الإيراني يتمسك بربط «وقف النار» بين لبنان وغزة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

جدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من بيروت التمسك بشرط ربط مصير الحرب على لبنان بمصير الحرب على غزة، ما عكس استمراراً لانسداد أفق الحل، انطلاقاً من رفض إسرائيل هذا الأمر، ومواصلتها حرب الاغتيالات في لبنان، وتصاعد عملياتها العسكرية التي تطول الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع بشكل أساسي.

وجاءت تصريحات وزير الخارجية الإيراني إثر لقائه كلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، في حين لم يتم الإعلان عن لقائه شخصيات في «حزب الله» أو من الفصائل الفلسطينية كما جرت العادة عند زيارة مسؤولين إيرانيين للبنان.

ووصل عراقجي إلى بيروت في زيارة هي الأولى لمسؤول إيراني منذ اغتيال إسرائيل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، على متن طائرة إيرانية، رغم أن إسرائيل كانت قد منعت هبوط الطائرات الإيرانية والعراقية في مطار رفيق الحريري الدولي مهددة باستهدافها. وقد أشارت المعلومات إلى أن الوزير الإيراني كان قد حصل على تطمينات لتأمين سلامة زيارته إلى بيروت.

وبعد لقائه ميقاتي عبّر الوزير الإيراني عن حرص بلاده على لبنان ودعمه في وجه العدوان الإسرائيلي، معلناً أن بلاده «ستقوم بحملة دبلوماسية لدعم لبنان، وطلب عقد اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي».

وأعلن عراقجي بعد لقائه رئيس البرلمان، عن استمرار المشاورات مع بقية الدول من أجل إرساء وقف لإطلاق النار، في لبنان وغزة بشكل «متزامن». وقال: «ندعم جهود وقف إطلاق النار بشروط، أولاً احترام حقوق الشعب اللبناني، وثانياً (موافقة المقاومة)، وثالثاً أن يأتي ذلك بالتزامن مع وقف إطلاق النار في غزة».

ولفت إلى أنه أتى إلى بيروت «للتعبير عن دعم الجمهورية الإسلامية الكامل للبنان حكومة وشعباً والتضامن معه»، واصفاً محادثاته مع ميقاتي وبري بالـ«جيدة جداً». وأضاف: «وخلال هذين اللقاءين أكدتُ أن إيران ستبقى إلى جانب لبنان والمقاومة، ونحن واثقون أن جرائم الكيان الإسرائيلي ستبوء بالفشل، كما فشلت في الماضي، وأن الشعب اللبناني سيخرج منتصراً».

وزير الخارجية الإيراني متحدثاً في مؤتمر صحافي في بيروت بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

وتحدث عراقجي عن الهجوم الإيراني على إسرائيل مؤكداً أنه «دفاع مشروع عن النفس بناءً على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، وقال: «لم نبدأ الهجوم، بل ما فعلناه كان رداً على استهداف الأراضي الإيرانية والسفارة الايرانية في دمشق، وأهداف ومصالح إيرانية، خلافاً للكيان الإسرائيلي الذي يستهدف المدنيين والمناطق السكنية والنساء والأطفال»، وأضاف: «لم تستهدف إيران إلا المراكز الأمنية والعسكرية للكيان، ولا خطط لدينا للاستمرار إلا إذا قرر الكيان الإسرائيلي مواصلة هجماته، وإذا اتخذ الكيان الإسرائيلي أي خطوة أو إجراء ضدنا فسيكون ردنا أقوى، وسنرد عليه، وردُّنا سيكون متناسباً وكاملاً ومدروساً».

وبعدما كان رئيس البرلمان أعلن بعد اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، أنه على تنسيق مع «حزب الله» في كل المباحثات التي يجريها، جدّد مصطفى بيرم، وزير العمل المحسوب على الحزب في الحكومة، بعد لقائه بري أن «المقاومين يعدونه المفاوض باسمهم». وقال: «يجب أن يستثمر الميدان بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف اللبنانية، لأنه لا خيار للبنان إلا الانتصار أمام حرب الإبادة التي تحدث... المعركة هي معركة وجود»، مؤكداً أن «الكلمة للميدان... والتضامن والوحدة شرطان أساسيان للاستفادة من زخمه...».


مقالات ذات صلة

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارة الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت ذات طابع عسكري فقط؛ بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثل في ضرب منطقة أضحت بيئة مؤيدة لـ«حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.